أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - رحيم العراقي - بغداد..الصعود والسقوط















المزيد.....

بغداد..الصعود والسقوط


رحيم العراقي

الحوار المتمدن-العدد: 1682 - 2006 / 9 / 23 - 10:22
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


مؤلف كتاب :عندما كانت بغداد تحكم العالم الإسلامي.. صعود وسقوط أعظم سلالة إسلامية هو البروفيسور هوغ كندي أحد كبار المؤرخين البريطانيين. وهو يروي فيه قصة هذه العاصمة العربية العريقة التي حكمت العالم الإسلامي كله طيلة خمسة قرون قبل أن تسقط وتنهار على يد المغول. ويقول المؤلف منذ البداية ما معناه: إن هذه المدينة التي تبدو اليوم ضعيفة جدا وشبه منهارة كانت في يوم من الأيام حاضرة الدنيا ومركز العلوم والفنون والآداب والفلسفة. وبالتالي فلا ينبغي أن ننظر إلى بغداد على ضوء حاضرها المأساوي الراهن وإنما على ضوء ماضيها التليد.

ثم يركز المؤلف حديثه على القرنين الأولين للسلالة العباسية ويقول بما معناه: هذه السلالة كانت أعظم سلالة في الإسلام. لماذا؟ لأن الحضارة العربية الإسلامية بلغت في عهدها ذروة تألقها ومجدها. صحيح أن السلالة الأموية كانت عظيمة ومهمة ولكن العباسيين تفوقوا عليها بأشواط بعيدة عندما أسسوا مراكز البحوث والترجمة تحت اسم بيت الحكمة، وعندما نقلوا علم اليونان والهند والفرس وكذلك فلسفة اليونان إلى اللغة العربية.

والواقع أن بغداد بلغت ذروة ازدهارها في عهد الخليفة العباسي الرابع هارون الرشيد. ومعلوم أنه حكم الإمبراطورية العربية ـ الإسلامية بين عامي 786-809: أي طيلة ثلاثة وعشرين عاما. وكانت كافية لترسيخ دعائم الحكم العباسي وتشكيل أسطورة بغداد والحضارة الإسلامية كلها. والواقع أن العباسيين في عهده مارسوا هيمنة شبه مطلقة على الشرق والغرب من خلال قوتهم الاقتصادية، والسياسية، والعسكرية. يضاف إلى ذلك جاذبية عاصمتهم من جميع النواحي الفنية، والعمرانية، والعلمية، والتكنولوجية، والفلسفية.

ثم يردف المؤلف قائلا:حقا إنه العصر الذهبي للعرب والمسلمين. ولم يشهدوا في حياتهم، أو طيلة تاريخهم كله، عهدا أجمل منه ولا أعظم. لقد كانوا سادة الدنيا في ذلك الزمان، وكانت بغداد عاصمة العالم، مثل روما سابقا، أو أثينا، ومثل باريس لاحقا أو لندن. فقد ازدهرت التجارة في عهده بفضل الأساطيل البحرية التي كانت تنطلق من ميناء البصرة إلى شتى أنحاء العالم، إلى السند والهند والصين.

وكانت مدينة البصرة التي أسست عام 650م أكبر ميناء في ذلك الزمان. كانت مركز التجارة العالمية والحركة المصرفية والغنى. وقد لعب الدينار العباسي آنذاك نفس الدور الذي يلعبه الدولار الأميركي حاليا. بمعنى آخر: لقد كان عملة العالم. وهذا الازدهار التجاري أدى إلى الازدهار الفكري والعلمي والأدبي. فقد أسس هارون الرشيد بيت الحكمة الذي وسعه كثيرا ابنه المأمون وزاد من أهميته. وراحوا يصرفون الأموال الطائلة على شراء المخطوطات من بيزنطة وسواها من أجل ترجمتها إلى العربية. ويعود الفضل الأكبر في ذلك إلى المأمون بشكل خاص.

