أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عمار ديوب - مشكلات وأدوار المنظمات الأهلية















المزيد.....


مشكلات وأدوار المنظمات الأهلية


عمار ديوب

الحوار المتمدن-العدد: 1687 - 2006 / 9 / 28 - 10:17
المحور: المجتمع المدني
    


تتنوع الآراء وتختلف حول النشأة التاريخية للمنظمات الأهلية أو حول مضمونها وطبيعتها وارتباطاتها أو حول ضرورة توسيع نشاطاتها وصولاً إلى تصنيفها أحياناً القطاع الثالث بعد قطاع الدولة والقطاع الخاص.
طبعاً يضعها البعض في السياق الطبيعي لتطور المجتمع البشري واختراعه للأشكال الأكثر شفافية في إدارة شؤون المجتمع وحل مشكلاته ويراها أخر من نتائج العولمة الراهنة وبدعم وتمويل دولي وتعبير عن رؤية ليبرالية للأشكال المدنية للارتباطات المجتمعية في المجتمع المدني الدولي وثالث يردها إلى فشل مشروع الدولة الوطنية أو غير الوطنية وعدم قدرتها على القيام بمهماتها متجاوزين أثر القوانين الاقتصادية الرأسمالية التي أصبحت مهمتها الرئيسية تدمير بلدان الأطراف وزيادة عدد الفقراء وكذلك مشكلات الصحة والبيئة والمياه الملوثة والجنس وغيرها وتقديم الحلول عبر برامج الليبرالية الجديدة وعن طريق المنظمات الأهلية والمدنية المرتبطة بالدول الإمبريالية أو بالمجتمع المدني العالمي.وهو ما يؤدي لتدمير الدول والمجتمعات معاً عبر إحكام قانون السيطرة والتبعة البنيوية على العالم..
هذه الآراء فيها من الصحة إن أخذت ككل متكامل وفيها من الخطأ والصحة إن أخذت مجزأة، فالخطأ يأتي من تجاهل الآراء الأخرى والاعتماد على رأي واحد للتفسير؛ والصحة تأتي أيضاً من استناد الحجة إلى سبب واحد رغم تجاهل الآراء الأخرى..
فما هي هذه الظاهرة وما هي أدوارها وقبل التعرف عليها لا بد من تحديد عام لطبيعة المجتمع الذي ينتج هذه الظاهرة " إذ أن دراسة هذا الواقع الحي ،بمكوناته الاجتماعية والاقتصادية تشير بوضوح إلى أن العلاقات الإنتاجية والاجتماعية السائدة اليوم في بلداننا العربية هي نتاج لأنماط اقتصادية / اجتماعية من رواسب قبلية وعشائرية وشبه إقطاعية وشبه رأسمالية تدخلت عضوياً وتشابكت بصورة غير طبيعية ،وأنتجت هذه الحالة المشوهة "1".
أي أن هذا المجتمع وفق قانون التبعية البنيوية المشار إليه لا يمكنه أن ينتج ظاهرات حديثة ومدنية وتنطلق من مفهوم المواطنة التي تفترض مجموعة من الواجبات والحقوق للأفراد وعليهم وإنما ينتج ظاهرات وإن ادعت بالحداثة والمدنية مرتبطة بالبنى العشائرية أو القبلية أو المناطقية حيث تستوعب الظاهرات الحديثة في طياتها وتكسبها صفاتها ومشكلاتها..
وبالتالي المجتمع غير الحديث والذي لم يتجاوز الثورة الصناعية والثورات الفكرية المرتبطة بها والذي ليس به نظاماً ديمقراطياً ينتج ظاهرات تمتزج بالديني والمناطقي والمحلي والإقليمي مما ينعكس سلباً على أدوار المنظمات الأهلية وتكوينها وأهدافها وأهمية فعاليتها المستقبلية ..
هذه المنظمات الأهلية أو المدنية المستقلة تحدد لنفسها مهمة محددة أو قطاع محدد وتعمل في ذلك المجال أو الإطار (الصحة ، التعليم ،المرأة ،البيئة ،حقوق الإنسان ،لجان إحياء المجتمع المدني ، إنقاذ المصابين الخ) وبالتالي فهي ترتهن لتمثيلات الواقع ولا تتجاوز واقعيته الفجة ولا تطرح على نفسها مشكلات مجتمعية عامة( اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية من أجل الطبقات الشعبية) وإنما تعمل على حل المشكلة جزئياً ، وبشكل محدود ، وهي كذلك تهتم بقضايا سياسية عامة وتستهدف حلها(كالديمقراطية) ، و بالتالي بدلاً من تكريس مجتمع مدني وحديث تعمل على تكريس مجتمع أهلي عشائري ومناطقي وقديم ..
