أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فيصل علوش - الحبر الأعظم والإمبراطور البيزنطي... الدور والعكاز















المزيد.....

الحبر الأعظم والإمبراطور البيزنطي... الدور والعكاز


فيصل علوش

الحوار المتمدن-العدد: 1683 - 2006 / 9 / 24 - 11:01
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لم تكد تهدأ الضجة الصاخبة والعنيفة التي أثيرت في طول العالم الإسلامي وعرضه، بسبب الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للإسلام ونبيه والتي نشرت في مطبوعة دنماركية أواخر العام الماضي، حتى طالعنا البابا بنيدكتس السادس عشر، الممثل الأعلى للكاثوليك في العالم، بتصريحات ربط فيها بين الإسلام والعنف، تسببت هي الأخرى بموجة جديدة من الاستنكار والغضب عمت أغلب البلدان العربية والإسلامية، وما زالت قابلة لمزيد من النمو والتصاعد.
البابا الكاثوليكي، وفي محاضرة له في جامعة ألمانية (12/9)، اقتبس مقطعاً من كلام الإمبراطور البيزنطي باليولوجوس، في القرن الرابع عشر، جاء فيه أن «الدعوة لنشر الدين الإسلامي بحد السيف، وممارسة الجهاد في سبيل ذلك يتعارض مع الطبيعة الإلهية وطبيعة الروح الرافضة للعنف» كما اعتبر كذلك أن «الفكر الإسلامي لا يرتبط بالعقل خلافاً للمسيحية التي تغذت من الفلسفة الإغريقية» .
قد يقع كلام قداسته هذا تحت خانة الجدل والنقاش الأكاديمي ،وهو ما ينبغي أن يكون عليه الامر، لو كان حال العالم العربي أو الإسلامي غير ما هو عليه الآن، حيث وصل الاستقطاب الديني والمذهبي إلى أشده، وأصبح النفور والخوف من كل ما هو قادم من الغرب في ذروته، وبتنا في زمن العقل فيه مصادرُ ومغيب على نحو شبه تام، والجهل والمواقف القطيعية هما سيدا الموقف والساحة، حيث يطلق العنان للمشاعر والعواطف المنفلتة من عقالها.
اما والحال هذه فإن تصريحات البابا صبت و ستصب المزيد من الزيت على النار المشتعلة أصلاً في عالم تحضر فيه الأحقاد والثارات، ويشهد تفاقماً للاحتقانات والضغائن الدينية والمذهبية، وستجد الجماعات الأصولية المتطرفة في أقوال البابا مؤونة مناسبة وزاداً للاستخدام والتوظيف في تحشيد المسلمين وتجييشهم لصالح المعارك والحروب الدينية والمذهبية، التي يخوضونها أو يحرضون عليها في غير مكان من العالمين العربي والإسلامي.

