أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إكرام يوسف - البابا.. وسيناريو الإلهاء المتعمد















المزيد.....

البابا.. وسيناريو الإلهاء المتعمد


إكرام يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 1677 - 2006 / 9 / 18 - 09:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عندما قامت هوجة الإدانات والاستنكارات لتصريحات البابا بنديكت السادس عشر ـ والتي أقل ما يقال عنها أنها نابعة عن جهل وغباء معا ـ تذكرت "فرح العمدة" الذي يدعى له كل أهل القرية .. فينشغلون بمجاملة العمدة رقصا وزمرا، والانكباب على أطايب الطعام الخاص بمثل هذه الأفراح تاركين بيوتهم ليعبث فيها لصوص من قرى أخرى..وتذكرت أيضا ما كتبته من قبل عن لعبة كان الكبار يلعبونها معنا ونحن صغار ـ لا أعتقد أنها تجدي مع صغار اليوم بما يمتلكون من دهاء لم نكن نملكه ـ عندما نتشبث بشيء ما من أشياء الكبار ولا نريد أن نتركه.. فإذا بشخص كبير يقول للطفل "بص شوف العصفورة !!"ليلتفت الطفل إلي حيث أشار الكبير ويتلهى لحظة عما في يده وتكون هذه اللحظة كافية لأن يلتقط الكبير الغرض المطلوب ويخفيه عن عين الصغير.. ولأنني لم أعد أخجل من اتهامي بالأيمان بنظرية المؤامرة.. خاصة بعدما أفصحت قوى الاستعمار العالمي عما تحيكه لنا من مؤامرة في وضح النهار ـ ولا تحاك بليل ـ وقال القوم بملء أفواههم أنهم يسعون لإعادة رسم خريطة المنطقة وتشكيل ما أسموه مرة الشرق الأوسط الكبير ومرة أخرى الشرق الأوسط الجديد..أجد نفسي في غير حاجة لانتقاء الكلمات المخففة لأقول أن ما فعله هذا البابا لا يخرج في نظري عن سيناريو مكرر داخل سياق واحد؛ هو افتعال ضجة عاطفية وانفعالية بين حين وآخر كلما كان القوم بصدد تنفيذ جانب من أجندتهم الرامية في نهاية الأمر للسيطرة على كل مقدراتنا وثرواتنا ..وتثبيت أقدامهم في موقعنا الاستراتيجي الذي كان نعمة من الله فأحلناه ـ بغفلتنا واستغفالنا معا ـ إلى نقمة ووبال. وأظن ـ وبعض الظن من حسن الفطن ـ أن من كتبوا خطبة البابا الأخيرة لم يكونوا بعيدين عن هذا المخطط ـ على الأقل كأدوات؛ إن أردنا حسن الظن بشخص البابا نفسه واعتبرناه غير مشارك ـ ولننظر معا بهدوء إلى بعض الملابسات: قيلت الخطبة يوم الخميس. ويعرف جميع من في الأرض أن اليوم التالي له يوم عيد بالنسبة للمسلمين في سائر أرجاء المعمورة ؛ يقيمون فيه صلاتهم الجامعة التي يكونون فيها أقرب ما يكونون إلى ذروة الإحساس بالانتماء الديني والرغبة في التقرب إلى الله.. ويصبح للعبارات الحماسية في خطبة الجمعة فعل السحر في قلوب المؤمنين، فتلهب مشاعر الغيرة على العقيدة والرغبة الصادقة في الجهاد والفداء.. ولا شك أن ما قيل من عبارات استفزازية ومستنكرة في خطبة البابا ـ سواء كانت عن جهل وغباء وحسن نية من بيندكت؛ وتواطؤ كتبة الخطبة، أو عن تواطؤ الجميع ـ لم يكن مستغربا معه أن تثور ثائرة ملايين المسلمين في كل أصقاع الأرض الذين حركتهم غضبتهم للدين وعاطفتهم المتأججة لاتخاذ مواقف انفعالية في معظمها، تراوحت بين إدانة واستنكار ومطالبة باعتذار، إلى دعوات للقصاص؛ وصلت ببعض المهووسين إلى دعوات لاغتيال البابا، وإشعال حرائق في كنائس وبيوت عبادة يذكر فيها اسم الله. وجرى ذلك حتى في الأراضي التي باركها الله حول المسجد الأقصى، وحيث كان لكنيسة المهد موقفها المشهود يوم حمت