أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جواد البشيتي - مرض -التسليم بما هو في حاجة إلى إثبات-!














المزيد.....

مرض -التسليم بما هو في حاجة إلى إثبات-!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 1681 - 2006 / 9 / 22 - 09:28
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في الحديث العربي عن "التنمية" و"الإصلاح"، أي عن "التغيير"، الذي كفى الله دعاته والمنادين به شرَّ "الثورة"، التي هي "رجس من عمل الشيطان" ينبغي لنا اجتنابه ولو كانت "بيضاء" ناصعة البياض، أرى شيئا يحتاج إلى ما يعْدل "الثورة"، هدما وبناء، حتى يتغيَّر؛ وهذا الشيء إنّما هو "العقل العربي"، الذي له عين لا تُبْصِر، وأُذن لا تَسْمع، ويد مشلولة، وكأنَّه برزخ بيننا وبين الواقع النابض بالحياة.

لقد حان لهذا العقل أنْ يصقل مرآته حتى تعكس الواقع بأقل قدر ممكن من التشويه، الذي لا نغالي إذا قلنا إنَّه تحوَّل إلى "طريقة في التفكير" لا نحيد عنها.

إنَّ أوَّل مرض ينبغي للعقل العربي أنْ يشفى منه هو مرض "التسليم بكل ذاك الذي في حاجة إلى إثبات"، فنحن، دائما، في النقاش والجدال والحوار، لا نأتي بأدلَّة تؤكِّد وجهة نظرنا، أو تدحض وجهة نظر الخصم، إلا من النوع الذي ليس فيه من مقوِّمات "الدليل" شيء، فما نُعده "مسلَّمة"، أو "بديهية"، أو "أوَّلية"، نُشهرها في وجه الخصم كسيف بتَّار، أو كقول فصل، إنَّما هو "فكرة" ما زالت في حاجة إلى إثبات، وكأنَّه يكفي أنْ نعتقد بهذه الفكرة حتى يعتقد بها "الواقع"، فدليلنا هو من النوع الذي يُعْوِزْهُ الدليل!

إنني أدعو إلى جمع كل ما ننظر إليه على أنَّه "مسلَّمات"، تشبه "السيف البتَّار"، وغربلتها، من ثمَّ، بغربال الواقع، أو الحقيقة الموضوعية، حتى لا يبقى منها إلا الجدير بالبقاء، أي الذي يصلح "دليل إثبات" أو "دليل نفي" في جدلنا الفكري.

وأحسب أنَّ هذا هو "الثورة" بعينها، والتي فيها، وبها، لا يبقى للأموات من سلطان على الأحياء، وننتصر في الحرب على ما بقي فينا من "وثنية"، فإذا كانت الأصنام المصنوعة من حجر قد حُطِّمت مِنْ قَبْل فلا بد، الآن، من تحطيم الأصنام المصنوعة من "فكر" و"بشر"؛ وإذا كانت صرخة الثورة القديمة "جاء الحق وزهق الباطل" فينبغي لصرخة الثورة الجديدة أنْ تكون "جاءت الحقيقة وزهق الوهم"؛ وكلَّما تأخَّرت هذه الثورة، في العقل العربي، ظللنا "مخلوقات الوهم" التي لم تتحوَّل بعد إلى "مخلوقات الحقيقة"!

ولكنْ متى، وكيف، تشفى عقولنا من مرض "التسليم بالذي ما زال في حاجة إلى إثبات"؟
عندما ندرك، وعبْر إدراكنا، أهمية وضرورة التحوُّل من "أمَّة جواب" إلى "أمَّة سؤال"، فنحن، في مخزوننا المعرفي والثقافي والفكري لا نملك مِنْ حُبِّ السؤال، ومِنْ عِلْمِه وفنِّه، ومِنَ الحاجة إليه، إلا ما يعْدل قطرة في بحر "أجوبتنا الجاهزة"، التي في أبراج مشيَّدة لا يدركها الموت ولو أصبح الواقع الذي، بأسئلته، أنتجها، أثرا بعد عين، ففي ثقافتنا، أو في طريقة تفكيرنا، تموت الأشجار؛ ولكن ظلالها تبقى!

