أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - صباح كنجي - ماذا حدث في سينا ؟!















المزيد.....


ماذا حدث في سينا ؟!


صباح كنجي

الحوار المتمدن-العدد: 1680 - 2006 / 9 / 21 - 11:08
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


مرة ً أخرى ..... مع مسيرة الجمال والنضال .....
ورد في كتاب النصير فيصل عبد السادة الفؤادي المعنون ( مسيرة الجمال والنظال ) الكثير مما يحتاج إلى التدقيق والتفصيل ، والكاتب معذور إن صاحبت جهده الكبير بعض الهفوات الصغيرة ، التي نقلت له من مصادر قد لا تكون هي ايظا ً مطلعة على تفاصيل بعض الأحداث التي جرت ، وقد ذكر في الصفحة ( 240 ) من الكتاب تحت عنوان شهداء بهدينان ( الرفيقان حكمت وعائد استشهدا في هجوم للنظام على قرية سينا وشيخ خدر في نفس العمليه جرح الرفيق أبو رستم الذي استشهد في عملية أخرى )، وقد قرأت ايظا للسيد نبيل دمان ما كتبه عن معركة سينا في مجلة رسالة العراق والرد عليه من قبل مالك يوسف المحسن على ما اذكر في العدد( 68 ) من رسالة العراق ونشر السيد دمان الموضوع نفسه في مواقع الكترونيه ( القوش وتللسقف ) ، وآخر من كتب عن الموضوع جاء في موقع للانصار كان للنصير فائز الحيدر( ابو سوزان ) ويبدو انه من أصدقاء الشهيد عائد أو من اقاربه ، وطبعا ً هناك من يسأل عن التفاصيل ويريد ُ أن يعرف ما حدث في تلك الليلة وماذا حل بالشهداء وكان آ خر من اتصل قبل فترة شقيقة الشهيد عائد من السويد طالبة ً أية ِ معلومات تفيد بمعرفة مكان دفنهم في دهوك وقد بَذلـَت جهدا ً غير مجديا ً في محاولتها للوصول اليهم ، إذ لم تفلح للأسف لحد الان . سأحاول قد المستطاع أن أكون امينا ً في روايتي لتفاصيل الحدث الذي جرى في ذلك اليوم ، وأرجو المعذرة إن هفوت فانا لا أود حقيقة الكتابة عن موضوعات تخص الأنصار والشهداء كي لا اسيء إلى بعضهم من خلال عدم الأيفاء لهم ولصفاتهم وسجاياهم من جهة ولأني لا أود الخوض في موضوعات انصاريه تحتاج للتأني والمعلومات الدقيقة ، والذاكرة وحدها لا تفي بالغرض خاصة إننا كنا نتعامل بأسماء سريه وأحدنا لا يعرف إلا القليل مما يود معرفته عند الكتابة عن تلك الأسماء التي رحلت وبقيت ذكراها كالجمر تحت رماد الروح الذي يشتعل ثانية كلما مر ّ طيف لأسم أو مجرد خيال لضل شهيد عشتَ معه اجمل أيام عمرك َ وأنتَ وهو في اصعب الضروف .

