أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فرات المحسن - بين الظاهر والباطن من سياسة سادة العالم















المزيد.....

بين الظاهر والباطن من سياسة سادة العالم


فرات المحسن

الحوار المتمدن-العدد: 1685 - 2006 / 9 / 26 - 09:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يقول الرئيس بوش الابن : أننا نرفض تقسيم العراق وهذا لا يمثل تطلعاتنا المستقبلية ؟؟!!

قبل الشروع في الحديث عما تريده الإدارة الأمريكية وما تعده قوات الاحتلال لمستقبل العراق، أستقطع فقرات من تقارير وجدتها أمامي عند قراءتي اليومية لبعض الصحف وستكون لب الموضوع أو النهاية التي وددت أن أضعها في المقدمة فربما تفسد على القاريء متعة القراءة وتغنيه عن الاستمرار في المطالعة لمعرفة باقي الحدث ليكتفي بما حصل عليه وهو زوادة غير هينة في خضم هذا الهرج من ثقافة الانترنيت.

ـ (( ذكر تقرير معنون (دول فاشلة) أعدته المجلة الأمريكية (فورين بوليسي) بالتعاون مع مؤسسة السلام في واشنطن أن العراق يمثل المرتبة الرابعة في لائحة (الدول الفاشلة) أو (الضعيفة) فيما أفغانستان المرتبة العاشرة وأكد (أن التقييم القاسي للعراق ناجم عن ظاهرة جديدة هي أن مزيدا ممن يحملون الشهادات العليا وأصحاب المهن الماهرة والكفاءات يهاجرون من البلد)).
ـ (( اقترح مؤخراً بناء جدار عازل حول مدن الصفيح الشهيرة في ريو دي جانيرو ومدينة ساوبولو الغرض من ذلك هو عزل الناس. وسوف يكون الناس المعزولون في تلك المدن، هم قاطنو المناطق التي تتفشى فيها النسب الأعلى للجريمة في المدينة)).
ـ ((تحولت مدينة ساو باولو قلب البرازيل التجاري والمالي الى ساحة حرب مرة أخرى ، اذ أطلق مهاجمون النار على الشرطة ورموا قنابل على مباني حكومية وبنوك. وتعتقد قوى الأمن ان هذا عمل قامت به عصابة قوية يقودها المساجين من سجنهم.))
ـ((كشف تقرير للأمم المتحدة عن ارتفاع معدل ضحايا أعمال العنف من المدنيين في العراق خلال شهري يوليو وأغسطس الماضيين إلي‏6599‏ شخصا‏,‏ وقد أثار التقرير العديد من التساؤلات حول مدي قدرة القوات الأمريكية والعراقية علي إحلال السلام في بغداد‏,‏ حيث تقع أغلب عمليات القتل‏.‏وقد حرص التقرير علي تعداد الأسباب التي أدت إلي سقوط هذا العدد الكبير من القتلى سواء بسبب الاعتقالات غير القانونية وغير المبررة‏,‏ بالإضافة إلي الميليشيات الطائفية وفرق الموت ‏.‏))
ـ ((أبلغت وزارة الدفاع الأمريكية الكونجرس الأمريكي أن من المحتمل أن تبيع العراق طائرات هليكوبتر وأسلحة ومركبات قد تصل قيمتها الى 500 مليون دولار ومعدات إمداد وتموين لتلك الأسلحة قد تصل قيمتها الى 250 مليون دولار.))
* * *
البرازيل ذات الأمجاد الكروية والعمارات الشاهقة والتمثال الضخم للسيد المسيح الواقف فوق أعلى ربوة تطل على العاصمة. .البرازيل الجمال الخلاب في التنوع الجغرافي والمظاهر السياحية. البرازيل أكثر دول العالم في كمية السماسرة لكل شيء مثلما هي الأكثر في تنوع الحريات والصخب والشجار الضاج في الحارات والشوارع وكذلك في وسائل الأعلام من صحف ومحطات تلفزة ومن أكثر شوارع العالم تنوعا في نماذج الدعارة والبغاء والمخدرات وجرائم القتل.هذا هو الوجه المليء بالمساحيق والألوان الفاقعة والهادئة الذي يمثل صراع الأضداد في أكبر وأغنى بلد في أمريكا اللاتينية ولكن الأهم من ذلك أنه يملك كومة كبيرة من الأغنياء ذوي الثراء الفاحش وفي ذات الوقت هو بلد متخوم بأكبر نسبة من الفقراء والمعوزين أو الذين يعيشون على هامش الحياة ويسكنون في مدن الصفيح الراقدة على مرمى حجر من أرقى الأحياء وأغناها.هذا المشهد لا يختلف بتفاصيله عن وقائع الحياة اليومية التي تعيشها شعوب عديدة أخرى في أمريكا الجنوبية، ومثلما البرازيل فأن تلك البلدان قد مرت بذات الدورة التي أرادتها لها الإدارة الأمريكية.