"السؤال" ما السؤال، وما أدراك ما السؤال. إنَّه، إذا ما استوفى شروطه العلمية، العقل وقد زلزل زلزاله، فلولا السؤال عن سبب "سقوط التفَّاحة"، ولولا صوغه في ذكاء علمي، لما كان نيوتن، ولما كان الاكتشاف لقانون "الجاذبية"، فإذا كان مهمَّا أنْ تسأل "متى"، و"أين"، و"كيف" فإنَّ الأهم أنْ تسأل "لماذا"، فلتتصورا أننا جئنا بكل "بديهية"، أو "أوَّلية"، وأدخلنا فيها "لماذا". تصوَّروا أننا جئنا، مثلا، ببديهية "الأرض تدور حول الشمس"، فأدخلنا فيها، في طريقة محدَّدة، "لماذا"، كأنْ نسأل: "لماذا الأرض هي التي تدور حول الشمس وليست الشمس هي التي تدور حول الأرض؟".

يكفي أنْ نصوغ أسئلتنا المهمة في مثل هذه الطريقة حتى نشعر بأنَّ زلزالا قد ضرب عقولنا، وكسَّر قيودها من "الأجوبة الجاهزة السرمدية"!

يكفي أنْ نفعل ذلك حتى يصغر "عظامنا" كما "صغر" سقراط إذ قال وهو يتربع على "عرش المعرفة" في زمانه: "كل ما أعرفه هو أنِّي لا أعرف شيئا"؛ وكما "صغر" آينشتاين إذ قال بعدما جاءنا بالنسبية العامة والنسبية الخاصة: "عُدتُّ طفلا لا أملك في رأسي إلا السؤال"!

فمتى يسبغ الله على "عظامنا"، الذين لهم آفاق تسع كل شيء ولا يسعها شيء، نعمة "الصغارة" تلك؟!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جدل الاعتراف بإسرائيل!
- ثنائية -الإيمان والعقل- لدى البابا!
- الخطأ والاعتذار!
- -الفَرْد- و-السياسة-!
- -العصر الوسيط- يُبعث حيا!
- الفرصة التي يتيحها ضعف أولمرت!
- في -النسبية-
- بعضٌ من النقاط فوق وتحت حروف -الإرهاب-!
- بين الكوزمولوجيا والميثولوجيا
- الحل الذي يتحدى الفلسطينيين على الأخذ به!
- بعض من تجربتي في الفساد!
- -العَلَم العراقي-.. قصة ظلٍّ فقد جسمه!
- لِمَ تعادي الولايات المتحدة -إيران النووية-؟
- حلالٌ أن يتزوَّج الرجل ابنته.. حرام أن يتزوَّج مجتمعنا الديم ...
- صناعة تسمَّى -الاحتواء الإيديولوجي-!
- الحوار المستوفي لشروطه
- لهذا السبب ينبغي لإسرائيل استئناف الحرب!
- تناقض يطلب تفسيرا!
- -الأخلاق النووية- للولايات المتحدة!
- رياح الحرب ذاتها تتجه نحو إيران!


المزيد.....




- شاهد.. رجل يشعل النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترامب في نيوي ...
- العراق يُعلق على الهجوم الإسرائيلي على أصفهان في إيران: لا ي ...
- مظاهرة شبابية من أجل المناخ في روما تدعو لوقف إطلاق النار في ...
- استهداف أصفهان - ما دلالة المكان وما الرسائل الموجهة لإيران؟ ...
- سياسي فرنسي: سرقة الأصول الروسية ستكلف الاتحاد الأوروبي غالي ...
- بعد تعليقاته على الهجوم على إيران.. انتقادات واسعة لبن غفير ...
- ليبرمان: نتنياهو مهتم بدولة فلسطينية وبرنامج نووي سعودي للته ...
- لماذا تجنبت إسرائيل تبني الهجوم على مواقع عسكرية إيرانية؟
- خبير بريطاني: الجيش الروسي يقترب من تطويق لواء نخبة أوكراني ...
- لافروف: تسليح النازيين بكييف يهدد أمننا


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جواد البشيتي - مرض -التسليم بما هو في حاجة إلى إثبات-!