أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زاغروس آمدي - تأريض الإسلام 10















المزيد.....



تأريض الإسلام 10


زاغروس آمدي
(Zagros Amedie)


الحوار المتمدن-العدد: 1696 - 2006 / 10 / 7 - 09:50
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


التصور الإسلامي للشيطان
‏● لا تُصلُّوا حِينَ تَطْلَعُ الشّمْسُ ولا حينَ تَسقطُ فإنَّها تّطْلعُ بين قُرني الشّيطان وتّغربُ بين قُرني الشَّيطان ●
محمَّد بن عبدالله.
رواه كل من البخاري ومسلم والترمذي وأبو داوود والنسائي والإمام أحمد والبيهقي وابن ماجة والدارقطني والدرامي.‏

إن التصور المحمَّدي للشيطان يكاد لايختلف عن التصور الموسوي والعيسوي كما رأينا، فالقرآن يصور لنا الشيطانَ كإمام للملائكة، يخضع لطاعة ربه ومشيئته، إلى أن يقرر الله خلق آدم ، ودون أن يتطرق القرآن في أي حين من الزمن قام الله بخلق آدم ،وبعد أن علمه الله من العلم مامنعه على الملائكة ،ولكي تتم فصول الحكاية ، يأمر الله الملائكة وعلى رأسهم ابليس أي الشيطان بالسجود لآدم ، فستجد الملائكة لآدم إطاعة لأمر ربها، إلا إبليس فيأبى ذلك ، بحجة أن الله علمه أن النار أفضل من التراب ، ولكونه خُلق من نار التي هي أفضل من الطين التي خُلق منها آدم ،ولذلك لايجدر به السجود لآدم، وقيل: أن إبليس قال لربه: لقد علمتني أن لاأسجد إلا لك ، فكيف أسجد إذن لآدم؟ وقد سرد "الكتاب المسطور" العديد من الآيات التي تحدثت عن هذه الأسطورة، كما في سورة "ص" الآيتان 75 ـ 76: " قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ؟، قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ.". فيغضب الله من ابليس الذي هو الشيطان دون أن يرد على حجته المنطقية على الأقل من وجهة نظر إبليس ،ويقول له: " فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ ، وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ، قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ، قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ ، إِلَى يَومِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ ، قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ.". الحجر 32 ـ 39. "فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي[1] لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ." الفرقان 68.

هنا يصرح "الحكم العربي" بأن الله هو من أغوى الشيطان أي أضلَّه، وما تضليل الشيطان الناس إلا من ضلال الله له. وبالتالي فالشيطان بريء من الضلال. وإذا قلنا مايناقض ذلك نكون مناقضين "للقول العظيم". ثم ألم يكن بمقدور الله أن يمسك بخناق إبليس حين أقسم له بأنه سيغوينَّ الناس أجمعين، وبالتالي يريح العالم من هذا المخلوق؟.بالطبع كان بإمكان الله فعل ذلك وأكثر، ولكن دون إعطاء هذا الدور للشيطان فإن الاسطورة كانت لتبدو هزيلة غير متكاملة العناصر.

هنا نجد أن الأسطورة تغاضت عن الرد لما احتج به الشيطان ، وقطع الله الحوار غاضباً[2] على الشيطان وطارداً إياه من الجنة ، دون إشباع فضول الشيطان في الإجابه على سؤاله، مما أضعف حبك الاسطورة بعض الشي.

إن هذه الأسطورة التي وردت في ماتسمى بالكتب السماوية المقدسة كالتوراة والإنجيل والحكم العربي، والتي حاولت تبرير أسباب قيام الله في طرد آدم والشيطان من عنده لبعث الحياة على الأرض، تخللتها بعض الثغرات والمبالغات التي تغاضى عنها الإنسان آنذاك بعض الشيء حين نشوئها لأن عقله وثقافته وتفكيره كان يعيش في تلك البيئة التي أفرزت هذه الأسطورة عن كيفية تكوين الكون وأحالته إلى قوى ماوراء الطبيعة الذي هو الله عند الأديان، حتى إن الأنسان تصور الله في صورته وألبسه صفاته خيرها وشرها إلا أنه جعلها صفات مطلقة، وبمجيء موسى وعيسى المسيح أحيلت صفات الشر إلى الشيطان، وجاء "سيد البشر" فأعاد مضطراً إلحاق بعض صفات إله الشر كالقهر والمكر والجبروت والذل والضرر والعذاب والخوف وغيرها إلى الله ، محاولاً بذلك بالتهديد والإرهاب النفسي ثني العرب عن الشرك بالله والإقتصار على عبادة الله الواحد الأحد، طيلة ثلاث عشرة سنة ، اضطر بعدها مغادرة مكة وترك أهلها الغلاظ القلوب الذين لم يخفهم إله محمد القهار والمضر والماكر،متوجهاً إلى يثرب حيث الأنصار الذين كانوا يحسدون اليهود على دينهم، فوجدوا في دين "يتيم قريش" ما يغري قلوبهم ويتباهوا بدينهم مثل اليهود.

إن هذا التصور الساذخ والبسيط عن الله ، وعن خلقه للكون واستخلافه الأرض للإنسان دفع الكثير من المؤمنين بهذه الأساطير إلى محاولة الأشارة إلى ثغراتها باسلوب لطيف بحيث يبقون في دائرة الأيمان والدين، كالمتصوفة وبعض فقهاء الدين، وظهرت تصورات مختلفة من جراء ذلك عن الله وصفاته والشيطان وإمكانياته، وسأقتصر الحديث هنا عن الشيطان لأنه هو مايهمنا الآن. فثمة العديد من رجال الدين المسلمين أعادوا التفكير بمفهوم الشيطان، حتى برأه بعضهم من الشر وأعده إلى مكانه السابق في الجنة، وقد حاول المتكلم والمؤرخ والفقيه أبي الفتح الشهرستاني في كتابه " الملل والنحل" . تلخيص حديث دفاع الشيطان عن نفسه ممن سبقوه من أترابه في الديانات السماوية بشكل موجز ومعبر في المقدمة الثالثة من كتابه المذكور والتي الغيت للأسف من النسخ المنشورة على الأنترنيت،وتحت عنوان طويل " في بيان أول شبهة وقعت في الخليقة، ومن مصدرها في الأول، ومن مصدرها في الآخر"، جاء الآتي:

"إعلم أن أول شبهة وقعت في الخليقة: شبهة إبليس لعنه الله. ومصدرها استبداده بالرأي في مقابلة النص. واختياره الهوى في معارضة الأمر، واستكباره بالمادة التي خلق منها وهي النار على مادة آدم عليه السلام وهي الطين.

