أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - جهاد نصره - العلم والعمل والتغيير المستحيل..!؟















المزيد.....

العلم والعمل والتغيير المستحيل..!؟


جهاد نصره

الحوار المتمدن-العدد: 1690 - 2006 / 10 / 1 - 10:45
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


مقدمة الجزء الثاني من غربلة المقدسات

لم يعد في عصرنا الراهن ثمة فصل بين مفاهيم العلم، والعمل، والتغيير، فمنذ ما بعد عصر النهضة في أوروبا، اندمجت هذه المفاهيم في إطار سعي الإنسان نحو توفير المزيد من متطلبات الحياة التي ازدادت كماً ونوعاً مع ازدياد عدد السكان في فضاءات جغرافية غير قابلة للتوسع بعد أفول عصور الحروب الاستعمارية.
لقد انتهت، أو توقفت، في الزمن الحالي، تلك المناظرات التي كانت تدور حول هوية العلم ومقاصده.. والعمل وأشكاله ومضامينه.. والتغيير وضرورته..!؟ وذلك بعد أن لمس الإنسان عدم جدوى تلك المماحكات ورأى التغييرات الجذرية التي أحدثها التقدم العلمي المطرد في طرائق ووسائل حياة الناس الأمر الذي أوضح بلا أي لبس تلك العلاقة الجدلية الحية بين هذه المفاهيم.
وبهذا الربط المحكم، تحول مفهوم العلم من التجريدي إلى العياني و الملموس فكل خطوة علمية في عصرنا الراهن باتت تعني إنجازا واكتشافاً لمزيد من الوسائل، أو الابتكارات، أو التقنيات بما يعني ذلك من وفرة نوعية متقدمة في حاجات الإنسان المختلفة، وقد ترتب على هذا التحول الذي طرأ على العلاقة بين العلم والعمل، استحالة في نجاح عملية التنمية المجتمعية على كل صعيد، من غير النجاح في استحواذ المؤهلات العلمية ووسائل تفعيلها وممكنات التغيير الواجبة، وكان من منعكسات ذلك بالضرورة ربط مناهج التعليم بكل مستوياتها بالخطط التنموية الاقتصادية والاجتماعية إذا ما أريد لهذه المناهج أن تكون وثيقة الصلة بحياة الناس بله أعمالهم.
وتجدر الإشارة إلى أن مفهوم السعادة الذي نتكلم عنه، ينحصر بحياة الإنسان الدنيوية إذ لا يزال أصحاب الفكر القديم وهم الأكثرية في المجتمعات الإسلامية، مخلصون لمفاهيم عصور ما قبل الثورة العلمية حيث كانت السعادة تعني لهم ما يتحصل عليه الإنسان في الدنيا الآخرة وتأسيساً عليه كان مفهوم العلم لديهم ينحصر بما يدركه الإنسان عن الله سبحانه وعن رسله وأنبيائه ومن ثم ما يدركه من مستلزمات الاستحواذ على التعويض السماوي..! أما العمل عند أولئك فهو لا يزيد عن القيام بكل الواجبات المترتبة على هذا الإدراك وبما يرضي الله ورسله ويضمن السعادة الأخروية الدائمة ومن الطبيعي أن لا يعود للتغيير مكان في ظلِّ هذا الإدراك الروحاني..! ومما لا شك فيه أن العلم والعمل على هذا النحو المعرفي لا علاقة له بتقدم المجتمع وسويته الحضارية فالمقاييس المعاصرة تقوم على اعتبارات محددة بما يقدمه كل مجتمع في ميادين الأبحاث، والمكتشفات، والاختراعات، ومن المنطقي عدم انتظار ذلك من مجتمعات راكدة في ثقافة الماضي واشكالياتها المعرفية وبخاصة الروحية منها فمثل هذا المجتمعات لم تنهض بعد لتواكب مسيرة المجتمعات المتطورة وهي تكتفي باستيراد ما ينتجه علم الآخرين وتقدمهم المتواصل الأمر الذي يبقيها في خانة الدول المتخلفة التي تعيش عالة على الذين يغذون السير في مسيرة العلوم والتقدم المستمر.
لكن،كان من المحتم أن تعاني مثل هذه المجتمعات آجلا أم عاجلاً مما يمكن تسميته: صدمة الحضارة الأمر الذي اضطرها للخروج من سباتها لتسارع إلى محاولة اللحاق بمن سبقها على طريق العلم والتطور الذي من غيره لا يمكن النهوض بأعباء الحياة المتزايدة وما التوسع التعليمي الذي شاهدناه في الثلث الأخير من القرن المنصرم إلا نتيجة أولية من نتائج تلك الصدمة الحضارية غير أن المسألة اللافتة في معظم المجتمعات الإسلامية العربية أن الأمر توقف في كثير بعضٍ منها على التوسع الكمي أي ازدياد مطرد في عدد المدارس والجامعات دون التدقيق في نوعية البرامج التعليمية وتطويرها المستمر من جهة وما تتطلبه عملية النمو الاقتصادي الاجتماعي من تخصصات من جهة ثانية..! و تكِّيف هذا التدقيق مع القدرة الاستيعابية وامكانية توفير فرص العمل الكافية الأمر الذي ينجم عن عدم أخذه بالحسبان ارتفاع متزايد في معدلات البطالة وبخاصة في أوساط الشباب والفتيات من خريجي الجامعات وبالتالي استمرار تزايد عمليات الهجرة التي يسميها بعضهم: هجرة العقول والأدمغة..!
