أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بشار إبراهيم - العالم كما يراه بوش















المزيد.....

العالم كما يراه بوش


بشار إبراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 1688 - 2006 / 9 / 29 - 07:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


وليم كاريل، الفرنسي القادم من عالم صناعة الأفلام التسجيلية السينمائية والتلفزيونية، يصنع هذا الفيلم، ولكن هذه المرة بالاشتراك مع الكاتب الفرنسي المعروف إريك لوران، الذي عرف عنه متابعاته وكتاباته بما يتعلق بالسياسة الخارجية الأمريكية وحروبها، بدءاً من حرب الخليج المسمّاة (عاصفة الصحراء) عند مطلع تسعينيات القرن العشرين، وصولاً إلى (حرب بوش) الأخيرة، و(عالم بوش السري)..
(العالم كما يراه بوش).. فيلم تسجيلي وثائقي طويل (يقارب الساعتين) منسوج بحبكة صارمة من الشهادات والآراء والاستخلاصات التي يقدمها عدد من السياسيين والأكاديميين، الأمريكيين والفرنسيين، في مرافعات عقلانية، تتميز بالشمولية والدقّة، والتحليل المنطقي، لكيفية جورج بوش الابن إلى سدة الحكم في الإدارة الأمريكية، وما رافق ذلك من سيطرة المحافظين الجدد بشكل مطلق على الإدارة الأمريكية، والسياسة الخارجية الأمريكية.. ويضعها في مواجهة الآراء والتصريحات التي يقدمها عدد من رجال السياسة والدين، أمثال ريتشارد بيرل وجيري فالويل، وغيرهما.. ممن يمارسون أدواراً خفية (في الظل) بشكل مؤثّر على بوش وطاقمه الإداري الحاكم..
ما بين القول والرأي ونقيضه، يقوم وليم كاريل بالمعاينة طيلة الفيلم في مسعى يهدف إلى كشف الحقائق، وتبيان الغوامض، وفك أسرارها ورموزها، دون الميل إلى السخرية أو التهكم أو العبث!.. كما فعل مايكل مور في فيلمه (فهرنهايت 11/9).. وإذ يحضر فيلم مور في الحديث هنا فمن الطبيعي أن تحضر المقارنة في ذهن كل من شاهد هذين الفيلمين، وربما سيكتب الكثيرون في إطار هذه المقارنة، التي لن نغوص فيها كثيراً، بل سنكتفي بالقول السريع إنها تأتي لصالح فيلم كاريل على المستوى المضموني الجاد والمتوازن والعقلاني الموضوعي الشامل، بينما تذهب لمصلحة فيلم مور على مستوى البراعة الفنية واللعبة المونتاجية..
يبدأ وليم كاريل فيلمه، بالتأكيد على الخلفية الدينية لجورج بوش الابن، أو بتعبير أدق عن المؤثرات الدينية الحادثة في حياته، بعد سنوات أمضاها في السهر والمجون، من حيث ملاحقة الفتيات ومعاقرة الخمر، وذلك قبل أن تأتيه الهداية الربانية، ليترك كل هذا ويعتقد أنه موكل بمهمة إلهية لا بد له من القيام بها. ويؤكد كاريل في فيلمه على (بوش التوراتي) الذي نتج عن تأثيرات المسيحية الصهيونية، وجماعة المحافظين الجدد، الطاقم المستمر في العمل مع بعضه البعض طيلة ثلاثين سنة، قبل أن يتكثف على هيئة إدارة تتحكم بالسياسة والاقتصاد والفكر الأمريكي، مع مطلع القرن الحادي والعشرين..
(بوش التوراتي) و(المسيحية الصهيونية) و(المحافظون الجدد)، هم الأساس الفكري العقائدي، والبنية البشرية، والأدوات العملية، التي تحدد خيارات السياسة الخارجية الأمريكية، وتغلبها على التوجه نحو السياسة الداخلية، التي هي أكثر ما يهم المواطن الأمريكي باعتباره (دافعاً للضرائب).. وفي الوقت الذي يقف (جون بيرد) الذي طوى 85 سنة من عمره، أمام مجلس الشيوخ الأمريكي ليفضح الممارسات اللاأخلاقية التي تذهب إليها السياسة الخارجية الأمريكية، ويشجب بقوة صمت المجلس حيال ذلك، فإن المحافظين الجدد يبدون كأنهم يقودون الولايات المتحدة الأمريكية، بل والعالم كله، من أذنيه ليخوض غمار حروب، وحدهم المستفيدون منها، ومعهم إسرائيل..
ينجو وليم كاريل من مطبّ أن يجعل فيلمه بياناً انتخابياً ضد بوش والحزب الجمهوري، ولمصلحة منافسه كيري والحزب الديمقراطي، كما فعل مايكل مور!.. كما أنه يضع يديه على مرتكزين أساسيين، غفل عنها (وبالأصح تجاهلهما مايكل مور عن عند)، وهما البعد الديني العقائدي، والمصلحة والدور الإسرائيلي، في كل ما يجري، وغاياته واستهدافاته.. ويقيناً أن وليم كاريل لم يفعل ذلك مكرمة للعرب، أو انتصاراً لهم، ولكن انتساباً للموضوعية، التي بدت غايته السامية في هذا الفيلم/المرافعة..
