أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عبدالله المدني - وظائف شاغرة في الصين















المزيد.....

وظائف شاغرة في الصين


عبدالله المدني

الحوار المتمدن-العدد: 1691 - 2006 / 10 / 2 - 09:39
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


للوهلة الأولى، قد يبدو الحديث عن نقص الأيدي العاملة، و بالتالي وجود وظائف شاغرة لا حصر لها في دولة يصل عدد سكانها إلى أكثر من 1.3 مليار نسمة كالصين مجرد مزحة. غير أن هذه هي الحقيقة طبقا للإحصائيات والدراسات الرسمية و غير الرسمية الأخيرة.

فالبلد الأكبر في العالم لجهة السكان صارت تواجه اليوم فعلا مشكلة العثور على الأعداد المناسبة من العمالة بأنواعها المختلفة، بدليل وجود ما لا يقل عن مليوني وظيفة شاغرة، الأمر الذي ساهم في ارتفاع الأجور في القطاع الصناعي طبقا لقانون العرض و الطلب، وبالتالي ارتفاع الكلفة النهائية للمنتج التي هي أصلا في حالة صعود بسبب الزيادات المتتالية في أسعار الطاقة المستوردة. ومما لا شك فيه أن هذا سيؤدي، إن لم يكن قد أدى فعلا، إلى فقدان المنتوجات الصينية المخصصة للتصدير لميزة المنافسة السعرية في الأسواق العالمية.

وفي بلد اعتمد طويلا على وفرة الأيدي العاملة و رخصها في جذب الاستثمارات و الشركات الاجنبية إلى قطاعاته الصناعية، فان للمشكلة جانب سلبي آخر يتمثل في احتمال انتقال المزيد من المستثمرين المحليين و الأجانب في المدى القصير إلى بلدان أخرى لا تزال تتميز بوفرة و رخص الأيدي العاملة مثل الهند و فيتنام وبنغلاديش.

و تبدو الصورة أوضح ما تكون في ما يعرف بالمناطق الاقتصادية الخاصة و مدن الازدهار الصناعي الساحلية، التي كانت إلى ما قبل سنوات قليلة تعج بالملايين من القادمين من الأرياف ومناطق الداخل الصيني بحثا عن أي عمل و بأي أجر. لقد تغيرت الصورة اليوم تماما، كما يقول احد خبراء الموارد البشرية المحليين، و صارت مؤسسات الأعمال مضطرة للإعلان في الصحف عن وجود فرص وظيفية لديها، دون أن يدق بابها في النهاية سوى بضعة أشخاص، بل بدأت تلك المؤسسات في إرسال فرق توظيف من قبلها إلى الخارج من اجل البحث عمن يستطيع إشغال وظائف معينة ملحة.

في الأسباب، تبدو المشكلة مركبة و تتداخل فيها عوامل عدة. فلئن كان احدها هو تنامي و توسع الأعمال في قطاعات التصنيع و الخدمات و الإنشاءات بسرعة صاروخية في السنوات القليلة الماضية، و بما جعل الطلب على الأيدي العاملة يتصاعد بدوره على جميع المستويات الوظيفية، فان العامل الآخر هو قلة الأجور في ظل بيئات عمل مرهقة و ساعات دوام طويلة، ناهيك عن الاستقطاعات الشهرية من الرواتب في صورة ضرائب، الأمر الذي فضلت معه نسبة كبيرة من العمالة البحث عن الرزق من خلال الأنشطة الصغيرة الخاصة أو العودة للعمل في القطاع الزراعي. يشار هنا إلى أن الحد الأدنى للأجور التي تراوح طويلا ما بين 50-75 دولارا في المؤسسات الصناعية، زاد في السنتين الأخيرتين بنسبة 30 بالمئة بقرار رسمي كان الهدف المعلن منه هو تحسين دخل العامل لمواجهة ارتفاع كلفة المعيشة، فيما كان الهدف الخفي هو تشجيعه على البقاء في عمله واستقطاب آخرين. و بهذا صار العامل الصيني يحصل اليوم على اجر يزيد بنسبة 30 بالمئة عما يحصل عليه قرينه في فيتنام مثلا.
وهناك عاملان آخران تسببا في خلق المشكلة و كانت للدولة يد في خلقهما. ففي محاولة منها لتضييق الهوة الاقتصادية ما بين سكان المدن و الأرياف، أقدمت الدولة في السنوات الثلاث الماضية على إطلاق مشاريع عديدة لإقامة البنى التحتية الحديثة و أخرى تنموية و خدمية وترويحية في الأرياف الفقيرة و الأقاليم الداخلية من تلك التي تركت مهملة طويلا في خضم عملية التحديث و التصنيع. و كان لهذا أثر ملموس تمثل في خلق فرص عمل لمواطني تلك المناطق بالقرب من مدنهم و قراهم و تحسن ظروفهم و دخولهم، و بما قلل من رغبتهم في الهجرة إلى المدن الساحلية الصاعدة بحثا عن العمل. و جاء قرار الحكومة في العام الماضي بإلغاء الضريبة الزراعية ليعزز من هذه الظاهرة الأخيرة و يغرى سكان الأرياف بالبقاء في أعمالهم الزراعية.

