أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - معتز حيسو - المناهضة في زمن العولمة















المزيد.....

المناهضة في زمن العولمة


معتز حيسو

الحوار المتمدن-العدد: 1688 - 2006 / 9 / 29 - 07:11
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    



تعتبر العولمة مرحلة موضوعية يمر فيها اقتصاد البلدان الرأسمالية في سياق صيرورتها التاريخية العولمية المتجلية في عولمة رأس المال وقانون القيمة بشكل أساسي والتكنولوجية الصناعية ،بينما تتراجع حرية تنقل القوى العاملة الحية لأسباب عدة ، وتتمظهر المرحلة الراهنة بأن ما حققته النظم الرأسمالية من تطور متفاوت كونياً مهدد بأزمات حادة لأسباب يمكن إيجازها بــــ : زيادة حدة الإحتكار ،زيادة حدة تمركز وتركز الرساميل ، تفاقم حدة التناقضات الإجتماعية الناجمة عن زيادة حدة التفاوت الطبقي لتتجاوز حدة الإستقطاب عتبة الـ : 82% ، وتقاربها معدلات الإستقطاب العربي مهددة ًبأزمة إجتماعية عامة مترافقة مع نهوض الحركات الأصولية والتي يعود جذور البعض منها إلى مرحلة الحرب الباردة بأشكال ومضامين متجددة ووفق أطرٍ وظيفية يحددها المناخ الجيو سياسي الدولي في سياق تطور علاقاته المتناقضة، وإن مجمل هذه الحركات لا تمتلك مشروعاً ديمقراطياً اجتماعياً بأبعاده السياسية والإقتصادية وتفتقد بنفس الوقت للشرعية الإجتماعية وغير قادرة على الانسجام مع المعطيات الدولية الراهنة .
تراجع معدلات التوظيف الصناعي مقابل تنامي الرأسمال المالي المضارب لانخفاض معدل الربح ،تنامي أزمة فيض الإنتاج ، هبوط معدل الإستهلاك الناتج عن سوء توزيع الدخل الوطني وانخفاض معدلات الاجور وزيادة نسب البطالة و الفقر مما يقود تلقائياً إلى الكساد ، تزايد وتيرة التدخل العسكري تعبيراً عن مصالح الشركات العابرة للقومية والمتعددة القومية والرساميل العابرة للحدود والجنسيات ( النفطية والعسكرية ...) ، انحسار دور الدولة في تأمين المناخ المناسب لسيادة قانون السوق ، التجاوز الفاضح للقوانين الدولية الموضوعة من قبل الدول الصناعية الكبرى المتوافقة مع سياساتها في المرحلة الليبرالية ،ومع دخول الإقتصاد العالمي مرحلته النيو ليبرالية تتزايد حدة التجاوزات من قبل الشركات المتحكمة بما يزيد عن 40% من الإقتصاد العالمي محولةً الصناعات الخفيفة والمتخلفة عن سياق التقدم التقني في إطار قانون القيمة المعولم والمنافسة الغير نزيهة إلى ركام من الخردة ،ومكرسةً حالات من الاغتراب بأبعاد ومستويات متفاوته ومختلفة في سياق تعميق هيمنة المشروع الرأسمالي المعولم المتناقض في مضمونه مع السمات الإنسانية والحضارية ،وتعمل في سياق تطورها التراكمي الموسع إلى تشيئ الإنسان وتسليعه ( تحويله إلى سلعة) محدثة قطيعة ثقافية وسياسية للإنسان مع هويته في محاولة للوصول إلى إنسان منزوع من هويته الثقافية ومجرد من الوعي و مسلوب الإرادة .
إن مجمل التعبيرات المذكورة سابقاً وغيرها تساهم في بروز تيارات إجتماعية مناهضة للانعكاسات السلبية للعولمة متميزةً بالسمة العالمية لأهدافها ومطالبها وتجانسها الإجتماعي مؤكدة بالممارسة السياسية بأن الكل محدداً لجّزء، وينعكس الحضور الواسع للفئات الوسطى المترافق مع ضعف تمثيل الفئات الشعبية على إيديولوجيا هذه الحركات التي ساهم في نشوئها وتوسعها إضافة إلى العوامل والأسباب الموضوعية العامة تصدع الحياة السياسية الحزبية وهذا يوضح بعض الإشكاليات التي تعني منها هذه الحركات إضافة إلى الأمراض الإجتماعية السائدة .
إن السمة المعولمة للرأسمالية الراهنة تفترض موضوعياً تشكل حركات ذات سمة معولمة ،بوقت تتميز فيه الحركات العربية عن باقي الحركات العالمية بأنها مازالت تغلف نفسها بأشكال مدنية بينما تتموضع ممارستها اليومية في إطار الحقل السياسي ولهذه الإشكالية أسبابها المتعددة ، إضافة إلى وراثتها بعضاً من الأمراض السياسية التي يبقى تجاوزها مرهون بقدرة المثقفين والسياسيين بمختلف تياراتهم السياسية ومرجعياتهم المعرفية ، بشكل مترابط مع تغير المناخ السياسي و الأوضاع المجتمعية الراهنة.
لقد بات واضحاً في سياق العولمة الكونية المتفاوتة التطور والمهددة بتزايد حدة تناقضات البنى الإجتماعية وزيادة تمزقها بأن الدور المحوري الذي كانت تتمتع به الدولة بات من الماضي .و إن دخول الإقتصاد العالمي مرحلته النيو ليبرالية حدد بشكل واضح دور الدوله الوظيفي في تأمين سيادة السوق وحرية الحركة لرأس المال وما زال الموقع الجيو سياسي يؤثر في دور الدولة الوظيفي فإما إن تكون معبرة عن الرأس المال المعولم في إطار حركة رأس المال المالي ، وحركة الشركات العابرة للقوميات والمتعددة القومية وإما أن تكون معبرة عن فئات كمبرادورية مرتبطة بنيوياً وعضوياً مع رأس المال العالمي المعولم في سياق حركته العامة ، إن التفكير الموضوعي في بناء الدولة الوطنية يجب أن يكون مبني على العوامل والظروف الموضوعية العامة والمتجلية بنمو الدولة الوطنية ضمن محيط إقليمي يقوم على سياسة التكتلات ( آسيان ، جنوب شرق آسيا، البرازيل ، تحالفات أمريكا اللاتينية ، الصين ،النافتا ....) ، وأن الأهداف العامة والإستراتيجيات التي تعمل بها الدول القطرية إن وجدت لم تعد تتناسب مع المرحلة الراهنة مما يفترض بداهة تجاوز الأشكال الشمولية في السيطرة السياسية والخطاب الوطني العام ليتأكد باستمرار إن إطلاق الحريات الإجتماعية المدنية والسياسية واحترام حقوق كافة الفئات الإجتماعية والمحافظة على المصالح الوطنية يساهم فعلياً في حماية الدولة وصيانة سيادتها بعيداً عن سيادة قانون الطوارئ وهيمنة الأجهزة الأمنية وهذا يشكل الخطوة الأولى في سلم التغيير .
