أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي محمود - نظرية ال-memetics- أو -الجينات العقلية-















المزيد.....

نظرية ال-memetics- أو -الجينات العقلية-


علي محمود

الحوار المتمدن-العدد: 1680 - 2006 / 9 / 21 - 09:43
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تعتبر نظرية الـ"memetics" إحدى النظريات التي تهدف إلى تحسين طريقة تفكير الإنسان وتخليصها من المشكلات الفكرية التي قد يقع فيها ومن بينها على سبيل المثال قبول المسلمات على الرغم من أن تلك المسلمات قد تكون خاطئة.

وتنطلق تلك النظرية من الرؤى التي فسرت المجتمع على أنه كائن حي وهي الرؤى المعروفة باسم "النظرية العضوية" والتي تتبلور في أنه يمكن فهم المجتمع الإنساني من حيث النشوء والتطور من خلال تطبيق ذات القوانين التي تفسر تطور ونشوء الإنسان أو الكائن الحي بصفة عامة.

مضمون النظرية
تقول نظرية الـ"memetics" أو التي يمكن أن نطلق عليها "نظرية الجينات العقلية" - وهي التسمية التي تعتبر ترجمة للمضمون أكثر منها ترجمة حرفية – أن العقل الإنساني وكذلك الثقافة الإنسانية يتكونان من وحدات أساسية وهي الـ"memes" والتي تمثل حجر الأساس في البناء العام للعقل والثقافة، وهنا تبرز مقارنة العقل البشري والثقافة الإنسانية بالكائنات الحية حيث يقول واضعو النظرية إنه بالمثل تشكل الجينات الإنسانية حجر الأساس لبناء الكائن الحي.

الهدف الرئيسي من علم الـ"memetics" هو استخدام النظرية الداروينية - الخاصة بنشوء وارتقاء الكائنات الحية عن طريق الانتخاب الطبيعي – في فهم الثقافة الإنسانية وتفسيرها وتأويلها، ومن بعض التطبيقات المحتملة لذلك الاستخدام هو التأكد من أن الأفكار الإنسانية تنتقل بين الأفراد وذلك ليس بسبب كونها جيدة ولكن بسبب كونها تحمل "memes" جيدة أو "جينات عقلية" جيدة ومن بينها الخوف والحب وغيرها، إلا أن النظرية لا تغفل دور الإرادة الحرة للإنسان في نقل وتلقي تلك الأفكار بعيدا عن قوانين الارتقاء الطبيعية.

يستخدم هذا العلم أو تلك النظرية علوم الأنثروبولوجيا وعلم النفس والبيولوجي والعلوم المعرفية من أجل التوصل إلى أهدافه والتي تقول إنه يمكن فهم العقل الإنساني والثقافة الإنسانية وكل المنجزات الإنسانية من علم ومعرفة وبناء حكومات وذلك من خلال تطبيق قوانين النمو الطبيعي عليه كما نصت أفكار تشارلز دارون، إلى جانب أنه يمكن من خلال ذلك العلم تلافي الأخطاء التي قد يقع فيها العقل البشري من خلال عملية التطور حيث تنتقل بعض الأفكار السلبية بين البشر ومن بينها المسلمات وكذلك التعميم وما إلى ذلك من الأخطاء التي يقع فيها الفكر البشري والتي تتراكم عبر تاريخ التطور الإنساني إلى الدرجة التي تصبح معها واحدة من مكونات الفكر الإنساني العام بدلا من أن تقتصر فقط على أن تكون أحد مكونات عقل أحد الأشخاص وفكره وثقافته الخاصة.

من هذا جاء موضوع كتاب "فيروسات العقل" أو "Virus of the Mind" والذي يعتبر الكتاب الأبرز الذي تم تأليفه في هذا المجال والذي لا يمكن الحديث عن تلك المسألة من دون الإشارة إليه.

لكن في البداية ينبغي التعرف على مؤلف الكتاب وهو ريتشارد برودي أحد كبار المستشارين الشخصيين لصاحب شركة البرمجيات الأمريكية المعروفة مايكروسوفت بيل جيتس وقد تلقى تعليمه في جامعة هارفارد الأمريكية.

يؤكد المؤلف على أن الفكرة الرئيسية في كتابه هي البحث عن الأمراض التي تضرب العقل البشري والتي يسميها الكاتب "فيروسات العقل"، ويقول الكاتب إنه من خلال علم الـ"memetics" أو الجينات العقلية يمكن الخروج من هذا الفخ العقلي وبالتالي العمل على تحسين العقل الإنساني عملا بأفكار النشوء والارتقاء.
فطالما كان النشوء والارتقاء يمضي وفق القوانين التي تحكم الطبيعة فإنه يمكن أيضا استخدام القوانين التي يتبعها الإنسان في محاولاته الارتقاء بالأجناس الحية، وهو ما يقودنا إلى مفاهيم مقاربة لمفاهيم الهندسة الوراثية أي تعديل الفكر الإنساني من خلال تطبيق القواعد الخاصة بالهندسة الوراثية.