وانشعبت من هذه الشبهة سبع شبهات، وسارت في الخليقة، وسرت في أذهان الناس حتى صارت مذاهب بدعة وضلالة، وتلك الشبهات مسطورة في شرح الأناجيل الأربعة: انجيل لوقا،ومارقوس ويوحنا ومتى، ومذكورة في التوراة متفرقة على شكل مناظرات بينه وبين الملائكة بعد الأمر بالسجود، والإمتناع منه.

قال كما نقل عنه الشيطان: إني أسلمت أن الباري تعالى إلهي وإله الخلق، عالم قادر، ولايسأل عن قدرته ومشيئته، وأنه مهما أراد شيئاً قال له كن فيكون، وهوحكيم، إلا أنه يتوجه على مساق حكمته أسئلة.

قالت الملائكة: ماهي؟ وكم هي؟ قال لعنه الله سبع.

الأول: أنه قد علم قبل خلقي أي شيء يصدر عني ويحصل مني فَلِمَ خلقني أولاً؟ وما الحكمة في خلقه إياي؟.

والثاني: إذ خلقني على مرتضى إرادته ومشيئته، فَلِمَ كلَّفني بمعرفته وطاعته؟ وما الحكمة في هذا التكليف بعد أن لايُنتفع بطاعة، ولا يُتَضَّرر بمعصية؟

والثالث: إذ خلقني وكلفني فالتزمت تكليفه بالمعرفة والطاعة فعرفت وأطعت، فلِمَ كلّفني بطاعة آدم والسجود له، وما الحكمة في هذا التكليف على الخصوص بعد أن لايزيد ذلك في معرفتي وطاعتي إياه؟

والرابع: إذ خلقني وكلّفني على الإطلاق، وكلفني بهذا التكليف على الخصوص، فإذا لم أسجد لآدم ، فلِمَ لَعنني وأخرجني من الجنة؟ وما الحكمة في ذلك بعد أن لم أرتكب قبيحاً إلا قولي: لا أسجد إلا لك؟

والخامس: إذ خلقني وكلفني مطلقاً وخصوصاً، فلم أطِع فلَعنني وطردني،فلمَ طرَّقني[3] إلى آدم حتى دخلت الجنة ثانياً وغررته بوسوستي، فأكل الشجرة المنهي عنها، وأخرجه من الجنة معي؟ وما الحكمة في ذلك بعد أن لو منعني من دخول الجنة لاستراح مني آدم، وبقي خالداً فيها؟.

والسادس: إذ خلقني وكلفني عموماً، وخصوصاً ،ولَعنني، ثم طرقني إلى الجنة، وكانت الخصومة بيني وبين آدم، فَلِمَ سلطني على أولاده حتى أراهم من حيث لا يرونني، وتؤثر فيهم وسوستي ولايؤثر فيَّ حولهم وقوتهم، وقدرتهم واستطاعتهم؟ وما الحكمة في ذلك بعد أن لو خلقهم على الفطرة دون من يحتالهم[4] عنها فيعيشوا طاهرين سامعين مطيعين، كان أحرى بهم وأليق بالحكمة.

والسابع: سلمت هذا كلّه: خلقني وكلّفني مطلقاً ومقيداً، وإذا لم أطع لَعنني وطردني، وإذا أردت دخول الجنة مكّنني وطرقني، وإذا عملت عملي أخرجني ثم سلطني على بني آدم، فلمَ إذن استمهلته أمهلني ،فقلت: " أَنظرني إلى يوم يُبعثون ـ قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم ". وما الحكمة في ذلك بعد أن لو أهلكني في الحال استراح آدم والخلق مني وما بقي شرٍّ ما في العالم؟. أليس بقاء العالم على نظام الخير خيراً من إمتزاجه بالشر ؟! قال فهذه حجتي على ما ادّعيته في كل مسألة."[5]

ويورد الشهرستاني على لسان شارح الإنجيل رد الله على أسئلة الشيطان وأقواله بالقول:

" أنا الله لا إله إلا أنا، لا أُسأل عما أفعل، والخلق مسؤولون"[6] وهو رد مقتضب ينم عن عجز وتهرب ولايليق بإله عاقل خلق كل هذا الكون بنظام يعجز عن تصوره أحدنا، وإنما يلائم ـ أي الرد ـ امبرطوراً أوطاغية أو خليفة.

إن هذه الشبهات التي يصح أن نطلق عليها الشبهات الشيطانية، قام المسلمين بالرد عليها نيابة عن "المنتقم الجبار" إله محمد، إلى جانب البحث في صفات الله في عصر الإنفتاح والتلاقح الثقافي مع الثقافتين الفارسية واليونانية على وجه الخصوص،فاختلفت ردودهم ، فتفرقوا إلى طرق ومذاهب شتى باختلاف ردودهم.

فظهرت الفرقة المعتزلة، والجبرية والصفاتية والشراتية والمرجئة والشيعة،وتفرعت من هذه الفرق العشرات من الفرق الأخرى،كما يؤكد على ذلك الشهرستاني، مما أغنى الفكر الإسلامي الذي انفتح على الثقافات المتطورة نسبياً وبالتالي أدى إلى نشوء قاعدة قوية قامت عليها الحضارة الإسلامية، التي كانت نتيجة لهذه الحرية الفكرية في العصر العباسي الأول والذي مهد لقيام هذه الحضارة، إلا أنه بعد إحكام القريشيين من آل العباس قبضتهم على السلطة في بغداد وإعتمادهم على فقهاء المسلمين المتحجرين من العرب أبناء جلدتهم ،أعلنوا حرباً شعواء ضد المفكرين المسلمين الذين كان أغلبهم من غير العرب ومنعوهم من حرية التفكير وأتهموهم بالزندقة والكفر،وتم القضاء عليهم وإبادتهم بتلك التهم، وبذلك أُعيد الدين إلى ماكان عليه قبلاً، مما أدى بالتالي إلى تحجيم الحركة الثقافية والعلمية وبالتالي إلى إنحسار وإنكماش ومن ثم إلى إنعدام المنجزات الثقافية والعلمية.

وفي هذا الجو الرديء أعاد السلفيون المحافظون مقولاتهم الأصولية عن الشيطان، ومنعوا المسلمين من الخوض في شبهات الشيطان تلك ، والتفكير والتوسع في أي قضية دينية أخرى بحجة أن الشيطان كائن في التفاصيل. مماشكل ذلك بداية النهاية لعصر الإزدهار الإسلامي.


