أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - حميد كشكولي - سحر الشعر















المزيد.....

سحر الشعر


حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)


الحوار المتمدن-العدد: 502 - 2003 / 5 / 29 - 06:05
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    



                     

 قرأت الكثير عن الشعر و سمعت ، و الكل يعرّفون  الشعر بما يشعرون ،   ورغم أنه يصعب عليّ أن  أ ضع تعريفا حاسما للشعر ، لكن يمكنني  أن أعْرف ما هو اللاشعر. فاللاشعر أن تقيس وزن الحجر و حجمه و تبيّن صفاته الفيزياوية والكيمياوية ، وتدّعي أنك قد كتبت شعرا و ما هو بشعر ، و باختصار أنه كما قال الأقدمون إن اللاشعر أن تفسر الماء بعد الجهد بالماء ، وما أكثر ضجيج  اللا شعرية عندنا.    وبعد أن  عرفت اللاشعر , أصبح ميسورا لي  أن أقترب من فهم الشعر ، فأن تستنطق الحجر وتستشعره فهو شعر . و  ما قرأت أبلغ ما قالته الشاعرة الأمريكية أميلي ديكنسون (1830-1886) عن  الشعر: " إن قرأت كتابا، و جعل جسدي باردا بحيث لا يمكن  لأية نار أن تدفئني , أعرف إذ ذاك أنه شعر.و إذا شعرت فيزياويا كأن قمة رأسي قد انفصلت عنه , لعرفت انه الشعر."
فلا شئ يناغم الروح ويستقر فيها مثلما يفعل الكلم الطيب الصادق ؛ سواء ورد شعرا أو أداء أم لحنا و أم صورة . فالشعر لا يخترع مفردات جديدة , ولكنه يكتشف مدلولات جديدة للمفردات الشائعة , كما يكتشف إمكانات مفتوحة على شتى الاحتمالات .. فجبران خليل جيران كان رساما أيضا ؛ يعبر عن شعره بنفس الشدة سواء سواء   بالريشة و الألوان أو بالكلمات .  و الشاعر من خلال توظيفه للمفردة , حيث يستخدمها في مواضيع معينة , وفي نفس السياق، يضيف  لها دلالات جديدة لم تخطر على بال أحد من قبل.
وفي العصر الحديث برزت مقولات في ميادين الفن ومنه الشعر ، أثارت ولا تزال تثير جدلا كبيرا , منها الصورة الخارجية و الصورة الداخلية للشعر. ففي الأولى يواجهنا الوزن و القافية و كل ما يتعلق بالشكل. و رغم أن القسم الخارجي أو المرئي للشعر يتعلق بذات الشاعر , إلا أنه لا يمكنه تجاوز كل الصيغ السائدة في عصره نهائيا حتى لو كان هذا الشاعر نازك الملائكة أو السياب أو كوران  أو سواهما ممن حطموا القوالب القديمة.
إن ما عملته نازك الملائكة و السيّاب من تحديث في الشعر العربي لم يخرج عن قواعد اللغة العربية و المقولات العروضية ، حيث أبقيتا على التفعيلات كوحدات بناء و استخدمتاها نفسها مثلما هي مستخدمة في الشعر العربي عبر العصور بعد إجراء تحولات في ترتيبها و توزيعا.  ويمكن القول إن الشعر في هذه المقولة يأتي بنماذج شائكة يتبعها البناء اللغوي الأساسي  في مجال اللفظ والمعنى و النحو والصرف.
أما المقولة الأخرى أي الصورة الداخلية ؛ فيمكن وضعها على النقيض من الأولى ؛ إذ تنزع إلى الإنزياح عن القواعد و الأسس المألوفة ، وأن الشاعر هنا ليس بصدد وضع قواعد جديدة في اللغة ؛ بل يسعى إلى التعامل مع المفردات كرموز و مفاتيح حيث تعمل خارج معانيها و مدلولاتها.
يجوز هنا أن نؤيد القائلين بأن المترجم و خاصة مترجم الشعر خائن, فالشعر في حالة حركة و نشوء دائمة.
