أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ساطع راجي - العامل الأمريكي















المزيد.....

العامل الأمريكي


ساطع راجي

الحوار المتمدن-العدد: 1685 - 2006 / 9 / 26 - 09:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



حين تتكرر عبارة(ستراتيجية الخروج) في مراكز البحث والقرار الأمريكي اكثر من مرة، وحين تتناثر أخبار خطط ومقترحات خطيرة تدور في أروقة السياسة الأمريكية لمعالجة الأوضاع في العراق يكون من اللازم التساؤل عن ستراتيجية الدخول التي اعتمدتها الولايات المتحدة حتى ولو كان هذا السؤال متأخرا بفعل القناعة بشراكة عراقية-أمريكية أسست لعملية التغيير كانت، افتراضا منطقيا، قد هيئت لنفسها(الشراكة) برنامجا او رؤية ما لأدارة الأمور خاصة مع ما يعرف عن ولع الأمريكان بالسيناريو، والسيناريو الأفتراضي، الذي نسخوا به مصطلح الخطة أ والخطة ب، واذا كانت بعض الوجوه العراقية المقربة من الأدارة الامريكية قد ازاحتها تداعيات الاحداث والتطورات عن مناطق القرار فأن هذا لايبرر ان تنزلق بعض القوى السياسية الامريكية الى اقتراح تقسيم العراق، واذا كان لامفر من حدوث هذا التقسيم فلا مبرر لحدوثه بقرار امريكي يدفع الدم في عقلية المؤامرة ويمنحها طاقة هائلة للهيمنة من جديد على مناخ الشرق الأوسط معززة بالدليل القاطع، واي تقسيم للعراق سيكون في النهاية أقرار رسمي بفشل الولايات المتحدة والى الابد في الشرق الاوسط.
اشاعة خبر عن مقترح بتقسيم العراق حتى مع الرفض الرئاسي له يمنحنا دليلا على عدم وجود ستراتيجية امريكية واضحة في العراق، بل ان موضوع العراق تحول الى شأن مؤقت يحدث ازمات واختناقات عابرة يتم تلافيها بطرق غريبة وكأنه خلاف حول الموازنة العامة الأمريكية او كأنه جزء من الجدل حول شرعية الأجهاض. هل يعود كل ذلك حقا الى الجهل الامريكي بالسياسة الاستعمارية؟، ام ان هناك احتقانا خفيا يتعلق بالمصالح الامريكية في المنطقة او ان التشوش الأمريكي يعود الى مهاترات داخلية صرفة تعبر عن صدام بين اتجاهات ستراتيجية متناقضة داخل العقل السياسي الامريكي العام؟!.
رغم تعدد هذه الأسئلة الا انها في النهاية تلتقي عند دور العامل الامريكي فيما يحدث راهنا في العراق ومقدار وضوح هذا الدور ومدى كفاءة العامل الامريكي في الاداء، فمن الواضح ان الولايات المتحدة لم تأت لأستبدال نظام صدام بنظام يحكمه رجال الدين او طروحاتهم السياسية وخاصة اذا ما كان ذا علاقة طيبة بأيران حتى لو قبلت الجماعات السياسية الدينية بالنهج الديمقراطي وامتنعت عن الدعوة لدولة دينية وحاولت اثبات استقلاليتها عن طهران، وبالمثل فأن الولايات المتحدة لن ترضى بسيطرة جماعات دينية سنية على مقاليد الحكم في العراق ولو جزئيا رغم ان الولايات المتحدة لاتبدي ممانعة ظاهرية لذلك، ربما لكي لاتتهم بالأنحياز او لتحدث بعض التوازن واحيانا لتقلل من خسائرها العسكرية. اذا لماذا استعجلت الولايات المتحدة في تنفيذ الأجراءات الديمقراطية في الوقت الذي لديها ممانعة تجاه قوى تحظى بشعبية وقوة ؟ وفي وقت محرج مفتوح على كل الاحتمالات وبالمثل فأنها اضعفت تأثير القوى الليبرالية عندما منحتها صورة التابع الضعيف، في حين ان صورة (حليف امريكا) بحد ذاتها كانت كافية لأضعاف اي تنظيم او شخصية سياسية، فهل كان هذا التلازم بين استمرار التدافع الاجرائي نحو الديمقراطية من حهة واضعاف الليبراليين مقصودا، لنجد العراق في جدل محتقن بين امريكا واعدائها المتنوعين، أعداؤها الذين ساهمت بوصولهم الى السلطة ثم أخذت تعمل على إضعافهم ؟!.
حتى مشكلة المليشيات التي نراها اليوم فيصلا في العلاقات بين الحكومة العراقية والادارة الامريكية، كانت قد ترعرعت بين يدي القوات الامريكية حين فتحت معسكرات الجيش السابق وتركتها للناهبين، كانت عيون الامريكان تراقب تلك الاسلحة وهي تذهب الى هذا الطرف او ذاك، تراقبها وهي تتكدس في مكاتب (الجيوش ) الخاصة البديلة عن الجيش الذي حلته الادارة الامريكية في العراق، الذي حتى وان كان قرارها صائبا في حله فأنها اخطأت حين سمحت بتبديد سلاحه.