سينا هي أحدى قرى الايزيديه في منطقة فائدة تتداخل بيوتها مع بيوت شيخ خدر الملاصقه لها ، وبينهم كانت تجمعات لبيوت الهويرية المهجرين والمرحلين من مناطق زاخو وسميل والارض الممتدة بين جبل دهوك وجبل القوش عبارة عن سهل منبسط خال ٍ من الأشجار يزرع بالحنطة والشعير فقط من قبل الفلاحين والمزارعين في تلك القرى الممتدة بين كاني كلان والصالحيه وحتى زاوة وخرشني ...
كان يشعر الأنصار بالراحة والسعادة حينما تتجول المفرزة في تلك القرى رغم خطورة المنطقة وعدم وجود الاشجار في الجبال بسبب حرقها من قبل الجيش سنة بعد أخرى منذ اندلاع الثورة الكرديه ، وذلك لأن أهالي المنطقه الأيزيديين يجيدون اللغة العربيه ويُسهل هذا للأنصار التفاهم معهم وخلق علاقات صداقه مباشرة مع عدد من العاملين في المدن الجنوبيه والوسط وبغداد . وكان لتعامل سكان القرية وتعاونهم مع الأنصار وما يقدمونه من مساعدات ماليه وملابس وغيرها من المسلتزمات الضروريه ودماثة الخلق التي يتصف بها اهاليها ، كل ذلك يشجع الأنصار على التردد إلى هذه القرية بالذات رغم خطورتها.
أما قادة المفارز والكوادر العاملة مع قوات الأنصار فكانت لديهم مهمات داخل المدن أو عبر منظمات التنظيم المحلي الذي يربط الأنصار بالداخل أيضا ً ، وكان للبعض مواعيد لأرسال انصار إلى الداخل أو إستقبال آخرين ، وكانت شاريا القريبة من سينا والقوش ومناطق الكند في دوغات وختارة معابر آمنة ومريحة بعض الشيء قياسا ً لأجواء الحرب في تلك الأيام وطبيعة الفاشية السائدة في ذلك الوقت من شتاء عام 1982.
في تلك الضروف شتاءً وصلت المفرزة المستقلة التي كان يقودها أبو نصير ( لازار ميخو )1 إلى مناطق الدشت في مطلع العام الجديد ، وبقينا نتجول في عدد محدود من قرى سهل سينا الذي تشرف عليه مباشرة ً مجموعة ربايا جبل القوش التي تسيطر بشكل تام على الحركة في هذا الحوض المنبسط ومعابره بالنواضير العاديه فهي ليست بعيدة والمسافة بين قرى السهل وموقع الربايا افقيا ً كخط نظرلاتمنع مشاهدة حركة الناس بالعين المجردة ، في المقابل كان عملاء السلطة من عناصر امنيه ومخابراتيه واجهزة استخبارات يواصلون تقديم تقاريرهم إلى مصادرهم ويرصدون تحركات المفرزة كل يوم ناهيك عن طائرات الهليكوبتر التي كانت تجول في سماء المنطقة متى تشاء إنطلاقا ً من قواعدها في معسكرات الجيش في دهوك ، أما المخاتير فكانوا مكلفين بتبليغ الجهات الأمنية في ناحية فائدة بعد كل زيارة من قبل مفارز الأنصار لهذه القرى والويل لمن يخفي أو يتأخر عن تبليغ السلطات المرتبط بها أو مرجعه الأمني المفروض عليه من قبل دوائر الأمن ، وأحيانا ً كان العملاء متخفين في مفارز الأنصار كجواسيس لحين كشف امرهم واعتقالهم .

بقينا نتجول في محور سينا ومجموعة قراها التسعة لأكثر من شهر واحسسنا بالخطورة مع مجيء مجموعات انصاريه لمفارز كان يقودها كل من( أبو سربت وابو ماجد وابو ليلى الالقوشي) ومجموعة من كوادر التنظيم المحلي من قيادة محلية نينوى ودهوك وأصبح عددنا بحدود (65 ) نصيرا ًحاولنا تنبيه قيادة المفروزة لضرورة ترك المنطقه والأبتعاد قبل أن نتعرض لهجوم أو لأحتمالات القصف وألأنزال فالمنطقه لا تتحمل كل هذا العدد الكبير من الانصار ولهذه المدة الطويلة من الوقت الذي تجاوز الشهر، لكننا بقينا رغم الملاحضات التي قدمت من عدد كبير من الأنصار نتجول فيها في حركه روتينيه ، وقبل الحادثة بيوم واحدٍ كنت على موعد مع الصديق عادل ناصر الذي كان يقود تنظيمات اوك في المنطقه لغرض إستلام الملتحق الجديد عادل حجي قوال ( أمين )2 الذي قرر الألتحاق وكانت تربطني بأمين صلة صداقة متميزة ونحن في ذات الوقت اشقاء في الرضاعه ..