تدور فكرة الكتاب حول ضرورة الوعي بالقيم الفكرية أو بالأفكار بصفة عامة والتي يقوم المرء بنقلها إلى الآخرين من خلال أية وسيلة من وسائل التفاعل الاجتماعي والثقافي والإنساني، ويضيف الكاتب قائلا في ملخصه حول الكتاب إن المشكلات والتعقيدات التي يمر بها العالم والمجتمع الإنساني حاليا ترجع إلى فيروسات العقل.

ويؤكد الكاتب أن هناك علما جديدا يسمى "علم النفس التطوري" أو "علم النفس الارتقائي" والذي يعني بالإنجليزية (evolutionary psychology) وهو العلم الذي يبحث في الكيفية التي يمكن من خلالها دراسة النمو النفسي للإنسان وفق قوانين النشوء والارتقاء، ويشير إلى أنه يتوقع العديد من الانتقادات لتلك النظرية بسبب أحد المشكلات التي يعاني منها العقل البشري وهي الحيل الدفاعية التي يرى الكاتب أنها إحدى آفات العقل الإنساني.

من أبرز الانتقادات التي يمكن أن توجه إلى هذه النظرية
1- تستند تلك النظرية على أسس من الفكر الدارويني وهو الفكر الذي لم تثبت صحته حتى الآن في مجال علوم الأحياء وبالتالي لا يمكن أن يقام على أساسه نظرية في العلوم الاجتماعية.
2- تعامل هذه النظرية العقل والثقافة على أنهما كائن حي مستندة إلى النظرية العضوية في تفسير نشوء وتطور المجتمعات البشرية، وهو ما لا يصح فالكائن الحي تكون الدوافع التي تحرك العمليات الداخلية فيه هي دوافع الغريزة وهو ما لا ينطبق على العقل أو الثقافة اللذين يستندان على دوافع أرقى من الدوافع الغريزية.
فعلى سبيل المثال يقول هودجز في تعريفه للمجتمع إن المجتمع الإنساني هو "جماعة من الناس تعيش في مكان واحد وأمضى أفرادها معا فترة من الوقت كافية لكي يكونوا منضمين"، وعلى الرغم مما في هذا التعريف من نقائص أبرزها عدم إشارته إلى العنصر الثقافي في تشكيل المجتمعات إلا أنه يشير إلى ضرورة التفاعل بين الناس في مساحة معينة من الأرض وذلك لكي يتحقق الترابط بين الأفراد وبالتالي يشكلون ما يمكن أن نسميه "المجتمع"، وعليه فإن القوانين التي تحكم نشأة المجتمع تختلف تماما عن تلك التي تحكم نشأة الجنس البشري أو الكائن الحي فلا يأخذ جسم الكائن الحي فترة من الوقت لكي يتعايش مع نفسه، وقد يقول قائل إن الجسم ينمو وهذا يعني تفاعل الأجزاء، والرد يكون بالقول إن الأفراد قبل نشأة المجتمع يتصارعون فهل يحدث صراع بين أعضاء جسم الإنسان قبل أن يحدث النمو؟ بالطبع لا فالجسم ينمو بكل اتساق وتناسق وبالتالي فإن تطبيق قوانين النمو الاجتماعي تختلف تماما عن قوانين النمو البيولوجي.
3- تطمح هذه النظرية إلى تحقيق الكمال الإنساني عن طريق ضبط الفكر وترويضه بهدف القضاء على أية مخالفات أو فيروسات فيه وذلك وفق التطبيق الذي ورد في الكتاب المسمى "Virus of the Mind" أو "فيروس العقل"، ولا يمكن أن يتحقق ذلك في الحياة الإنسانية إذ أن ضبط جميع العوامل التي تتحكم في نشوء وتطور الفكر الإنساني يعتبر من المستحيلات نظرا لتشعب وتفرع المؤثرات التي تساهم في تشكيل الثقافة الإنسانية.
4- تؤكد هذه النظرية على دور الإرادة الطبيعية للإنسان في قبول أو رفض الأفكار وهو ما يتنافى مع واقع النظرية الداروينية التي تتأسس عليها تلك النظرية الفكرية، حيث أنه لا مجال للإرادة في التطور الدارويني حيث كل شيء يتم من خلال قوانين "الانتخاب الطبيعي" فقط أي أن الطبيعة تقوم بفعلها وما على الكائنات الحية إلا أن تتقبل نتائج هذا الفعل.
5- تعامل النظرية العقل الإنساني على أنه جسم مادي بل تصل إلى الدرجة التي تقول إنه مثل العقل الإليكتروني، وهذا مخالف للحقيقة بسبب عدم وجود كيان مادي للأفكار، ونحن هنا لا ننفي وجود سمات مشتركة بين المجتمعات الإنسانية في الأفكار، إلا أن المشكلة الرئيسية في تلك النظرية هي القول بما يمكن أن يسمى "فيزيائية الأفكار" أي أننا نقدر أن نمسك بها، وهذا مستحيل علميا، فحتى مع القول بوجود "نبضات كهربية" في العقل الإنساني فإن العلم لم يتوصل بعد إلى توليد الطاقة الكهربية من هذه النبضات الكهربية الإنسانية الأمر الذي يعني اختلاف أن إخضاع العمليات الفكرية لقواعد علم البيولوجي كما أنه من الصعب إخضاع البيولوجي للقواعد الفيزيائية في بعض الأحوال.
6- تضم هذه النظرية بعض الإشارات الإلحادية حيث أنها تتجاهل فكرة وجود عناصر فكرية هابطة من السماء لم تتشكل في البيئة الاجتماعية الإنسانية، أي أنها تعامل فكر الإنسان على أنه "منتج بيولوجي اجتماعي تفاعلي" بعيدا عن وجود القيم التي نزلت في الكتب السماوية، وهذه النقطة لها جذور في النظرية الداروينية التي تقول إن الإنسان تتطور من القرد بعيدا عن فكرة إنزال الله تعالى لنبيه آدم والسيدة حواء من السماء إلى الأرض، وعلى الرغم مما قد يبدو في ذلك الاعتراض من تجن على النظرية إلا أن استنادها للفكرة الداروينية يبرر ذلك الوصف وهو الوصف الذي لا ينبع من عقلية دينية متزمتة ولكن عند تعارض العلم مع المعلوم بالضرورة من الدين فإن الغلبة تكون للمعلوم بالضرورة من الدين مع كامل التقدير لكل القواعد العلمية، حيث أن تلك القواعد العلمية لم تفسر فكرة الوفاة بعد خروج الروح على الرغم من أن أجسام بعض المتوفين تكون في منتهى السلامة.