والمشكلة تتعمق وبعيداً عن نظرية المؤامرات والاتهامات العشوائية والساذجة عندما تؤكد الدراسات الرصينة أن هدف هذه المنظمات بشكل مقصود أو غير مقصود هو الانسجام مع العولمة وشروطها الدولية وتذريرها المجتمعات الطرفية إلى كيانات صغيرة لا حول لها ولا قوة. فيسهل السيطرة عليها والتحكم بها والإحلال مكان المنظمات الاجتماعية الكبيرة كالنقابات أو الاتحادات الواسعة أو الأحزاب السياسية أو غيرها. أو كما يقول سلام إبراهيم كبة "يبدو أن الاحتكار الرأسمالي المعاصر يتحرك في فضاء المجتمع المدني ويوظف المنظمات غير الحكومية في صراعه ضد الحركات الاجتماعية المناهضة"2"..
وبالتالي في الوقت الذي تخدم به هذه المنظمات بعض القطاعات والأشخاص والمجموعات تعمل على فصل هذه القطاعات عن كلية المجتمع وتشويه علاقاته الاجتماعية وربط قطاعاته المنفصلة بشبكة عالمية من المنظمات غير حكومية والحكومية أيضاً والمحكومة جميعها لتوجهات العولمة والخصخصة والمشروع النيوليرالي وكذلك لنويات المجتمع المدني العالمي..
وهذا ما يجعلنا نعرف المنظمات الأهلية بأنها شبكة من المنظمات التطوعية متنوعة الاختصاصات يمكن اعتبارها خارج قطاع الدولة وكذلك القطاع الخاص وتعمل على تلبية حاجات محددة بعينها وتكمل وظيفة القطاع الخاص في طبيعتها ومهامها مما يقربها من القطاع الخاص ويبعدها عن دور الدولة وهو ما يهمش فكرة استقلاليتها كقطاع ثالث..
أما لماذا تتوسع هذه المنظمات وتتعدد أشكالها ، فإن توسعها مرتبط بفشل الدولة الوطنية وحركات التحرر الوطني والقومي والأحزاب الاشتراكية التي اعتمدت على الطبقات المتوسطة في مشروعها وبسبب أنظمة القهر والقمع والديكتاتورية والشمولية التي أفقدت المجتمع كل قدرة على محاسبتها أو تطوير المجتمع، ومع قانونية نهبها وفسادها وإغراقها للمجتمع بالفقر والحرمان والاعتقال غير المبرر وغياب الحريات العامة وسجن السياسيين لعقود وتزايد البطالة وانتشار الأصولية والتخلف والمحدودية. أضطر المجتمع لحماية ذاته؛ فأعاد إنتاج البنى القديمة كالعشائرية أو القبلية أو المناطقية. ولم تتأخر الدولة الطرفية عن تثمير هذا البنى وتثبيتها فأحكمت وأطبقت على المجتمع وهو ما فعله بالضبط الاحتلال الأمريكي في العراق وذلك عبر اعتماده على هذه البنى والتنظيمات السياسية للإسلام السياسي والبنى القبلية الكردية ( حركة جلال طالباني ومسعود برزاني) التي تستدعيها الرأسمالية المركزية والطرفية بأن واحد لديمومة سيطرتها وتأبيدها وبالتالي فإن المنظمات الأهلية المتكاثرة تلبس لبوس المجتمع وتقوم بأدوار تتناسب معه وكلما أمعنت الدولة والقطاع الخاص التجاري في قمع المواطنين ونهب الثروات وإفقار الناس كلما اتسعت دائرة عمل المنظمات الأهلية وتعددت مجالاتها كمساعدة السكان أو الفقراء أو تأمين تعليم الطلاب أو المساعدات عينية وبعض الخدمات الصحية أو الثقافية المحدودة ومنظمات تمكين المرأة وغيرها وقد تستعين بها الأحزاب السياسية الليبرالية والدينية من اجل توسيع قاعدتها الاجتماعية لكن وبسبب تخلف برامج هذه الأحزاب عن طرح برامج توازي مشكلات الدولة الطرفية ومحدودية مهمات المنظمات فإنها تدور في فلك إعادة إنتاج ذات البنى الاجتماعية المتخلفة وتكرس ما فشلت به الدولة الوطنية وهذا لا يقلل من أهمية ودور المنظمات الأهلية في تلبية بعض حاجات بعض المواطنين لفترات محدودة..
