أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المهدي السقال - رائحة المرأة و الشيطان














المزيد.....

رائحة المرأة و الشيطان


محمد المهدي السقال

الحوار المتمدن-العدد: 1683 - 2006 / 9 / 24 - 12:02
المحور: الادب والفن
    


رائحة المرأة والشيطان
محمد المهدي السقال

سألتِـني مرّة ,
كيف أصرِف حاجتي إلى رائحة المرأة ,
كلما اشتدّتْ بي رغبة في جسدها ,
ظننتكِ تلمحين إلى مقدار وفائي لك ,
فقلتُ بأن شهوة الجنس لا تؤرق بالي ,
لكنك لم تصدقي مقالتي ,
وبقيتِ تُلِحين عليَّ في السؤال .
ليتكِ كنتِ تتصورين حالي ,
في هذا الركن القصيِّ من الشمال ,
بين الفصل التعليمي اليتيم ,
و أقرب نقطة شبه حضرية بها ماء أو كهرباء ,
مسافة الساعتين مشياً على الأقدام ,
إن كانت منتعلة خفاً أو حذاء ,
مثلي ,
يقطعها الأطفال دون العاشرة ,
تحت لفح الحر في فصل الصيف , أو تحت وابل المطر في فصل الشتاء ,
فيأتون حصة الدرس مرتعشين كالطير المبلل في العراء , بعد صعود منعرجات الجبل الوعرة ,
أما أنا , فأفضل حالاً منهم ,
إذ أمكُث في مكاني أتابع التغير في الزمان ,
لا أبارحه إلا عند مطلع كل عطلة رسمية ثابتة أو طارئة , كمْ أفرحُ مثل الصغار بإعلان الدولة عن إجازة غير متوقعة .
في مؤخرة المستطيل الإسمنتي , اتخذتُ زاوية أركن فيها لمعاشي ,
يفصلني عن المقاعد الخلفية المهترئة ,
ورقُُُ ُ مُقَوَّى جمعته من صناديق الزيت والسكر,
فراشي لا يحتمل اضطرابات حركتي ,
حين تنتابني أحلام أكثرها مزعج إلى حد القرف ,
يعلو على الأرض فوق ما تراكم من بقايا خشب متكسر على مدى العشر سنوات الماضية ,
قبالتي مكتبة من القصب البلديّ , تقوى رفوفها بالكادّ على حمل ما استبقيت من كتبي ,
اصطحبتها أملاً في الاستعداد ثانية لامتحان البكالوريا ,
كل معلم مِنّا يحلم بالنجاح فيها , إنها طوق النجاة من هذه العزلة القاتمة ,
و تعودين مرة أخرى للسؤال عن حالي , كلما أجِنَ الليل , و أويت إلى فراشي , لا أسمع في الفضاء غير نباح الكلاب أو حفيف بعض أوراق الشجر ,
ليتني كنتُ أتقن لعبة السرد ,
فأحكي لك عن حجم مكابدتي مع الوحدة ,
هل تعلمين أن للصمت رنين الصدى في وحشة العزلة ؟
نقل السيد المدير عن السيد المفتش عن معالي الوزير , أننا جنودُ الخفاء في هذه البلاد , نخدمُها في السرِّ من أجل رضا الله والوطن ,
كم سخرنا من السيد المدير , حين وجدناه يتلعثم في الترحيب بنا ,
لعله هو الآخر يسخر من السيد المفتش ,
أما سعادة الوزير , فثمة إجماع على أنه يسخر من نفسه ,
حين يكون بصدد قراءة ديباجة افتتاح الموسم الدراسيّ كل سنة .
هل أقول لكِ بأن الشيطان أرحمُ منهم ؟
يؤنسني في النوم واليقظة ,
يراودني عن نفسي للاجتراء على الاستمناء لتفريغ الشحنة المتكلسة ,
فتأبى عليّ نفسي كراهةً أن أُمسِك باللذة بين قبضة كفِّي أصرفها كالحيوان ,
لكن الشيطان الأرحم بي , يُلِحُّ في المراودة , فيتسلَّل عبر تعبي ,
حين أسند رأسي لوسادة خشنة ,
يأتيني في غرق نومي ,
يحملني على استحلام جميل بين يدي حسناء في غرفة أجمل , من قال إن اللاوعي باطل فهو كاذب ,
أستيقظ ,
يُعانِدني عود الكبريت البارد ,
تأخذ ظُلمة الزاوية في الانبلاج على وقع استشراء فتيل الشمعة,
أعرف وجهة الماء , لكن , كيف يمكنني الخروج في هذا الجو المطير ؟
أستحضر معاناة سكان القرية مع حاجاتهم اليومية ,
جنب كل خيمة طينية " مطمورة " للنفايات الآدمية , و ما أن تمتلئ عن آخرها , حتى تكون " مطمورة " أخرى قد فتحت جوفها لاحتضان ما سيأتي بالضرورة ,
قلت لأحد الآباء مازحاً :
أتصور " الدوار " صفيحة فوق بركان نتن ,
انطلق لسانه من عقاله ليشتم " المخزن " وكل الزبانية الذين ننتخبهم :
يتمسكنون , يتوسلون بكل الوعود الكاذبة لاقتناص أصواتنا , ثم يتمكنون ويتفرعنون ,
أخذت بعض أوراق الكراريس القديمة ,
لا يمكنني الخروج ,
قضيت ما استطعت ,
ثم عدت لأنام ما تبقى من الليل .




#محمد_المهدي_السقال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العار
- عبث اللحاق
- من مزامير داوود الأولى في بغداد


المزيد.....




- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المهدي السقال - رائحة المرأة و الشيطان