أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - دلور ميقري - مقامُ المواطَنة ، سورياً















المزيد.....

مقامُ المواطَنة ، سورياً


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 1695 - 2006 / 10 / 6 - 10:18
المحور: القضية الكردية
    


مقامُ المواطنة ، هوَ المفترضُ كونه الجامعَ ، الأهمّ ، لجميع مقامات الوطن . والمواطنة ، في أيّ مكان وزمان ، ليستْ هِبَة ً من حكومةٍ ، أو مكرمة ً من حاكم ؛ بل هيَ حقّ طبيعيّ مُكتسبٌ ، قطعاً ، لكلّ مقيم في البلد المعيّن ، وبغض النظر عن قِدَم أو حداثة عهده فيه . غنيّ عن القول هنا ، أنّ إتفاقية " جنيف " لحقوق الإنسان ، قد أبرزتْ حق المواطنة ومنحته الترتيبَ الأنسبَ في موادها . إنّ الإعتراف بهذا الحقّ ، أو التنكر له ، هوَ الفيصلُ في قضية إضفاء الشرعية على نظام ما ، في عالم اليوم . لا غروَ ، إذاً ، أن تحترم الدول المتحضرة ، مشرقاً ومغرباً ، حق المواطنة لجميع أفراد بلدانها ، فيما تتلاعب به تلك الدول المتخلفة ، المبتلية بأنظمة مارقة ، لا شرعية لها دستورياً وقانونياً وأخلاقياً : النظام السوريّ ، هوَ أحدُ تلك الأنظمة ، الموصوفة . لا مكان هنا للإسهاب في لاشرعية هذا النظام ، فهيَ مسألة ٌ بديهية ، ومن الوضوح حدّ أنّ مسؤوليه وأبواقه لا ينكرونها . ما يهمّنا ، في هذا المقام ، هوَ التأكيدُ على أنّ سلطة ً فاسدة كهذه ، تشبه شجرة ً نخرة لا يؤمل منها سوى الثمار المرّة . وقضية المحرومين ، الكرد ، من حق المواطنة السورية ، كانت من ثمار السياسة الشوفينية للسطة البعثية ؛ قضية إنسانية ، قبل كل شيء ، لا مثيل لمأسويتها في عالمنا المعاصر ؛ من حيث حجم ضحاياها والتاريخ الطويل ، المستمر ، لمعاناتهم .

ربّ دَعيّ ، في مدافعته عن البعث ، لديه مُجاهرة الإدعاء بأنّ تلك القضية ، الموسومة ، هيَ من مخلفات ما يُعرف في التاريخ المعاصر لسورية بـ " عهد الإنفصال " . إلا أنّ جوهرَ القضية هذه ، الإثنيّ ، يشيرُ بإصبع الإتهام إلى القوى العروبية ، من ناصرية وبعثية ، التي إفتعلتها آنئذٍ عطفاً على الأحداث الناشبة في عراق عبد الكريم قاسم ؛ ونعني بها ، الثورة الكردية التي قادها ملا مصطفى بارزاني . ففي مثل هذه الأيام من عام 1962 ، وبعدَ تحريض إعلاميّ ، سافر ، عن " التسلل الكرديّ " من جنوب تركية إلى شمال سورية ، جرى إحصاءٌ إستثنائيّ في محافظة الحسكة ، تمّ بموجبه سحب الجنسية السورية من عدد جمّ من مواطنيها الكرد ، حصراً ؛ ممن يناهزون اليوم الثلاثمائة ألف نفس . وإحالتنا مُسببَ المشكلة ، كما أوردناه آنفاً ، إنما لحقيقة أنّ تلك القوى العروبية ، هيَ من كان لها فعالية التأثير في السياسة والجيش ، بعدما كان الحكمُ الوحدويّ ، البائد ، قد حطم القوى السياسية الاخرى ، من شيوعية وقومية سورية وإسلاموية . ويدعم هذه الحقيقة ، ما كان من الإنقلاب العسكريّ الذي حصل بعيدَ خمسة أشهر من تاريخ الإحصاء المذكور ، وأطاح فيه البعثيون وحلفاؤهم الناصريون بالحكومة الإستقلالية السورية ، ( الإنفصالية ) . حقيقة ، يدعمها أيضاً إعلانُ النظام الجديد ، الإنقلابيّ ، عن بطلان كل ما أصدره العهد السابق من قوانين ، بإستثناء قانون تجريد المواطنين الأكراد من جنسياتهم السورية ؛ والذي جرى تنفيذه فعلياً فيما توالى من الأشهر والأعوام .

