أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالكريم كاصد - صداقة الشعر















المزيد.....

صداقة الشعر


عبدالكريم كاصد

الحوار المتمدن-العدد: 1693 - 2006 / 10 / 4 - 09:28
المحور: الادب والفن
    


بعد مشاركتي في فعاليات مهرجان الشرق الأوسط الذي أقامه المجلس الدانماركي للتعاون الثقافي بين الشعوب وبالتعاون مع منظمة اليونسكو ومنظمة الثقافة والعلوم ، أقام تجمع السنونو الثقافي في يوم الخميس المصادف 21/9/2006 أمسية شعرية لي ولبعض أبرز الوجوه الشعرية في الشعر الدانماركي . من بين هذه الوجوه الشاعرة الصديقة ماريانا لارسن التي سبق أن التقيت بها قبل سنوات. كما كان للموسيقى والغناء نصيبهما في هذه الأمسية من خلال مشاركة الفنانين طالب غالي وناصر حربي .
أول ما يطالعك في قصائد هؤلاء الشعراء الدانماركيين هو كثافتها وعالمها المحدد وقدرتها على التقاط الأحاسيس الإنسانية الصغيرة ذات التأثير الكبير في حياة الإنسان من دون استطرادات أو تداعيات هي ليست إلاّ وجهاً آخر للصنعة الشعرية التي تعبّر ، في شكلها الغائم ، عن تقليد حاضر تتشابه فيه وجوه الشعر والشعراء معاً .
من بين التجارب الطريفة التي قدّمت في الأمسية تناوب القراءة بين شاعرتين لكلّ منهما عالمها المختلف وإن التقت أصداء أصواتهما هناك في بقعة نائية .. هاتان الشاعرتان هما نينا مالينوفسكي وسوزانه يورن :

طير
أسير مساقط ضوء المصباح
الصرخة المشدودة بين طرفي الجناحين
خفقان أحمر منقار أبكم
اللاصوت ، غناء الصمت


ولم تكن الأصوات الأخرى أقلّ تردّداً واتساعاً في انفرادها حتى وهي تلتقط أشدّ الأحاسيس غموضاً .
تقول الشاعرة ماريانا في أحدى قصائدها التي تختزن في داخلها الصوت والصدى معاً ، العزلة والانفتاح ، التفرد والرغبة في التواصل :


نقرات على الباب
أفتحه
في الخارج تحتشد الملايين من البشر
يملأون المدينة
فتاة صغيرة تفرك يديها
تسأل:
لماذا جرس الباب عاطل
يمسك الرجل العجوز بيد الفتاة
ويسأل مبتسماً
إن كان لدي بعض الوقت
يريدان أن يغنيا أغنية حب .

قصيدة ( ضيوف )


حتى في قصائدها القصيرة التي تبدو مغلقة تماما لا نعدم هذا التردّد الذي يعكس أصداء الخارج البعيدة :

كان عليك أن تأتي
وتقول
أنا أودّك

أنا أكره الكرسيّ
الذي كان يجب أن تجلس عليه

أنا خائفة من كرهي
لهذا الكرسيّ
إنه الطريق نحو قتلي


( مكان شاغر)


هذا المنحى الشعري لم يكن الشعراء الآخرون بعيدين عنه في التقاطاتهم ومشاغلهم اليومية والكونية معاً ، حريصين أن يكون تعبيرهم ذا خصوصية في الرؤية للأشياء والناس وهذا ما نلمسه في قصائد كريستينا الشاعرة الشابة التي يتميز شعرها بانتقالاته الذكية بين تفصيلاته المتباعدة :

بين شخصين
على جسر
في القاع نقود وأعشاب

الهاتف الميت يرن مرة أخرى

من قصيدة ( نحو الجنوب )

الشاعران فيجو مادسن وسورن سورنسن هما من الأصوات الشعرية المتميزة أيضاً في الشعر الدانماركي ، ولعلّ خير ما يمثّل الشاعر فيجو هو هذه القصيدة التي تصور عالماً موحشاً لا يخلو من توق إنساني إلى ما يتجاوز الوحشة والخراب :

الليل موثوق إلى الشجرة
في أقصى الحديقة

العصفور المحلق يمرّ
حاملاً في منقاره قطعةً
من السماء

ويزاح الستار
بصوت يشبه صوت
تمزيق الحقيقة
أحلامك كانت هنا من قبل
المكان الآن خرب


قصيدة ( أحلامك كانت هنا من قبل )

أما سورن سورنسن الذي يشغل الآن منصب رئيس جمعية الكتاب الدانماركيين والسويديين فهو حتى في عوالمه الغريبة أشدّ تصميماً في بناء القصيدة المتميزة :

يقف كلّ شئ
مغلفاً بالفضة
أبيض ومتحجر
حذاء الأميرة الذهبيّ الذي أضاعته
يوجد في خندق
لا يمكن رؤيته
بعد الذوبان تنهض الساحرة
فيما يختلط الكبريت بالفضة