الشيطان في صورته وجوهره عند محمد "سيد ولد آدم":

كثيرة هي الأحاديث التي تحدثت عما قاله محمد عن الشيطان وما جرى له مع الشيطان، احاول أن أسرد بعضاً منها وقد ذُكرت جميع هذه الأحاديث في صحيحي البخاري ومسلم ومسند أحمد والبيهقي، وهي أوثق الكتب عند أهل السنة والجماعة وأقدسها بعد "الحكم العربي". ولعدم الإطالة وتجنباً للملل ساورد فقط ماقاله "النبي العربي الأمي" محمد بن عبدالله أو ماروي عنه دون ذكر المقدمات الطويلة:



سمعت رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يقول: إن إبليس قال لربه عز وجل: وعزَّتك وجلالك لا أبرح ‏‏أغوي بني ‏‏آدم ‏ ‏مادامت الأرواح فيهم فقال له ربه عز وجل: ‏‏فبعزتي وجلالي لا أبرح أغفر لهم ما استغفروني.[7]

قالت عائشة: سحر رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم ‏رجل من ‏بني زريق‏ ‏يقال له ‏ ‏لبيد بن الأعصم ‏ ‏حتى كان رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يخيل إليه أنه كان يفعل الشيء وما فعله ،حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن، ‏قال ‏سفيان ‏‏وهذا أشد ما يكون من السحر. حتى إذا كان ذات يوم أو ذات ليلة وهو عندي لكنه دعا ودعا ثم قال: يا‏عائشة ‏أشعرت ‏أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه أتاني ‏رجلان ‏ ‏فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي فقال أحدهما لصاحبه: ما وجع الرجل ؟ ،فقال: ‏مطبوب[8] ، ‏قال: من طبه ؟،قال: ‏لبيد بن الأعصم، ‏قال: في أي شيء؟ قال: في مشط ‏‏ومشاطة ‏وجف ‏طلع نخلة ذكر، قال: وأين هو؟ قال في ‏بئر ذروان،‏ ‏فأتاها رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏‏في ‏ناس من أصحابه ‏فجاء فقال: ياعائشة ‏ ‏كأن ماءها نقاعة الحناء أو كأن رؤوس نخلها رؤوس الشياطين، قلت: يا رسول الله أفلا استخرجته؟ قال قد عافاني الله فكرهت أن أثور على الناس فيه شرّاً ،فأمر بها فدفنت.[9]



قال النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم:‏ ‏من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتخيل بي ورؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة.[10]



قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم: ‏ ‏إذا كان جنح الليل أو أمسيتم فكفوا صبيانكم فإن الشياطين تنتشر حينئذ فإذا ذهب ساعة من الليل فحلوهم فأغلقوا الأبواب واذكروا اسم الله فإن الشيطان لا يفتح بابا مغلقا ‏وأوكوا ‏ ‏قربكم واذكروا اسم الله وخمروا[11] آنيتكم واذكروا اسم الله ولو أن تعرضوا عليها شيئا وأطفئوا مصابيحكم.[12]



عن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏أنه صلى صلاة ثم قال:‏ ‏إن الشيطان عرض لي فشد علي ليقطع الصلاة علي فأمكنني الله منه فَذُعْتُهُ[13] ،‏ ‏ولقد هممت أن أوثقه إلى سارية حتى تصبحوا فتنظروا إليه فذكرت قول ‏ ‏سليمان ‏ ‏عليه السلام ‏رب هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي فرده الله ‏ ‏خاسئاً.[14]



وجاء هذا الحديث مرة اخرى أيضاً في صحيح البخاري ومسلم على هذا الوجه: عن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏إن عفريتا من الجن تفلت البارحة ليقطع علي صلاتي فأمكنني الله منه فأخذته فأردت أن أربطه على سارية من سواري المسجد حتى تنظروا إليه كلكم فذكرت دعوة أخي ‏ ‏سليمان ‏ ‏رب ‏ هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي فرددته ‏خاسئا.

ويقول المفسرون أن محمدأ أفرج عن هذا العفريت إكراماً للنبي سليمان. ويضيف الإمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني في سياق شرحه لهذا الحديث: " وفي هذه إشارة إلى أنه تركه رعاية لسليمان عليه السلام , ويحتمل أن تكون خصوصية سليمان استخدام الجن في جميع ما يريده لا في هذا القدر فقط , واستدل الخطابي بهذا الحديث على أن أصحاب سليمان كانوا يرون الجن في أشكالهم وهيئتهم حال تصرفهم."[15]



قال النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم:‏ ‏إذا مر بين يدي أحدكم شيء وهو ‏يصلي فليمنعه فإن أبى ، فليمنعه فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان.[16]

قال النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم: ‏إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم.[17]

سمعت رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يقول ‏ ‏إن الملائكة تنزل في العنان ‏ ‏وهو السحاب ‏ ‏فتذكر الأمر قضي في السماء ‏ ‏فتسترق ‏‏ الشياطين السمع فتسمعه فتوحيه إلى ‏ ‏الكهان ‏ ‏فيكذبون معها مائة كذبة من عند أنفسهم.[18]

سأل رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏ناس‏ ‏عن الكهان فقال: ليس بشيء فقالوا: يا رسول الله إنهم يحدثونا أحيانا بشيء فيكون حقا. فقال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم:‏ ‏تلك الكلمة من الحق يخطفها من الجني فيقرها في أذن وليه فيخلطون معها مائة كذبة.[19]



قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب جهنم ‏وسلسلت[20] الشياطين.[21]

عن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏‏قال:‏ ‏لا تصلوا حين تطلع الشمس ولا حين تسقط فإنها تطلع بين قرني الشيطان وتغرب بين قرني الشيطان.[22]‏

قلت يا رسول الله أي الليل أسمع؟ قال: ‏جوف الليل الآخر فصلِّ ما شئت فإن الصلاة مشهودة مكتوبة حتى تصلي الصبح ثم ‏ ‏أقصر ‏ ‏حتى تطلع الشمس فترتفع ‏ ‏قيس ‏رمح أو رمحين فإنها تطلع بين قرني شيطان ويصلي لها الكفار ثم صل ما شئت فإن الصلاة مشهودة مكتوبة حتى يعدل الرمح ظله ثم ‏ ‏أقصر ‏ ‏فإن جهنم ‏ ‏تسجر ‏ ‏وتفتح أبوابها فإذا ‏ ‏زاغت الشمس ‏ ‏فصل ما شئت فإن الصلاة مشهودة حتى تصلي العصر ثم ‏ ‏أقصر ‏ ‏حتى تغرب الشمس فإنها تغرب بين قرني شيطان ويصلي لها الكفار.[23]

قام النبي ‏صلى الله عليه وسلم ‏خطيبا، فأشار نحو مسكن ‏عائشة ،‏فقال: ‏هنا الفتنة ،هنا الفتنة ، هنا الفتنة ، من حيث يطلع قرن الشيطان.[24]