لم يكتفِ البعثيون بتنفيذ نتائج ذلك الإحصاء ، الإستثنائيّ ، وإنما عاضدوه بسلسلة من القوانين والإجراءات الشوفينية ، غير الشرعية ، والتي هدفتْ إلى مرمىً وحيدٍ ؛ وهوَ إفراغ منطقة شمال سورية من مواطنيها الكرد ، أو على الأقل ، جعلهم أقلية لا وزن لها ولا تأثير . فلا ينكرنّ أحد أنّ تلك المنطقة ، الموسومة ، في غاية الأهمية إستراتيجياً ؛ لوقوعها في المثلث السوري العراقي التركي ، فضلاً عن أهميتها الحيوية بالنسبة لإقتصاد البلاد ؛ إن كان لجهة النفط أو الزراعة أو الماشية . آفة البعث ، الشوفينية ، فيما يخصّ الموقف من ملة الكرد وغيرها من المكونات الأثنية ، السورية ؛ هكذا آفة ، ما كان لها إلا أن تتماهى مع أختها ، الطائفية . فمنذ إنقلاب حافظ الأسد ، بمستهلّ سبعينات القرن الماضي ، وهذا البلدُ محكومٌ من عصبةٍ عسكرية وأمنية ، متجانسة من حيث خلفيتها الريفية / الطائفية ؛ عصبة مافيا ، جعلتْ من خلفيتها تلك ، الموسومة ، ما يمكن وصفه بـ " الحرم المقدس " ، المضروب عليه نطاقٌ محكم من المحالفات المعقدة ؛ السياسية والتجارية . منذئذٍ ، أضحتْ البصمة الطائفية ، الخفية أو العلنية ، تصِمُ مسلكَ النظام الأسديّ داخلياً وخارجياً : فعلاوة على الإصرار على حرمان ذلك العدد الهائل من كرد سورية من حق المواطنة ، وجعلهم بلا خيار آخر غيرَ الهجرة من موطن آبائهم وأجدادهم ؛ فقد تمّ إفراغ هضبة َ الجولان من مواطنيها الشراكسة ، إثر لعبة حرب الأيام الستة ـ المعروفة التفاصيل ـ ومن ثمّ دفعهم للهجرة شبه الجماعية إلى الولايات المتحدة الأمريكية ، بعدما إنتظروا طويلاً وعود الحكومة بإعادة إعمار مدينة القنيطرة " المحررة " وريفها . كما ورفض ذلك النظام تجنيس الأخوة الفلسطينيين ، السوريين واللبنانيين ، وبحجة واهية ، غاية في السفاهة : وهيَ " الحرص " على حقّ العودة إلى فلسطين ؛ وكأنما إخوانهم في الأرض المحتلة والشتات ، المجنسين ، قد تنكروا لذلك الحقّ أو لحقوقهم الاخرى ، المشروعة ؟؟

