أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - عبد الرحمن ابراهيم - حفار القبور ينشد قصيدة السياب














المزيد.....

حفار القبور ينشد قصيدة السياب


عبد الرحمن ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 1678 - 2006 / 9 / 19 - 07:47
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


لم يكن هنالك اية علاقة بين الشاب حسين وابو محمد , الا ان التقى في المقبرة , ابو محمد (حفار القبور ) الذي ينشد قصيدة السياب (حفار القبور ) وهو يستقبل ضحايا العمليات الارهاب , وحسين شاب سقط شهيدا في واحدة من هذه العمليات التي انعشت مهنة ابو محمد حتى وصل الحال ان أغلقت المقابر أبوابها بوجه الموتى بسبب عدم وجود فسحة لدفن ‏المزيد من الجثث فيها، ولم يكن سبيل سوى دفن بعض الجثث في قبور متداخلة وهذا الواقع وصفه أبو العلاء المعري :‏"‏رب لحد قد صار لحدا مرارا ‏ ضاحكا من تزاحم الأضداد!" ‏
لا اله الا الله , بصوت عالٍ وبكاء شديد ووجوه محمره واخرى شاخصة لا اعرف اين , تسير عائلة الشاب حسين حاملين الجثة فوق الاكتاف , يقاطعهم اصحاب مكاتب الدفن بفرح الرزق الذي بعثه الله لهم .. من هو دفانكم ؟ , وعند الاجابة يحزن وجه الدفان الذي لم يقع عليه الاختيار , ان هذا المشهد الفنتازي بين الفرح والحزن بات طبيعيا في بلدنا . حيث تنتشر شواهد القبور تكاد تكون ممتلئة المقبرة بقبور الرجال والنساء والاطفال ويقول ابو محمد (الدفان) الذي وقع عليه الاختيار وفاز بالرزق : ان معدل ‏تدفق الجثث تسارع وسط تزايد العنف والعمليات الارهابية .. وقد قال لي اخر يساعده لقد اصبحنا نحفظ تاريخ العراق من ‏خلال الموتى وعندما قلت له كيف؟ قال لي باختصار ‏انتهى ‏عراق الطاعون وعراق صدام في حروبه الكارثية على ‏ايران والكويت واعداماته ونحن الان في عراق ‏الارهاب ‏والسيارات المفخخة ‏.
وعن اجره قال ابو محمد : ان المكتب الذي اعمل فيه ياخذ مبلغ 150 الف دينار كاجرة دفن وبناء قبر يتعهد لك ان القبر سيكون جاهزا بعد اربعين يوما عندما تزوره اما اجري انا فـ 30 الف دينار من غير( الاكرامية) , مضيفا : اتمنى ان لاتحسدوني فان هذا الرزق من الله فانا اتوقع بعد استقرتر البلاد واتفاق القوى السياسية في ما بينها يسكون الوضع صعب بالنسبة لي .
تعد مقبر النجف (وادي السلام) واحد ة من ابرز المقابر في العراق والعالم , تتسع وتمتد شرقا وغربا شمالا وجنوبا., ‏‏تداخلت القبور في ارض النجف وتلاصقت مع معالم المدينة وامتدت وبات الدفانون ‏‏يبحثون عن مساحات جديدة لدفن ‏‏الموتى وكان مقبرة النجف تقول كفاكم موتى ..‏
وعن تاريخ هذه المهنة قال ابو محمد كان يتم ايصال الجنائز الى مقبرة النجف على ظهور الحيوانات وبواسطة ‏اكلاك الماء عبر نهري الفرات ودجلة ‏وعلى الجمال من خارج العراق ، ثم تطور الأمر ليصير النقل بواسطة ‏السيارات . ‏
وفي هذه المقبرة الشاسعة قبور كل من النبي هود والنبي صالح عليهما السلام وقبرهما في الوادي الغربي ، وهذه ‏المقبرة التي تضم مئات الالاف من القبور التي اندرست او التي لم تزل قائمة توسعت بشكل جعل امتدادها ‏يصل الى ‏الكتف الشمالي للمدينة لتستحوذ على الطريق المؤدي الى مدينة كربلاء بمسافة طويلة. ‏
ولكل عائلة وعشيرة دفانها الخاص الذي يعرف قبورها ويتخصص في دفن الجدد من موتاها ، وتوزعت مهنة دفن ‏‏الموتى في مقبرة النجف على عوائل نجفية عريقة توارثتها، وهي من المهن الرائجة والمربحة وخاصة في ايام ‏‏الكوارث والحروب والأضطرابات ، ولكل دفان مكتب للدفن يقع في مداخل مقبرة النجف يستقبل فيه الجنائز ‏‏والمشيعين ويقوم لهم بواجب الاعداد والتحضير لكل مستلزمات الدفن. ‏
وحين تتطلع الى الكتابات والرسوم والأشعار التي كتبها البعض على شواهد القبور الرخامية او الحجرية او المكتوبة ‏‏بالخط الرديء وعلى حيطان القبر ، تستطيع ان تعرف شخصية المتوفى وثقافته. ‏
حسب اخر احصائية قال مسؤول بوزارة الداخلية إن الارهاب يقتل اكثر من 3000 عراقي في الشهر وأن المدنيين يشكلون 70 بالمئة منهم تقريبا.‏
وانا احاورابو محمد كانت رائحة الموت تبعث من كل صوب و حدب, فلقد اخذ ملك الموت ضحية جديدة. ‏
تعالى صوت المنادي قائلا : الصلاة على الجنازة. أخذ الجسد النحيف المنهوك الملفوف في كفن أبيض, و وري ‏التراب, و تعالت أصوات تتلو سورة يس شرع الأقارب ينثرون التراب, ويسقون التراب ماء ورد . ‏
كانت الأيادي راجفة و القلوب واجفة و النواصي خاشعة و النفوس جازعة, لم ينفع دواء الطبيب و لا وفاء الحبيب ‏ولا دعاء القريب. .‏
وانا انهيت انتباهي الى هذا المشهد المؤلم صرخت امرأة من جهة اخرى "يا الهي ماذا حدث .. لما انا حية" وراحت ‏تضرب صدرها وتبكي بجوار قبور امها واخيها في المقبرة .‏
وفي مكان قريب وضعت جثث اسرة من زوج وزوجة وابن ملفوفة في قماش ابيض في انتظار دفنها. وانشغل حفارو ‏القبور في افساح اماكن لعشرات الجثث التي ما زالت تتدفق بسبب عملية ارهابية جديد والتي بات القضاء عليها شيء ‏من الخيال ‏..



#عبد_الرحمن_ابراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- جملة قالها أبو عبيدة متحدث القسام تشعل تفاعلا والجيش الإسرائ ...
- الإمارات.. صور فضائية من فيضانات دبي وأبوظبي قبل وبعد
- وحدة SLIM القمرية تخرج من وضعية السكون
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /25.04.2024/ ...
- غالانت: إسرائيل تنفذ -عملية هجومية- على جنوب لبنان
- رئيس وزراء إسبانيا يدرس -الاستقالة- بعد التحقيق مع زوجته
- أكسيوس: قطر سلمت تسجيل الأسير غولدبيرغ لواشنطن قبل بثه
- شهيد برصاص الاحتلال في رام الله واقتحامات بنابلس وقلقيلية
- ما هو -الدوكسنغ-؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بلومبرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث وجهة النظر الأوكرانية لإنها ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - عبد الرحمن ابراهيم - حفار القبور ينشد قصيدة السياب