أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سوزان خواتمي - طرق الدهشة














المزيد.....

طرق الدهشة


سوزان خواتمي

الحوار المتمدن-العدد: 1694 - 2006 / 10 / 5 - 06:29
المحور: الادب والفن
    


هاوية فُتحت تحت قدميها ، تركت نفسها تسقط ببطء في الفراغ ، تتأرجح تحت مظلة هبوط اضطرارية .
بدأ تعارفهما بسؤال مكرر وإجابة متعثرة .. تلاهما حوار أمتع ما فيه أنه سينتهي حتماً عند محطة الصمت الأخيرة .
أطبق على كفها وعصر أصابعها بقسوة .. شعرت بلذة مازوتشية .. لم تسحب يدها .. كفها المتواطئة نسيت أصول اللياقة بين الغرباء ، و تصمغت مطمئنة داخل كهفها الدافئ .
بالهدوء الذي تستطيع افتعاله امرأة ضجرة ، استسلمت دون مقاومة للنمّال المباغت .
قال لها بصوت يتسرب همساً :
" أسعدتني يا آنستي .. وتشرفت بمعرفتك ، اسمحي لي أن أصافحك "
ذابت خجلاً حتى تلاشت .. لم يمنحها الكثير من الوقت .
صمتها المرتبك جعله يبادر إلى كفها المترددة ، مطبقاً عليها .
كان شعورها عصياً على التفسير ، فزوجها رحمه الله كان يغير عليها دون مقدمات ، لم تعد تذكر المرة الأخيرة التي قبلها فيها ، فكيف تتذكر لمسة اليد ؟ .
حرارة الرجل الغريب تسللت حتى آخر خلية نائمة في جسدها البارد ، وأي رجل ! كان في ذهنها ذات خيال ، بعظمي فكه الواضحين ، وعينيه الجريئتين كمجهر مفتوح على غياهبها ، وتناغم طبقة صوته مع حروفه المنطوقة ، جبهته العريضة ، و شعره الحليق ، أظافره المقلمة ، وحذائه النظيف . راقتها طريقته المباغتة في التعبير عما يريد ، وبؤبؤا عينيه اللذان حطا فوق وجهها يحصدان تفاصيلها المنسية ..لم يردعه أنهما بالكاد تعارفا .
أشعة الشمس تسللت إليها عبر شجرة الصفصاف وغمرتها ضوءاً وظلاً .
رغم برودة هذا النهار التشريني والحديقة شبه الخالية إلا من أطياف ثنائيات تبحث عن دفئها المفقود ، فإنها أرخت كتفيها مطمئنة ، لتوطد معرفتها بالغريب العابر - الشاب الذي استأذن ليجلس إلى جوارها - بدأت تسترسل بأكاذيبها الصغيرة ، فقاعات صابون تطير في فضاءات يطيب لها اختلاقها دون عناء في التفكير .
زعمت أنها نشوة .. رغم أن اسمها نداء .
تعمل مضيفة جوية وهي في رحلة استجمام أرضية بعيدةً عن مطبات السماء وتهور الطائرات .. رغم أنها ربة منزل ولولا عطرها الرخيص النافذ لفاحت منها رائحة مطبخ .
ترفض الزواج لأنه نظام اجتماعي فاشل ستضطر إليه حين ترغب بالإنجاب .. رغم أنها أرملة منذ سنتين وعندها طفلان ، أكبرهما مازال يبول في فراشه .
تهوى الأدب وتقرأ للكثيرين من الكتّاب الذين لا تحضرها أسماؤهم .. رغم أن آخر كتاب تصفحته مجلة قديمة تنشر أخبار الفنانين وتملأ صفحاتها بألوان فضائحهم حين كانت تنتظر دورها في غرفة انتظار طبيب يعالجها .
تؤمن بالمساواة دون ضوابط وهي منتسبة لجمعية المرأة المتحررة .. رغم أن أباها كان يضربها ثم أخاها وزوجها آخر الكائنات الذكورية الذين استباحوا أوجاعها .
منحها رفيق المقعد إحدى ابتساماته الحانية ، وهو يصغي بنصف أذن ، فقد بدت له بجفنيها الذابلين سيدة ساذجة يطوف فوق ملامح وجهها بقايا جمال حائر .
استطاع ممارسة هوايته القديمة في النط على الحبال والمشاعر واقتحام أسرار الصدور .
اسمه شادي .. رغم انه محمود .
مدير بنك .. رغم أنه موظف بسيط في إدارة البريد والبرق والهاتف .
متزوج وأوراق طلاقه تأخذ دورها في المحكمة الشرعية .. رغم أنه يحب خلود وينتظر أن يرق قلبها لتحبه .
يهتم بالالكترونيات وهو خبير ضليع بالكمبيوتر والانترنت وبدأ بعمل برامج خاصة به .. رغم أنه معرفته بالأجهزة الكهربائية والالكترونية تقتصر على قفلي التشغيل والإغلاق .
تعجبه كثيراً لأنه من مناصري حرية المرأة .
" أسعدتني يا آنستي .. وتشرفت بمعرفتك، هل أنتظرك غداً في الموعد نفسه ؟"



#سوزان_خواتمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بنات الرياض : لعبة الضجيج وغياب الرواية
- من ذاتية الألم إلى إبداع النص
- تنويعات القص الرشيق عند دلع المفتي
- الملفوف الساخن
- الحب لايفرح
- السين اسمي
- البحرين كلاكيت أول مرة
- افكر بكتابة زاوية وليس لدي فكرة محددة
- كسارة البندق
- لماذا تبكي النساء
- عصفور الغفلة
- قبلة أنيقة لموتٍ محتمل
- تعال كثيراً مادمت أورطك بجنوني
- كتابة بالأحمر الرديء
- عشر خيبات لمولود
- طين يبتكر ضلوعه
- كفن من ضجر
- ِمن يعثر على وجهي؟
- زهر البرتقال
- منذ زمن لم تضحكك طفلة


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سوزان خواتمي - طرق الدهشة