إنه لمن المؤسف أن لا تتوفر فرص العمل البحثي العلمي لكثير من المبدعين العرب الذين يضطرون للعمل في مراكز الأبحاث العلمية في الدول الأخرى التي توفِّر لهم كل المحفزات والوسائل فصارت تلك الدول مراكز استقطابية لآلاف المبدعين العرب في كل مناحي العلوم.!
وفي هذه الأيام يمكن القول: إننا نعيش مرحلة تاريخية يمكن تسميتها بمرحلة الهيمنة العلمية، وبخاصة ما تعلق منها بالمنجزات التكنولوجية التي هي تطبيقات عملية للأبحاث العلمية، وذلك بعد مرحلة الهيمنة العسكرية ومن ثم الهيمنة الاقتصادية.. فمعظم مجتمعاتنا لا تقدم شيئاً يذكر في مسيرة تقدم العلوم والاختراعات لأن معظمها لا تزال تعتاش على منجزات الآخرين..! ومن غير التوقف عن التغني بالأمجاد الغابرة..! والانصراف المبرمج لتعزيز دور الجامعات في مسألة البحث العلمي، وربط ذلك بما يتطلبه نمو المجتمع ونهضته انطلاقاً من أوضاعه، وظروفه، وثرواته، فإن دور تلك الجامعات سيبقى منحصراً في تخريج أجيال من حملة الشهادات وحسب.!
وعلى هذا النحو، فإنه لا يمكن للمجتمعات العربية الإسلامية الادعاء بأنها مجتمعات مشاركة في حضارة اليوم التي قرنت عملياً بين العلم والعمل والتغيير اللهم سوى بالشعارات..؟ إن التنافس في عالم اليوم لم يعد تنافساً بين تراثنا وتراث الآخرين، وما قدمناه من علوم في الماضي وما قدمه الآخرون كما يرى السادة الفقهاء و الوعاظ الإيديولوجيين على حدٍ سواء..! لقد بتنا نعيش تحت خيمة تنافسية يومية نخسر فيها كل يوم المزيد من طاقات المبدعين العاملين في ميادين العلوم المختلفة والتي لا يمكن توطينها ما لم تستكمل كل مقومات النهوض العلمي، وعلى مثل هذا النهوض وحده تتوقف إمكانية الحديث عن نهضة تنموية لأي مجتمع من المجتمعات العربية.!؟
وخلاصة ما نريد قوله في هذه المقدمة هو أن الأساس الوحيد الذي يتيح للمجتمعات العربية انطلاقة حضارية فاعلة، يتوقف على مدى توفير مستلزمات بسط سيادة العلم على جميع قطاعات الحياة وليس فقط قرن العمل بالعلم والتغيير..! ولا تشكِّل هذه السيادة قطيعة مع التراث والتاريخ كما يتراءى للبعض، ولنا في التجربة اليابانية، ومن بعدها تجارب النمور الآسيوية، خير دليل على ذلك.! لكن، في الوقت نفسه، نحن نرى في هذه التجارب الناجحة تلك البصيرة التي كرسَّت مفهوم جديد في التعاطي مع التراث كثقافة والتاريخ كسياق حيث لم يشكِّل الإخلاص لهما حجر عثرة في طريق الانحياز للعلم لكن مع استمرار هيمنة ثقافة العقل النقلي في مجتمعاتنا من خلال إعادة إنتاج ثقافة الماضي بكل مكوناتها وقيمها، تتراكم الصعوبات، وتتعاظم المخاطر التي يواجهها نفر محدود العدد من العاملين في ميدان الحداثة وثقافتها.! ومن المفارقات التي تعم مجتمعات العرب الإسلامية التي تستهلك كل أدوات الحداثة من دون تردد، تبرز مسألة تجريد الحداثة من منجزاتها الثقافية والمعرفية وما يرافق ذلك من قيم جديدة بحيث تبقى الأجيال المتتالية تتوارث ما أنتجته عصور التخلف والاستبداد من ثقافات وقيم على حد سواء..! الأمر الذي يكرِّس مناعتها، ويعزز حصانتها، فتظل عصية على التأثر بمعارف وقيم العصر بالرغم من أنها مجبرة على دراستها وهي تمتحن في ذلك من أجل تأمين فرص العمل والحياة..!؟ هذه الإشكالية مستمرة في المجتمعات الإسلامية، ولا حلَّ منظور لها.! وذلك عائدٌ إلى قدسية الماضي بما هو عقيدة وإيمان..! وقد ترسخت هذه القدسية عبر الزمن بفعل الارتباط الأزلي بالدين كمعطى سماوي لتسيير شؤون الكائنات البشرية على الأرض هذا الارتباط الذي عمل عليه ولا يزال عدد هائل من الفقهاء والدعاة الموظفون منهم عند الأنظمة الحاكمة أو المعارضون لها.! وقد استثمرت هذه الأنظمة على اختلاف مسمياتها هذا المعطى الذي فيه استغفال لعقول العامة باستغلال انسياقها الإيماني من جهة ومن جهة أخرى مصادرة الدين وجعله حشوة مبطنة في أيديولوجيا التسلط الحديث التي تنتج أنبياء ( قادة ) من الصنف الاستثنائي على الدوام.!؟ ولهذه الأسباب وكثير غيرها، تبدو اليوم مسألة التغيير المتناسق مع سمة العصر في غاية الصعوبة فالمسألة ليست محض سياسية.! إنها مسألة نسق تاريخي حي و متكامل وكل تغيير في مستوى محدد يتطلب التغيير في باقي المستويات.. والذي يحدث أنه حين تتوفر إمكانية التغيير في المستوى الاقتصادي أو السياسي تبرز مناعة وممانعة في المستوى الاجتماعي أو الثقافي ( العراق نموذجاً ) وهكذا تتجلى الصعوبة بثوب الاستحالة التي تترجم إلى ركود شامل و طويل الأمد..!؟