وبالتالي ففي ذلك الوقت، وفي ظل الخلافة العباسية، تشكلت اللغة العربية الفلسفية والعلمية. في ذلك الوقت نقلت إلى اللغة العربية أمهات الكتب الفلسفية والعلمية: أي كتب أفلاطون وأرسطو وجالينوس وبطليموس واقليدس وكل العلماء والفلاسفة من مختلف البلدان.

وفي ذلك الوقت ازدهرت الآداب والفنون وظهر الشعراء الكبار من أمثال أبي نواس وبشار نجابي وسواهما. وفي ذلك الوقت ظهرت رائعة الآداب العربية: ألف ليلة وليلة. وهي تصور لنا حياة القصور لهارون الرشيد وبلاطه وحاشيته وزوجته زبيدة. بالطبع فإنها تصور كل ذلك بأسلوب خيالي مليء بالمبالغات والتهويلات والقصص الغريبة العجيبة.

ولكن هل يمكن للأدب أن يزدهر بدون شطحات خيالية؟ وهل كانت ألف ليلة وليلة ستجذبنا لولا أنها مليئة بالقصص الخارقة للعادة؟

ثم يردف المؤلف قائلا ما معناه: في البداية كانت اللغة العربية لغة شعر ونثر بشكل خاص ولم تكن لغة علم وفلسفة قبل حصول الترجمات الكبرى. وبالتالي فلم تكن تمتلك المصطلحات الضرورية لذلك. ولكن بدءًا من نهاية القرن الثاني الهجري، أي الثامن الميلادي وحتى القرن الرابع الهجري الموافق للعاشر الميلادي حصلت حركة ترجمة واسعة في ظل العباسيين. وعندئذ اغتنت اللغة العربية وتوسعت تراكيبها ومفرداتها وتعابيرها الأسلوبية. وأصبحت عندئذ لغة علم وفلسفة بالكامل.

وقد شجع بعض الخلفاء العباسيين على حركة الترجمة والتثاقف هذه. وكان من أهمهم هارون الرشيد وابنه المأمون. ففي عهدهما بلغت الخلافة العباسية ذروة مجدها. وكان من أشهر المترجمين العرب آنذاك شخص مسيحي يدعى: حنين ابن إسحاق (808-873). ثم يردف المؤلف قائلا: لقد ترجم العرب آنذاك معظم الثقافة اليونانية المتوافرة في ذلك الزمان: أي معظم كتب أرسطو، وبعض حوارات أفلاطون، وبعض الرسائل الأفلاطونية الجديدة.

كما ترجموا كتب الطب، والرياضيات، والفلك. وكانت بواعث المترجمين والخلفاء الذين يوظفونهم عملية أحيانا. فقد كان الخليفة بحاجة إلى أطباء لمعالجته أو معالجة حاشيته. ولذلك فإنه أمر بترجمة كتب الطب. وكانوا بحاجة إلى تطوير الفلاحة ونظام الري ومراقبة الكواكب والنجوم. ولذلك ترجموا الكتب المتعلقة بهذه المواضيع، ولكنهم ترجموا أحيانا لإشباع فضولهم المعرفي ليس إلا.

نضرب على ذلك مثلا الفيلسوف العربي الأول: أي الكندي (801-866). فقد كان محبا للمعرفة وتواقا إلى اكتشاف كنه الأشياء. ولذلك راح يدرس الفلسفة اليونانية ويطلع عليها، ونتجت عن ذلك أول فلسفة إسلامية. وقد قال في إحدى المرات هذا الكلام المهم أو بما معناه: لا ينبغي أن نشعر بالخجل أو بالعار إذا ما أخذنا الحقيقة عن أناس الماضي أو عن الشعوب الأجنبية. فبالنسبة للباحث عن الحقيقة فإنه لا شيء أغلى عليه من الحقيقة ذاتها، وينبغي أن يبحث عنها في كل مكان.