المهم في تلك الليلة وبتاريخ 19/2/1982 * قرر أبو نصير أن نتوزع في بيوت الهـويريه بين القريتين ، توزعنا عندهم وإنفصلت عنا مجموعة كوادر التنظيم المكونه من ( أبو داؤد ، وابو فؤاد 3 ، وناظم ، وابو خلدون) وتوجهت إلى بيت عجيل شقيق عادل ناصرفي بداية القرية من جهة الشرق وكان تواجدها يشكل ضمانه لنا عند المغادرة ككمين متقدم يضمن سلامة الطريق عند الأنسحاب فجرا ًاما المجموعة الثانيه التي كلفت باستطلاع أهداف في القوش فكانت مكونة من ( أبو سربت وابو ماجد 4 ) وهم قادة مفارز مهمة في قاطع بهدينان ومن الكوادر المعروفة على مستوى كردستان مع خمسة انصار آخرين فقد عادت في الثانيه بعد منتصف الليل وباتت في قرية الصالحيه بلا حراسة بسبب التعب وحالة الخدر التي سادت بعض الشيء لدى الأنصار، و التي انعكست على ضعف اليقظه وألاستخفاف بالعدو وإمكانياته وقدراته في التحرك وتوجيه الضربات لمفارز هم ، والمسافة بين الصالحيه وسينا لا تتعدى الخمسة كيلومترات ، وبقية الأنصار وعددهم ( 52 ) نصيرا بينهم خمسة نصيرات فقد توزعوا في بيوت الهويريه ، وفي الساعة العاشرة ليلا بحثنا عن مكان للتجمع والنوم وفشلنا لأن معظم بيوت الهويرية صغيرة لا تصلح للتجمع والنوم ، وقبل الحاديه عشر ليلا ذهبت ُ إلى المدرسه التي كان فيها عدد من المعلمات وكنت اعرف اثنين منهن احداهن زوجة صديق لي والأخرى من عائلة شيوعيه ، طلبت منهن مساعدتنا في توفير مكان للنوم في عدد من غرفها ( صفوفها ) فوافقوا وهكذا توجهنا إلى المدرسه للنوم والراحه .

كنت أتابع الحراسات وحينها في تلك الليلة عانيت ُ من مغص كليوي كان يلازمني بين الحين والآخر فطلبت من النصير أبو ظاهر الذي كان مستشارا للفصيل الأول إعداد ورقة الحراسة وإخراج الدوريات .

تجمعنا في المدرسة وافرغنا عددا من الصفوف للنوم ، كانت المدرسه في مقدمة سفح الجبل تقريبا ً وما بعدها فراغ خال ٍ من البيوت ما عدا اكوام من الحجارة في مناطق حول المدرسة مهيأة لأستخدامها في البناء لاحقا ً من قبل اصحابها ، توزعنا في صفوف المدرسة في حدود منتصف الليل كانت الأمور عاديه ولم يحدث ما ينبه على وجود شيء غير طبيعي، في الساعة التي تلتها شعر الحراس بنباح الكلاب المتواصل لكنهم اقتنعوا إن الأمر لم يتعدى نباح الكلاب وراء حمير ٍ سائبة ( حسب رواية أبو شاكر الذي كان حرسا في تلك الساعة ) كانت تتراكض في ساحات القرية وازقتها .

في الساعة الثانية بعد منتصف الليل ازداد نباح الكلاب لكن الحراس توصلوا إلى نفس القناعة حينما وجدوا الكلاب تلاحق الحمير .

بين الثالثة والرابعة فجرا ً وهي آخر ساعة حراسة ومن بعدها النهوض والمغادرة كان أبو فاتن وابو علي الأشقر أمام الباب يؤدون نوبتهم في الحراسة الأول كان سلاحه عفاروف والثاني قناص لذلك اخذ كل واحد منهم قطعة كلاشنكوف بلا مخازن اضافيه من الحراس الذين قبلهم .

كانت أصوات الكلاب تتواصل ، الوقت الان يقترب من الرابعة فجرا، لم يبقى إلا دقائق قليلة للرابعة ، قرر أبو فاتن الدخول للمدرسة لأيقاض الأنصار والتهيؤ إستعدادا للمغادرة ، وقبل أن يشرع أبو فاتن في دخول أول غرفة ، مرّ بالقرب من باب المدرسه وحارسها الوحيد في تلك الدقيقة عددا من الجنود يقودهم ضابط ، صاح عليهم أبو علي مصعوقا ً من انتم ؟.. توقفوا.. ردّ عليه الضابط من أنت َ وأعقبها بشتيمة نابية بعد أن تفاجأ حيث كان يتجول في القرية مقتنعا ً بعدم وجود الأنصار فيها لذلك كان مترهيا ً في تجواله وهو يمر من أمام باب المدرسة ، لم يتردد أبو علي وكان من الأنصار الشجعان والجريئين فحسم الموقف بالمبادرة بأطلاق النار على مفرزة الجنود الجوالة مع ضابطها..