تأخذ هذه المنظمات في سوريا أشكال متعددة منها القديم ومنها الجديد وفقاً لنوع النشاط والأهداف وزمن نشوؤها وهي:
أولاً: مجموعات الجمعيات الخيرية ويبلغ عددها 240 جمعية، تضم جمعيات المساعدة الخيرية والجمعيات التعليمية الخيرية.
ثانياً: مجموعة الجمعيات الثقافية ويبلغ عددها 127 جمعية، تضم الجمعيات الفنية والأدبية والجمعيات العلمية.
ثالثاً: مجموعات الجمعيات والروابط والاتحادات الاجتماعية والنوادي ويبلغ عددها 203 جمعية وتضم: جمعيات كفالة الأيتام، جمعيات حضانة أطفال الموظفات، جمعيات رعاية المسنين، جمعيات رعاية المعوقين جسدياً والمكفوفين والمتخلفين عقلياً والصم والبكم والنوادي الريفية ورعاية الأطفال.
رابعاً: مجموعة الجمعيات الصحية ويبلغ عددها 26 جمعية.
خامساً: مجموعة الجمعيات التعاونية التي تشرف عليها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ويبلغ عددها 29 جمعية"3"..
إن هذه الجمعيات تؤدي خدمات محددة بدقة وهي تَقوى ويتوطد نشاطها كلما تراجع دور الدولة عن أداء وظائفها وتقدم القطاع الخاص ،مما يجعلنا نفترض أن القطاع الخاص يخلق بنيته الاجتماعية معه ، حيث تظهر بعض المنظمات التي تقدم بعض الخدمات ولكنها وبالوقت ذاته تفسد العقول والتفكير والتكتلات الاجتماعية عن أن تكون تكتلات مستقلة وفاعلة ومدنية وتعتمد على الطرح الديمقراطي الوطني المستقل لمشكلات العمال أو الطلاب أو البشر بشكلٍ جماعي...
يتساءل البعض هل هذه الجمعيات منظمات أهلية أم هي أهلية اجتماعية أم هي هيئات مدنية مستقلة . الحقيقة أن قوة هذه الجمعيات أتت في سياق تحول العالم من قطبين إلى قطب واحد وفي إطار فشل الدولة القطرية وتعملق الدولة الإمبريالية وبروز سطوة الشركات متعدية الجنسيات وباعتبار كل شيء يخلق نقيضه معه فإن هذه المنظمات تتباين في أهدافها ورؤيتها ودورها وارتباطاتها . فمنها ما هو مؤيد بقوة لليبرالية ومنها ما هو ضدها وهذا لا ينفي التداخل والتباين في الحركة ذاتها أو المنظمة ذاتها كالتباين الموجود في لجان المجتمع المدني التي تعرف نفسها بأنه منظمة أهلية مدنية حيث بعض أعضائها مؤيدين للتيار الليبرالي العالمي وبعضهم متناقض مع هذا التيار الليبرالي العالمي..
أما المنظمات غير الحكومية المتوافقة مع العولمة فمنها حركة حقوق الإنسان (في سورية 11 حركة ) والحركات النسوية (قرابة 12حركة)وحركة المجتمع المدني (تتكاثر لدرجة أن كل شخصية منها حركة بمفرده؟! ) هي في طبيعة عملها وآلياتها وتوجهاتها الفكرية تخدم جزءاً صغيراً من الأفراد أو قطاعاً محدداً بعينه وتهتم بالشأن الثقافي أو الحقوقي إلا أنها في بعدها الأساسي حركات سياسية(خاصةً منظمات حقوق الإنسان ولجان المجتمع المدني)"4"فقد جاء في مجلة المواطن ،العدد اليتيم لحركة إحياء المجتمع المدني أنها" وتتطلع اللجان إلى / وتعمل على توسيع دائرة الحوار بين مختلف الاتجاهات الفكرية والسياسية ...مما يمهد السبيل لعملية الإصلاح والتحديث والتطوير" "5". وهو ما يؤكد رغم نفيها أنها حركات سياسية كذلك كما أشرت تستهدف على طريقة تشك سلوفاكيا تغيير النظام السياسي واستبداله بنظام ديمقراطي ؟!