هذا الكلام المنقول عن الكندي بتصرف يظهر لنا مدى عظمة فلاسفة العرب والمسلمين القدماء. فعلى عكس الديماغوجيين والقومجيين والأصوليين الحاليين فإنهم ما كانوا يأنفون من أخذ العلم أينما كان. وما كانوا يقولون: هذا غزو فكري لا علاقة لنا به! حمانا الله من الغزو الفكري ومن الغرب اللعين! لا. أبدا. كانوا يقبلون بأخذ المعرفة عن شعوب غير إسلامية كالشعب اليوناني مثلا أو الفارسي القديم أو الشعب الهندي، الخ. ولولا هذا الانفتاح الفكري لما تشكلت الحضارة العربية الإسلامية وبلغت ذروة مجدها وتفوقت على بقية الحضارات الأخرى.

ثم يردف المؤلف قائلا:إن الترجمة عن الإغريق هي التي أدت إلى ولادة التراث العلمي باللغة العربية. وهذا أكبر دليل على مدى أهمية الترجمة. فكل الحضارات الكبرى قامت على أكتاف الترجمات الكبرى. وما ينطبق على العصر العباسي الزاهر ينطبق على عصرنا نحن.

فإذا لم تحصل عملية ترجمة واسعة من اللغات الأوروبية الحديثة إلى اللغة العربية فإنه لن تتشكل حضارة عند العرب. وبالتالي فإن موقفنا نحن من الحضارة الأوروبية يشبه موقف أسلافنا من الحضارة اليونانية.

كلانا أخذ عن الخارج لكي يشكل حضارته الخاصة. أو قل ان أسلافنا أخذوا عن اليونان وعرفوا كيف يأخذون ويشكلون أكبر حضارة في ذلك الزمان. أما نحن فلا نزال نتعثر ونتخبط في طريقنا. ولا تزال نهضتنا تنتظر لحظتها المؤاتية. إن العرب إذ أخذوا العلم والفلسفة وبنوا عليهما اكتشافاتهم الذاتية استطاعوا أن يشكلوا العصر الذهبي الذي لا نزال نحنّ إليه حتى اليوم .



#رحيم_العراقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إستغراق في الديمقراطية
- كاثوليك ..مطلوبون للعدالة
- السيد المسيح..جمهورياً
- الأصولية
- علماء وأنبياء..
- الفكر الإغريقي والثقافة العربية
- تاريخ الاشتراكية الفرنسية
- إبن رشد والإرث الأندلسي
- الكلدوآشوريين السريان والأطباق الطائرة
- المسلمون في إسبانيا، بين عامي 1500-1614
- المسيحية الحديثة والعلمانية
- غوغان
- هيجو .. حياته..أعمالة
- وحدة الفلسفة السياسية
- تجربة مع الشعوب السوفياتية
- . كتاب : التوحش
- رامبو في مهب الريح
- ديكارت
- شاتوبريان
- كونفوشيوس


المزيد.....




- اخترقت غازاته طبقة الغلاف الجوي.. علماء يراقبون مدى تأثير بر ...
- البنتاغون.. بناء رصيف مؤقت سينفذ قريبا جدا في غزة
- نائب وزير الخارجية الروسي يبحث مع وفد سوري التسوية في البلاد ...
- تونس وليبيا والجزائر في قمة ثلاثية.. لماذا غاب كل من المغرب ...
- بالفيديو.. حصانان طليقان في وسط لندن
- الجيش الإسرائيلي يعلن استعداد لواءي احتياط جديدين للعمل في غ ...
- الخارجية الإيرانية تعلق على أحداث جامعة كولومبيا الأمريكية
- روسيا تخطط لبناء منشآت لإطلاق صواريخ -كورونا- في مطار -فوستو ...
- ما علاقة ضعف البصر بالميول الانتحارية؟
- -صاروخ سري روسي- يدمّر برج التلفزيون في خاركوف الأوكرانية (ف ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - رحيم العراقي - بغداد..الصعود والسقوط