#جهاد_نصره (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تفكيك الانتصار..!؟
- هرقل العرب.. والتسول الدولي..!؟
- حول التساؤلات المشروعة.. وغير المشروعة..!؟
- إذن: ننام على عسل..!؟
- فرسان ( الشنق ) الأوسط الجديد..!؟
- القلاب غير الصالح في الشرق الأوسط..!؟
- حول الوسواس والاستئناس..!؟
- الليبرالية البدوية..!؟
- حاخامات آوادم ومشايخ أخر زمن..!؟
- المختصر في علم المساطيل.. وما يدهش الرعية..!؟
- هو السحر لكن من هو الساحر..!؟
- جماعة الإخوان الكلكاويين في جوهر..!؟
- حركة العدالة والغباء..!؟
- زمن الضفادع العربية..!؟
- والاعتقال أيضاً سنة..!؟
- العشق سنة شريفة..!؟
- قناة الآه أه..إني إني..!؟
- كوفي عنان وتصريف الأعمال..!؟
- مأزق العلمانيين العرب..!؟
- فاروق جود.. صورة البورجوازي الأصيل..!؟


المزيد.....




- فرنسا: الجمعية الوطنية تصادق على قانون يمنع التمييز على أساس ...
- مقتل 45 شخصا على الأقل في سقوط حافلة من على جسر في جنوب إفري ...
- جنرال أمريكي يوضح سبب عدم تزويد إسرائيل بكل الأسلحة التي طلب ...
- شاهد: إفطار مجاني للصائمين في طهران خلال شهر رمضان
- لافروف عن سيناريو -بوليتيكو- لعزل روسيا.. -ليحلموا.. ليس في ...
- روسيا تصنع غواصات نووية من جيل جديد
- الدفاع الأمريكية تكشف عن محادثات أولية بشأن تمويل -قوة لحفظ ...
- الجزائر تعلن إجلاء 45 طفلا فلسطينيا و6 جزائريين جرحى عبر مطا ...
- لافروف: الغرب يحاول إقناعنا بعدم ضلوع أوكرانيا في هجوم -كروك ...
- Vivo تكشف عن أحد أفضل الهواتف القابلة للطي (فيديو)


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - جهاد نصره - العلم والعمل والتغيير المستحيل..!؟