أشار النبي ‏صلى الله عليه وسلم ‏‏بيده نحو ‏اليمن،وقال:‏ ‏الإيمان ها هنا ، مرتين ألا وإن القسوة وغلظ القلوب في ‏الفدادين ‏حيث يطلع قرنا الشيطان ‏‏ربيعة ‏ومضر.[25]

أنه سمع رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏وهو مستقبل المشرق يقول: ‏ألا إن الفتنة ها هنا من حيث يطلع قرن الشيطان.[26]

احتبس ‏جبريل ‏‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏على النبي ‏‏صلى الله عليه وسلم ‏‏فقالت ‏‏امرأة من ‏قريش:‏ ‏أبطأ عليه شيطانه، فنزلت: والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى.[27]


قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث‏ ‏سراياه ‏ ‏فأدناهم ‏ ‏منه منزلة أعظمهم ‏فتنة ‏يجيء أحدهم فيقول فعلت كذا وكذا فيقول ما صنعت شيئا قال ثم يجيء أحدهم فيقول ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته قال ‏ ‏فيدنيه منه ويقول نعم أنت.[28]

أن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏قال:‏ ‏يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد، يضرب كل عقدة مكانها عليك ليل طويل فارقد، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة فإن توضأ انحلت عقدة فإن صلى انحلت عقده كلها فأصبح نشيطا طيب النفس وإلا أصبح خبيث النفس كسلان.[29]

ذكر عند النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏رجل نام ليله حتى أصبح قال ‏ ‏ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه أو قال في أذنه.[30]

قال النبي ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏إذا نودي بالصلاة أدبر الشيطان وله ضراط فإذا قضي أقبل.[31]

عن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال: ‏ ‏إذا استيقظ أراه أحدكم من منامه فتوضأ ‏ ‏فليستنثر ‏ ‏ثلاثا فإن الشيطان يبيت على خيشومه.[32]

قال النبي ‏صلى الله عليه وسلم: ‏أعوذ بكلمات الله التامّة، من كل شيطان وهامّة ، ‏ومن كل عين ‏لامّة.[33]

عن النبي ‏صلى الله عليه وسلم ‏قال: ما من مولود يولد إلا نخسه الشيطان فيستهل صارخا من نخسة الشيطان إلا ابن مريم وأمه.[34]

قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏لو أن أحدهم إذا أتى أهله قال: بسم الله اللهم جنبني الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتني فيولد بينهما ولد فلن يضره الشيطان أبدا.[35]

قال النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم: ‏الرؤيا الصالحة من الله والحلم من الشيطان فمن رأى شيئا يكرهه فلينفث عن شماله ثلاثا وليتعوذ من الشيطان فإنها لا تضره وإن الشيطان لا يتراءى بي.[36]

أن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏قال: ‏لا يعجز أحدكم إذا دخل مرفقه[37] أن يقول اللهم إني أعوذ بك من ‏ ‏الرجس ‏‏النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم.[38]

من خلال قراءتنا لهذه الأحاديث والتي تعتبر مقدسة عند ألف مليون مسلم ، نجد أن الشيطان يتخذ أشكالاً متعددة، فهو مرة كائن معين ومحدد الحجم يقبض عليه "الصادق الأمين" ،ويكاد أن يخنقه، ثم يتذكر فضله على سليمان فيدعه يهرب[39] ، ويتركه طليقاً ليبول في آذان الناس ، ويزعج بضراطه المؤمنين أثناء الآذان، ويقتحم عليهم بيوتهم ليلاً لينام في خياشيمهم، ويعكر أحلامهم، وهو موجود في كل مكان وبكل وقت،حتي أن الشمس تطلع وتغيب من بين قرنيه. كما أنه موجود دائماً في دورات المياه، وعلى كل مسلم قبل دخوله إليها لقضاء حاجته أن يقول: اللهم إني أعوذ بك من ‏ ‏الرجس ‏‏النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم. للوقاية من أذيته[40] . كما أن الشيطان على أهبة الإستعداد دائماً لمشاركة الزوج في جماع زوجة المسلم إذا مانسي هذا الأخير أن يسمي بالله قبل أن يأتي امرأته، وجلّ من لاينسى.


صورة أخرى للشيطان يقوم محمد بذكرها، وهو الشيطان التقليدي الذي طورته أو حرفته اليهودية والمسيحية من إله الظلام أو إله الشر،في الديانة الزردشتية وغيرها وجعلت له يدان ورجلان وقرنان، إلا أنه حول صراعه السابق والمباشر مع إله الخير أو إله النور إلى صراع غير مباشر معه وذلك بحربه وصراعه مع البشر. كما نلاحظ أن ثمة صورة متطورة للشيطان عند محمد عندما يصفه بأنه يجري من الإنسان مجرى الدم. وهنا يقترب محمد جداً من طبيعة النفس الإنسانية ويكاد أن يصيب الهدف حين يقول أن الشيطان هو تلك النزعات الشريرة ، والتي هي في صراع دائم من النزعات الخيّرة ، المتداخلة فيما بينها والمتموطنة في النفس البشرية. كما نصادف في القرآن مايلائم هذا المعنى دون حشر الشيطان في الموضوع، في سورة الشمس: "وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا ،فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا، قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا ،وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا." وهنا إشارة صريحة بأن نزعتا الشر والخير موجوتان في النفس البشرية، وبأن الله الذي سوّى وخلق هذه النفس، هو من ألهمها الخير والشر، والفائز من يطهرها وينقيها من شرورها. والشيطان هنا لادخل له في شرور الإنسان ولاسلطان عليه، على عكس ماهو معروف عن الشيطان التقليدي الذي صوره "القول العظيم" و"النبي الأمي" عموماً ككائن حسي يمشي بيننا له جسد ورأس وسائر الأعضاء الأخرى بالإضافة طبعاً إلى القرنين.

إن هذا التصميم والوصف الرائع المبسط للنفس البشرية بميولها الطيبة والخبيثة في هذه الآيات، يتحطم ويهوي بفعل عشرات الآيات الأخرى التي تحيل الخير إلى الله والشر إلى الشيطان ، وما الانسان إلّا سوى كائن حيادي ضعيف " وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً." النساء الآية 28. لاحول له ولاقوة في تقرير خيره وشره. فهو مجرد كائن ضعيف مسلوب الإرادة الذاتية في تقرير مصيره، فهو كوعاء لايرفض ما يسكب فيه من الخير والشر.