جهد عساكر انقلاب عام 1964 في البرازيل وحلفائهم من إداريي الشركات الأمريكية ومرتزقتها الوطنيين على صناعة الموديل الذي يستطيع أن يقود السلطة ببراعة وقناعة ثابتة توحي بالاستقرار الظاهر وفي ذات الوقت تقدم ما يطمئن مصالح الشركات وعصابات المافيا والمرتزقة الملتحقين بها.لقد كانت عملية البناء تلك مكلفة وصعبة جدا وقدم من أجلها الكثير من التضحيات المادية والبشرية. ولكن مردوداتها المعنوية والمادية لصالح القوى الرأسمالية أظهرت جدوى ما بذل من أجل بناء مثل هذا الموديل.
ما هو الموديل وما هي نتائجه :
ربما كان العنوان المدون فوق وجه ملف مشروع ذلك الموديل، هو ذات الاسم الذي أطلقته الإدارة الأمريكية للمشروع المخصص اليوم لمنطقة الشرق الأوسط وبذات المواصفات ولكن مع اسم محدد للمنطقة (مشروع أمريكا اللاتينية الكبير لدمقرطة المنطقة ). والظن أن مع مرور الوقت والاكتشافات المشجعة للمصالح والتي صاحبت تطبيقاته، جعل الخيار يستقر على تسمية( موديل أمريكا اللاتينية ) كونه نفذ ونجح نجاحا باهرا في الكثير من بلدان قارة أمريكا الجنوبية بدأً من البرازيل وشيلي وليس أنتهاءا ببيرو وبوليفيا وكولومبيا والأكوادور وغيرها الكثير. وكانت دوافع تسريع إجراءات تنفيذ الموديل على أرض الواقع حينذاك هي الخوف من انتشار ما سمي بجرثومة الشيوعية التي ظهرت نشطة و قوية في حاويتها الكوبية بعد أن أنظم قادة ثورتها الى جبهة العقيدة الشيوعية وأصبحوا من دعاتها ومروجيها النشطين.وقد بدأت الإدارة الأمريكية تشعر بالقلق والخوف من انتشار العدوى الكوبية في أمريكا الجنوبية مباشرة بعد فشل عملية غزوها لجزيرة كوبا واندحار قواتها أمام الجيش الكوبي الفتي في معركة خليج الخنازير.
في ذاك الوقت انتابت الولايات المتحدة والشركات الكبرى الساندة لسياساتها، هستريا تحولت مع الوقت الى عصاب وهوس مجنون،باعتبار أمريكا اللاتينية ذات أهمية حاسمة ومنطقة ذات بعد استراتيجي حيوي لا يمكن التفريط بها ولذا فقد وضعت وفق ذلك خطط وبرامج لمحاصرة المد الشيوعي من خلال الهجوم لتدمير ليس فقط مناطق وبؤر الحركات اليسارية وإنما محاصرة شعوب أمريكا اللاتينية والضغط عليها بالقدر الذي يجعلها أكثر طواعية لمصالح الولايات المتحدة ومن ضمنها مصالح الشركات.
استغلت الروابط الاقتصادية كأفضل نهج يتخذ لخنق أي انحراف عن الطريق، واستخدمت لذلك الهدف جميع وسائل وأسلحة الخسة لدحر التفكير بالاستقلال أو الشروع بالتحرر أو بناء الدولة الوطنية.وبفضل العملاء والمرتزقة من العسكر عمت بلدان أمريكا اللاتينية موجة متعاقبة من انقلابات عسكرية دموية.ولكي تكتمل المهمة فأن طرق الإعداد كانت توجب الاعتماد على إجراءات حاسمة ودقيقة تبدأ أولا بوضع العربة على سكة طريق التنمية الرأسمالية وفق توجيهات صندوق النقد الدولي الذي يضع في مقدمة شروطه غير القابلة للنقاش، وجوب نهج سياسة أصلاح هياكل الاقتصاد لتتوافق وسياسة الصندوق الدولية وحرية التجارة. وهذا لوحده لا يكفي وإنما البرامج التي ظهرت بعد كل تلك الانقلابات كانت تؤكد على رغبة جامحة لدى الإدارة الأمريكية وحلفائها الوطنيين لوضع الدولة ومؤسساتها بين فكي كماشة القوة المتمثلة بالعسكر وبين النفوذ المالي المتمثل بالشركات المسيطرة على الاقتصاد الوطني، لذا فقد كان برنامج الإدارة الأمريكية متشابه في جميع بلدان أمريكا الجنوبية وبذات الخطوات وأتي مباشرة بعد كل انقلاب قام به العسكر في تلك البلدان، ولم يراعى في التطبيق أي اختلاف في الخصوصيات الوطنية لشعوب تلك البلدان بالقدر الذي روعي نمط الإجراءات ونسق الأفعال وتدقيق النتائج المرتقبة ومن ثم تطويرها أو تشديدها لتكون أكثر فاعلية وايجابية لمصالح الولايات المتحدة.
نص المشروع أو الموديل على عدة محاور تتفرع عنها العديد من النقاط الحاسمة التي تنتهي الى ذات الهدف وهي السيطرة الكاملة على البلد وجعله ضمن خارطة البلدان المنخرطة في خدمة الرأسمالية وفي الأساس الشركات الرأسمالية الأمريكية.
الجزء الأعظم من تلك الخطط ركز على ما يلي من محاور.