وقامت القيامه.... لعلع الرصاص من كل الأتجاهات وإنصبت حمم من النيران المتواصلة على المدرسه وتوجهتْ نحو ها القاذفات الصاروخيه ، كان الرصاص يدخل علينا من الشبابيك والأبواب وأخطر ما يواجهنا وجود كمين للجيش فوق سفح الجبل المطل مباشرة على فناء المدرسه وكان مع الكمين المذكور سلاح ساند متوسط كان يصلينا بشكل متواصل من شريط العتاد المتسلسل ، بعضنا سقطت عليه الرصاصات وهو مازال في الفراش، نهظت وكنت من حسن الصدف قد تعودت على طريقة في النوم في المناطق الخطرة بالشكل الذي يجعلني مستعدا ً للحركة السريعه حيث كنت لا افك النطاق من اكتافي وأفتحه على الجانبين تحت ظهري واخرج قدمي مع الحذاء الذي كنت لا انزعه من الفراش كي لا يتسخ ، وفي ثواني استعديت لمواجهة الموقف الغامض.

كنـّا مطوقين من جميع الجهات وقبل أن اخطو خطواتي الأولى خارج الغرفه نحوالباب الخارجي الوحيد الذي حاول الجنود السيطرة عليه لحصرنا ومنعنا من الخروج وقف النصير كمال متاوها ً ومستنجدا ً وكان من الأنصار الأبطال قائلا ً لي :صباح انجرحت ُ وضعت ُ يدي على اضلاعه وقلت له لايوجد دم تحرك ... فأسرعنا باتجاه الباب ، كان أبو نصير واقفا ً مع عددا ً من الأنصار سألتهم ما الأمر ؟ ، وضع أبو نصير يده على كتفي قائلا ً نحن محاصرون حاول أن تفتح لنا طريق ، في ثوان كانت بطول الدهر خاطبت المجموعة التي وصل عددها إلى ما يقارب ال(12) نصيرا سنحاول الخروج إن تم إطلاق النار علينا ولم نفلح تماسكوا وإن افلحنا لا تستعجلوا في الخروج بمجموعات كي لا نتعرض لأصابات وخسائر كبيرة ، وقفزنا من الباب بسرعة اذكر إن لم تخني الذاكرة المجموعة الأولى التي انطلقت لمواجهة الموقف ( أبو فارس5 ، أبو رؤوف 6،كمال ، وميض ، حكمت 7 ، أبو حاتم ، جاسم سواري 8 ، أبو مناف ) توجهنا نحو شرق المدرسه باتجاه سينا فتم إطلاق النار علينا ورد عليهم أبو فارس ، حاولنا التوجه نحو الجدار ا لغربي المواجه لبيوت شيخ خدر كان عددا ً من الجنود يكمنون بين الصخور وجعلوها ساترا ً لهم كانت المسافه بينا وبينهم لا تتعدى الثلاثين مترا ً والضوء من المصابيح الكهربائيه يتيح الرؤيه بوضوح للجانبين كانت المساحة التي تجمعنا فيها مكشوفه وتجعنا هدفا ً سهلا ً لرصاص الجنود المباشر، لكن حكمت حسم الموقف حينما جلس على ركبتيه مكشوفا ًامام كمين الجيش بلا أي ساتر وجها لوجه واطلق نحوهم صاروخ من قاذف RBG بسرعة حسم الموقف في لحظات فشتت شملهم ومزقهم ، ولكن في نفس اللحظة كانت قد انطلقت من الكمين عدة رصاصات نحونا فاصابت إحداها حكمت في بطنه كان حينها لا يبعد عنا أكثر من مترين في هذه الاثناء توجهنا نحو الجدار المواجه للمدرسه من جهة الجنوب حيث بيوت الهويريه وطلبنا من البقيه الانطلاق نحونا خرجت المجموعه المحاصرة على شكل مجموعات وكتل كان يمكن حصدها بسهولة لولا الأرباك الذي حدث للجنود وبقية القوات المتواجدة .