قام بقراءة الترجمة كلّ من الشاعر منعم الفقير وسايه اندرسن الفنان المسرحيّ المرموق الذي سبق أن قدم عرضاً مسرحياً ، من إخراجه ، في القاهرة قبل أعوام بعنوان ( الوقت سيحين قريباً ) ، ولكي أعبر عن امتناني لهذه الشخصية الحبيبة الفذة لما بذله من جهد في ترجمة قصائدي من الإنجليزية إلى الدنماركية تركتُ له اختيار ما يشاء هو من القصائد لقراءتها ، راغباً في التعرف على ذائقته فكان من بين القصائد التي اختارها قصيدة ( سراباد) الطويلة وحين سألته : لماذا ؟ أجابني لإيحاءاتها وأجوائها الشرقية الغريبة المفعمة بالشعر وهذا ما سمعته أيضا من أصدقائي من الشعراء الأنجليز كالشاعر جون ويلش الذي حدثني قبل أيام من سفري إلى الدانمارك أنه اختار مقاطع من قصيدتي هذه في مقالة له يهيئها للنشر.
ولا أدري هل القصيدة التي كتبتها منذ سنوات منبئة بما سيحل من خراب في وطني سيكون لها الإيحاء ذاته لدى قارئها الأصليّ :


سراباد


سألنا في الطريق
وقد قرُبنا من سرابادَ البعيدةِ
هل سنقضي الليل في هذا العراء ؟
ظلالنا انتشرتْ
وأقبلت السماء
ونجمةٌ
أو
نجمتان
تحاذيان السهل
والأشجار تُقبلُ
والرواحلُ تستريح
ويعتلي فردوسَك الذهبيّ
طيرٌ صاح :
" شقّ الفجرُ صدركَ
فابتردْ بالفجر "


كان الناس
حولي
والرواحل
في الطريق إليكِ
يحملنا الهواء


قبابكِ التمعتْ
وجندكِ من رخامٍ يرقبون الأفق
جندك من نحاسٍ
أيّ أجراسٍ
تهبّ
وأيّ أقواسٍ
تُرى من زرقة الشرفات
أين البابُ ندخلهُ ؟
( فنبصر خلفهُ الصحراء )
أين السور ؟
( نلمسهُ فينأى )
أين ذاك البرج ؟
( يلمع بالبياض )
وأين ؟
أين الناس ؟
هل أنتِ المفازة ؟
هل سمعتِ حداءنا
وأنيننا في الليل
قالت نسوةٌ : " سنموت "
قال الميّتون وقد افاقوا : " كم لبثنا ؟ "
صاح جوّابون :
" هل عاد الدهاقنة الكبار
يهيئون رواحلاً أخرى
لرحلتنا ! "
سألنا عن سراباد البعيدة
قيل من عامين جزناها
وقيل لعلها البلد الدي يأتي
وقيل لعلّها جبلٌ
ومحضُ بحيرةٍ مسحورة الأسماك
قيل لعلّها شجرٌ تحجّر
قلعةٌ من صخرةٍ صمّاء
تسكنها التماثيل الغريبة
قيل
لكنا نأينا عن سرابادَ البعيدةِ
هل نعود ؟
أنقطع السبلُ العجيبة ؟
أم سنمكث
قانعين
نُعدّ أفراساً
وأقمطةً لرحلتنا
وأسماءً
ترى هل تنفع الأسماء ؟
هل جئنا لنبني منزلاً
ونقول : " جئنا "
هل نعود وقد رمينا للكلاب عظامنا ؟
ومن الدليلُ إلى المدينة ؟
من سيطرق بابها المهجور؟
ماذا لو دخلناها
فلم نعثرْ على آثارنا
وقبور موتانا
أنرجع ؟
أين ؟
هل نمضي كما يمضي الغزاة ؟
نجرّ قافلةً
ونهبط وادياً
ونقول : " مثوانا هنا
فلنبتدئ بالسفح "
نصعد تلّةً
أو تلّتين
ونحتفي بالليل
اسود
أيها النجم اقتربْ
إنا سنرقص في السلاسل منشدين
" سماؤنا قوسٌ
توهّجَ
والسهامُ نيازكٌ
والأرضُ مرمىً "
مَنْ هناك وراء تلك التّلة السوداء
يبكي ؟
من هناك ؟
تهبّ ريحٌ من وراء السفح
تهدم ما بنينا من بيوت أو مقابر
تمزج الأحياء بالموتى
وتحملنا
هنالك خلف ذاك الأفق
في لجج المياه
ندور
نَمسكُ قشّة
ونصيح : " لم نغرقْ "
سرابٌ ما رأيناهُ
ومن خشبٍ مراكبُنا الخيولُ
سنبتني مدناً ونهدمُها
ونضحكُ مثلما الأطفال
نأتي برجنا في آخر الصحراء
ندعو أخوة هجروا قوافلنا
ونبصق
ليت أنا ما نأينا عن سرابادَ القريبةِ
ليت أنا ما قربنا من سرابادَ البعيدةِ
ليت أنّا لم ..

1992



#عبدالكريم_كاصد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تهريب
- حوار مع الشاعر عبدالكريم كاصد
- قصائد - أوكتافيو باث
- عشر قصائد وتعليق
- ما أبعد الطريق إلى بغداد
- البصرة مدينة لا مرئية
- عن السياب وتمثاله
- الرحلة الثانية بعد الألف
- قصف
- البرج إلى عبدالكريم قاسم
- ولائم الحداد


المزيد.....




- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالكريم كاصد - صداقة الشعر