أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - الانتماء والمواطنة:كلام جاد بعيداً عن الشعارات المستهلكة (2)















المزيد.....

الانتماء والمواطنة:كلام جاد بعيداً عن الشعارات المستهلكة (2)


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1679 - 2006 / 9 / 20 - 09:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


رأينا فى المقال السابق ان الباحث الرصين سمير مرقص أخذ مصطلح المواطنة – بعيداً عن الشعارات المستهلكة والطنطنة الفارغة – ليغرسه فى السياق الاجتماعى، وقاده هذا المنهج إلى أن يضع يده على المعوقات الاجتماعية التى تعترض سبيل المواطنة، واصفاً هذه المعونات بانها مركَّب إعاقة المواطنة، حيث يتشكل هذا "المركَّب" من الليبراليين الجدد أنصار الاقتصاد الحر المنفلت بلا رقيب، والبيروقراطية المتضخمة المتحالفة مع أعضاء السوق المنلفت، والتكنوقراط القدامى والجدد الذين خرج أوائلهم من عباءة الدولة المركزية وخرج أو أخرهم من معطف القطاع الخاص والعمل مع هيئات المعونة الأجنبية.
هذه الفئات الاجتماعية الثلاث تساندت وظيفياً فى إطار اقتصاد ريعى كان بمثابة بناء تحتى لبنية فوقية تعيد إنتاج وتكريس دوائر الانتماء الأضيق: الدينية والقبلية والطائفية والعشائرية والعائلية، وتدفع إلى الوراء بمفهوم المواطنة.
وبالنتيجة .. فان إحداث التغيير وتفعيل المواطنة لبلوغ الدولة المدنية الحديثة لن يتم إلا بتفكيك مركَّب الإعاقة المشار إليه.
وفى نفس الحلقة النقاشية الممتازة التى نظمتها الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية فى الفترة من 5 إلى 7 سبتمبر الجارى بالعلمين، أخذ الدكتور عاصم الدسوقى أستاذ التاريخ الحديث نفس مصطلح "المواطنة" ليغرسه بدوره فى السياق التاريخى ويعيد تفسيره فى ضوء ديناميكية هذا السياق.
وبداية الخيط عند الدكتور عاصم الدسوقى هى ان الوطن هو مكان ومقر إقامة الانسان، إليه انتماؤه ، ولد به ،أو لم يولد ويقال: فلان استوطن البلد اى اتخذه وطنا. وربما كانت كلمات: البلد ، والمحلة، والنزلة ، والنجع تشير إلى ذات المعنى المكانى الجغرافى فى زمن مضى.
أما "المواطن" بمعنى كل من يقيم على أرض مشتركة مع آخرين وله ذات الحقوق وعليه ذات الالتزامات أياً كانت الأصول فكلمة حديثة نسبياً فى التاريخ ولم تتبلور إلا مع الثورة الفرنسية (1789)، ذلك أن المواطن فى أثينا وفى روما قديما هو ذلك الذى ينحدر من الصفوة (الأشراف، والنبلاء، والفرسان..) فى مقابل العبيد والأقنان والأتباع والرعايا وظل الأمر كذلك رغم التعاليم الدينية مسيحية وإسلامية التى تنادى بالمساواة بين البشر.
وأما مصطلح "المواطنة" بمعنى المساواة القانونية بين أبناء الوطن الواحد فلم يتبلور إلا مع مبادئ الثورة الفرنسية فى إعلان 1789 الخاص بأن البشر يولدون أحراراً ويظلون أحراراً ومتساوين فى الحقوق، وإعلان 1793 بشأن الحفاظ على الحقوق الطبيعية الأبدية للإنسان واعتبار المواطن تحت حماية الدولة بشكل متساو مع الجميع طبقا للقانون وفى ظل الصراع بين الرأسمالية والاشتراكية انتهى تعريف المواطنة بانها تعنى "تمتع كل المواطنين بالحقوق نفسها وعليهم الوفاء بالالتزامات نفسها والخضوع للقوانين السائدة دون اعتبار للعرق او النوع أو الدين او الوضع الاجتماعى. وعلى الدولة بمؤسساتها ان تعمل على تحقيق المساواة، وعلى المجتمع المدنى أن يقدم النموذج فى القدرة على تجاوز الانقسامات لتحقيق مبدأ المواطنة بإتاحة الفرصة للجميع أن يعملوا فى إطاره لتحقيق المصالح العامة للوطن".