فكانت تلك اللحضات العصيبه.. كيف نخرج ومن أي اتجاه ؟ حصلنا على حمار من احد البيوت وقبل أن نتوجه نحو الجنوب في أسفل القريه حاولت أن اذهب مع أبو رستم 9 ، لسحب حكمت ونقله كنا لا نبعد عنه اكثر من اربعين مترا ً قال أبو نصير : أنت اسحب المفرزة إلى منطقة آمنة ، اتفقت مع أبو رستم ، الذي تطوع معه عائد 10 ، ونصير آخر لا اتذكرمن كان بالضبط الآن ، أنْ ننتظره في الوادي الذي يفصل بين القريتين عند أسفل البيوت كانت الساعة بحدود الرابعة وعشرين دقيقة ، بعد دقائق وصل أبو رستم والمجموعة التي سحبت حكمت وكنا على وشك أن ننطلق بأمان لولا أن صادفنا جدار من حجر كان عبارة عن سياج بدائي يحيط به الفلاحين مزروعاتهم فقفزنا من فوقه بسهوله ويسر ولم يكن يتجاوز النصف متر ، لكنه شكل عائقا أمام المجموعة التي مع حكمت حيث لم يتمكن الحمار من تخطي هذا الحاجز والمانع وكنا خلالها في وضع اسهل مما كنا عليه قبل دقائق فقال أبو رستم واصلوا انتم وسوف نلوف قليلا كي نستطيع أن نعبر مع الحيوان من مكان اسهل رجع قليلا إلى الخلف وواصلنا نحن الأبتعاد عن البيوت كنا في حالة اقرب إلى الامان وبعد خمس دقائق تقريبا ً سمعنا أصوات صليات متواصلة ومكثفه كانت من كمين آخر وضعه الجنود حول القرية في ا لسهل من مجموع ( 16 ) كمينا ً تطوق القريتين كي لا يفلت احدا منّا بسلام ، اكد أبو رستم انه شاهد الجنود يقفون امامهم ويطلقون النار من مسافة لا تتعدى العشرين مترا فالقى أبو رستم القنبلة اليدويه التي كانت بحوزته على الكمين لكنها جاءت بعد أن اصابت الرصاصات الأولى كل من حكمت وعائد الذي كان يمسك برسن الحمار .

كانت المشكلة الأكبر هي بزوغ الفجر في منطقة سهلية لا تساعد على المقاومه أو المناورة فأنسحب أبو رستم بعد أن قاومهم ببطولة فانقذ نفسه و بقيت جثث الشهيدين في مكانها وكان من المستحيل سحبها .

أما المجموعه التي كانت في بيت عجيل ناصر شقيق عادل فقد نفذت من الموت بأعجوبه حينما غادرت الدار وهي تتوجه نحو الزقاق الذي يؤدي للوادي خارج القرية حيث تواجهت مع مجموعة من الجنود فظنهم أبو خلدون انصار فصاح عليهم مناديا ً باسمي صباح هذا انتم ؟ لكن ناظم نبهه قائلا ً ولك يا صباح هؤلاء جنود ، وتصور الجنود المجموعة الأنصاريه جنودا ً من زملاؤهم فلم يتطور الموقف إلى تصادم وانسحبت المجموعة متسللة مع السفح باتجاه دوستكا .