إن تبني الخطاب السياسي الليبرالي من قبل بعد أطراف المعارضة لم يكن نتاجاً للتطور الطبيعي للمجتمع بل كان رداً على السلطة الشمولية ، فقد عانى المثقفون و يعانون من العزلة نتيجة انقسامهم على المواقف ذات الصلة بالمسألة الوطنية والديمقراطية مبتعدين عن المهمات التي تربطهم بقاعهم الإجتماعي ومتخليين عن القيم الليبرالية الإيجابية ، وهنا يجب التأكيد على ضرورة تبني المهمات المرحلية الراهنة بصرف النظر عن مواقف النظم السياسية أو الحكومات الغربية ، يضاف لذلك بأن تبني بعض الفئات المتنفذة في السلطة لسياسات ليبرالية إقتصادية جاء بعد مرحلة إتسمت بنهب المال العام مستفيدين من مواقعهم السياسية ومع تغير المناخ السياسي ووصول بعضهم لمراكز صنع القرار فأنهم يرسمون مستقبل البلاد السياسي والإقتصادي بما يتناسب مع مصالحهم المتناقضة مع المصالح الإجتماعية عموماً مما يؤدي بالضرورة لكوارث إجتماعية تتوضح ملامحها في اللحظة الراهنة ، ويجب التأكيد على ضرورة التمييز بين الممارسة الديمقراطية وبين تحقيق القيم الليبرالية الشكلية التي تنتج العبودية لرأس المال ،وقد أسفر تطور الليبرالية عن : ــ1ــ أن الديمقراطية تعني ضمان الحرية الفردية في المشاركة السياسية والتي ترتبط موضوعياً بتحقيق العدالة الإجتماعية والتي تكرست موضوعياً وواقعياً نتيجة نضال الطبقة العاملة .
2ـــ إن نظام السوق رغم القوانين الضابطة له فإنه يؤدي إلى تمركز الثروة والسلطة ... وتبدو المفارقة جلية بين الدول الغربية المدافعة عن سيادتها أمام تزايد دور الشركات العملاقة وانفلات السوق من كافة القوانين الضابطة لحركته وبين معظم الدول العربية المتسابقة لفتح أسواقها ومجتمعاتها أمام تدفق الرساميل واستثمارات الشركات الكبرى متجاهلين الآثار الإجتماعية السلبية الناتجة عن الانفتاح الإقتصادي غير المدروس ، وتهاويها الفاضح أمام التدخلات الخارجية المختلفة الأشكال . وبما أن واقع ومصير سلطة الدولة في المرحلة الراهنة يتميز بالترابط والتشابك فإن التأثيرات الخارجية السياسية والإقتصادية ، وحركة رأس المال تحديداً، باتت واضحة وبات من الوهم فصل الإستراتيجيات السياسية والمهمات المحلية عن المتغيرات الدولية ، بيد إن الدولة القطرية تتعرّض لخطرين 1ـ خارجي ويتمثل في الوصاية السياسية والاستغلال الإقتصادي وفرض الإصلاحات الهيكلية الضامنة لحرية قانون السوق الليبرالي والذي بدوره يزيد حدة الانقسامات الإجتماعية ويسرع في إنهيار سلطة الدولة وربط قراراتها بالخارج إضافة إلى توفر إمكانيات التدخل العسكري المباشر . ــ2ــ داخلياً : ويتجلى في الانقسامات الطائفية ،الإثنية والعشائرية والجهوية ... ذلك نتيجة غياب المناخ السياسي الملائم لممارسة سياسية إيجابية وموضوعية نتيجة السيطرة الشمولية من جهة وغياب دور مؤسسات الدولة عن التأثير الموضوعي والعلمي لتنمية آليات التفكير، وهذا يفترض بالضرورة من حركات مناهضة العولمة والتجمعات الأهلية والمدنية والسياسية العمل على أولوية المهمات المحلية المختلفة في مستوياتها وأشكالها ، طالما أن المتغيرات مترابطة وتابعة في سيرورة تطورها إلى المحدد العام الخارجي ، ليكون العمل على المهام المحلية المدخل الفعلي للتغير العام وهذا ما يميز الحركات والتيارات في مختلف البلدان وإن اجتماعها في الملتقيات الدولية يمثل خطوة مهمة في تبادل الآراء والخبرات للاستفادة من كافة تجارب الحركات والتيارات المدنية والأهلية المستقلة بسماتها الخاصة والعامة المشتركة و التي يفترضها المناخ العام . إذاً : طالما النظام الدولي يشكل حلقات مترابطة ومتشابكة في تأثيرها وصيرورتها العامة فأن هذا يفترض منطقياً بأن النظام العربي يشكل أحد حلقات هذا النظام ويخضع في آليات تطوره وصيرورته إلى الميول العامة في سياق من التبعية والارتهان لواقع وآليات التطور العام وبالتالي فإن الواقع الجيو سياسي والإقتصادي له الدور الأول في تحديد آليات الممارسة السياسية ، وإن الفصل بعض هذه الحلقات عن سياق تطورها العام المترابط و المتشابك سوف يحدث اضطراب وعدم توازن على المستوى العام ، ومن هنا تأتي أهمية التنسيق بين الحركات الإجتماعية المستقلة لإحداث هذا القطع و تبني المهمات المحلية بأشكالها الموضوعية والابتعاد عن الأشكال السياسية المتناقضة مع مضامينها الحقيقية ويندرج هذا بطبيعة الحال بكونه يمثل أحد انعكاسات السيطرة السياسية الشمولية.



