أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - فاطمة الزهراء المرابط - اصيلا ...في رحا ب التاريخ















المزيد.....

اصيلا ...في رحا ب التاريخ


فاطمة الزهراء المرابط

الحوار المتمدن-العدد: 1680 - 2006 / 9 / 21 - 11:10
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


أصيلا عبر العصور الوسطى

أول من قدم عليها من ملوك المسلمين القاسم بن إدريس فملكها و بنى سورها و قصرها إلى أن توفي بها. ثم وليها ابنه إبراهيم فجرت بينه و بين ابن حفصون الثائر من الأندلس مراسلات و مكاتبات في شان الاتفاق على الخليفة الأموي بقرطبة إلى أن هلك، ثم و ليها ابنه الحسين بن إبراهيم بن القاسم فاضطرب أمره و ضعفت طاعته. و منذ هذه الفترة لم تعرف أصيلة وضعية سياسية مستقرة نتيجة الصراعات بين الحكام الذين توالوا على حكمها من جهة و أطماع الأعداء النصارى من جهة ثانية.
عرفت أصيلا خلال العصر الوسيط كغيرها من الثغور الشمالية الغربية ( سبته، طنجة...)، كثيرا من الاضطرابات بسبب قربها من الأندلس، مما جعل الخليفة عبد المؤمن بن علي يوليها عناية و اهتمام خاص لما لها من موقع استراتيجي بين العدوتين، و باعتبارها محطة من محطات صناعة السفن الحربية و التجارية وأحد مرافئ للتبادل الاقتصادي و السياسي و التجاري و الثقافي. ثم إن تاريخ أصيلا له ارتباط و ثيق بتاريخ مدن الشمال الغربي بكل مؤثراته السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية، حيث عاشت أصيلا جميع الأحداث التي وقعت في المنطقة الشمالية اواخرالحكم الموحدي الذي اضطرب و ضعف خاصة بعد معركة " العقاب" التي انهزم فيها الجيش المغربي تحت قيادة محمد الناصر الموحدي 1212م أمام الجيش القشتالي بقيادة الفونصوالثامن. فانتهز المرينيون ضعف الدولة الموحدية بعد وقيعة " العقاب"، كما اغتنموا التدهور الاقتصادي و تفشي الأوبئة بالمغرب سنة 1213م، فقام المرينيون بمحاربة الموحدين في قتال مرير دام حوالي 58 سنة انتهى بظهور الدولة المرينية بالمغرب. وخلال هذه الفترة عانت أصيلا من هجمات العدو الاسباني على سواحلها، مما دفع أهالي أصيلا إلى الفرار حتى أصبحت خالية من السكان، فخشي الفقيه القاضي أبو القاسم العزفي من مصير خلائها و ارتأى بأن احتلال الاسبان للمدينة أصبح و شيكا، و إذا تم فإن حياة المغاربة في إمارته التي كانت تضم سبته و طنجة و أصيلا و ضواحيها ستنقلب إلى جحيم. فقام جنوده بتخريب أسوارها و تهديم قصبتها... و يرجع المؤرخون سبب هذا التهديم إلى خوف العزفي من أن يحتلها الاسبان و يتحكموا بها، هذا الهدم الذي استهدف أصيلا على يد الفقيه العزفي هو إحدى المحن الكبرى التي تعرضت لها أصيلا عبر عصورها التاريخية و التي يشير إليها المثل الشعبي: « أصيلا صغيرة و محاينها كبيرة«. و إذا كان خوف أبو القاسم العزفي من أن يحتل النصارى أصيلا دفعه إلى هدم المدينة، فانه ارتكب خطا عسكريا و حضاريا لأنه بإقدامه على هذا الفعل أضاع على المدينة استمرارية تسلسلها التاريخي كما أضاع عليها معالمها العمرانية و الحضارية و العلمية.
إن مدينة أصيلا عوملت بنوع من الإهمال في أواخر الدولة الموحدية و بداية الدولة المرينية، حيث لم يجعلوا فيها جيشا منظما يحرسها و يدافع عنها أثناء الهجوم عليها من الداخل أو الخارج، و هو نفس الخطأ الذي سيتكرر أثناء الهجوم البرتغالي عليها 1471م. عندما انتهز الفونصو الخامس غياب جيشها مع حاكمها محمد الشيخ الو طاسي أثناء محاصرته لمدينة فاس، فأسرع بإعداد حملة سرية تامة حيث وجه الفونصو الخامس ملك البرتغال أسطولا ضخما وصل إلى مشارف أصيلا في 20 غشت 1471م، و في اليوم الموالي أمر الفونصو الخامس بعض كبار قواده بالاستيلاء على ميناء المدينة بواسطة القوارب الصغيرة، ثم النزول إلى البر فعسكروا في واد الحلو الذي يبعد عن أصيلا بكيلومتر و نصف. فقرر أعيانها و ما تبقى من الجنود الدفاع عنها حتى الرمق الأخير واضعين ثقتهم في أسوار المدينة و في العدد المتبقي من الجنود داخل المدينة. فأبدى الجنود المغاربة مقاومة عنيفة دامت 4 أيام بلياليها. و قد وصل محمد الشيخ هذا الخبر و هو يحاصر مدينة فاس فرفع حصاره عليها متوجها نحو أصيلا على رأس 300 فارس. لكنه وجد البرتغال قد تمكنوا من المدينة و تحصنوا بها، فلم يبقى أمامه إلا أن يمضي مع ملك البرتغال الفونصو الخامس معاهدة سلام مدتها 20 سنة. بعد هذه المعاهدة عمد البرتغاليون إلى تحصين و إعادة بناء المدينة بتحصين النصف المحادي للبحر، و هو المدينة القديمة حاليا دفعهم إلى هذا النقص البشري الذي كان البرتغاليون يعانون منه، فبنقص مساحة المدينة يسهل مراقبتها و الدفاع عنها بأقل عدد ممكن من الجنود.