أصداء سلبية
وقد لاقت أقوال البابا هذه أصداء سلبية ليس في العالمين العربي والإسلامي فحسب، بل حتى في العالم الغربي نفسه، حيث وصفت صحيفة «نيويورك تايمز» تصريحاته بأنها «مزعجة» ورأت أن العالم «يحوي غضباً دينياً أكثر مما يحتمل» ولذلك فإنه، «من المزعج أن يهين البابا المسلمين مستخدماً اقتباساً من القرن الرابع عشر يصف الإسلام بأنه شرير ولا إنساني» كما ذكرت.
وحسب الصحيفة الأميركية فإنها ليست المرة الأولى التي يزرع فيها البابا الشقاق بين المسيحيين والمسلمين فجوزيف راتسينغر، وهذا الاسم الحقيقي للبابا، أعلن عندما كان على رأس علماء اللاهوت في الفاتيكان عام 2004، معارضته انضمام تركيا إلى الإتحاد الأوروبي لأن «هذا البلد المسلم نقيض دائم لأوروبا» على حد تعبيره.
وعبّر البعض عن خشيته من أن تكون أقوال البابا لا تنفصل فعلاً عن موقفه المعارض لدخول تركيا للاتحاد الأوروبي، فإذا كان البابا يريد أن يثقل كفة التيار الرافض لدخول تركيا في الاتحاد الأوروبي من خلال التفاعلات والتداعيات التي يمكن لتصريحاته أن تحدثها، فإن هذا الرفض، في حال حصوله، سيقدم خدمة فائقة الأهمية للتيارات المتطرفة في العالم الإسلامي لتأكيد توجهاتها ومواقفها المتشددة. في حين أن انضمام تركيا سيوسع من مساحة الالتقاء والعلاقات المشتركة بين الغرب والإسلام، ويزيد في رحابة آفاق التعايش المشترك لدى التنوعات والمكونات الدينية والمذهبية والعرقية المختلفة المتواجدة في منطقتنا. كما أن إغلاق البوابة الأوروبية في وجه الأتراك سيفضي ليس إلى مزيد من التحجر والانغلاق لدى التيارات والجماعات المتطرفة في العالم الإسلامي فحسب، بل سيؤدي أيضاً إلى تدعيم تيار الانغلاق والتعصب الديني واليميني، لدى المجتمعات الأوروبية ذاتها، وربما عودة الكرسي البابوي للتحكم بالتيارات الفاعلة في تلك المجتمعات وضبط توجهاتها، بعد أن ناضلت طويلاً وعلى مدى قرون عدة من أجل فصل الدين عن السياسة وعدم إتاحة الفرصة أمام استغلال الدين استغلالاً سياسياً.
وأعربت صحف أخرى عن استغرابها لمثل هذه التصريحات التي وردت على لسان البابا «من دون التنبه إلى الحساسية التي بات العالم الإسلامي يتلقى فيها الانتقادات أو التلميحات الموجهة للدين الإسلامي، هذا مع أن ردة الفعل الواسعة على الرسوم الكاريكاتورية المسيئة ما زالت ماثلة في الأذهان».
وتساءل البعض هل يحق لشخصية في موقع البابا ووزنه أن تتناول أموراً في غاية الحرج والحساسية بالنسبة لديانة سماوية أخرى، من دون الإلتفات إلى الوضع الدولي وما يشهده من توترات منذ أعوام؟ وخصوصاً منذ هجمات 11 أيلول (سبتمبر) التي رمت في جانب رئيس منها إلى إحداث شرخ بين الغرب (المسيحي) والعالم الإسلامي، وإشعال حرائق هنا وهناك لعله يمكن إستثمارها في إستقطاب الشباب المسلم وزجه تحت راية الجماعات المتطرفة وأجنداتها المتعصبة.

لوم وإنتقاد
وقد أعربت كثير من الأصوات العربية والإسلامية عن عتبها ولومها للبابا، وخصوصاً على الفاتيكان الذي عودهم على المحاورة والمساندة في كثير من المحن التي ألمت بالعرب والمسلمين، بما فيها وقوفه الصريح إلى جانبهم في المواجهات الكبيرة ضد إسرائيل وبعض مواقف الإدارات الأميركية.
كما وجد بعضها صلة بين كلام البابا وتصريحات الرئيس الأميركي جورج بوش الأخيرة، عما أسماهم بـ«الفاشيين الإسلاميين» و«زلة» لسانه السابقة عن «الحروب الصليبية» وحديث الكثير من الأصوات ووسائل الإعلام الغربية عن الإرهاب الذي بات يلتصق عندهم على نحو دائم، بالعرب والمسلمين على إطلاقهم، من دون تمييز بين فئة متطرفة وقليلة تريد اختطاف الإسلام والتحدث باسمه وبين الأغلبية الساحقة من المسلمين التي لا علاقة لها بتلك الفئة، والتي تميل إلى الأعتدال ونبذ العنف والإرهاب وممارسة الذبح والقتل العشوائي باسم الدين وتحت يافطته.
فهل يريد البابا أن يكون مجرد أداة مثلاً بيد المحافظين الجدد، داخل الإدارة الأميركية، يتناغم مع أفكارهم وطروحاتهم ويشكل إمتداداً لهم داخل الكنيسة الكاثوليكية أم ماذا؟
في مثل هذه الحال سيكون كلام البابا يندرج في إطار دور يرغبه لنفسه وسيكون استشهاده بكلام الإمبراطور البيزنطي مجرد عكاز استخدمه في سبيل ذلك .
وستنتهز كثير من الأنظمة العربية والإسلامية المناسبة والفرصة لتأليب الناس وفتح الباب أمام الاحتجاجات والتظاهرات «العفوية» لضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، فهي تسرب طاقات الغضب والاحتجاج في غير مساربها ومساراتها الحقيقية.. وتبعث في الوقت نفسه برسائل التخويف والإنذار للجهات الغربية المعنية مما تنطوي عليه الدعوة إلى الديمقراطية وإطلاق الحريات!
كما أنه سيضيق أكثر فأكثر الهامش المتاح أمام النقد المتعلق بالدين أو بالمسلمين، وستتسع أكثر فأكثر مساحة > والخطوط الحمراء الممنوع تناولها أو الاقتراب منها مع أنه كان حرياً بالعرب والمسلمين، ومنذ ما بعد 11/9/2001 أن يتخذوا ويعلنوا موقفاً واضحاً وقوياً ضد > كما تمارسه الجماعات التكفيرية المتطرفة من أمثال <<القاعدة>> وسواها.