لقد كانت الولايات المتحدة تراقب المليشيات وهي تنمو مثلما تراقب الجماعات الاصولية المتطرفة وهي تتسلح وتستقوي بأتباع اجانب قبل ان يتدرب العراقيون على الانفجار انتحارا او الانتحار انفجارا، والغريب ان القيادات السياسية والعسكرية الامريكية وحتى البريطانية كانت تتنبأ طوال الوقت بحدوث الأسوأ، دون ان تفعل شيئا، والغريب انها صدقت في اغلب نبوءاتها، فقد كنا نسمع من القادة العسكريين الامريكان من يتوقع زيادة حدة العنف ويحدث ما توقعه وكأنه لم يفعل بتلك المعلومات اي شيء، والأغرب، امنيا، ان القوات الامريكية وطوال ثلاث سنوات كانت تعلن عن عملياتها قبل اسابيع وتحدد الاماكن التي ستستهدفها وكأنها تتيح المجال للمطلوبين للهرب، وقد نقلت هذه الآفة الأعلامية الى القوات العراقية، بل ان القوات الامريكية طالما اطلقت عناصر معروفة بأجرامها تحت ذرائع متعددة وربما وجهت اللوم الى الذين اعتقلوهم. وحتى حادثة المعتقلات السرية في وزارة الداخلية ايام حكومة الجعفري، طرحت بقسوة تفوق ماحدث في فضيحة ابي غريب، ما فتح المجال امام حملة عداء واسعة لأجهزة الدولة.
وسياسيا، اثرت الحكومة الامريكية سلبيا على مفهوم الديمقراطية في العراق، فقد عملت على جمع المتصارعين في غرفة واحدة، غرفة صغيرة اسمها حكومة الوحدة الوطنية، وبدل من ان يدير الساسة البلاد تفرغوا لأدارة صراعهم. وتدخلت عبر اطراف عراقية للضغط بشدة لأقحام هذا الشخص او ذاك في الحكومة، ليس حبا به وانما رغبة في الضغط على كتلة الأئتلاف لتقسيمها او اضعافها وقد استجاب اعضاء الكتلة للأستدراج حتى انهم واجهوا بعضهم بعضا بحدة، وبعد تجاذب طويل وجد العراقيون انفسهم وقد وضعوا البيض كله في سلة واحدة.
وقد ادارت الولايات المتحدة الملف الاقليمي في العراق بطريقة انتهازية، فقد ماطلت بقضية التدخل الايراني والسوري ولم تكن واضحة ابدا لأنها ربطت حساباتها في العراق بحساباتها الاقليمية، وارادت وضع الائتلاف في مواجهة مع ايران، حتى ان السفير الأمريكي اقام بازارا سياسيا في السفارة الامريكية، عارضا صفقة واسعة لمن يريد مواجهة ايران لكي يفسح له مجالا في الحكومة. وهذا ما اعاق واطال مدة تشكيل الحكومة.
لقد التقى العراقيون والامريكان عند هدف جوهري، هو ازالة نظام صدام وبناء دولة ديمقراطية تحترم حقوق الانسان، وهذا الهدف يتطلب مصداقية اخلاقية تتناسب مع اية عملية تأسيس او ولادة ولا يصح ربطه بحسابات ضيقة، وليست هناك رغبة في اجراء جردة حساب الآن، ولكن اذا ماكانت الولايات المتحدة قد اخطأت في بعض حساباتها او ان الامور لم تجر كما ارادت فأن ذلك لايبرر لها ولاحتى لبعض قياداتها اقتراح تقسيم العراق، وخطورة هذا الاقتراح انه سيبقى حاضرا في ذهنية الساسة الامريكان في المستقبل، وربما هناك في الساحة العراقية والاقليمية من سيستغل هذا الحضور الذهني ليدفع بالأمور نحو الأسوأ حتى يصبح التقسيم هو الحل الاقرب الى متناول اليد، كما ان مناقشة هكذا قرار في الأروقة الأمريكية يعتبر بحد ذاته خطيئة كبرى، فبأي حق تناقش دولة امكانية تقسيم دولة اخرى، حتى وان كانت الترتيبات التي افرزتها العملية السياسية في العراق لا تروق للولايات المتحدة، بل ان الولايات المتحدة لديها التزام قانوني امام الامم المتحدة بالحفاظ على وحدة العراق.
ان التمسك بوحدة العراق لا يصدر عن مشاعر وطنية، ولا عن ذاكرة مولعة بتراث التعايش السلمي الموهوم بل من تخوف حقيقي من سلسلة حروب حدودية بين الأقسام المقترحة، وهي ستكون ايضا حروبا طائفية تستقطب اهتمام بقية دول الاقليم، فالعراق ليس يوغسلافيا، على الاقل في سطحه الارضي، حيث لاتتوفر اي حواجز طبيعية بين اجزائه، كما ان الشرق الاوسط ليس اوربا، على الاقل في تجاوزها لمنطق الحروب غير المحسوبة ، لذلك، ورغم ان احدا لايستطيع ولا يريد منع الولايات المتحدة من ايجاد ستراتيجية للخروج من العراق، فأن عليها ان لاتطيح بمستقبل العراق والعراقيين و ان لاتحدث شرخا اقليميا كذلك الذي تركته بريطانيا في المنطقة قبل مغادرتها، بل عليها ان لاتكرر التجربة البريطانية في التخلي عن الديمقراطيات التي كانت موجودة آنذاك ليد العسكر والانقلابات.
لقد رأى العراقيون في السنوات الثلاث الماضية أمورا عجيبة، خاصة في بطء الأجراءات والفساد وتردي الخدمات والضعف الامني، ما جعل بعضهم يتوجس ويتساءل ان كانت الدولة التي اسقطت نظام صدام ودخلت العراق هي بنغلادش او السنغال، ربما كمبوديا..موزمبيق..او الكونغو، ولكن ليس الولايات المتحدة في كل الاحوال.




#ساطع_راجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ساطع راجي - العامل الأمريكي