المناضلين الذين استجاروا بها ورفضت تسليمهم لأعدائهم، وتحملت في سبيل ذلك القصف. ورغم البيانات القوية والنبيلة التي صدرت عن رموز مسيحية مثل الأب عطا الله حنا في فلسطين والذي قال بصوت جهوري جاد سمعه كل من تابع الأحداث على شاشة الجزيرة "نحن نرفض أي إهانة للإسلام والمسلمين من أي جهة كانت، ونطالب الفاتيكان بتوضيح".. وكرر نيافته ما نعلمه جميعا من أن هناك مخططات تستهدف إزكاء الفتنة بين أبناء الوطن الواحد لتفتيت جهود المدافعين عن هذا الوطن، ورغم تصريحات مماثلة من زعماء الكنائس الشرقية؛ مما دفع رجال الفاتيكان لمحاولة الالتفاف على "سقطة" البابا، ولكن دون اعتذار صريح، مما يعني أن تستمر "الهوجة " فترة أطول، تفعل فيها سياسة "فرق تسد" أفاعيلها بين أبناء الوطن الواحد.
لم تكن عبارة "بوش" عن "الحرب الصليبية" زلة لسان.. ولم يكن صامويل هنتنجتون يبحر في سماء الفذلكة الفكرية عندما تحدث عن "صراع الحضارات"..ولا فوكاياما عند حديثه عن نهاية التاريخ.. ولم يكن البابا بالسذاجة التي يريدون تصويرها لنا عندما خطب عشية يوم الجمعة مهاجما عقيدة أكثر من مليار إنسان على هذه الأرض، معظمه يعيشون ـ يالمصادفة ـ في مواقع استراتيجية تضمن سهولة وصول ذراع العسكرية الأمريكية والصهيونية إلى من تسميهم "محور الشر" في كوريا الشمالية وإيران.. وتضمن الوقوف بوجه العملاق القادم والذي يشكل خطرا قادما من الشرق اسمه الصين؛ فضلا عن وضع القدم في أماكن تطل عن كثب على الدولتين النوويتين في شرق آسيا "الهند وباكستان"..وفضلا عن هذا الموقع الاستراتيجي هناك الثروات الطبيعية الضخمة التي يضمن السيطرة على منابعها استمرار بقاء الاحتكارات العالمية الضخمة .. واستمرار تدفق الثروات على جيوب القوى الصهيوأمريكية، التي تسيطر ـ بالمصادفة أيضا ـ على معظم هذه الاحتكارات إن لم تكن جميعها. لا أعتقد أنني أبالغ في الخيال عندما أرى أن ما حدث يوم الخميس الماضي مقصود منه جر المسلمين والعرب بالتحديد إلى معركة حماسية يستنفذون فيها طاقاتهم، وتصرفهم عن الانتباه لما يخطط لهم بالفعل على أرض الواقع.. ولذلك لا أصدق أبدا فكرة الحرب على الدين الذين نجحوا في ترويجها بيننا.. فقوى الاستعمار لاتهمها الأديان.. أي أديان!.. ولا تهدف للتبشير بأي دين لتحارب دينا آخر.. ولا أدل على ذلك من أن أصحاب الدين الأقل عددا في العالم .. والذين لا يبذلون أي جهد للتبشير به.. بل أن عقيدتهم لا تقبل المتحول لديانتهم إن لم تكن أمه على نفس الدين.. هم أصحاب السيطرة الفعلية على الساحة العالمية.. هي بالفعل ليست حربا دينية!.. ولكنها حرب للسيطرة والهيمنة .. غير أن القوم تلمسوا فينا النقطة التي يمكن أن تثيرنا وتدفعنا لاستنزاف قوانا وانفعالاتنا..وتصرف أنظارنا عن أجندات تنفذ على الأرض.. هناك مخططات لتصفية القضية الفلسطينية واللبنانية والعراقية..وتمهيد الطريق لظهور الشرق الأوسط الجديد بزعامة الكيان الصهيوني.. ومطلوب منا جميعا أن نتخلى عن الهوية العربية ـ بالتحديد ـ حتى نصبح كلنا سواء ..لا فرق بين عربي وصهيوني.. نتفق جميعا في أن هويتنا "شرق أوسطية"..والطريق الأسهل لتنفيذ هذه الأجندة بهدوء ودون ممانعة..هو شغل العرب ـ المعروفين بأنهم عاطفيون وتجذبهم المعارك الانفعالية ـ بفتن طائفية بين مسلمين ومسيحيين وبين شيعة وسنة وفتن عرقية بين أكراد وعرب وتركمان ونوبيين وأمازيغ.