ـ دمج الاقتصاد الوطني بالرأسمال العالمي عبر تصحيح هياكله من خلال إرشادات وشروط تقنية ومعونات مشروطة تأتي من صندوق النقد الدولي، ومن ثم يتم وضع الاقتصاد تحت رحمة الشركات الكبيرة العابرة للقارات.وهذا التوجه سوف يفرز وبشكل ناجز زيادة هائلة بأسعار المواد ـ بطالة واسعة ـ ارتفاع مستوى التضخم ـ تقليص حجم صادرات البلد ـ تفشي الرشوة والمحسوبية وسرقة المال العام والفساد الإداري واستغلال الموقع الوظيفي كوسيلة للنهب والإثراء.وتكون نتائج كل تلك المساويء خراب هياكل مؤسسات الدولة وصراعات اجتماعية اقتصادية كبيرة.

ـ إعادة هيكلة الجيوش وربط مؤسساتها بالجيش الأمريكي حيث يشمل ذلك التحكم بإمدادات السلاح ومهام التدريب والخطط العسكرية ومن ثم وضع الجيش كمعادل مهم وأداة في السياسة والاقتصاد واليد الساندة لسياسة الشركات الاحتكارية.

ـ تشكيل مليشيات تنشأ من رحمها عصابات (مافيات ) سياسية اقتصادية عسكرية تكون مهماتها قيادة مؤسسات الدولة وتسيير الشؤون العامة للمجتمع وحركاته السياسية والاجتماعية. وضمن هذا المحور تنشأ كتائب الموت التابعة لتلك المؤسسات والعصابات لتمارس دورها في القضاء على الخصوم والمنافسين أو من يتقاطع مع النهج العام ( يلتقط عمال التنظيف يوميا من شوارع نيو دي جنيرو وكذلك سوبولو وبوغوتا عاصمة كولمبيا وكيتو عاصمة الأكوادور ما بين عشرين الى ثلاثين جثة من شتى الأعمار والمهن ) وعبر تلك المافيات تتحول عمليات التسول والسرقات والتصفيات الجسدية وبيع المخدرات والأدوية وتجارة الرقيق والدعارة،تتحول كل تلك الأعمال غير القانونية وغيرها الى مهن ينخرط للعمل فيها الآلاف من البشر ومن ثم تصبح مصدر الرزق الوحيد لهم فتكون سببا مباشرا للجريمة المنفلتة والمنظمة.والفكرة المعتمدة في هذا المنحى هي أن يكون للإرهاب دور فاعل في العملية السياسية والبرامج الاقتصادية، وأن يصبح الفساد والعصابات بمختلف أنواعها جزء من بنية المجتمع.
الإدارة الأمريكية تدرك جيدا أن مثل تلك الخطوات يجب أن تترافق بنحو ما مع توجهات تضمن السير حثيثا دون معارضة كبيرة وحقيقية لشعوب تلك البلدان الخاضعة للتغيير وفق نهج الدمقرطة الأمريكية، لذا يتم اتخاذ إجراءات ظاهرها يطمئن المواطن ويخفف من حدة وغلواء معارضته.وأولى تلك الخطوات تتمثل في فوضى الحرية أو حرية الفوضى (الفوضى الخلاقة حسب التعبير الأمريكي ) حيث يسمح للناس بممارسة مختلف الأفعال التي كانت السلطات السابقة تمنع الناس من ممارستها، من مثل الحرية المطلقة للصحافة وإصدار النشرات وتشكيل الجمعيات والفعاليات بمختلف اتجاهاتها وتنوعها و تشجيع طرق الانتخابات كوسيلة لإدارة تلك المؤسسات، الخروج بتظاهرات والاعتراض على أي شيء، فتح محطات إذاعة و تلفزيون دون شروط أو رقابة، حرية السوق والمنافسة الاقتصادية، تخفيف إجراءات القضاء والأحكام ضد الجرائم على مختلف أنواعها، تشجيع الحوارات والنقاشات بشتى المواضيع.