و قد تمت تولية محمد الشيخ سلطانا على المغرب بموافقة أهل الرأي و المشورة بمدينة فاس، و بذلك بدأت الدولة الوطاسية التي قامت على أسس الدفاع عن الوطن و محاربة الاحتلال البرتغالي للثغور المغربية الشمالية للمغرب. و لما توفي محمد الشيخ 1501م تولى الحكم ابنه محمد، و قد بدا حكمه بقيادة حملات ضد تواجد الاحتلال البرتغالي للمغرب، و بالأخص أصيلا مسقط رأسه حيث كان يبدي حماس كبير لتحريرها ثم ليمتص تدمر المغاربة و المجاهدين بالمناطق الشمالية من تقاعس الوطاسيين عن محاربة الأعداء البرتغاليين. وقد استمر الاحتلال البرتغالي لأصيلا زهاء قرنين عرفت المنطقة خلالها أبشع أنواع الاستعمار، لأن هؤلاء البرتغاليون كانوا يهدفون إلى الاستيلاء على مدينة فاس عاصمة المغرب انطلاقا من الثغور الشمالية المحتلة.
ورغم أن السلطان المغربي قام في سنة 1508 م بجمع قوات جيشه متوجها نحو أصيلا، حيث طوقها بجيش عظيم يضم 20 ألف فارس و مائة و عشرين ألف جندي، فهجموا على أسوارها و أبراجها لمدة يومين انهزم خلالها الجيش البرتغالي الذي خسر ثلثا قواته و جرح حاكم المدينة Don Vasco Contino. فغادرا ساحة المعركة مع جنده ليحتموا بقصبة المدينة " برج القمرة " فطاردهم جيوش المغاربة لكنهم توصلوا بإمدادات من طرف حاكم طنجة البرتغالي D.J.de Menesses، فجرت معارك ضاربة في أزقة المدينة استمرت 3 أيام انسحب في أخرها الجيش المغربي، بعدما قام بتهديم أسوار المدينة و إحراق منازلها. فقام البرتغاليون بإعادة بناء أسوار المدينة و تقويمها و إعادة النشاط إليها. لكن بعد عامين من هذه المحاولة عاد المغاربة لمحاصرة المدينة من جديد، فاستنجد البرتغاليون بأسطول برتغالي كان متوجها إلى الهند و قبل انسحاب المغاربة قاموا بإضرام النار في احد مخازن المدينة محدثين خسائر هامة في السكان. وقد استمر البرتغاليون في احتلال أصيلا في أمن مشوب بالحذر الشديد من محاولات السعديين لاسترجاع الثغور المحتلة من طرف البرتغال، إلى أن أمر الحاكم Don Juan بمغادرتها 1551 م. فاسترجع المغاربة هذا الثغر الحصين و احتفظوا به تحت حكمهم، إلى أن وقعت في يد حاكم مدينة طنجة البرتغالي D.Duarte Meneses قبل وقوع الهزيمة النكراء البرتغاليين في معركة وادي المخازن.
من خلال قراءة الفترة البرتغالية بأصيلا ( من 24 غشت 1471 إلى مابعد 1578 م )، نلاحظ بأن البرتغاليون بكل وحشية و حقد صليبي تعمدوا طمس كل المعالم الحضارية (الاجتماعية، العمرانية، الدينية، العلمية ). لذلك لا نعثر على آثار و بقايا عمرانية تعود إلى عهود الدول المغربية السالفة، فلا نجد مثلا آثار تعود إلى إمارة الادارسة أو العهد المرابطي أو الموحدي و لا حتى المريني المتأخر. فقد تعمد البرتغاليون طمس وحرق كل الكتب و المخطوطات ذات الطابع المغربي الإسلامي، فلم يحفظ لنا التاريخ بالمدينة كتابا أو مخطوطا أو تقييدا أو كنانيش تعود لفترة ما قبل احتلال المدينة 1471م. مع العلم أن هناك إشارات تاريخية تؤكد أن المدينة عرفت حركة علمية و أدبية و كانت مقرا للأدباء و الشعراء. و أن فترة الاحتلال البرتغالي هي ذلك الشرخ و الفاصل الحضاري للمدينة بين ماضيها الحضاري الإسلامي، قبل سنة الاحتلال و حاضرها المبتدإ بتحريرها التام في عهد السلطان المولى إسماعيل سنة 1690م على يد القائد أحمد بن حدوا. و منذ هذه الفترة لم تعرف أصيلا أية أهمية تاريخية، لكنها عاشت نفس الوضعية السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية التي عرفتها المنطقة الشمالية في عهد الحكم العلوي. وفي سنة 1912 احتل الجيش الاسباني مدينة أصيلا كما احتل عدة مدن من شمال المغرب خلال فترة الاستعمار الاسباني الفرنسي للمغرب، و لم تنعم أصيلا بالأمن و السلام إلا بعد استقلال المغرب.
إذا كانت أصيلا قد لعبت أدوارا مهمة عبر مختلف العصور التاريخية و شهدت عدة صراعات سياسية و عسكرية، فإنها الآن تقبع بسلام على المحيط الأطلسي مدينة صغيرة جميلة و هادئة بأسوارها البرتغالية الشاهدة على تاريخها العريق، و ورغم أنها استرجعت طابعها الإسلامي المتجلي في معمار بيوتها و قصرها و مساجدها خلال العصر العلوي، لكن هذا الطابع الإسلامي في أصيلا بدأ يتلاشى تدريجيا مع التطور المعماري الحديث. كما أن أصيلا على غرار باقي المدن التاريخية تعرف اهتماما كبيرا بمعالمها و مآثرها التاريخية كمدينة سياحية تستقبل السياح المغاربة و الأجانب طيلة السنة. و تحفل بحركة ثقافية نشيطة باعتبارها موطن مجموعة من الشعراء و الكتاب و المثقفين.....