ولأنها بقيت حركة أفراد رغم مرور السنوات وضعف الفاعلية والاختلاف بين أعضائها فنستطيع القول أنها حركة إيديولوجية ونخبوية بامتياز ومقطوعة الصلة بالمجتمع ولكنها رغم ذلك تساعد على توضيح بعض المشكلات وتساعد على حلها إلا أنها لا تطرحها في إطار مشروع مجتمعي " سيكون دور هذه المنظمات التطوعية هو كشف المشكلات (كل على حدة) والاعتراض عليها ، وربما التوعية فيه فقط "6" ولذلك عرفت هذه الحركة نفسها وفق بعض مؤسسيها بأنها المعبر الأيديولوجي عن الطبقة البرجوازية وبغياب الأخيرة تصبح حركة بدون طبقة وبالتالي تصبح حركة اديولوجية بلا عمق اجتماعي ، أي يصح عليها توصيف الحركة الأهلية المدنية وليس الهيئة المدنية المستقلة وذلك لمحدودية أفرادها وبالرغم من تبنيها قيم المواطنة والديمقراطية وحقوق الإنسان...
وهناك حركات تعمل ضد العولمة بشكل واضح وتحاول نسج الصلات الاجتماعية وهي جزئياً تعبر عن فئات واسعة وتتشارك هي ومنظمات أخرى بهذه الرؤى والنشاطات والصلات كالحركات المناهضة للعولمة والحركات العمالية والأحزاب السياسية الاشتراكية وكذلك الحركات الدينية ..
فالحركة العمالية في سوريا "6" حركة متعددة التوجهات والخيارات ، مستوعبة في النقابة السياسية البيروقراطية ،مقيدة النشاطات ،هامشية الفعل ، إلا أن تجمعاتها البشرية بدأت بالإعلان عن نفسها والتصدي لمشروع السلطة بالخصخصة والتهميش وبيع القطاع العام والتأخير عن دفع الرواتب أو الصرف من الخدمة والتسريح كما هو حال إضرابات ومظاهرات عمال شركة الإسكان والتعمير عام 2006 أو شركة الإسكان العسكري في اللاذقية أو الكرنك أو غيرها مما يعزز التوحد بين العمال ويحولها إلى حركة اجتماعية مدنية عامة وليست حركة نقابية سياسية وإن كانت لا تزال في الطور البدائي للاستقلال..
أما الحركة الدينية فإنها تتموضع في المراكز الدينية والجوامع والكنائس ومعاهد الأسد لتعليم القرآن والأخويات والمدارس الشرعية ودور النشر والمنظمات النسائية الدينية (كالقبيسيات) وهناك المستشفيات والمستوصفات والمدارس والصيدليات والجمعيات الخيرية ذات الطابع الديني ..
هذه الجمعيات تعبر عن الحركة الدينية وباعتبارها ذات بعد ديني فهي ضد البعد المدني للاجتماع البشري مما يخفضها إلى جمعيات أهلية دينية وليس حركات أهلية اجتماعية أو اجتماعية مدنية وهذا لا يقلل من أهمية دورها الخدمي ولا يتناقض مع تقديمها بعض الخدمات لأفراد محدودين من بعض الفئات الدينية الأخرى إلا أنها حركة تستهدف الماضي لا المستقبل وتكرس الحاضر لا تتناقض معه ومن هنا خطأ تصويرها بأنها حركة مدنية أو بلا هدف..
أما حركة مناهضة العولمة في سوريا"7" فهي تهدف للارتقاء بالوعي المدني الحديث وبنشر ثقافة مناهضة العولمة والخصخصة والموت والحروب والدمار والقتل فقد جاء في كتاب البديل " إن العولمة التي نناهض هي الهجوم المتوحش لليبرالية الجديدة ..والخطاب اللبرالي الجديد ..والعنصري لمنظري العولمة..وسياسة الإنفاق العسكري والتسلح المجنون للإدارة الأمريكية..واللامساواة الاقتصادية والاجتماعية ..وتحويل الحرب إلى شيء عادي من قبل الإدارة الأمريكية الخ" "8"وهي تعبر عن نفسها بأنها جزء من حركة عالمية وبمعنى أخر هي حركة اجتماعية مدنية حديثة ذات بعد عالمي لها مشاركات ميدانية في العمل المناهض للحرب على فلسطين والعراق ومن أجل الحريات السياسية والديمقراطية وتعمل مع منظمات مدنية أخرى على خلق تيار ديمقراطي وطني يتصدى ويقاوم الامبريالية والليبرالية والارتقاء بوضع الطبقات الفقيرة وتحسين وضعها المعيشي
وهي تفترض أن تجذير عملها كما تجذير حركة المجتمع المدني والديمقراطي يتم من خلال مناهضة اللبرالية والخصخصة والاستبداد والانتقال إلى النظام الديمقراطي وذلك عبر الطبقات الشعبية وبما يتناسب مع مصلحتها..