تعد الإدارة الأمريكية هذه الإجراءات وغيرها الباب المفضي لخلق قاعدة اجتماعية سياسية اقتصادية تدين بالولاء المطلق لمشروعها حيث تفرز وتنتقى خلال تلك الإجراءات مجاميع من المرتهنين والمتورطين الذين يشكلون في النهاية عصب الإدارة التي تأخذ على عاتقها حماية المنجزات والمكتسبات التي نفذت لصالح المشروع الأمريكي.وبالرغم مما يرافق تلك الإجراءات من فوضى وخروقات فجة لحقوق الإنسان وقسوة وجرائم فأن الإدارة الأمريكية تصر على عدم التدخل الحكومي للحد من تلك الحريات وضبط المنفلت منها ولجم المساويء التي ترافقها. لا بل تكون تلك الخروقات والتعديات في أخر السلم من اهتمامات الإدارة الأمريكية.
بالرغم من مظاهر الديمقراطية المتمثلة بالانتخابات العامة والمجالس المحلية وحرية الصحافة والتظاهر وغيرها من الحريات فأن حصاد الفساد الذي خلفته الانقلابات وما ولدته طبيعة الموديل الذي أرادته الإدارة الأمريكية لشعوب أمريكا الجنوبية يبدوا مفزعا وغير قابل للتصحيح بعد مضي كل تلك الفترة الزمنية وهو يحتاج الى معجزة لا بل معجزات للقفز على الواقع المتردي والمرير الذي يخلق حلقات ترتبط مصلحيا مع بعضها البعض ولا يمكن الخروج او الفكاك منها. هذه الحلقات تبنى وفق محاور وآليات ليصبح الجميع رهائن داخلها، حيث يرتبط الفرد بمحور ما يحميه ويقدم له الخدمات ويتبادل معه المنافع وفي ذات الوقت فأن أي كان سيكون مرتهنا وعليه ان ينفذ ما يطلب منه وأن يقدم الرشاوي لتأمين مصالحه وحياته.وهذا الحال هو الذي يفرخ يوميا آلاف الجرائم ويدفع الكثير من أبناء الشعوب نحو الانحدار تحت خط الفقر والعيش على هامش الحياة و المشاركة في عالم الجريمة.
في النتيجة النهائية فقد وضعت الإدارة الأمريكية ما يكفي من الألغام في الطريق ولذا فأنها أطمئنت لمستقبل الإحداث القادمة حتى وأن أسفرت الانتخابات عن مجيء شخصيات وطنية معادية لنهج الشركات والإدارة الأمريكية. فكومة المشاكل الداخلية سياسية كانت أم اقتصادية سوف تجعل تلك الشخصيات المنتخبة تتخبط في طرق إدارتها ومعالجاتها للمشاكل وتجد نفسها في نهاية المطاف محاصرة من قبل عتاة الشيطنة السياسية من المرتزقة ووسط هياكل مؤسسات حكومية فاسدة ومافيات تدير شؤون البلاد والعباد، وفي النهاية ففترة رئاسة تلك الشخصيات الوطنية سوف تكون صراع لا ينجز فيه غير الشحيح الذي لا يلبي أبسط الطموحات للشعب.
العراق الحالي ومثلما أرادته الولايات المتحدة يمتلك كل تلك المواصفات التي تؤهله ليكون الوجه الجديد لموديل أمريكا اللاتينية الذي تعد له الإدارة الأمريكية كنموذج مناسب للعراق وللمنطقة أيضا بعد أن أحدثت التحويرات الرئيسية في مشروع الشرق الأوسط الكبير بما يخدم مستقبلا مصالحها ومصالح حليفتها إسرائيل.وأهم ما في المشروع هو تقسيم العراق الى مقاطعات يسهل ابتزازها والسيطرة عليها وقيادتها بعد أن تجد تلك الأقاليم أن مصالحها ووجودها المستقل لن يحقق الديمومة بغير الحماية الأمريكية ((هذا ما حدث ليوغسلافيا السابقة)). بدون تلك الحماية فأن الانحدار نحو الهاوية والتهميش داخل الإقليم والشرق الأوسط سيكون النتيجة الحتمية لمثل تلك الكيانات.