الشيطان كما وصفه وصوَّره "القرآن العظيم": لقد أفاض "الحكم العربي" في ذكر الشيطان كثيراً،حتى إن لفظة "الشيطان" و"إبليس" تكررت في "القول العظيم" بضع وثمانون مرة، بالإضافة طبعاً إلى ذكره في بداية كل سورة في المعوذة: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" مقروناً باسم الله، وإذا أضفنا هذا إلى ذلك، يصبح عدد مرات ذكر اسم "الشيطان" في "الكتاب المحفوظ" مائتي مرة تقريباً،مما يدل على مدى المكانة والأهمية التي احيط بها هذا الكائن التاريخي الأسطوري ، ليلعب دوراً رئيسياً في حياة مايقارب ثلث سكان المعمورة.

وقبل متابعة الحديث عن الشيطان الرجيم أذكر بعض الآيات التي جاءت على ذكر الشيطان لتعيننا على فهم أعمق وتحليل أدق عن طبيعة هذا الشيطان الأخير، في آخر ديانة سماوية:



المثال الأول:

" وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ." الأنعام الآية 112.

يجمع المفسرون الفطاحل من الأوائل بأن للإنس شياطيناً وللجن شياطيناً آخرين ،ويستشهدون على ذلك بقول "الصادق الأمين" لأبي ذر الغفاري:" تعوَّذ يا أبا ذر من شياطين الإنس والجن " فقال: أوَ إن من الإنس شياطين؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نعم". لكن لم يتطرق أحد من المفسرين إلى الفروقات بين هذين النوعين من الشياطين، إلا أنهم يشددون على وجود مؤمنين من الجن، كما يوجد مؤمنين من الإنس، ولذلك وجب أن يكون لهم شياطينهم، أما الجن الكافرين فتُركوا بدون شياطين. ولم يفسر لنا أحدهم لماذا جعل الله لأنبيائه أعداءً من شياطين الإنس والجن؟.



المثال الثاني:

" وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ." الحج الآية 52.

لقد اجمع المفسرون الأربعة الكبار الطبري وابن كثير والقرطبي والجلالين على: " إن السبب الذي من أجله أنزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم , أن الشيطان كان ألقى على لسانه في بعض ما يتلوه مما أنزل الله عليه من القرآن ما لم ينزله الله عليه , فاشتد ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم واغتم به , فسلاه الله مما به من ذلك بهذه الآيات". تفسير الطبري. وجاء في تفسير الجلالين "وما أرسلنا من قبلك من رسول" هو نبي أمر بالتبليغ "ولا نبي" أي لم يؤمر بالتبليغ "إلا إذا تمنى" قرأ "ألقى الشيطان في أمنيته" قراءته ما ليس من القرآن مما يرضاه المرسل إليهم وقد قرأ النبي صلى الله عليه وسلم في سورة النجم بمجلس من قريش بعد : "أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى" بإلقاء الشيطان على لسانه من غير علمه صلى الله عليه وسلم به : تلك الغرانيق العلا وإن شفاعتهن لترتجى ففرحوا بذلك ثم أخبره جبريل بما ألقاه الشيطان على لسانه من ذلك فحزن فسلي بهذه الآية ليطمئن "فينسخ الله" يبطل "ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته" يثبتها "والله عليم" بإلقاء الشيطان ما ذكر "حكيم" في تمكينه منه بفعل ما يشاء. وقد صارت هذه الواقعة التي سميت بقصة الغرانيق مثار جدل شديد بين أئمة وفقهاء المسلمين فيما بعد، إلا أن من أنكرها منهم قليل.[41]



المثال الثالث:

" وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً. ". الإسراء الآية 53. " بَعْدِ أَن نَّزغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ. " يوسف الآية 100. "وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ." فصلت الآية 36.

جاء في لسان العرب: نزَغهُ ينزَغهُ نَزْغًا طعن فيهِ واغتابهُ. ونزَغ بين القوم أفسد وأغرى ووسوس وحرَّك بعضهم على بعض. ونزَغهُ الشيطان إلى المعاصي حثَّهُ.

ويفسِّر الحافظ بن كثير الآية الأولى بقوله: " أي إن شيطان الإنس ربما ينخدع بالإحسان إليه فأما شيطان الجن فإنه لا حيلة فيه إذا وسوس إلا الاستعاذة بخالقه الذي سلطه عليك فإذا استعذت بالله والتجأت إليه كفه عنك ورد كيده، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يقول " أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه " وقد قدمنا أن هذا المقام لا نظير له في القرآن إلا في سورة الأعراف عند قوله تعالى " خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم " وفي سورة المؤمنين عند قوله " ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون ".

نستبين بسهواة في الآيات السابقة قدرة الشيطان الواضحة علي الإفساد بين الناس، وحثهم على المعاصي ، والأيقاع بينهم، كما حصل مع يوسف واخوته. والحضور حين يشاء.



المثال الرابع:

"قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً." الكهف الآية 63 " وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ." يوسف الآية42. " وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ." الأنعام الآية 68.

تبين هذه الآيات الثلاث بوضوح أن الشيطان له القدره على أن فرض النسيان على المؤمن. حتى ولو كان هذا المؤمن نبياً يكلم الله مثل موسى.



المثال الخامس:

" الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ." البقرة الآية 168. " وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ." ص الآية 41. وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ." الأنبياء 83. " وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ." إبراهيم الآية 22. " فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَـكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ." الأنعام الآية 43. " وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُّبِيناً." النساء الآية 119. " الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفا."ً النساء الآية 76. " إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ. آل عمران الآية 175. " وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورا."ً الإسراء الآية 64. "الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ". البقرة الآية 268. " إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ". الحجر الآية 42. " إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً ". الاسراء الآية 65.



ثم تأتي آيات أخرى لتؤكد أن للشيطان قدرة كبيرة وسلطان عظيم وإلا فلماذا سيملأ الله الجحيم من الجنة والناس أجمعين؟ من هذه الآيات التي تصادق على أن للشيطان سلطاناً على البشر بمن فيهم الأنبياء والرسل، الآيتان 97 و 98 من سورة المؤمنون: "وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ". "وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ".

وهكذا نجد أن "النبأ العظيم" قد أولى دوراً كبيراً للشيطان الرجيم في حياة المسلم،ومن المفارقات الكبرى في "الحكم العربي" أنّ الله حذر المسلم من الشيطان وأوضح له أن الشيطان لاسلطان له عليه، لكنه بنفس الوقت عاد وأقر أن للشيطان قدرة على أن يصيب الإنسان بالنسيان والضر والمرض الشديد وبالمس الذي صوره في القرآن بأشد الصور تعبيراً عن الخوف والألم. وبأنه قادر على نشر العداوة والبغضاء بين الناس ودفعهم إلى الفواحش والمنكرات.

