أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سالم جبران - كذب الظَّن ,لا إمام سوى العقل!














المزيد.....

كذب الظَّن ,لا إمام سوى العقل!


سالم جبران

الحوار المتمدن-العدد: 1680 - 2006 / 9 / 21 - 10:59
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ألقى قداسة البابا بندكتوس السادس عشر محاضرة فلسفية امتدت أكثر من ساعتين. المحاضرة فلسفية, بكل المقاييس,تدعو إلى حماية الأديان, بالطبع, الحقيقة الدينية والأخلاق الدينية, ولكنها تدعو بالأساس إلى تكيف الأديان, جميعاً, للمجتمع المعاصر, بالتحالف مع العلم, وبالتحالف مع الحكمة وبالبحث عن المشترك واتخاذ الحوار من منطلق المساواة والاحترام, أساساً للعلاقات الإنسانية.
إن الجملة التي اقتبسها قداسة البابا من إمبراطور في القرن الرابع عشر, لا يجوز القول أنها "تصريحات لبابا روما". لقد اقتبس في محاضرته مقتطفات من عشرات الفلاسفة المنوِّرين ورجال الدين, فلماذا لم يقل أحد إنَّ هذه تصريحات للبابا؟
إن البابا يعرف, ولا شك, أن العقلانية المسيحية في أوروبا, في مرحلة التنوير تغذّّت, مباشرة من ترجمات الفلاسفة المسلمين للفلسفة اليونانية العقلانية والإنسانية. ولقد قرأنا أكثر من مرة, في أبحاث فلسفية أوروبية, أن كل النهضة الأوروبية, بعد غياب القرون الوسطى, تأثرّت تأثراً هائلاً من فلسفات الفارابي وابن رشد وابن سينا, وكذلك من فلسفة الفيلسوف اليهودي موسى بن ميمون الذي عاش في الأندلس العربية- الإسلامية وكان نتاجاً ثقافياً لها.
ولا نعتقد أن البابا لم يعرف أن العرب هم الذين ترجموا إبداعات أفلاطون وأرسطو إلى العربية في القرون الوسطى وحموها تراثاً خالداً للجنس البشري.
كل هذا يعرفه البابا, وتعرفه أوروبا. وعندما حذَّر البابا في محاضرته من التدهور نحو العنف والتشدد كان يتحدث عن ظاهرة عالمية في عالم مأزوم, ولم يتحدث فقط عن العالم الإسلامي.
كان بالإمكان أن يقوم فيلسوف عربي أو سياسي عربي, بلفت نظر البابا إلى الحقائق, وكان بإمكان أي مؤرخ عربي أو أوروبي رصين دحْض أقوال الإمبراطور من القرن الرابع عشر الذي اقتبس أقواله قداسة البابا.
بدل ذلك, رأينا إعلان حرب, وبعض الفضائيات قامت بدور خطير, بتأجيج الأحقاد الغريزية ضد البابا وعملياً ضد الحضارة الغربية, وعملياً ضد المسيحية. إننا نُذكِّر بأنه عندما اندلعت الحرب الأمريكية على العراق سحبت عشرات الدول سفراءها من بغداد, أمّا البابا "بابا روما" فرفض سحب السفير البابوي من بغداد, وقال "حيث يكون أُناس معذبون , نكون ولا ننسحب".
هذه الحملة القبلية الغريزية على البابا مَن تُفيد؟ وتصريحات أسامة بن لادن بأن هذا البابا "محكوم عليه بالإعدام", مَن تُفيد؟ وهذا العمل الإجرامي بمحاولة حرق كنيستين في غزة ونابلس هل تُقرِّب تحرير فلسطين؟!!
إن دم قلبي, كفلسطيني, ينزف, عندما أسمع عن محاولات حرق كنائس فلسطينية, كانت دائماً هي ورعاياها, في المقدمة من المعركة الوطنية ضد الاحتلال الإسرائيلي.
إننا نقترب –وأقول هذا بحزن وقلق- من حالة يمكن أن يعتبر فيها "الإسلاميون" المتطرفون الأُصوليون كل المسيحيين العرب في الشرق "غرباء", و"صليبيين". أولاً هذا افتراء وقح على الحقائق التاريخية, وثانياً هذا ضد صميم المصالح الوطنية العليا للشعب الفلسطيني وللشعوب العربية وللشرق كله.
إن الرئيس الأمريكي بوش والمحافظين الجدد في الولايات المتحدة هم الذين يُحَوِّلون معركتهم ضد الشرق إلى معركة دينية عنصرية. إن الرئيس بوش هو الذي تفوه ويتفوه بتصريحات لها رائحة كريهة, رائحة الكراهية العنصرية للإسلام والمسلمين. فهل نحن أيضاً, في هوس جنوني, نتدهور مثله, إلى الطيش العنصري الحاقد والكاره للآخر؟!!
علينا أن نقول أنه بالإضافة إلى مشاكل العالم العربي والعالم الإسلامي مع الغرب, وللدقة مع النخب الحاكمة, الاقتصادية والعسكرية في الغرب, فإننا كشرقيين نعاني من مشاكل ومعضلات سياسية وفكرية واقتصادية نحن يجب أن نجد حلاًّ لها, فالحل لا يجيء من الغرب لحل مشاكل الشرق.
إن التخلف الاقتصادي والاجتماعي وانتشار الأمية والفقر والحروب, يجعل شعوبنا الشرقية عاجزة عن التحولات الديمقراطية, وعاجزة عن تبني الحوار والاعتدال والوسطية وهي شقيقة الاعتدال, الني كانت عنصراً فلسفياً مركزياً في العصر العباسي وفي العصر الأندلسي.
إن العنف الدموي الذي ينتشر في مجتمعاتنا العربية والإسلامية يجعل بعض الحركات المتطرفة تلوِّن الدين بلون متطرف, إرهابي, انتحاري, والدين من ذلك براء!
حركات التنوير والنهضة التي انتشرت في العالم العربي والعالم الإسلامي, في القرن التاسع عشر والقرن العشرين, كأنما لم تكن, وبدلاً منها انتشرت وطغت حركات أصولية, حركات "الحقيقة المطلقة", حركات الانعزال والأحقاد تجاه المختلف. نحن, كشرقيين, بحاجة إلى اعتماد العقل بدل اعتماد الشعوذة, إلى الانفتاح على كل الحضارات, بدل التخندق في قبو مظلم, إلى الأخذ والعطاء, مع العالم, ثقافياً واجتماعياً وسياسياً, بحاجة إلى الانتقال إلى آفاق وعواصف القرن الحادي والعشرين, بدل أن يكون نموذجنا المفضل عصابات القاعدة وفصائل طالبان.
إنني أسأل, بكل ما في نفسي من انتماء للإنسانية ومن انتماء لأمتنا العربية: إذا قمنا بحملة صليبية مضادة ضد البابا والبابوية, ضد المسيحية الأوروبية, وبالتالي, ضد المسيحيين الفلسطينيين والعرب, إلى أين سوف نصل؟ ومَن المستفيد من ذلك؟ أمريكا سعيدة بحملات الشيخ يوسف القرضاوي وأمثاله, وإسرائيل سعيدة حتى الثمالة من تعمق القطيعة بين العرب وأوروبا.
ولكنني لا أريد أن احسب حسابات الربح والخسارة سياسياً ومصلحياً, فقط, إن المستقبل الحضاري للأمة العربية يتطلب, بشكل بالغ الحيوية. انفتاحاً على العصر, وانفتاحاً واحتراماً لكل الشعوب, صغيرها وكبيرها. مَن لا يحترم الآخرين يجب أن لا يتوقع احترام الآخرين له!
العالم العربي والعالم الإسلامي بحاجة وجودية ومصيرية إلى الانفتاح والتجدد والنهضة, وأخشى ما أخشاه أن يصيبنا, بسبب زوبعات التطرف الظلامي, ما يصيب نوعاً من السمك, الذي يندفع في هوس إلى الشاطىء, حتى إذا ما وصل إلى اليابسة, ما ت. نريد الحياة والحرية والتقدم, لا نريد الموت, ولا نريد التخندق في الأقبية المظلمة.



