أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - فهمي الكتوت - نقد الفكر الرأسمالي بين نظريات القرن التاسع عشر ومستجدات العصر 3















المزيد.....

نقد الفكر الرأسمالي بين نظريات القرن التاسع عشر ومستجدات العصر 3


فهمي الكتوت

الحوار المتمدن-العدد: 1693 - 2006 / 10 / 4 - 09:32
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


الليبرالية الجديدة تفرض نهجها على البلدان النامية
إذا كان النموذج السوفيتي لم ينجح في روسيا بتشكيل حاضنة لرأسمالية الدولة لإنجاز مهام ما قبل الثورة الاشتراكية لإتباع سياسة حرق المراحل، هذا إذا افترضنا إن الرأسمالية ممكن أن تتطور على أيدي الاشتراكيين، فكيف الحال في البلدان المتخلفة فالنموذج البيروقراطي المقولب بأنماط محددة مسبقا امتزج مع تصورات خورتشوف بفكرة التطور اللارأسمالي في العديد من البلدان النامية وفي عدادها بعض الدول العربية، دون دراسة مسبقة لخصائص وظروف هذه البلدان، قدّم هذا التصور باعتباره نموذجا مناسبا وقابلا للتطبيق في البلدان النامية كمرحلة انتقالية الى الاشتراكية، فكانت النتائج أكثر سوء مما حدث في الاتحاد السوفيتي وشرق أوروبا كون الصيغة المطروحة صورة مشوهه عن نظام بيروقراطي معاد للديمقراطية، أدى هذا النقل الميكانيكي إلى بروز أنظمة مركزية بيروقراطية عاجزة عن تحقيق ديمقراطية سياسية، أو توفير الآليات المناسبة لتحقق نمو اقتصادي حقيقي في معظم هذه البلدان، مع ذلك لا يمكن إغفال النجاحات الهامة التي تحققت باقامة المشاريع الاستراتيجية التي تم تنفيذها مثل بناء السد العالي وإقامة مصانع حلوان في مصر وغيرها من المشاريع المختلفة بدعم من الاتحاد السوفيتي، وعلى أهمية هذه النجاحات إلا إنها غير كافية لبناء دولة عصرية، ففشلت هذه البلدان في تحقيق الديمقراطية ومواجهة التحديات الكبرى في بناء القاعدة المادية الاقتصادية المبنية على إنتاج وسائل الإنتاج ووسائط النقل، وامتلاك تكنولوجيا المعلومات واستثمارها في مختلف الفروع الإنتاجية واستغلال الثروات الضخمة، وتطوير القطاع الزراعي وادخال التكنولوجيا لهذا القطاع، وإنتاج كافة السلع الاستهلاكية وتوفير الاحتياجات الضرورية للمجتمع، وهذا لايعني بحال من الاحوال الانغلاق على العالم، لكن الانفتاح يحتاج الى اقتصاد قوي ومتين قادر على النمو المضطرد، لكي يستطيع الصمود والتفاعل في ظل التكتلات الاقتصادية التي تتحكم في العالم، وكان لبعض الاجراءات الاقتصادية غير الناضجة والطفولية أحيانا والتي جرى اسقاطها دون اي اعتبار لخصائص المجتمعات المحلية في البلدان التي عرفت بما يسمى "بالتطور اللارأسمالي"، وغياب الديموقراطية وهيمنة الاجهزة البيروقراطية اكبر الاثر في قتل المبادرات واجهاض المشروع التنموي، وهروب رأس المال الوطني.
أما القضية المركزية التي عجزت انظمة التحرر الوطني في البلدان العربية من تحقيقها رغم إنها كانت المبرر الأساسي لصعودها إلى سدة الحكم، التصدي للمشروع الصهيوني التوسعي، وتحقيق المشروع الحضاري القومي، فعلى الرغم من تبني القيادات السياسية لهذا المشروع الحضاري، إلا انها عجزت عن تحقيق خطوات ملموسة بهذا الاتجاه، لعدم إشراك الجماهير الشعبية، وبقي المشروع وسيلة إعلامية لدى أنظمة الحكم، وفي وجدان الجماهير العربية، ولم يترجم إلى ارض الواقع، مما اضعف دور هذه البلدان في مواجهة المشروع الصهيوني، ليس هذا فحسب بل نجحت إسرائيل بتحالفها مع الإمبريالية الأمريكية من توجيه ضربات لهذه الأنظمة التي أدت في نهاية المطاف الى انهيار معظمها، وقد شكلت هذه التراجعات مقدمات للبدء بالحلول المنفردة مع اسرائيل، كما شكلت اتفاقية كامب ديفد ضربة قاتلة للعمل العربي المشترك، وجاءت بعد ذلك اتفاقيات اوسلو ووادي عربة لتجهز هذه الاتفاقيات على الجبهة المعادية للاحتلال الإسرائيلي وفتحت الباب على مصراعيه لإنهاء المقاطعة مع إسرائيل واتخذت هذه الاتفاقيات مبررا لدى بعض الدول العربية والدول الصديقة للتطبيع وإقامة العلاقات السياسية مع إسرائيل، وطرحت المشاريع الشرق أوسطية التي تهدف إلى دمج إسرائيل في المنطقة وإعطائها دورا محوريا سياسيا واقتصاديا، وتمكين الولايات المتحدة الأمريكية من وضع يدها على الثروات العربية كاملة والسيطرة على منابع النفط، وتذويب معالم الحضارة والثقافة العربية بهدف حرمان الشعوب العربية من إقامة مشروع حضاري تقدمي، وكثر الحديث عن هذه المشاريع في الآونة الأخيرة، وكان أخرها ما طرحته كونداليزا عن الشرق الأوسط الجديد، بهدف تقطيع أوصال الوطن العربي والقضاء المبرم على أي نهوض عربي وحدوي، وتمكين إسرائيل وامريكا من الهيمنة سياسيا واقتصاديا وعسكريا على المنطقة.