يبدو لنا جلياً أن "القرآن العربي" قام بصياغة أشكال عديدة للشيطان، فهو الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس، وهو الشيطان الذي يأتي الإنسان من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وشماله، وهو الشيطان الذي يجري في عروق الناس كجريان الدم ، وهو المس الكهربائي الذي يصيب الناس بالجنون والضر والأذى، وهو المارد الضخم القابل للرؤية والإختفاء، وهو الشيطان الخبيث المخنث ذو القرنين، كما أنه ذلك الكائن الخارق الذي يمكن أن ينتحل صورة أي إنسان أو حيوان ويظهر لنا ويختفي حين يشاء.

كل هذه الصور المختلفة وغيرها والتي إنتشرت بين المسلمين ، وترسخت في إذهانهم وإعتقاداتهم حتى أمست حقائق ثابتة لايمكن نفيها او حتى الجدال حولها،فتحت أمام هذه الذات التي تبنت هذه الصور المتغيرة والمختلفة للشيطان آفاقاً رحبة للشيطان ليولج ويحشر نفسه في كل شأن من شؤون المسلمين. مما أدت وتؤدي بإستمرار إلى بقاء الإنسان المسلم أن يحيا في جو من التخلف تغلب وتتحكم فيه الاسطورة والخرافة والسحر والشعوذة والدجل بشدة، مما ساعد ذلك أن يصبح الشيطان أخطبوطاً يستحيل القضاء عليه.

ومن المفارقات الغريبة أنَّ ما يزيد من إنتشار ظاهرة اسطورة الشيطان وما ينتج عنها من ظواهر خطيرة أخرى كالسحر والشعوذة والدجل وتدخل الجن في حياة الناس، هو ظاهرة "اليقظة الإسلامية" بكل ألوانها من اصولية ومعتدلة أو وسطية أو ليبرالية في العقود الثلاث الأخيرة في البلدان الإسلامية. والتي تنامت بشكل سريع وخاصة مع نجاح الثورة الإسلامية في إيران وسقوط الأتحاد السوفيتي وتفككه، وإنتشار العرب المسلمين الأصوليين وأفكارهم بقوة في العالم. فبالإضافة إلى زيادة أعداد المصلين أضعاف مضاعفة وزيادة إرتداء الحجاب بشكل كبير نسبياً، شهد العالم الإسلامي في الوقت نفسه تضاعف عدد الدجالين والمشعوذين والمعالجين "بالقرآن العربي" أيضاً بصورة مخيفة جداً, لدرجة باتت معها الدول الإسلامية خائفة ومتوجسة من دراسة هذه الظواهر المريضة ومواجهتها أو معالجتها.

وقد أجرى كلاً من الباحثين المصريين د.محمد عبد العظيم و د. احمد الكتامي في المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في القاهرة في إعداد دراسة ميدانية عن ظواهر الشعوذة والدجل والمعالجة بالقرآن .اصدرت جريدة "الشرق الأوسط" جزءً منها. ولأهمية هذا التقرير رأيت أن أذكر التقرير هنا كاملاً، كما جاء في الصحيفة المذكورة في عدديها: العدد الأول: " 29 نوفمبر 2004 العدد 9498" والعدد الثاني: " 22 مايو 2005 العدد 9672".



فَتحْتَ عنوان: "الشعوذة تدخل سوق الاستثمارات العربية من أبواب الخواء العقلي والروحي" جاء في العدد الأول هذا التقرير:



" القاهرة: منى مدكور

دخلت ممارسات الدجل والشعوذة سوق الاستثمارات العربية من أبواب سرية وشديدة الخطورة. فلم تعد هذه الممارسات مقصورة على الجهلة وأنصاف المتعلمين، بل انضم إلى خيوطها عناصر من نخبنا المثقفة، وذوي المراكز المرموقة المنوط بها صنع القرار في بلادنا. وتقول احصائية حديثة إن الدول العربية تنفق أكثر من 5 مليارات دولار سنوياً على الدجل والشعوذة. كيف نوقف هذا النزف الأعمى، الذي يتستر تحت مظلة الخرافة، والخواء العقلي والروحي، وضغوط الحياة، وما هي أبعاده النفسية والاجتماعية.. في هذا التحقيق نلقي الضوء على هذه القضية .

أشارت دراسة ميدانية حديثة قام بها د. محمد عبد العظيم بمركز البحوث الجنائية في القاهرة إلى أن ممارسي السحر يخلطون بين السحر والدين، ويزعمون أن لهم القدرة على علاج الأمراض... وأن هناك زهاء 300 ألف شخص في مصر يدعون علاج الأمراض بتحضير الأرواح وأن 250 ألفا أي ربع مليون دجال يمارسون أنشطة الشعوذة في عموم الدول العربية وأن العرب ينفقون زهاء 5 مليارات دولار سنوياً على السحر والشعوذة، وأن نصف نساء العرب يعتقدن بفعل الخرافات والخزعبلات ويترددن على المشعوذين سراً وعلانية.

وبينت الدراسة أن المصريين وحدهم ينفقون نحو عشرة مليارات جنيه سنوياً على الدجالين والمشعوذين والنصابين الذين يدعون كذباً قدرتهم على تسخير الجان وعلاج الأمراض والمشاكل الصحية والاجتماعية والاقتصادية. وأوضح الباحث المصري في دراسته أن استمرار اعتقاد الأسر بقدرة هؤلاء على حل كثير من المشاكل المستعصية خاصة الاجتماعية منها كالتأخر في الزواج, أو الصحية كعدم الإنجاب أو العقم أو فك السحر, ساهم في توفر 300 الف شخص على الاقل يعملون في مجال الدجل والسحر في مصر.

وتؤكد الدراسة ان حوالي 50 % من النساء المصريات يعتقدن بقدرة الدجالين على حل مشاكلهن, موضحة أنهن الأكثر إقبالا على هؤلاء وان الدجالين والسحرة يعمدون إلى ممارسة هذه الخرافات بهدف جني الأموال. كما اكدت دراسة اخرى اجراها كل من الباحثين المصريين رشدي منصور ونجيب اسكندر في المركز القومي للبحوث النفسية بالقاهرة ان 63 % من المصريين يؤمنون بالخرافات والخزعبلات ويمثل الفنانون والسياسيون والمثقفون والرياضيون منهم نسبة11%.

