أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسقيل قوجمان - أتعزيز لليونيفيل ام مسمار جحا؟















المزيد.....



أتعزيز لليونيفيل ام مسمار جحا؟


حسقيل قوجمان

الحوار المتمدن-العدد: 1677 - 2006 / 9 / 18 - 09:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد البحث والتمحيص والدراسة الدقيقة لحربه الاجرامية على لبنان توصل اولمرت الى حقيقة الانتصار الذي حققه حيث اعلن في احد احاديثه يقول من المنتصر في هذه الحرب؟ فها انا اتجول في طبريا وكريات شمونه وغيرها بينما ما زال حسن نصر الله مختفيا في الملجأ. فما رأيك ايها القارئ العزيز حين ينحط رئيس وزراء الى هذا الدرك من الانحطاط بحيث يعتبر نفسه منتصرا لانه يستطيع التجول في كريات شمونه وفي حيفا وطبريا وفي اسرائيل عموما ولم يقتلوه بينما بقي نصر الله مختبئا لا يظهر في العلن؟ ولكن نصر الله ظاهر في جميع العالم الاسلامي والعربي والعالم الغربي. فصوره واسمه وامجاده معلنة حتى في المظاهرات الجامدة غير المتحركة في الازهر لان مبارك لا يسمح لها بالتحرك خارج الازهر. ولا شك ان المظاهرة الكبرى في ساحة رابين في تل أبيب (اطلق عليها هذا الاسم لان جماعة شارون واولمرت اغتالوا اسحق رابين فيها) برهان على انتصارات حزب الله وحسن نصر الله على اولمرت وجيوشه الجرارة واسلحة دماره الفتاكة.
كان نصر الله قد رد على اولمرت قبل تصريحه بذلك اذ قال في مقابلته التلفزيونية ردا على سؤال ان امتناعه عن الظهور في اجتماعات عامة هو لان اسرائيل لو علمت بمقر اجتماع له لما تورعت عن تدمير المكان وابادة كل المجتمعين فيه. فان سبب امتناعه هو ليس حفظا على حياته وحسب وانما بالدرجة الاولى حرصا على حياة المجتمعين معه. وبعد تصريح اولمرت سخر نصر الله منه في مقابلته مع جريدة الدستور وبين ان رفضه لدعوة الملك السعودي لزيارة السعودية حتى قبل الحرب هو لاسباب امنية بحتة. فهنيئا لاولمرت على هذا الانتصار العظيم اذ ان ابقاء حسن نصر الله في الملجأ حسب رأيه استحق زج جيشه واسلحته وتعريض الشعب الاسرائيلي الى مخاطر الحرب وتكبيد الشعب الاسرائيلي عشرات وربما مئات المليارات من الدولارات.
ولكن الواقع هو ان اولمرت حقق انتصارا حقيقيا لا يريد الافصاح عنه. حقق انتصارا لسيده جورج بوش. وهذا الانتصار هو تحقيق هدف ادخال الجيوش المتعددة الجنسيات او قوات الناتو او قوات الامم المتحدة الى لبنان تحت اسم تعزيز قوات اليونيفيل. فالهدف الظاهر لهذه القوات هو مساعدة الجيش اللبناني على تحقيق سيادته على الارض اللبنانية وكأن سيطرة جيش لبنان على الاراضي اللبنانية يتطلب جيشا جرارا ترسله الامم المتحدة. هذا هو الانتصار الحقيقي الذي حققه اولمرت في حربه الاجرامية التدميرية على لبنان وتداعيات فشل هذه الحرب على اولمرت وعلى حكومته وجيشه وعلى الشعب الاسرئيلي كله.
كيف ستقوم هذه الجيوش الجرارة باسلحتها الحديثة بمساعدة الجيش اللبناني على السيطرة على كامل الارض اللبنانية؟ قد نتصور ان هذه الجيوش تسلح الجيش اللبناني باحدث الاسلحة لكي يكون بمقدوره الدفاع عن لبنان ضد اي هجوم اسرائيلي مقبل. وقادة اسرائيل السياسيون والعسكريون يصرحون بالجولة القادمة علنا. ليس في برنامج القوات الدولية القادمة الى لبنان ما يدل على ذلك. فهذه الدول التي ارسلت جيوشها الى لبنان هي نفسها التي منعت تسليح الجيش اللبناني حتى هذا اليوم. وحتى اذا قامت هذه القوات بتجهيز الجيش اللبناني باحدث الاسلحة لن يصبح في قدرة هذا الجيش ان يقاوم هجوما اسرائيليا بقوته الجوية والبرية لان التفوق العسكري هائل من حيث العدد والعدة مهما حاز الجيش اللبناني من الاسلحة. وهل ستقوم هذه القوات بتجهيز الجيش اللبناني بالمدافع المضادة للطائرات لكي تجعل بامكانه ضرب الطائرات التي تخترق اجواء لبنان كل يوم حتى بعد اتخاذ القرار ۱٧۰۱ وايقاف القتال؟ وهل ستقوم الولايات المتحدة بتجهيز لبنان بنظام الصواريخ المضادة للصواريخ؟ بالطبع لا.