#سالم_جبران (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إسرائيل بدأت تستعد للحرب القادمة
- وضع العرب الفلسطينيين في إسرائيل
- المعركة ضد الاستعمار الأمريكي والمعركة ضد الأصولية الدينية ا ...
- الشخصية الأولى في إسرائيل–علامة سؤال
- الحرب على لبنان دمرّت..حكومة أولمرت
- هل كانت الحرب لإعادة الجنود المخطوفين؟
- في دولة الأغنياء
- هل هناك استراتيجية عربية
- بعد الفشل في الحرب إنتخابات برلمانية مبكرة
- انتخابات الآن
- بعد توقف العدوان على لبنان بدأت الحرب الداخلية في إسرائيل
- الفرق بين القومية والجعجعة القومية
- تكاليف الحرب
- قبل أن تنتهي الحرب
- المؤرخ الإسرائيلي الدكتور توم سيغف
- أمة أقوى من الموت
- الكارثةالإنسانية في لبنان كشفت الوجه الحقيقي الشع لإسرائيل
- تساؤلات رافضة للحرب القذرة
- الهزة الأرضية قادمة
- الإعلام الإسرائيلي


المزيد.....




- قناة أمريكية: إسرائيل لن توجه ضربتها الانتقامية لإيران قبل ع ...
- وفاة السوري مُطعم زوار المسجد النبوي بالمجان لـ40 عاما
- نزلها على جهازك.. استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة الجديد 20 ...
- سلي أولادك وعلمهم دينهم.. تردد قناة طيور الجنة على نايل سات ...
- قصة السوري إسماعيل الزعيم -أبو السباع-.. مطعم زوار المسجد ال ...
- نزلها الآن بنقرة واحدة من الريموت “تردد قناة طيور الجنة 2024 ...
- قصة السوري إسماعيل الزعيم -أبو السباع-.. مطعم زوار المسجد ال ...
- كاتب يهودي: المجتمع اليهودي بأمريكا منقسم بسبب حرب الإبادة ا ...
- بايدن: ايران تريد تدمير إسرائيل ولن نسمح بمحو الدولة اليهودي ...
- أستراليا: الشرطة تعتبر عملية طعن أسقف الكنيسة الأشورية -عملا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سالم جبران - كذب الظَّن ,لا إمام سوى العقل!