وانطلاقاً من هذا التعريف – الذى هو بدوره نتيجة عملية تاريخية ديناميكية وصراعية – يستنتج الدكتور عاصم الدسوقى أن هناك "أزمة مواطنة" فى مصر . وأن هذه الأزمة ناجمة عن ارتباك الخطاب الثقافى المصرى على مستوى الثلاثة وهى: التعليم، والإعلام ، ثم المؤسسة الدينية. وفى كل مستوى من تلك المستويات هناك الشكل الرسمى – القانونى وهناك الواقع العملى- التطبيقى وتوجد فجوة شاسعة بين الاثنين، وهذا هو جوهر التناقض القائم.
فبرامج التعليم فى المرحلة قبل الجامعة تكسب الطالب هويته الوطنية وتربطه بالوطن أرضا وتاريخا وبشرا وتستثير لديه مشاعر الزهو والفخر بالانتساب إليه .. لكن تبدو المشكلة فى القائم بالتدريس من حيث طريقة عرضه للموضوع حسب انتمائه. وبرنامج "التربية الوطنية" يؤكد للتلميذ أن المواطن الصالح هو من يطيع السلطة الحاكمة وأن الحكومة هى صاحبة الفضل على المواطن وليس للمواطن أى دور وبالتالى ينشأ التلميذ وهو قليل الثقة فى دور الجماهير والتنظيمات الشعبية وخاصة مع التركيز على دور البطل القدرى الملهم فى التاريخ. ويضاف إلى هذا اعتماد مفهوم الصفوة المختارة فى الحكم.. أى صفوة المال والجاه والنسب والمصاهرة، والنتيجة تهميش المواطن العادى واستبعاده من دائرة صناعة القرار وبالتالى عدم الإيمان بالوطن.
أما برامج الاعلام وخاصة فى القنوات الفضائية وهى الأكثر مشاهدة تؤدى إلى تكسير الوعى بالمواطنة استكمالاً لبرنامج التربية الوطنية وبصفة خاصة البرامج الدينية إسلامياً وخاصة أنه لا يقابلها برامج مسيحية على ذات المستوى.
والأعمال الدرامية لا تخدم روح المواطنة حيث تقتصر أسماء الأبطال مثلا على الأسماء الإسلامية إلا فيما ندر. كما أن كتاب الدراما لم يفكروا فى تجسيد شخصية مسيحية دينية أو سياسية مثل مكرم عبيد ربما لأنهم يعلمون طبيعة المناخ القائم.
واما الخطاب الدينى فهو عادة أحادى التوجه حسب طبيعته إما إلى المسلمين وإما إلى المسيحيين وكل يستند إلى نصوصه. لكن إذا انفتح كل منهما على الآخر واستخدم القيم المشتركة فى الأخلاق والمعاملات فسوف يندمج الجميع فى إطار الايمان بدلاً من قسمة المواطنين بين خير وشر هناك.
وهجوم الخطاب الدينى عموما على "العلمانية" هو امر ضد المواطنة.. لماذا؟. لأن العلمانية فوق المذهبية وتؤكد على تخليص المواطنة من شبهة العنصرية والنوع والمذهب. وإذا كانت نصوص الخطاب الاسلامى تكاد تقصر المواطنة على المسلمين فإن الخطاب الكنسى الذى يشير دائماً إلى "شعب الكنيسة" هو أيضاً ضد المواطنة بل إنه يعزل "هذا الشعب" عن المشاركة السياسية خاصة وأن كتب التربية الدينية المسيحية تقصر المشاركة على النشاط الاجتماعى.
وخلاصة هذا الخطاب الدينى إسلامياً ومسيحياً يخدم "الطائفية" وليس المواطنة وربما يتأكد لنا هذا من بعض الشواهد مثل:
- الترقيات وشغل الوظائف العليا من حيث تجاهل معيار الكفاءة.
- شغل المقاعد الانتخابية برضى السلطة الحاكمة وخاصة من الأقباط بالتعيين.
- انتشار الجمعيات الدينية على الجانبين مع أنها جمعيات تقدم خدمات اجتماعية عامة فى التعليم والصحة وأعمال الخير ولكن تسميتها فى حد ذاته يؤكد على الطائفية وليس على الوطنية.
- تفشى جرثومة الطائفية فى النقابات المهنية مع أنها قامت أصلاً لترقية المهنة حتى تكاد النقابة الواحدة تنقسم فى النشاط إلى نقابتين أو أكثر حسب العقيدة أو حسب الاتجاه السياسى..
ثم ينهى الدكتور عاصم الدسوقى محاجاته المثيرة للتأمل بفرضية تستحق التفكير بعيداً عن الغوغائية والتهييج والاثارة مفادها ان النص فى الدستور على أن دين الدولة هو الإسلام والشريعة هى مصدر رئيسى للتشريع ينفى المواطنة بالضرورة ويؤكد على الطائفية حتى ولو اقتصر تطبيق الشريعة على المسلمين لأن هذا بالضرورة سوف يحيى من جديد مفهوم "أهل الذمة". والرد بأن الإسلام دين تسامح وسماحة قول صحيح لكنه لا يخدم المواطنة لأن التسامح لا يعنى المساواة.