إمكانية التطبيق في اللغة
بخصوص إمكانية تطبيق هذه النظرية في دراسة اللغة أو التعرف على اللغة وبخاصة العربية يعتبر أمرا بالغ الصعوبة وذلك بسبب العديد من العوامل ومن بينها:
1- يتطلب تطبيق تلك النظرية على اللغة – أية لغة - وجود معرفة باللغة ذاتها من حيث ظروف النشأة والتكوين للتعرف على الأخطاء التي صاحبت بداية اللغة وبالتالي السعي إلى تصويب تلك الأخطاء التي من المحتمل أن تكون قد باتت جزءا من اللغة ذاتها.
2- يحتاج تطبيق النظرية أيضا إلى مراجعات لتاريخ قديم غاية في القدم هو تاريخ نشأة اللغات - وبخاصة اللغة العربية التي تضرب في عمق التاريخ - ولا تتوافر عن تلك الفترات مراجع موثوقة الأمر الذي يجعل أي مجهود بحثي ضربا من التخمين وهو ما يتنافى مع فكرة الدراسة العلمية للغة أو لأي نشاط إنساني بوجه عام.
3- تتنافى فكرة "الانتخاب الطبيعي" التي تقوم عليها النظرية الداروينية مع فكرة تطور اللغة عبر الممارسة الاجتماعية، فقوانين "الانتخاب الطبيعي" تعني أن ما يتم الوصول إليه في نموذج واحد سوف يتوافر في كل النماذج، أي أننا إذ ما طورنا تعبيرات في اللغة فإن على كل مستخدمي اللغة أن يستخدموها حيث أنها صارت جزءا من قواعد اللغة وهو ما لا نراه في الواقع، فكل شخص يستخدم هذا التعبير أو ذاك وفق إرادته الحرة، وإذا كانت نظرية الـ"memetics" قد أعطت مساحة للإرادة الحرة فإن هذا يعني تضارب المرجعيات التي تقوم عليها تلك النظرية وطالما تعددت المرجعيات فإن التأويلات سوف تتعدد وبالتالي تفقد النظرية مضمونها في "تأطير فكرة معينة في إطار واحد".

كان ذلك عرضا موجزا لنظرية الـ"memetics" أو تلك التي يمكن أن يطلق عليها نظرية "الجينات العقلية" وأبرز مواطن الضعف فيها أو ما يمكن توجيهه لها من انتقادات إلى جانب رؤية لإمكانية تطبيقها على اللغة العربية من عدمه.



#علي_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الناطق باسم نتنياهو يرد على تصريحات نائب قطري: لا تصدر عن وس ...
- تقرير: مصر تتعهد بالكف عن الاقتراض المباشر
- القضاء الفرنسي يصدر حكمه على رئيس حكومة سابق لتورطه في فضيحة ...
- بتكليف من بوتين.. مسؤولة روسية في الدوحة بعد حديث عن مفاوضات ...
- هروب خيول عسكرية في جميع أنحاء لندن
- العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز يدخل المستشفى التخص ...
- شاهد: نائب وزير الدفاع الروسي يمثل أمام المحكمة بتهمة الرشوة ...
- مقتل عائلة أوكرانية ونجاة طفل في السادسة من عمره بأعجوبة في ...
- الرئيس الألماني يختتم زيارته لتركيا بلقاء أردوغان
- شويغو: هذا العام لدينا ثلاث عمليات إطلاق جديدة لصاروخ -أنغار ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي محمود - نظرية ال-memetics- أو -الجينات العقلية-