لقد ضمنت الإدارة الأمريكية ولاء القيادات الكردية وهي تأمل اليوم في تصاعد الخلاف الشيعي الشيعي ،الذي يبدوا أقرب من غيره داخل المشهد السياسي العراقي. وتصعيد حدة هذا الخلاف يمثل النموذج المرتقب والمناسب للتقسيم وأضعاف كتلة كبيرة سوف يسهل السيطرة وإملاء الشروط عليها بعد التفتيت.أما الكتلة السنية فسوف تجد نفسها وفي نهاية المطاف أقرب الكتل الى الولايات المتحدة وأكثرها حاجة للحماية والإعانات وسوف تساعدها في هذا التحول دول الجوار للوقوف على قدميها ورفع وتيرة العلاقات مع الولايات الأمريكية.
الحديث عن عراق موحد بات ضربا من الخيال عند شرائح كثيرة من العراقيين.في ذات الوقت الذي تعمل فيه أغلب دول الإقليم على تفتيت العراق فأنها تحاول بكل الوسائل أظاهر ما يخفي وينفي تلك النوايا،فالجهود تنصب اليوم من أجل رؤية عراق مجزأ يختفي بتقسيمه أي نوع من أنواع التهديدات أو الأملاءات ليشطب من خارطة المنطقة ما يسمى بالجار المكين الذي يحسب له ألف حساب والذي يجبر الجميع على رؤيته كلاعب حاسم في المشهد السياسي والجغرافي للإقليم.وعلى ذات الرؤيا والجهود يعمل أغلب قادة الشيعة بمثابرة للوصول الى (الكونفدرالية) وهي تختلف قطعا في الشكل والمضمون عن (الفدرالية) وتعني في التوصيف النهائي التقرب من الاستقلال الكامل والناجز وهذا ما فعلته وتفعله الأحزاب الكردية في كردستان العراق. ويمثل الدستور الذي تم التصويت عليه، برنامج منهجي يعيد ترتيب العلاقة بين تلك الكيانات على أساس اللامركزية بصيغتها (الكونفدرالية) مع اضمحلال دور الحكومة والعاصمة المركزية الجغرافية الجامعة.وتنفيذا لتلك الغاية فأن معركة بغداد تدور رحاها اليوم كمحاولة لتطهير المناطق السكانية عبر عمليات التهجير والقتل اليومي على الهوية ليحسم الأمر بشطر بغداد وتقاسمها لحل المعضلة الكأداء التي تعترض نوايا جميع الأطراف المتخندقة بالطائفية سنة كانوا أم شيعة.
إذا كان قادة الأكراد يبذلون أقصى الجهود لترتيب الأوضاع وفق الأساس الكونفدرالي وبالطرق التراتيبة المحسوبة بدقة وحذر، فأن قادة الأحزاب الشيعية يمارسون لعبة مزدوجة داعمين رغبتهم بالاستقلال والسير قدما لتهيئة المناخ المناسب لمثل تلك العملية بإدارتهم للسلطة بقوة، تاركين لمجالس المحافظات في الجنوب والوسط (غالبيتها من أعضاء الائتلاف الشيعي) لإدارة تلك المهمة حيث تأخذ دورها في تسيير الشؤون الداخلية للمحافظات دون الرجوع الى الحكومة المركزية لا بل تقوم تلك الأحزاب بالتحريض على عدم تطبيق القرارات الصادرة عن المركز، مع بذل الجهود لقمع الأصوات الرافضة لذلك النهج ويترافق هذا بسياسات تدميرية تريد أن تغلق جميع المنافذ بوجه الطائفة الشيعية لتوصلها الى القرار النهائي الذي يجد فيه الشيعي أن لا مفر أمامه غير الانفصال عن وطنه العراق.