وهل ستقوم هذه القوات بمساعدة الجيش اللبناني في الدفاع عن لبنان في الجولة القادمة؟ لقد صرح قادة هذه القوات بان مهمتهم لا تتضمن الدفاع عن لبنان في حال وقوع هجوم اسرائيلي وان القوات تبقى على الحياد في هذه الحال.
فما هي المساعدة التي تستطيع هذه الجيوش الجرارة ان تقدمها للجيش اللبناني اذن؟ لقد سمعنا يوم امس تصريحا واضحا وجليا في هذا الخصوص. ان مهمة هذه القوات هي مساعدة الجيش اللبناني على نزع سلاح حزب الله. وكان هذا واضحا حتى في حديث كوفي عنان حيث قال ان هذه القوات ستساعد الجيش اللبناني لكي يكون الجيش اللبناني هو الوحيد الذي يمتلك السلاح. وهنا بيت القصيد. فان المهمة الاساسية لقوات اليونيفيل المعززة هي تحقيق نزع سلاح المقاومة اللبنانية. وقد سمعنا ايضا بوش يعد بتزويد الجيش اللبناني بثلاثين مليون دولار من الاسلحة. فهل تكون ضمن هذه الاسلحة صواريخ ذكية وقنابل عنقودية يستطيع الجيش اللبناني ان يلقيها على اسرائيل دفاعا عن لبنان؟
ان هدف القوات المعززة لليونيفيل اذن بسيط جدا، نزع سلاح حزب الله. كان هذا الهدف واضحا في المشروع الفرنسي الاميركي الذي كان يتضمن هذا الهدف واضحا بموجب المادة سبعة ولكن معارضة الحكومة اللبنانية له ومساعي وفد الجامعة العربية ادى الى تحويل المادة الى المادة ستة التي لا تسمح لهذه القوات ان تقوم هي بنزع سلاح حزب الله فاصبحت مهمة القوات الدولية ان تساعد الجيش اللبناني على تحقيق هذه المهمة.
لو فرضنا جدلا ان هذه القوات نجحت في تحقيق هدفها المعلن هذا واستطاع الجيش اللبناني ان ينزع سلاح حزب الله. فما معنى هذا؟ ان ما يردع اسرائيل اليوم عن تكرار الهجوم على لبنان هو سلاح حزب الله. صحيح ان الجيش الاسرائيلي فقد ثقته بالقادة السياسيين والعسكريين ولكن هذا امر مؤقت تعمل الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة على تلافيه والاعداد ثانية الى جولة جديدة تعيد لها هيبتها السابقة وتعيد الدول والجيوش العربية الى الشعور بالضعف والخذلان امام الجيش الاسرائيلي الذي لا يقهر. ولا يمكن حتى مجرد التفكير بان اسرائيل قد تخلت عن الانتقام لنفسها عن الانتصار الذي حققه حزب الله عليها في هذه الحرب التي تسميها اسرائيل الحرب الاولى وليس الحرب السادسة. الا يعني هذا ان مهمة قوات اليونيفيل المؤلفة من نفس الدول الامبريالية المنقادة كليا او جزئيا للولايات المتحدة هي اعداد الظروف المناسبة للجولة الاسرائيلية القادمة؟ جواب ذلك عند بوش.
وهل تقتصر مهمة هذه القوات على هذا الهدف المعلن، هدف نزع سلاح حزب الله؟ لا اعتقد ان انسانا مالكا لقواه العقلية يمكن ان يتصور ان هذه القوات الجرارة تكتفي بهذا الهدف. وقد بدأت مظاهر الاهداف التالية منذ البداية. فقد اعلنت هذه القوات عن نشر اساطيلها لمراقبة الموانئ اللبنانية. وهذه المراقبة تعني احلال حصار بحري شرعي على لبنان بدل الحصار البحري الاسرائيلي غير الشرعي. وقد توافدت الاساطيل من عدد من الدول الامبريالية وقد سمعنا امس ان المانيا ستقوم بقيادة هذه الاساطيل في اول عملية عسكرية تقوم بها منذ الحرب العالمية الثانية. وقد صرحت مستشارة النظام الالماني امس بان مهمة هذا الحصار هي المحافظة على اسرائيل واعلنت عن ان الجيش الالماني يقوم باول مهمة تاريخية منذ الحرب العالمية الثانية اي بعد الهولوكوست في الحفاظ على اسرائيل. كما صرح كوفي عنان ان هدف الحصار وقاية اسرائيل من اي هجوم من لبنان وكأن لبنان كان هو المعتدي على اسرائيل في هذه الحرب الاجرامية التي شنتها اسرائيل طوال ثلاثة وثلاثين يوما. ان الهدف المعلن لهذا الحصار البحري هو منع تزويد الاسلحة لحزب الله. ولكن هذا يعني ان هذه الاساطيل تحاصر لبنان حصارا خانقا يحق لها فيه تفتيش وايقاف كل قارب او سفينة تتوجه الى الموانئ اللبنانية او تغادرها.