عدنا مجموعة صغيرة في منتصف النهار إلى قرية سينا للتأكد من مصير الشهداء بعد أن انسحب ا لجيش منها كان الحزن والقلق يخيم على أهالي القريه والخوف والرعب في عيون الناس، استفسرنا منهم قالوا قتل من الجيش ( 11) جنديا مع ضابط برتبة نقيب أما جثث الشهداء فاخذها الجيش إلى دهوك وسلمها إلى البلديه ، توقع البعض إن المفرز ة ابيدت وكوادر الحزب الديمقراطي الكردستاني اشادوا بالبطولة التي سطرها الأنصار الشيوعيين في هذا الوضع غير المتكافئ وعلمنا حينها إن الجيش كان قد جُلب من جبهة عبادان لتنفيذ هذه العمليه وكان متواجدا في دهوك لمدة أسبوع يتابع تحركات المفرزة لحين التقدم في تلك الليلة حيث قالوا لمنتسبيه ستذهبون لجبهة سينا في مهمة خطرة، كانت خسائرنا فقداننا لنصيرين إشتركا في دماثة الخلق والطيبة والمرح ، نصيرين من أعز الأنصار ممن خضبوا مسيرة الجمال والنظال كما يقول الفؤادي في عنوان مذكراته .

ودعوة للاخوة المسؤولين في دهوك للاهتمام في الموضوع ومساعدة ذويهم في العثور على رفاتهم ... ذلك هو جزء من الوفاء للشهداء.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

توضيحات ..

1- أبو نصير ( لازار ميـخـو ) من مانكيش كادر حزبي إعتقل وعذب بعد انقلاب 1963 وبعدها التحق بالأنصار ، كان امرا ً للسرية المستقلة أثناء حادثة سينا وقاد الفوج الأول الذي كان مقره في قرية مراني المهجورة ، اغتيل في دهوك .

2- أمين ( عادل حجي قوال ) مدرس كيمياء من أهالي باعذرة / الشيخان / استشهد بتاريخ 16/8/1985 في كمين للأستخبارات العسكريه في قرية ملا جبرا حينما حاول إنقاذ النصير الجريح مؤيد من الناصريه قبل ليلة فجرح أمين لكنّ مفرزة الأستخبارات تابعتهم وكشفت موقعهم في صبيحة اليوم التالي فاستشهد أمين بعد مقاومته لهم لآخر إطلاقه وكان حينها امرا ً لفصيل المقر في مراني ووقع مؤيد في الأسر بسبب إصابته في رجله وجرت تصفيته فيما بعد من قبل النظام في اقبية الأ من والمخابرات .

3- أبو فؤاد ( جوقي سعدون ) كادر حزبي من قرية دوغات ، تعرض لمحاولات عديدة للأغتيال ودُ سّ له السم من قبل عملاء النظام في قرية با مرني ، استشهد في القصف الكيمياوي على قاطع بهدينان بتاريخ 5/ 6 /1987 مع ريبر عجيل . غُيبت عائلته في عمليات الأنفال عام 1988.

4- أبو ماجد ( علي خليل ) كادر فلاحي معروف من أهالي دوغات التحق في صفوف الأنصار عام 1963 وقاد العديد من المفارز له شعبية في المنطقه ، استشهد في كند دوغات أثناء قيادته للعمل السري في منطقة تلكيف عام 1986 ، غيبت عائلته في عمليات الأنفال مع عوائل اشقائه في عام 1988.

5- أبو فارس (دخيل سلو ) رئيس عرفاء في الجيش العراقي من بعشيقه حكم بالا عدام من قبل النظام عام 1977 أثناء ما كان يُسمى بالجبهة وغادر العراق ومن ثم عاد للعمل في الأنصار في مطلع عام 1980 استشهد بعد اعتقاله من قبل جهاز الأمن أثناء الأنفال وغيبت زوجته وطفلته في عمليات الأنفال في عام 1988.

6- أبو رؤوف ( مجيد فيصل ) مدرس من الناصرية ، شقيق عبد فيصل ( أبو عبير) عضو الجمعيه الوطنيه ا لعراقيه ، من عائله معروفة التحق بصفوف الأنصار وعمل في مفارز بهدينان كان مستشارا ً للفصيل الأول في سهل الموصل اغتيل في منطقة العماديه مع اثنين من رفاقه ( سيدا عزيز وخالد ) ، أثناء تأديته مهامه الحزبيه، من قبل عملاء النظام المتعاونين مع جهاز الأمن في حزيران 1986 .