#فرات_المحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضرورة محو أثار وبقايا الفكر البعثي
- انتصار حزب الله بين الحقيقة والوهم
- ض ..... وزانه وضاع الحساب
- أبناء العقرب
- المصالحة مع المجهول
- الازارقة يتبادلون الصور التذكارية
- العملية التربوية بين خراب الأمس وتخريب اليوم
- الزرقاوي السني والزرقاوي الشيعي وما بينهما من أزارقة
- الاعتراض على أمانة بغداد ومشاريعها ل تطوير منطقة الحضرة الكا ...
- من فنتازيا الخراب
- حقوق المرأة بين الواقع والطموح
- البعثيون قادة ومنفذو الفتنة
- حكومات ومؤسسات وشخصيات لا تستحي من نفاقها
- رسالة تهديد ووعيد ....فهمناها ونرفضها بشدة - قضية الكاتب كما ...
- مقدمات لجمهورية البنادق الديمقراطية
- برزان التكريتي يرد الجميل للسيد الرئيس جلال الطلباني
- الشيوعيون.... اتخذوها وفق حساب الحقل أم وفق حساب البيدر
- رسالة الى قتلة الشهيدين الشيوعيين عبد العزيز جاسم حسن و ياس ...
- على خطى صدام...أنه يدعوهم لاحتلال سوريا
- هل أن إيران بريئة أم الرس نداس


المزيد.....




- بوتين: ليس المتطرفون فقط وراء الهجمات الإرهابية في العالم بل ...
- ما هي القضايا القانونية التي يواجهها ترامب؟
- شاهد: طلاب في تورينو يطالبون بوقف التعاون بين الجامعات الإيط ...
- مصر - قطع التيار الكهربي بين تبرير الحكومة وغضب الشعب
- بينها ليوبارد وبرادلي.. معرض في موسكو لغنائم الجيش الروسي ( ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف مواقع وقاذفات صواريخ لـ-حزب الله- في ج ...
- ضابط روسي يؤكد زيادة وتيرة استخدام أوكرانيا للذخائر الكيميائ ...
- خبير عسكري يؤكد استخدام القوات الأوكرانية طائرات ورقية في مق ...
- -إحدى مدن حضارتنا العريقة-.. تغريدة أردوغان تشعل مواقع التوا ...
- صلاح السعدني عُمدة الدراما المصرية.. وترند الجنازات


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فرات المحسن - بين الظاهر والباطن من سياسة سادة العالم