فهي إذن حركة اجتماعية مدنية تستهدف قضايا ديمقراطية ووطنية وقومية وترفض التمويل الخارجي وتضع نفسها في إطار القوى الاحتجاجية والثقافية والنقدية وتسعى لعولمة جديدة أساسها المساواة الفعلية بين الشعوب والانتقال لعالم آمن وديمقراطي يسوده العدل والرفاهية..
هناك حركات اجتماعية تابعة للدولة وهي متعددة كالاتحاد النسائي أو اتحادات الفلاحين أو النقابات العمالية أو النوادي الثقافية والرياضية وغيرها ،جميعها تعتبر من مؤسسات الدولة أو إحدى أدواتها الهيمنية وهي نادرة النقد أو الاختلاف أو الافتراق عن السلطة إلا أن التجمعات البشرية المنضوية بها بدأت تظهر بعض الافتراق كما أشرنا جزئياً للتحركات العمالية المطلبية التي ليست هي حركة نقابات سياسية ولكنها بالتأكيد ضمن حركة النشاط المجتمعي الديمقراطي الهادف لتغيير الأوضاع القائمة..
الحركات السابقة تعاني بالعموم من أمراض اجتماعية متعددة كفكرة الزعيم المؤسس للحركة والشللية والأسرية والطابع الديني ومشاكل التمويل والنزوعات الشخصية والانتهازيين ،التبعية للحزب السياسي، وتحجيمها لنفسها في إطار محدد وانفصال عملها عن المجتمع وكل هذا يهمش فعاليتها ودورها ويقلل من أهمية اعتبارها قطاع ثالث ،إلا إذا اعتبرناها هي والقطاع الحكومي والقطاع الخاص حركات لا تستهدف تطوير المجتمع أو حل مشكلاته العيانية؟!..
رغم نقدنا لهذه الحركات إلا أنها تؤمن لأعضائها ملاذاً أمناً ، وهمياً أو حقيقياً ، حيث يشعر الفرد بانتمائه لجماعة ما. تخاف عليه وتحميه وتساعده في تأمين متطلباته ، بعكس الفرد غير المنتمي لهذه الحركات أو أية حركات. وللدقة نقول إن الأفراد عبر وجودهم الاجتماعي يبحثون دائماً عن هذه الحركات وأشباهها للشعور بالانتماء والتخلص من الوحدة والضعف والخوف والعزلة ،ومخاطر هذا النوع من الانتماء الما قبل الحديث والمدني أنها تكرس تجزئة المجتمع وتفتيته. ولهذا نرى أهمية هذه الحركات تأتي من نشاطاتها المدنية والوطنية بالتحديد وليس من دينيتها أو أهليتها أو نخبويتها .
هذه المنظمات المحدودة النشاطات تدفعنا للتأكيد على دور القوى العلمانية واليسارية والقومية بعد ضرورة نقدها لأخطائها في القيام بمهمات كبيرة في تحديث بنى المجتمع وعلاقاته عبر طرح مشاريع عامة أو جزئية تكمل العامة بما يعزز الوحدة الديمقراطية القومية الوطنية على أساس مفهوم المواطنة والدستور المدني وفصل السلطات والارتقاء بالفرد من هامشيته الذاتية في إطار المنظمات الأهلية إلى مركزية ذاته في إطار المنظمات الاجتماعية الوطنية والأحزاب السياسية والتركيز على عدة مهام تنطلق من واقع حاجيات البشر الأولية باتجاه التخلص من الدوران في لجة التخلف والطائفية والمناطقية والقبلية والإثنية نحو مجتمع منفتح ومدني وحديث وديمقراطي بالضرورة ..
التركيز على مهمات القوى الديمقراطية يتأتى من عمق التأزم المأزقي للمجتمعات العربية الذي يطال كل بناها..