وعلى الرغم من حديث الفيلم عن مظاهر التشبع الديني الذي يتميز به بوش الابن، والمؤثرات القوية التي يتركها في نفسه الدعاة والمبشرون (أمثال فالويل)، إلا أن الفيلم يؤكد على أن ثمة تحالف عقده آل بوش مع الشيطان نفسه.. كلٌّ بطريقته، فتختلف التفاصيل، لكن الجوهر واحد.. في غاية شريرة لا تريد الخير للعالم، بل تريد حصد المزيد من الملايين، وامتلاك السطوة، وممارسة القوة لفرض الآراء والأفكار والسياسات بالقوة..
ولهذا سيجعل كاريل من فيلمه (العالم كما يراه بوش) محاكمة لآل بوش، ليس فقط للأب والابن، اللذين تتالا على رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، خلال أقل من عقد من الزمن (الفارق بين حكميهما 8 سنوات) في ظاهرة غير مسبوقة في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، وما جرى في عهديهما من أحداث كبيرة، بل يذهب الفيلم إلى محاكمة الجد (بريسكوت بوش)، الذي جمع ثروته من إدارة شركات نازية التوجه، بعد صعود هتلر إلى السلطة.. ومن ثم تمت مصادرة ثرواته (أي الجد بوش)، في العام 1942، بتهمة التعاون مع (العدو)!..
حقائق، وشهادات، وتواريخ، ومعلومات.. تسعى للكشف عن (مشروع ديني) أطلقه (متطرفون) ليتمكنوا من فرض مشروع يختلط فيه السياسي بالاقتصادي بالعقائدي الديني.. كما يتداخل فيه السياسي بالشخصي.. قبل أن تأتي أحداث الحادي عشر من أيلول سبتمبر، ليس ككارثة، بل كهدية لهذا المشروع، وألئك المتطرفين، للانغماس في المزيد من رسم السياسات، وعقد التحالفات، والتحضير للممارسة القوة.. تلك التي برزت تجلياتها في الحرب الاستباقية ضد العراق، بذرائع واهية، وأعذار كاذبة، فضحت لا أخلاقية سياسة لمحافظين الجدد، وتيار المسيحية الصهيونية، وبينت حقيقة بوش التوراتي، وفق تعبير الفيلم..
ربما يؤخذ على الفيلم من ناحية أولى أنه يكاد يقع الحافر فيه على الحافر، بصدد ما ذهب إليه مايكل مور في صدد المصالح الاقتصادية، والعلاقات مع آل بن لادن، والأدوار والتواريخ الشخصية لكل من بوش الأب والابن، وديك تشيني، ورامسفيلد، وولفويتز، وباول.. وغيرهم، وتشابك مصالحهم الاقتصادية، وتوجهاتهم السياسية، مع من كانوا أصدقاء حتى الأمس، ومن ثم جعلوا منهم أعداء.. وعلاقاتهم المفضوحة مع الخراف التي تولّوا (هم بأنفسهم) مهمة تسمينها، خلال الثمانينيات، ليجعلوا منها ذئاباً تأكل من حولها (صدام حسين نموذجاً)!.. حتى كاد الفيلم يستخدم الوثائق البصرية ذاتها، ويكرر الأقوال نفسها!..
ولكن ما ينبغي الحديث عنه، أولاً، أن مخرج فيلم (العالم كما يراه بوش) وليم كاريل لم يهتم كثيراً بالبناء البصري، والنسيج الفني الإبداعي للفيلم، واكتفى في أوقات من الفيلم، بنظم الشهادات والآراء والتصريحات، بتتاليها الذي يقوم عليه خطاب الفيلم، فاقترب إلى حدّ كبير من صيغة (الريبورتاج) التلفزيوني، والتحقيق الصحفي، والمراجعات التاريخية لتواريخ شخصية وأحداث ووقائع وعلاقات..
كما أن الفيلم لم يهتم بسؤال: وماذا بعد؟.. أي أنه لم يحاول تلبية السؤال الذي يمكن لمشاهد أن يثيره قائلاً: حسناً هذا ماذا حصل.. ولكن ما الذي ينبغي أن يحصل؟..
هنا علينا أن نتوقف للقول: ربما هذا هو السؤال الذي كان ينبغي على نسق هذه الأفلام الإجابة عليه، أو محاولة ذلك، على الأقل.. وليس الاكتفاء بالتفسير والشرح والتحليل.. وأيضاً التحذير!.. أو التوجّه إلى الناخب الأمريكي، لاستبدال بوش بكيري.. صحيح أن مهمة الإبداع أن يقوم بالكشف والتعرية، ولكن أيضاً من مهمته الاستشراف والتنبؤ.. وعلينا جميعاً أن نسأل أنفسنا: ماذا كان سيتبقى من هذه الأفلام، لو سقط جورج بوش، وانهزم المحافظون الجدد؟.. وما الجديد الذي كان يمكن أن يأتي به جون كيري؟..
أسئلة ليست صعبة!.. لكن الأمنية التي تبقى:
ليتها بالأفلام.. تخلع أمريكا ثيابها الإمبراطورية!..