#معتز_حيسو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحديدات أولية في العولمة ونمط الإنتاج المتمحور حول الذات
- قراءة في الخارطة الجيوسياسيةواحتمالات المرحلة المقبلة
- جدل اللحظة الراهنة
- الوهم الديمقراطي
- ضرورة التلازم بين المستويين الديمقراطي والتنموي في ضبط التنا ...
- الرأسمالية الراهنة
- بحث في الدولة _ السلطة - المجتمع


المزيد.....




- -صدق-.. تداول فيديو تنبؤات ميشال حايك عن إيران وإسرائيل
- تحذيرات في الأردن من موجة غبار قادمة من مصر
- الدنمارك تكرم كاتبتها الشهيرة بنصب برونزي في يوم ميلادها
- عام على الحرب في السودان.. -20 ألف سوداني ينزحون من بيوتهم ك ...
- خشية حدوث تسونامي.. السلطات الإندونيسية تجلي آلاف السكان وتغ ...
- متحدث باسم الخارجية الأمريكية يتهرب من الرد على سؤال حول -أك ...
- تركيا توجه تحذيرا إلى رعاياها في لبنان
- الشرق الأوسط وبرميل البارود (3).. القواعد الأمريكية
- إيلون ماسك يعلق على الهجوم على مؤسس -تليغرام- في سان فرانسيس ...
- بوتين يوبخ مسؤولا وصف الرافضين للإجلاء من مناطق الفيضانات بـ ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - معتز حيسو - المناهضة في زمن العولمة