7- حكمت ( رافد اسحق حنونا ) من القوش طالب هندسة من عائلة كادحة ، التحق في صفوف الأنصار بعد أن قطع دراسته بسبب الملاحقة الأمنية ، كان متحمسا ً للعمل وساهم في عملية اقتحام مقر حزب البعث في ناحية زاويته واطلق حينها القذيفة الأولى لأول مرة في حياته على ا لمقر من بعد مترين فقط من ا لجدار ، و كان متحمسا ً للعمليات اللاحقه لكنها كانت القذيفة الثانيه وألأخيرة التي انطلقت من سلاحه في سينا في نفس اللحظة التي اصيب بها بجرح وبعد دقائق أخرى استشهد في الكمين التالي مع رفيقه عائد الذي كان هو الآخر من حاملي سلاح ال R B G .

8- جاسم سواري ( أبو ميفان ) من قرية سواري فلاح من عائلة شيوعيه مكافحة وهو شقيق الشهيد أبو هلال ، استشهد في كمين غادر للمرتزقه والأستخبارات في الطريق بين آفوكي وسواري بتاريخ 24/ 5/ 1983 بعد أن ساهم في إنقاذالجرحى والشهداء لمفرزة من الحزب الديمقراطي الكردستاني كان يقودها مرزا كورو وخالد بلطة مع كاتب السطور في منطقة بريفكا قبل يوم واحد فقط في الحادثه التي ذهب ضحيتها أكثر من (35) شهيدا ً وجريحا ً من الحزب الديمقراطي الكردستاني .

9 – أبو رستم ( ودود شاكر ) من خانقين آمر فصيل في السرية المستقله ، من اشجع الأنصار استشهد غدرا ً بالقرب من قرية ميروكي في سهل نهله / باكرمان على يد مفرزة من الجحوش والأستخبارات وكان معه النصير حازم من دوغات أثناء استراحتهم في وادي جناركي بعد عودتهم من مهمة استطلاعيه في المنطقه نفسها بتاريخ 12 /3/ 1982.

10- عايد ( هيثم ناصر الحيدر ) شاب في مقتبل العمر عمل في اصعب الضروف بعد الحملة لتصفية الحزب الشيوعي عام 1978 في بغداد وساعد الكثير من الشيوعيين على الأختفاء عمل في أحدى البواخر بعد مغادرته العراق ، كان لديه شقيق في الأنصار عاد من هنكاريا ( أبو سوسن ) وهم من اقرباء الشهيد ستار خضير .



11 - وهناك في عداد الشهداء ألآن ممن كانوا مع المفرزة في قرية سينا في ذلك اليوم عددا آخر من الأنصار اذكر منهم ( أبو علي ، وعادل بهديني ، وابو فكرت ، وجمال شقيق أبو ماجد وغيرهم استشهدوا في مواقع أخرى خلال العمل الأنصاري الذي استمر لغاية 1988 ).

* قد يكون التاريخ ليس دقيقا ً أرجو ممن لديه إثباتات مؤكدة أن يثبته في رد أو توضيح لكني عدت إلى بعض الاوراق القديمه وكان مثبتا فيها هذا التاريخ الذي لا ادعي انه صحيح 100%



#صباح_كنجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بقايا من رماد الروح في مذكرات نصير
- ..الدفان والغجرية
- الوجه الآخر للأنفال
- قَمَرُ العراقُ
- مع مرشد اليوسف في كتابه الذي يبحث عن جذور الديانة الكردية ال ...
- حذار ٍ إنهم من البعثيين المقنعين
- عن الكتابة بلغة من نار
- ابعاد ودلالات...لغة بعشيقه وبحزاني
- بعض المرادفات اللغوية والميثولوجية المشتركة بين المعتقدات ال ...
- الأيزيدية... محاولة للبحث عن الجذور.. الموسيقى في الديانة ال ...
- رسالة مفتوحة الى السيد حسن نصرالله
- رسالة مفتوحة إلى السيد محمود المشهداني رئيس مجلس النواب في ا ...
- حكاية جيل
- من بطولات الشيوعيين العراقيين
- اوراق ... من ذكريات محمود خضر
- هدية للشيوعيين في السجن
- ولبناني كان بعثيا ًً
- ذلك المصري الشجاع
- تأوهات الإله تموز
- سجن ابو غريب المركزي


المزيد.....




- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - صباح كنجي - ماذا حدث في سينا ؟!