إذا كانت السياسة الاقتصادية التي اتبعتها الدول التي اصطلح على تسميتها " التطور اللا رأسمالي" لم تستطيع إنجاز مشروع تنموي يشكل قاعدة مادية لدولة عصرية، فأن الخضوع لنهج الليبرالية الجديدة واملاءات الصندوق والبنك الدوليين ليس فقط لم يحققا نموا اقتصاديا بل سببا كوارث اقتصادية واجتماعية لهذه البلدان وشعوبها، فقد دخلت معظم البلدان النامية في ثمانينات القرن الماضي في أزمة اقتصادية حادة أدت الى تراجع النمو الاقتصادي، وزيادة نسبة البطالة، وبرزت أزمة المديونية بشكل صارخ في مختلف دول العالم الثالث وكان في مقدمتها البرازيل والمكسيك، أما في الوطن العربي فقد احتلت مصر الدولة الخامسة في العالم من حيث المديونية، وشكلت هذه الأزمة انتكاسة للطموحات والآمال المعقودة من قبل مروجي سياسة الانفتاح الاقتصادي لتحقيق انتعاش وتنمية اقتصادية، ونجح الرأسمال العالمي من خلال الصندوق والبنك الدوليين، باستغلال الظروف الاقتصادية البائسة للبلدان النامية، لفرض املاءته عليها، واخضاعها لبرامج التثبيت والتكيف الهيكلي، ما يسمى ببرنامج الاصلاح الاقتصادي، وانتقل مركز القرار الى الصندوق والبنك الدوليين ومانحي القروض والمساعدات، وبدأت إعادة جدولة الديون ، وفرضت سياسة تقشفية ،وتم إلغاء كافة أشكال الدعم على المواد الأساسية والخدمات الضرورية ، وتحرير التجارة وإزالة كافة الحواجز الجمركية لتسهيل انسياب السلع، وإلغاء الدعم عن كافة المنتجات الصناعية والزراعية ، وتحرير الأسعار، وفرض الضرائب غير المباشرة، وإتباع سياسة الخصخصة ،بتخلي الدولة عن كافة مؤسساتها او مساهماتها في مختلف القطاعات لصالح القطاع الخاص ، واعطائه الدور القيادي في إدارة الاقتصاد والدولة، هذه السياسات جرّت الويلات على البلدان النامية وأفقرت شعوبها، وكانت المقدمة الأساسية لهيمنة الرأسمال العالمي على اقتصاد هذه البلدان ومن ثم فرض الهيمنة السياسية الشاملة عليها.
وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها الامم المتحدة لتحقيق التنمية البشرية والتصدي للفقر وسوء التغذية ووضع برنامج تنموي في مجال الصحة والتعليم الا ان هذه البرامج لا تلقى الاهتمام الكافي من قبل الدول الكبرى، وتبقى هذه المشاريع حبرا على ورق، فقد جددت حكومات العالم تعهدها مع بداية الالفية الجديدة باعلانها الصادر عن الامم المتحدة لعام 2000 نتطلع لتحقيق نمط جديد من الاندماج العالمي المبني على الانصاف والعدالة الاجتماعية واحترام حقوق الانسان، وتخفيض نسب الفقر المدقع عام 2015.
وفي هذا الصدد يشير تقرير التنمية البشرية للعام2005، الى الجدل الذي اثارته العولمة والذي اتسم بالحده في بعض الاحيان حول اتجاهات توزيع الدخل في العالم،وعلاقتها بالفقر وما اذا كان الاندماج في الاسواق العالمية يؤدي الى تقارب او تباعد في الدخل بين البلدان الغنية والفقيرة، فمعظم البلدان الافقر في العالم فشلت في تخفيض الفقر على حد تعبير التقرير، بل انها تخلفت اكثر فأكثر عن البلدان الغنية، فيشير التقرير(لو توقف نمو بلدان الدخل المرتفع اليوم واستمرت بلدان افريقيا جنوب الصحراء وامريكا اللاتينية على مسارات نموها الحالية، فتحتاج امريكا اللاتينية حتى عام 2177 وافريقيا حتى عام 2236 لتلتحق ببلدان الدخل المرتفع، والدلاله على ذلك عمق الفجوة في الدخل فأن اغنى (500) انسان في العالم يزيد دخلهم على 416 مليون نسمة في العالم. ان تكلفة انهاء الفقر المدقع لانتشال مليار نسمة الى ما فوق خط فقر الدولار الواحد في اليوم هي 300مليار دولار ما يعادل 1.6% من دخل اغنى 10% من بين سكان العالم، اي لو فرضت ضريبة مقدارها 1.6%من دخل اغنى 10% من سكان العالم واستثمرت في معالجة قضايا الفقر لتم حل مشكلة الفقر المدقع لحوالي مليار انسان في العالم، لكن ما يجري عكس ذلك تماما، فبدلا من توفير المال والتضامن والتكافل الاجتماعي لمواجهة الفقر المدقع، تفرض الطبقة الاغنى في العالم (10%) نهجها وسياستها على اقتصاديات البلدان الفقيرة لكي تزيد افقارها، وذلك من خلال نفوذها وهيمنتها على المؤسسات الدولية من الصندوق والبنك الدوليين ومنظمة التجارة العالمية، وما رافق هذه السياسات الاقتصادية من زيادة بؤر التوتر والنزاعات الاقليمية التي ادت الى زيادة النفقات العسكرية فقد اوضحت منظمة(اوكسفام) البريطانية ان النفقات العسكرية في العالم للعام الحالي 2006 ستتخطى حدها الاقصى الذي سجل ايام الحرب الباردة وتتوقع التقديرات ان تزيد النفقات العسكرية لهذا العام 1059 مليار دولار ويفوق هذا المبلغ 15 ضعفا عن حجم المساعدات الدولية، وأدى هذا الارتفاع في الموازنات العسكرية الى ازدهار صناعات الاسلحة فزدادت مبيعات الشركات الرئيسية في هذا المجال بنسبة 60% خلال أربع سنوات و كانت الولايات المتحدة ودول الشرق الأوسط هي المسؤولة بشكل رئيسي عن هذه الزيادة في النفقات العسكرية وحسب منظمة الأمم المتحدة للأغذية و الزراعة (فاو) أن الحروب هي السبب الاول لموجات المجاعة في العالم .
اما التوجهات الإنسانية والإجتماعية للامم المتحدة فقد ذهبت أدراج الرياح و بقيت حبرا على ورق، ويتوقع تقرير التنمية البشرية استنادا الى المعطيات و استقراءات افاق المستقبل فشل اهداف الالفية في تحقيق تقدم في وفيات الطفولة والالتحاق في المدارس والانصاف الجنسوي في التعليم و الحصول على الماء الصالح للشرب وتوفير الصرف الصحي.
ان 65 بلدا يبلغ مجموع سكانها 1.2 مليار نسمة ستفشل في تحقيق هدف واحد على الأقل من أهداف التنمية البشرية حتى مابعد عام 2040. وتشير التقديرات الى ان نحو 800 مليون شخص سيعشون بأقل من دولار واحد وان 1700 مليون شخص اخرون سيعشون باقل من دولارين في اليوم في عام 2015. وان 670 مليون انسان يعانون سوء التغذية في العالم عام 2015 . والاستثمارات اللازمة لتزويد 2600 مليون انسان مياه نظيفة 7 مليارات دولار سنويا خلال العقد المقبل وهي اقل مما ينفقه الاوروبيون على العطور. علما ان هذا الاستثمار من شأنه انقاذ حياة 4 الاف انسان يوميا.