فالتجربة الفنية  وخاصة الشعرية منها يستحيل أن تتطابق عند شاعرين مهما كانا معاصرين و  متفاهمين في مسائل الوجود والكون والحياة أو تشابهت بيئتهما و وظروفهما وكانا ينتميان إلى مدرسة شعرية واحدة  ,  كل فنان يرى إلى العالم مثلما يريد و رؤاه تتميز عن رؤية بقية العالم  .         فإني أرى تشابها بين طرائق التجريب عند الفنان و المتصوف كلاهما يكدسان حالات جوا نية مكثفة فيضفيان شخصيتهما وصبغتهما  على عوالمهما و يبلورانها وفق أذواقهما و بأدواتهما الخاصة , فيتجاوزان اللغة المألوفة سعيا وراء آفاق لغوية أوسع . الفنان ينبهر أمام الوجود و كثر ما يؤدي انبهاره ذاك إلى الانبهار بالنفس – النرجسية -  والذي سيطبع حياته بطابعه و يحركه فنيا وشعريا. لذلك نرى الناس العاديين و  الذين  وسيلتهم العقل فقط في فهم الوجود  نادرا ما يفهمون الشاعر، فانه يبدو لهم غير مألوف بمظهر  غير رسمي وغير مصمم  من قبل بيئته الرسمية ؛ حيث انه يرتدي أزياء من هندسة خياله .                                                     
يقول اوكتافيو باز :
الأسماك ضياء في قلب البحر المظلم
والطيور نور في ليل الغابة الدامس
وعظامنا كذلك
برق في ظلام الجسد
آه! فالعالم كله ليل
والحياة فيه ضياء .
في المقطع الشعري أعلاه ؛ يبني باز عالما من نسيج خياله وفق رؤيته الخاصة للكون والوجود.
وشاعر صيني يقول:
" أمس ؛ رأيتني فراشة ؛ والآن لا أدري  إن كنت إنسانا  لقي نفسه فراشة في الحلم ، أم فراشة رأى نفسه إنسانا في حلم الآخرين "
تبدلات الحلم و الواقع ليست خاصة بالفنانين بل بكل إنسان ؛ لكن الفنانين هم يعترفون بطرفي المسألة ولا يضحون بأحدهما على مذبح الآخر .
فالشعراء كثر ما يتناولون الحلم بحيث لا يكون أمام مخا طبيهم (جمهورهم) سوى القبول برؤاهم و في الكثير من الأحيان تهتز الأرض من تحتهم من اثر تصوير الشعراء لواقعهم كسراب ؛ فلولا الالقاءات  الرؤيوية  للشعراء لكان العالم بشكل آخر؛ إذ لم تكن الوردة جميلة مثلما نتصور ولما كانت لكلمة "الحب" ذلك السحر والجلال
فالفن يتميز بطابعه الفرداني الخاص يسبغه الفنان على بيئته ؛ هو عبارة عن هويته الشخصية.  و الطابع الفرداني يتجلى بوضوح تام في الشعر و الذي  يعبر عن تضاد بين الصور الذهنية و وسائل التعبير, رغم أن الشاعر يتخذ اللغة وسيلة اتصال و مخاطبة المتلقي أو الجمهور . فالاستيعاب السليم للفن  وخاصة الشعر يستلزم إدراك ماهية التعبير  و أدواته. و الشاعر كذلك يتأمل موضوعته  من حيث المبدأ  كمصوِّر ؛ و بعد إضفاء تداعياته الذاتية عليها يحولها إلى ما يتميز عن المألوف و العادي.  هكذا يحول الشاعر بتداعياته و  ما يقوم به من هدم وبناء ؛ الفعل التاريخي إلى فعل شعري . فهذه ليست حالة عابرة بل فعل وانفعال للنفس و الروح ، يعبرّان عن معاناة جوانيّة وحياتية للشاعر الفرد ، و الذي يتميز بمنطقه الشعري عن أي شاعر آخر . و هذا سر عدم إمكانية   استنساخ شاعر أو ترجمة شعره ترجمة مرضية ومقنعة.
مالمو السويد



#حميد_كشكولي (هاشتاغ)       Hamid_Kashkoli#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشعر يوصل الإنسان إلى التخوم القصية للحياة


المزيد.....




- شاهد تطورات المكياج وتسريحات الشعر على مدى الـ100 عام الماضي ...
- من دبي إلى تكساس.. السيارات المائية الفارهة تصل إلى أمريكا
- بعد الهجوم الإيراني على إسرائيل: ما هي الدول المنخرطة؟
- السفارة الروسية: طهران وعدت بإتاحة التواصل مع مواطن روسي في ...
- شجار في برلمان جورجيا بسبب مشروع قانون - العملاء الأجانب- (ف ...
- -بوليتيكو-: شولتس ونيهمر انتقدا بوريل بسبب تصريحاته المناهضة ...
- من بينها جسر غولدن غيت.. محتجون مؤيدون لفلسطين يعرقلون المرو ...
- عبر خمس طرق بسيطة - باحث يدعي أنه استطاع تجديد شبابه
- نتنياهو: هناك حاجة لرد إسرائيلي ذكي على الهجوم الإيراني
- هاري وميغان في منتجع ليلته بـ8 آلاف دولار


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - حميد كشكولي - سحر الشعر