#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإعلام جزء من المشكلة.. والحل
- البقية في حياتكم!
- سخافات بوش
- الصحافة ليست قلة أدب .. وحملة الأقلام ليسوا شتامين
- الانتماء والمواطنة: كلام جاد بعيداً عن الشعارات المستهلكة
- »صاحبة الجلالة« حافية علي جسر من الذهب
- مأساة -المواطن- أمجد حسين
- رشيد يعيد الاعتبار لآليات رأسمالية القرن التاسع عشر!
- هل ندافع عن لصوص الرغيف .. بسبب الدعم؟!
- ماذا أنت فاعل يا وزير الثقافة؟
- هل جامعات مصر عضو غريب في جسم يرفضه؟!
- الفساد .. وسنينه 6
- الفساد .. وسنينه 7
- الفساد .. وسنينه 8-8
- قطارات الموت
- الفساد .. وسنينه 5
- تحالف الاشتراكيين : إنجاز لمصر .. وليس لليسار فقط
- الفساد .. وسنينه 2
- الفساد .. وسنينه 3
- الفساد .. وسنينه 4


المزيد.....




- شاهد.. رجل يشعل النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترامب في نيوي ...
- العراق يُعلق على الهجوم الإسرائيلي على أصفهان في إيران: لا ي ...
- مظاهرة شبابية من أجل المناخ في روما تدعو لوقف إطلاق النار في ...
- استهداف أصفهان - ما دلالة المكان وما الرسائل الموجهة لإيران؟ ...
- سياسي فرنسي: سرقة الأصول الروسية ستكلف الاتحاد الأوروبي غالي ...
- بعد تعليقاته على الهجوم على إيران.. انتقادات واسعة لبن غفير ...
- ليبرمان: نتنياهو مهتم بدولة فلسطينية وبرنامج نووي سعودي للته ...
- لماذا تجنبت إسرائيل تبني الهجوم على مواقع عسكرية إيرانية؟
- خبير بريطاني: الجيش الروسي يقترب من تطويق لواء نخبة أوكراني ...
- لافروف: تسليح النازيين بكييف يهدد أمننا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - الانتماء والمواطنة:كلام جاد بعيداً عن الشعارات المستهلكة (2)