#فاطمة_الزهراء_المرابط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أصيلا...في رحاب التاريخ الجزء الأول
- اصول اضطهاد النساء
- الحركة التجارية في تطوان.. ما بين الماضي و الحاضر الجزء الث ...
- الحركة التجارية في تطوان ....ما بين الماضي و الحاضر الجزء ال ...
- الحركة التجارية في تطوان...ما بين الماضي و الحاضر الجزء الا ...
- المرأﺓ...ﺍﻟﻌمل الجمعوي أية علاقة ...
- الأستاذ التلميذ... أية علاقة ؟!!
- - المرأة العاملة بين قانون الشغل و مرارة الواقع -
- اصيلا ذات مساء


المزيد.....




- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...
- زاخاروفا: إستونيا تتجه إلى-نظام شمولي-
- الإعلام الحربي في حزب الله اللبناني ينشر ملخص عملياته خلال ا ...
- الدرك المغربي يطلق النار على كلب لإنقاذ فتاة قاصر مختطفة
- تنديد فلسطيني بالفيتو الأمريكي
- أردوغان ينتقد الفيتو الأمريكي
- كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي
- تظاهرات بمحيط سفارة إسرائيل في عمان


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - فاطمة الزهراء المرابط - اصيلا ...في رحا ب التاريخ