وعن ذلك يقول د. احمد الكتامي الباحث بالمركز القومي للبحوث النفسية لـ «الشرق الاوسط»: تتنوع مظاهر الدجل والشعوذة المتعارف عليها لدى العامة ما بين قراءة الفنجان وعمل الأحجية أو طرد الأرواح الشريرة أو التداوي بمواد تختار بصورة عشوائية إضافة إلى فتح المندل التي يزعم ممارسوها قدرتهم على كشف أمور تحدث في أماكن أخرى عن طريق التحديق والتركيز في بقعة زيت على مرآة من نوع خاص. ويضيف الباحث أن الأمر لم يعد مقتصرا على مصر فقط في مجال ممارسة الشعوذة والدجل وان كانت النسبة عالية تبعا لارتفاع عدد السكان، لكن على نفس السياق نجد مثلا ان السلطات السودانية قبضت يوم 11/8 الماضي على سوداني استطاع ان يستولي على 10 مليارات جنيه من مواطن خليجي اذ كان يقوم باعمال الدجل والشعوذة لاجل مضاعفة مال الضحية!! واكد المستشار العام لادارة مكافحة الثراء الحرام والمشبوه السودانية على زيادة نسبة ظاهرة الدجل والشعوذة في الفترة الاخيرة حيث قدمت في اقل من شهر 3 بلاغات، تقدر قيمة الاموال المعتدى عليها في احدى هذه البلاغات بـ 10 مليارات جنيه. وذكر ان المجني عليه، الخليجي الجنسية، قد تعرض للاحتيال من قبل مشعوذ سوداني اوهم الشاكي بامكانية مضاعفة المبلغ المسلم اليه. وسيقدم المشعوذ الجاني الى المحكمة، كما تم الحجز على ممتلكات الجاني لحين الفصل في القضية فيما تقدر قيمة البلاغ الاخر بحوالي 27 مليون دولار قام مشعوذ بأخذها من مواطن عربي آخر بهدف مضاعفة المبلغ والعلاج .

ويضيف قائلا: اما في الاردن فقد شددت القوانين الاردنية على معاقبة الدجالين والمشعوذين بعقوبات صارمة بحيث لا تقل فترة العقوبة عن 3 سنوات حبس وانتهاء بالتغريم المادي والمالي، كما تبنت نقابة الصحافيين الأردنيين بدورها حملة لقطع الطريق على حملات الترويج لمن يدعون القدرة على طرد الجن والأرواح أو علاج الأمراض المستعصية بعد أن استفحل الإعلان عنها والترويج لها في بعض الصحف الأردنية خاصة الأسبوعية.

في حين يؤكد الدكتور فكري عبدالعزيز استشاري الطب النفسي وعضو الاتحاد العالمي للصحة النفسية قائلا: تعد النساء الفئة الأكثر إقبالاً في الوطن العربي على زيارة السحرة والمشعوذين والعرافين أو أولئك الذين يدعون قدرات خاصة،لذلك فإن النساء أكثر الضحايا. وعلى الرغم من الوعي والعلم والتقدم فما زالت النسوة يقفن باعداد كبيرة أمام بيوت بائعي الأوهام والخرافة. ويضيف: وتعتبر قراءة الفنجان عند العديد من النساء العربيات ضمن العادات المألوفة والاكثر شيوعا بين تجمعات النساء في البيوت ومن جميع الفئات الاجتماعية وأحيانًا يتم مزاولتها في أماكن العمل أثناء فترات الاستراحة. وعادة ما تجتمع الجارات صباحًا قبل البدء بأعمال المنزل اليومية أو بعد الانتهاء منها عصرًا لاحتساء فنجان قهوة. وينتهي تجمعهن بأن تقوم امرأة أو اثنتان بتهيئة الفنجان بعد الانتهاء من رشفه لاستطلاع الرسومات التي تتركها آثار القهوة وتفسيرها كما تراها.. وبمرور الوقت تصبح، تتدرج الى حد ممارستها كمهنة تؤجر عليها السيدة التي تمارسها لاحقا!"



وبعد سبعة أشهر تقريباً نشرت "الشرق الأوسط" في العدد المشار إليه سابقاً التقرير التالي:



"دراسة: 10 مليارات جنيه ينفقها المصريون على أوهام الشعوذة"

دجال لكل 240 مواطنا



القاهرة: "الشرق الأوسط"

أفادت دراسة جديدة بأن المصريين ينفقون 10 مليارات جنيه سنوياً على الدجالين. وقالت الدراسة التي أعدها الباحث محمد عبد العظيم بمركز البحوث الاجتماعية، إن هذه المبالغ تنفق على 300 ألف دجال في مصر، مؤكداً زيادة أعداد هؤلاء الدجالين مع تزايد الاعتقاد بالخرافات، ويأتي المتعلمون وأصحاب المستويات الثقافية الرفيعة في مقدمة المترددين على هؤلاء الدجالين، حتى إن المعدل أصبح دجالاً واحداً لكل 240 مواطنا، باعتبار عدد السكان في البلاد يبلغ 72 مليون نسمة.



وأشارت الدراسة إلى أن 50% من نساء مصر يؤمنّ بالدجل وقدرة المشعوذين على حل المشكلات. كذلك يؤمن بالدجل المصريون من الرجال الباجثين عن التفوق الجنسي. وتتحكم نحو 275 خرافة في عقول المصريين، على رأسها مشكلات تأخر سن الزواج وعدم الانجاب والمشكلات الجنسية المعقدة، اضافة إلى الأمراض المستعصية. وجاءت القاهرة في موقع الصدارة من حيث عدد الدجالين أو تركزهم حيث يصل عددهم إلى نحو 100 ألف.

وتقول الدراسة إن 38 في المائة من مشاهير الفن والسياسة والرياضة والمثقفين هم من رواد السحرة والدجالين. وينساق العديد من هذه الفئات، كما أكدت الدكتورة عزة كريم، استاذة الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية، لإحساسهم بنوع من الراحة النفسية، حيث يلجأون إلى هؤلاء الدجالين بعد فشلهم في العلاج. وقالت إن هذا العجز يشعر به الأغنياء والفقراء على حد سواء ويسهم في ذلك أيضاً ما وصفته الدراسة بـ«انغلاق المجتمع وتعدد مشاكله».



لايحتاج هذين التقريرين إلى تعليق إضافي، لكني أود فقط أن أنوه إلى العبارة التي أشارت إلى "أن 38 في المائة من مشاهير الفن والسياسة والرياضة والمثقفين هم من رواد السحرة والدجالين" وأعتقد أن النسبة ربما تتضاعف لو كان لدى الباقين إمكانيات مادية تسمح لهم بإنفاقها على هذا الوجه، وهذا ما يؤكد ماذكرته سابقاً من سطوة الثقافة الدينية الاسطورية على الأغلبية الساحقة من خريحي كليات الفلسفة والفن والطب وغيرها.