ولهذا يتطلب التقدم التاريخي هذه القوى وإنجاز ثورة صناعية وديمقراطية تشاركية ومواجهة فعلية ضد الليبرالية ومشاريع الامبرياليات العولمية مما يعنى أن المنظمات التطوعية مع القطاع الخاص التجاري والخدمي وكذلك الدولة البيروقراطية المستبدة غير قادرة على إعادة استمرارية التنمية أو انجاز التنمية المستدامة وبالتالي إن مشكلات البنية الاجتماعية والسلطة وعدم توزيع الدخل بشكل متساوٍ وتجارية القطاع الخاص وتبعية جزء من المنظمات التطوعية للخارج كلها عوامل وفق صيرورتها الحالية تكرس التأزم المأزقي المشار إليه..
ونختتم بالقول أن هذه المنظمات والقطاع الخاص وكذلك قطاع الدولة يمكن أن تكون ذات فاعلية في إطار مشروع وطني ديمقراطي يعيد تحديد الأولويات لصالح الداخل دون فك الارتباط مع الخارج مع فك سيطرة أولويات الخارج على الداخل وبما يحقق مجتمع متقدم وصناعي وحديث ومدني ..
1- غازي الصوراني:تطور المجتمع المدني وأزمة المجتمع العربي، مركز دراسات الغد العربي ،الطبعة الأولى 2004 ص 67..
2- سلام إبراهيم كبة : مقالة آليات العقلنة واللاعقلنة في المنظمات غير الحكومية..
3- حقوق الإنسان والديمقراطية في سورية: كريم أبو حلاوة ، مقالة التحولات المجتمعية ودور المنظمات الأهلية الطبعة الأولى 2001…
4- مقالة جورج كتن :لجان إحياء المجتمع المدني..هيئة أهلية أم حزب ..
5- مجلة المواطن- تصدر عن لجان المجتمع المدني- الافتتاحية
6 - مقالة سلامة كيله : مشكلات مفهوم المجتمع المدني/ دعوة للتدقيق ..
7- دراسة الحركات الاجتماعية في سوريا : موقع سمير أمين..
8- مقالة عزة خليل : المجموعات المناهضة للعولمة في العالم العربي..
9- كتاب البديل – من وثائق ناشطو مناهضة العولمة في سوريا- دراسة الوثيقة الأساسية..



#عمار_ديوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سقوط التسوية في زمن المقاومة والديمقراطية
- علاقة الهيمنة الأمريكية بأزمة المعارضة العربية
- استبدادية الأنظمة وديمقراطية الشعوب
- الحرب الأمريكية على لبنان
- علاقة الحرب بالطائفية
- المقاومة الوطنية مقابل الاحتلال الإسرائيلي
- مشكلة التداخل بين الأحزاب السياسية ومنظمات حقوق الإنسان في س ...
- العلمانية جزء من مشروع ديمقراطي علماني قومي
- بوش قاطع طريق
- أية خطوة تاريخية كبرى
- الانفلات الأمني وضرورة الديمقراطية التشاركية
- الوطنية السورية في زمن العولمة الأمريكية
- مهمات الماركسيين السوريين في اللحظة الراهنة
- مفهوم الإنسان عند ماركس
- مناهضة العولمة حركات اجتماعية أم أحزاب سياسية
- التيار العلماني في سوريا
- سوريا بين اتجاهين
- قراءة في كتاب تجديد العقل النهضوي
- التيار الوطني الديمقراطي الاجتماعي
- الديموقراطية لا الليبرالية ،الجدل لا الوضعية


المزيد.....




- واشنطن تريد -رؤية تقدم ملموس- في -الأونروا- قبل استئناف تموي ...
- مبعوث أمريكي: خطر المجاعة شديد جدا في غزة خصوصا في الشمال
- بوريل يرحب بتقرير خبراء الأمم المتحدة حول الاتهامات الإسرائي ...
- صحيفة: سلطات فنلندا تؤجل إعداد مشروع القانون حول ترحيل المها ...
- إعادة اعتقال أحد أكثر المجرمين المطلوبين في الإكوادور
- اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي للاشتباه في تقاضيه رشوة
- مفوض الأونروا يتحدث للجزيرة عن تقرير لجنة التحقيق وأسباب است ...
- الأردن يحذر من تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين على أراضي ...
- إعدام مُعلمة وابنها الطبيب.. تفاصيل حكاية كتبت برصاص إسرائيل ...
- الأونروا: ما الذي سيتغير بعد تقرير الأمم المتحدة؟


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عمار ديوب - مشكلات وأدوار المنظمات الأهلية