أمثلة للتعصب والعنف
على الرغم من ابتعادنا في الزمن إلا أن «محاكم التفتيش» التي أقامتها البابوية في إسبانيا، ما زالت تشكل المثل الأسوأ للتعصب الديني في تاريخ البشر، إضافة إلى الوقوف ضد العلماء واكتشافاتهم ومعاقبتهم باسم «اليقين والحقيقة» الكنسية، وصكوك الغفران التي مازالت موضع استهجان وتندر العالم أجمع، والتي ثار ضدها المصلح الكبير مارتن لوثر.. فلماذا تجاهل الحبر الأعظم كل ذلك واكتفى بما ردده ذلك الإمبراطور البيزنطي بحق الإسلام ونبيه؟!
إننا أحوج ما نكون إلى إبعاد شبح الخوف والكراهية المتبادلة بين الأديان والطوائف، وخصوصاً بعدما صار التهديد باندلاع حروب أهلية على أسس طائفية ومذهبية جدياً وخطيراً في غير مكان من العالم العربي، وعلى رجال الدين ورموزه أن يتنبهوا كثيراً إلى الدور الذي يمكن أن يلعبوه في إثارة المشاعر والعواطف من خلال مواقفهم وتصريحاتهم.
وإلا فإن تيار التطرف والكراهية سيجد من يغذيه من هنا وهناك ومن على هذه الضفة وتلك، وسيكون كل منهما بمثابة الوجه والقفا للعملة ذاتها والموقف عينه.
إن رجال الدين ورموزه معنيون أكثر من غيرهم ببناء علاقة ثقة وتفاهم بين الأديان وانتهاج سبل الحوار من منطلق القبول بالآخر، وتفادي كل ما من شأنه إذكاء نيران النزاعات والخلافات العقائدية.
مطالبون جميعاً بالدفاع عن المبادئ الإنسانية المشتركة بين الأديان والحضارات، وليس تأجيج مشاعر الحقد والكراهية.
ليعملوا إذن على إتمام مكارم الأخلاق والدفع بالتي هي أحسن وهو ما تجمع التعاليم الدينية كلها على القول به.



#فيصل_علوش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الذكرى الخامسة لزلزال أيلول : أي سبيل لمحاربة الإرهاب وال ...
- الفقراء يقتلهم الإهمال.. والاستئثار بالسلطة
- السقف الواطئ وسياسة فن الممكن
- مقاربة لتفاصيل القرار الدولي 1701
- كلفة ليست باهظة
- الشرق الأوسط الجديد» الآلام الموجعة لمخاض الحمل الكاذب
- وجاهة المنطق في منطق المواجهة وضده
- تصاعد العمليات الإرهابية في المملكة السعودية خلفية التطرف وج ...
- أحزاب مغربية تندمج في -الاشتراكي الموحد-... سباحة ضد التيار ...
- الثقافة لا تكون معزولة عن السياسة أبداً


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فيصل علوش - الحبر الأعظم والإمبراطور البيزنطي... الدور والعكاز