#فهمي_الكتوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نقد الفكر الرأسمالي بين نظريات القرن التاسع عشر ومستجدات الع ...
- نقد الفكر الرأسمالي بين نظريات القرن التاسع عشر ومستجدات الع ...
- مشروع قانون ضريبة الدخل يعمق الفجوة بين الفئات الاجتماعية
- مشروع قانون ضريبة الدخل يعمق التشوهات الهيكلية للاقتصاد ولا ...
- الذكرى التاسعة لوفاة شيخ النقابيين والابن البار للطبقة العام ...


المزيد.....




- وحدة أوكرانية تستخدم المسيرات بدلا من الأسلحة الثقيلة
- القضاء البريطاني يدين مغربيا قتل بريطانيا بزعم -الثأر- لأطفا ...
- وزير إسرائيلي يصف مقترحا مصريا بأنه استسلام كامل من جانب إسر ...
- -نيويورك تايمز-: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخ ...
- السعودية.. سقوط فتيات مشاركات في سباق الهجن بالعلا عن الجمال ...
- ستولتنبرغ يدعو إلى الاعتراف بأن دول -الناتو- لم تقدم المساعد ...
- مسؤول أمريكي: واشنطن لا تتوقع هجوما أوكرانيا واسعا
- الكويت..قرار بحبس الإعلامية الشهيرة حليمة بولند سنتين وغرامة ...
- واشنطن: المساعدات العسكرية ستصل أوكرانيا خلال أيام
- مليون متابع -يُدخلون تيك توكر- عربياً إلى السجن (فيديو)


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - فهمي الكتوت - نقد الفكر الرأسمالي بين نظريات القرن التاسع عشر ومستجدات العصر 3