#بشار_إبراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إياد الداوود في ضيافة البندقية
- أسئلة السينما العراقية المعاصرة
- المخرج محمد ملص في جديده: (باب المقام).. أين المشكلة؟..
- عندما يصبح ال «انتظار» لعبة الفلسطينيين
- سينما الأصوات الصامتة في سوريا
- جديد مجلة «الوردة»: وماذا لو فاق أبو زهدي؟..
- تعاونية عمان للأفلام.. سينما الشباب في الأردن
- الفلسطيني يحضر بموته.. رحيل المخرج مازن غطاس
- عدنان مدانات.. بحثاً عن السينما
- هموم شباب لبنان في صورته السينمائية
- أسئلة شباب السينما المصرية المستقلة
- ثلاث سنوات على حاجز سوردا
- السينما المستقلة في سوريا
- مشاهد من الاحتلال في غزة1973
- ألمودوفار في سينما الرغبات
- فلسطينيات بعيون إسرائيلية
- عطش.. الذات الفلسطينية.. في المرآة السينمائية
- فيلم (ارتجال) لرائد أنضوني.. ميوزيكال دافق من فلسطين إلى فرن ...
- هل تصلح الناقدة السينمائية ما أفسده المدير التلفزيوني؟..
- في «القارورة» لديانا الجيرودي.. «بضع حكايات» عن المرأة والحر ...


المزيد.....




- شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال ...
- مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا ...
- إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح ...
- في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض ...
- لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
- 3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
- الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
- مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال ...
- كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
- واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بشار إبراهيم - العالم كما يراه بوش