لقد تلاعبَ الأسدُ الأبُ بالمسألة الكردية ، وبأسلوب غاية في الدهاء والخبث : فمن الجهة الإقليمية ، جعلَ سورية مأوىً للمعارضة الكردستانية العراقية ، موفراً لها الدعم اللازم بوجه منافسه البعثيّ ، اللدود ، في بغداد ؛ وكذلك الإهتمام بأكراد تركية ، على خلفية خلافه آنذاك مع حكومة أنقرة ، برعايته لأقوى أحزابهم وإسناده وحتى تأمين قواعد عسكرية لمقاتليه في البقاع اللبناني ؛ قبل أن ينقلب على هؤلاء وأولئك ، إثر تغيّر ظروف لعبته وشروطها . أما عن الجهة الاخرى ، الداخلية ، فواصل النظام الأسدي السياسة العنصرية ، الموجهة ضد كرد البلاد ؛ بل وضافرها بزرعه لمناطقهم ، الخصبة ، المترامية في شمال شرق البلاد ، بعشرات المستوطنات التي إستجلب لها البدو المعروفين بـ " عرب الغمر " ؛ نسبة لمناطقهم ، الأصلية ، المغمورة بمياه سدّ الفرات ، المستحدث آنئذٍ . وها هوَ وريث العهد الجمهوري ، الثوري ، يسلك طريق والده ، الديكتاتور الراحل ؛ فيجزي الوعود لشعبه بالإصلاح والتغيير ، فيما هوَ يعزز في واقع الأمر سلطته المبنية ، أساساً ، على طغيان الأجهزة الأمنية على جميع مناحي الحياة السورية . وبعد مرور تلك الأعوام الستة ، على إستخلاف الأب القائد ، هيَ ذي سلطة الإبن القائد في ذروة أزماتها الداخلية والإقليمية والدولية . وأغرب ما يتردد اليوم ، بخصوص قضية المجردين الكرد من المواطنة ، هوَ زعمُ أبواق السلطة البعثية من أنّ " السيّد الرئيس " ، وفي كل مرة يوشك فيها على حل القضية ، إذا بالقوى السياسية الكردية " تخرب " جهوده المباركة ( أو نيته الصافية ، بالأصح ! ) ؛ من خلال كيت وكيت من مطالبها ونشاطاتها وتحالفاتها . كذلك طرأ تغيّر ، بذات الدرجة من العجب ، على " المبررات التاريخية " لتجريد الكرد السوريين من جنسياتهم ، والمساقة من لدن عتاة الشوفينية البعثية وأضرابهم : فبعد أن كان التاريخ ، المزعوم ، لحلول أولئك الكرد في إقليم ( الجزيرة ) يعاد إلى المرحلة التي أعقبت إنهيار ثورة كردستان الشمالية على أيدي الجيش الأتاتوركي ( عام 1925 ) ؛ إذا بهم يقدّمون ذلك التاريخ ، فيزعمون تارة ً أنهم قدموا إثر إستقلال سورية في أواسط الأربعينات ؛ وتارة ً اخرى ، يخرج احدهم ليدعي بأن أولئك الكرد ، المهاجرين ـ كذا ـ قد تسللوا إلى البلاد عشية إجراء الإحصاء الإستثنائي في تشرين الأول عام 1962 : أيْ أنهم ، بهذه الحالة ، قد حضروا من تركية وهم يحملون الجنسيات السورية ، فتمتْ مصادرتها منهم على الحدود .. !!



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوحدة الوطنية ، المفقودة
- حوارُ أديان أمْ حربٌ صليبيّة
- نصرُ الله والعَصابُ المُزمن للفاشية الأصولية
- سليم بركات ؛ الملامحُ الفنيّة لرواياته الأولى
- خيرُ أمّةٍ وأشرارُها
- إعتذار بابا الفاتيكان ، عربياً
- وليم إيغلتن ؛ مؤرخ الجمهورية الكردية الأولى
- الثالوث غيرَ المقدّس
- الحادي عشر من سبتمبر : خمسة أعوام من المعاناة
- الجريمة والعقاب : طريق نجيب محفوظ في بحث مقارن 3 / 3
- الأعلام العراقية والإعلام العربي
- علم الكرديّ وحلمه
- الجريمة والعقاب : طريق نجيب محفوظ في بحث مقارن 2 / 3
- محفوظ ؛ مؤرخ مصر وضميرها
- الجريمة والعقاب : طريق نجيب محفوظ في بحث مقارن 1 / 3
- كردستان ، موطن الأنفال
- ثقافة المقاومة أم ثقافة الطائفة ؟
- المقاومة والمعارضة 2 / 2
- المقاومة والمعارضة
- الكوميديا السورية


المزيد.....




- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - دلور ميقري - مقامُ المواطَنة ، سورياً