إن الشيطان يظل يرافقنا كمسلمين منذ الفجر حين نستيقظ من نومنا داعين الله ألاّ يكون الشيطان قد دخل خياشيمنا، إلى أن ننام داعين من العلي القدير أن لايشاركنا في أولادنا، وهو معنا في وضوئنا ومعنا في صلاتنا ومعنا حتى على سريرنا، عندما يريد أحدنا أن يركب زوجته أو تركبه هي، فبمجرد قراءتنا لأية سورة أو آية من القرآن، علينا أن نذكر الشيطان الرجيم في " قل أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" وقد أمر القرآن نفسه بذلك: " فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ." النحل الآية 98.



لا يمكننا طبعاً بدقة تامة من قياس ومعرفة التصورات والمعاني التي تتولد في عقولنا بمجرد قراءتنا لكلمة الشيطان ، لكن المؤكد أن لكل منا معانيه وتصوراته الخاصة به التي بدأت بالتشكل منذ السنين الأولى لحياتنا، ونمت وتضخمت وتموطنت بقوة في خلايا أدمغتنا، وجعلت فينا قابلية الإنصياع لتصديق الاسطورة والخرافة والسحر والشعوذة مرتفعة جداً، بالإضافة إلى ذلك نجد أن هذه التصورات المختلفة عن الشيطان والسحر وما شابه تدخل بعض الخوف إلى نفوسنا يكبر ويصغر بحسب أشكال تصورنا لهذه الأشياء، لكن بعد قراءتنا "للقرآن العربي" أو زيارتنا لهؤلاء "المشعوذين" المحتالين، نجد أن الخوف كله أو بعضه بدأ يتبدد ، ممايشعرنا أنّ هذا "الحكم العربي" أو هؤلاء المشعوذين الدجلة، يدخل الطمأنينة والراحة إلى قلوبنا، لكن الحقيقة أن هذه الطمأنينة والراحة لم تكن مجانية فالثمن مدفوع مسبقاً سواءاً من جيوبنا أو من خوفنا من "الشيطان الرجيم" أو من الله "المنتقم الجبار" الذي نعتقد أن هو من ألَّف وأنزل هذا الكتاب الذي بين يدينا.





--------------------------------------------------------------------------------

[1] الغَوايةُ الانْهِماكُ في الغَيِّ . ويقال: أَغْواه الله إِذا أَضلَّه.

[2] يتحول هذا الغضب في النهاية على الإنسان، لاحظ أن الغضب هنا صفة من صفات الله

[3] طرَّقني: جعل لي طريقاً.

[4] يحتالهم: يصرفهم.

[5] الملل والنحل للشهرستاني ص 23.

[6] الملل والنحل للشهرستاني ص 24.

[7] مسند أحمد.

[8] طُبَّ الرجل على المجهول سُحِر فهو مطبوبٌ.لسان العرب

[9] البخاري ومسلم وابن ماجة ومسند أحمد والبيهقي.

[10] جميع كتب الحديث.

[11] خمروا: غطوا

[12] البخاري ومسلم.

[13] ذعته: خنقته. ذاع ماله يذُوعه ذَوْعًا اجتاحه واستأصله.لسان العرب.

[14] البخاري والدارقطني.

[15] فتح الباري بشرح صحيح البخاري.

[16] البخاري والبيهقي.

[17] البخاري ومسلم وإحمد والترمذي وأبي داوود.

[18] البخاري وابن ماجة وأحمد.

[19] البخاري ومسلم وأحمد وابن ماجة والبيهقي.

[20] سُلسِلت قُيِّدت.‏‏

[21] البخاري ومسلم وأحمد وابن ماجة والبيهقي.

[22] جميع كتب الحديث

[23] جميع كتب الحديث.

[24] البخاري. مع أن القصد واضح من أن المقصود هنا هي عائشة زوجة محمد البكر،التي كانت تزعجه أحياناً ،وقد يكون قال هذا في لحظة غضب منها أو من إحدى أفعالها، ومع ذلك يذهب الكثير من فقهاء السنة أن المراد بذلك ليس عائشة وأنما المسكن الذي يمكن أن يظهر الشيطان فيه، ولكنهم لايفسرون لماذا أشار محمد إلى مسكن عائشة بالذات من بين مساكن زوجاته العديدة وغيرها من المساكن؟ ولماذا ظهور الشيطان من مسكن عائشة بالذات؟

[25] البخاري ومسلم وأحمد.

[26] جميع كتب الحديث. لو أن أمريكا كانت شرقاً لاستخدم الراسخون في الدين هذا الحديث دليلاً دامغاً على صدق نبوة محمد.

[27] البخاري والبيهقي.

[28] مسلم وأحمد.

[29] البخاري ومسلم وأحمد وأبي داوود والنسائي ومالك والبيهقي.

[30] البخاري ومسلم والنسائي وأحمد.

[31] البخاري ومسلم وأبو داوود والنسائي وأحمد والبيهقي والدرامي.

[32] البخاري والنسائي والبيهقي. والخيشوم بفتح الخاء المعجمة وبسكون الياء التحتانية وضم المعجمة وسكون الواو هو الأنف , وقيل : المنخر.

[33] البخاري وأبو داوود والترمذي وابن ماجة وأحمد. قوله : وهامة بالتشديد واحدة الهوام ذوات السموم. وقوله : ومن كل عين لامة: المراد به كل داء وآفة تلم بالإنسان من جنون وخبل.

[34] مسلم وأحمد.نخَس الدابَّة ينُخسها وينخسها نَخْسًا غرز مؤَخَّرها أو جنبها بعودٍ ونحوهِ فهاجت.لسان العرب. ومعنى نخسة نزغة وطعنة.

[35] البخاري والترمذي وأحمد.

[36] البخاري ومسلم والنسائي والترمذي وأحمد.

[37] المرفق: دورة المياه.

[38] سنن بن ماجة.

[39] أما كان من الأفضل لسيد الخلق تقيده ثم ذبحه، ليستريح منه المسلمون.

[40] يمتنع كثير من أطفال المسلمين التبول ليلاً لخوفهم من وجود الشياطين والجن في دورات المياه،نتيجة لهذه التعاليم التي يفرضها عليهم الوالدين، فيبولون في فراشهم، او يضطرون إلى إيقاظ أهاليهم للإستعانة بهم.

[41] المزيد في فصل قصة الغرانيق.



#زاغروس_آمدي (هاشتاغ)       Zagros__Amedie#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأريض الإسلام 9
- (8) تأريض الإسلام
- (7) تأريض الإسلام
- (6) تأريض الإسلام
- (5) تأريض الإسلام
- (4) تأريض الإسلام
- تأريض الإسلام-الفصل الأول الحلقة الثانية
- (1) تأريض الإسلام
- (2) تأريض الإسلام


المزيد.....




- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زاغروس آمدي - تأريض الإسلام 10