#إكرام_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كوراث القطارات المصرية عمدا مع سبق الإصرار والترصد
- الصومال.. ونظرية الدولة الفاشلة 2-2
- الصومال.. ونظرية الدولة الفاشلة 1-2
- حزب الله.. والتكفيريون
- السلطان عريان
- تيمور الشرقية .. على سطح صفيح ساخن 2-2
- تيمور الشرقية .. على سطح صفيح ساخن (1-2)
- الطلاب.. رافد يدعم التغيير ولا يقوده
- حنانيك يا موت..غاب نهار آخر..
- الصهيونية: عنصرية مع سبق الإصرار والترصد والممارسة 2-2
- (لصهيونية: عنصرية مع سبق الإصرار والترصد والممارسة (1-2
- ..ورحل أجمل أزهار البساتين
- كيف كان لطفي السيد ملحدا
- هند الحناوي.. ومجتمع يفيق من إغفاءة
- اتفاقيات التجارة الحرة مع أمريكا داء أم دواء؟ 2-2
- اتفاقيات التجارة الحرة مع أمريكا داء أم دواء؟ 1 2
- الشهيد المسيحي الذي قتلناه
- الملف النووي ..اختبار جديد للقطبية الأحادية
- نهب الماضي والحاضر واغتيال المستقبل (2-2) العراق مجرد بداية
- .نهب الماضي والحاضر واغتيال المستقبل (1-2) العراق مجرد بداية


المزيد.....




- -انتهاك صارخ للعمل الإنساني-.. تشييع 7 مُسعفين لبنانيين قضوا ...
- لماذا كان تسوس الأسنان -نادرا- بين البشر قبل آلاف السنوات؟
- ملك بريطانيا يغيب عن قداس خميس العهد، ويدعو لمد -يد الصداقة- ...
- أجريت لمدة 85 عاما - دراسة لهارفارد تكشف أهم أسباب الحياة ال ...
- سائحة إنجليزية تعود إلى مصر تقديرا لسائق حنطور أثار إعجابها ...
- مصر.. 5 حرائق ضخمة في مارس فهل ثمة رابط بينها؟.. جدل في مو ...
- مليار وجبة تُهدر يوميا في أنحاء العالم فأي الدول تكافح هذه ا ...
- علاء مبارك يهاجم كوشنر:- فاكر مصر أرض أبوه-
- إصابات في اقتحام قوات الاحتلال بلدات بالضفة الغربية
- مصافي عدن.. تعطيل متعمد لصالح مافيا المشتقات النفطية


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إكرام يوسف - البابا.. وسيناريو الإلهاء المتعمد