من ناحية أخرى، فان " سياسة الطفل الواحد للأسرة الواحدة " الذي انتهجتها الصين منذ عام 1979 كحل للحد من التضخم السكاني، أفرزت نتائج عكسية في صورة وجود مجتمع يكثر فيه العواجيز والمتقاعدون و يقل فيه عدد الشباب ممن هم في سن العمل أو ممن ينتظر دخولهم إلى سوق العمل قريبا. ففي شنغهاي مثلا ينتظر أن يشكل من هم في سن الستين فما فوق أكثر من 30 بالمئة من إجمالي السكان بحلول عام 2020 . و يمكن في هذا السياق الإشارة أيضا إلى ظاهرة عدم استعجال الشباب الصيني لدخول سوق العمل، قبل نيل تحصيل علمي كاف. فعلى خلاف الجيل القديم الذي كان مجبرا على الالتحاق بسوق العمل بدون مؤهلات أو بمؤهلات علمية محدودة، صارت الأجيال الصينية الجديدة أكثر تمسكا بالالتحاق بالجامعات و المعاهد العليا من اجل التخصص العلمي و التميز. و لعل ما يسند هذا القول هو تزايد أعداد الملتحقين بالجامعات من 4.3 مليون عنصر في عام 1999 إلى 14 مليون في عام 2005 .

و تشير الدراسات التي أجريت مؤخرا إلى أن قطاع التصنيع لأغراض التصدير يواجه حاليا نقصا في العمالة بحدود مليوني نسمة مع احتمال ارتفاع العدد في المستقبل. فمدينة مثل شينزين في إقليم غواندونغ الواقع على الحدود مع هونغ كونغ، حيث المصانع الكبيرة و الصغيرة التي تنتج كل شيء ابتداء من براويز الصور و سلاسل المفاتيح و انتهاء بالأجهزة الكهربائية و الأدوات المنزلية، واجهت هذا العام فقط نقصا في العمالة في حدود 300 ألف عامل.

و لا تنحصر مشكلة الصين في نقص العمالة اليدوية الماهرة أو شبه الماهرة أو البسيطة فحسب، وإنما أيضا نقص العمالة المؤهلة تأهيلا متقدما لإشغال وظائف المستويات الإدارية و الفنية الوسطى والعالية في مؤسسات و شركات تسعى إلى التمدد و المنافسة في الخارج. و هنا تبرز مسئولية الجامعات الصينية التي تخرج سنويا الملايين من المهندسين و الفنيين و الإداريين، لكن دون مؤهلات و مهارات و خبرات من تلك التي تعتبر مفتاحا لدخولهم إلى الأسواق العالمية والتنافس فيها. و في هذا السياق تقول دراسة أعدتها مؤخرا مؤسسة ماكينزي العالمية، أن الشركات الصينية الكبرى ذات الطموحات للتوسع في الخارج أو المحافظة على نموها الراهن تحتاج في السنوات العشر القادمة إلى ما لا يقل عن 75 ألف موظف ممن تتوفر فيهم المعايير والاشتراطات العالمية المعروفة، و أن المتوفر حاليا في الصين من هؤلاء يقل عن خمسة آلاف عنصر.

ومن هنا يمكن تفسير ما حدث مؤخرا في شنغهاي التي تعتبر درة الصين ورمز تقدمها الصناعي و ازدهارها الاقتصادي. حيث لم تجد حكومتها المحلية مفرا من إرسال فريق من رجال الأعمال والمسئولين و الأكاديميين إلى أمريكا الشمالية لإقامة معارض توظيف في كل من نيويورك و سان فرانسيسكو و تورونتو، بحثا في أوساط صينيي المهجر عن متخصصين و خبراء لإشغال نحو ألفي وظيفة شاغرة في مؤسسات و شركات المدينة، مع تقديم حزمة من الحوافز والإغراءات شملت مساواتهم في الامتيازات مع المواطن بما في ذلك التعليم المجاني لأولادهم. و بحسب المسئولين في شنغهاي، تأتي هذه الخطوة ضمن برنامج لجذب نحو عشرة آلاف شخص متخصص من الخارج للعمل في المدينة كل سنتين.

خلاصة القول أن مشكلة الصين العمالية لا تتعلق بالكم، بقدر ارتباطها بالنوعية، معطوفا على سؤ توزيع الأيدي العاملة جغرافيا.



#عبدالله_المدني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -عبدالله- يستولي على السلطة في تايلاند
- آسيا .. ما بين عقلانية وسطها و راديكالية أطرافها
- في وداع - كويزومي-.. و استقبال - شينزو أبي-
- نحو دولة طالبانية في -أتشيه- الاندونيسية!
- هذا الهندي الموهوب هو الأجدر بقيادة الأمم المتحدة
- صواريخ حزب الله الإيرانية: فتش عن الدور الصيني
- -جزار كمبوديا الأعرج- يرحل دون قصاص
- طالبان قد تستفيد مما يجري في الشرق الأوسط
- نهاية الإرث السياسي لآل باندرنيكا
- باعاشير طليقا!
- لماذا ننادي بعلمانية الدولة
- هل -مرعي بن عمودي الكثيري- هو السبب؟
- درس انتخابي من -كيرالا
- بعض العرب إذ يحللون نووية إيران
- سنغافورة كنموذج للمجتمع غير المسيس
- كل الطرق تؤدي إلى آسيا
- صناعة المعلوماتية ما بين الهند و الصين
- الشباب الكوري يقود ثورة تكنولوجيا المعرفة
- وزيرستان
- عبدالرحمن في قبضة العدالة


المزيد.....




- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...
- زاخاروفا: إستونيا تتجه إلى-نظام شمولي-
- الإعلام الحربي في حزب الله اللبناني ينشر ملخص عملياته خلال ا ...
- الدرك المغربي يطلق النار على كلب لإنقاذ فتاة قاصر مختطفة
- تنديد فلسطيني بالفيتو الأمريكي
- أردوغان ينتقد الفيتو الأمريكي
- كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي
- تظاهرات بمحيط سفارة إسرائيل في عمان


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عبدالله المدني - وظائف شاغرة في الصين