والهدف البارز الاخر لقوات اليونيفيل الجديدة هو مراقبة مطار بيروت. وهذا يعني ان هذه القوات ستفرض حصارا جويا اضافة الى الحصار البحري على لبنان بنفس حجة منع تزويد حزب الله بالاسلحة. والعمل جار على تحقيق مطلب الولايات المتحدة واسرائيل بانتشار هذه القوات على الحدود اللبنانية السورية بنفس الحجة وفي النتيجة تقوم هذه القوات بمحاصرة لبنان برا وبحرا وجوا.
وهل ستكتفي هذه القوات بهذه الاهداف. ساذج من يتصور ذلك. ان مهمة هذه القوات هي تحقيق الهدف الاميركي الاصلي والاساسي، هدف تحقيق الشرق الاوسط الجديد الذي بشرت به كوندا في اوائل هذه الحرب. كانت كوندا تريد ان يتحقق ذلك عن طريق الحرب التي توقعت ان تقضي على حزب الله نهائيا في الايام الاولى من الحرب كما وعد به اولمرت وحالوص. ولكن الرياح جرت بما لا تشتهيه سفن رايس. ادت مقاومة وصمود حزب الله الى خذلان اسرائيل ذاتها وليس الى تحقيق ابادة حزب الله وولادة الشرق الاوسط الجديد. ولكن الولايات المتحدة تريد ان تحقق هذه الولادة عن طريق القوات المعززة لليونيفيل بفرض ارادتها على الدولة اللبنانية والحكومة اللبنانية وعلى الشعب اللبناني. فكما كان مسمار جحا وسيلة للاستيلاء على الدار التي دق فيه مسماره فان القوات المعززة لليونيفيل هي مسمار جحا بوش للاستيلاء التام على لبنان وتحويلها الى مستعمرة اميركية وتحقيق اهداف الشرق الاوسط الجديد بدءا بلبنان.
هل تستطيع الولايات المتحدة توليد الشرق الاوسط الجديد الذي لم تستطع توليده في الحرب الاسرائيلية على لبنان عن طريق قوات الامم المتحدة التي جاءت في الظاهر لتحقيق السلام ولادامة وقف القتال وانهاء مشاكل الشرق الاوسط بصورة نهائية كما صرح كوفي عنان؟ انه سؤال تصعب الاجابة عليه بجواب قاطع. ان الولايات المتحدة تبذل الان كل الجهد في تحقيق هذا الهدف عن طريق سياسة ما بعد الحرب. ووسائل الولايات المتحدة في هذا الصدد عديدة ومتنوعة. ولكن هذه الوسائل كلها تهدف الى تمزيق الشعب اللبناني وتأليب فئة منه على فئة اخرى من اجل تحقيق الشرق الاوسط الجديد.
اهم هذه الوسائل هي ضمان حكومة تكون اميركية اكثر من الاميركيين. وفي لبنان فئات واسعة في الحكومة الحالية وخارجها تعمل حثيقا في هذا الاتجاه. وقد ظهر ذلك واضحا للعلن مباشرة بعد انتهاء الحرب بعد ان كان خفيا متسترا بعض الشيء اثناءها. وقد برزت هذه الجهود في محاولات ادانة حزب الله واعتباره سبب الدمار الذي اصاب لبنان والدعوة الى سيطرة الجيش اللبناني على كامل البلاد وجعل الجيش القوة الوحيدة الحاملة للسلاح وتجريد حزب الله من سلاحه. وهذه الدعوات اصبحت علنية تقوم بها جماعة ۱٤ شباط او اذار واعلنتها المصادر الدينية المطرانية وغيرها من العناصر التي تتنافس في كسب ثقة الولايات المتحدة.
وهناك محاولات تمزيق الشعب اللبناني عن طريق خلق الشقاقات الطائفية والدينية والمذهبية. محاولات لخلق النزاعات بين مختلف الطوائف اللبنانية وبين المسيحيين والمسلمين والدروز وبين الشيعة والسنة وقد ظهرت مختلف الشعارات والادعاءات بهذا الخصوص منذ اليوم الاول بعد انتهاء الحرب. والشرق الاوسط الجديد يقوم على اساس هذا التمزيق الطائفي والديني والمذهبي في لبنان كمقدمة لتحقيق هدف الشرق الاوسط الجديد في تمزيق لبنان وتقسيمه كما هو الهدف الذي يراد تحقيقه في جميع بلدان الشرق الاوسط وكما يجري تحقيقه في العراق وافغانستان وفي فلسطين وربما في المستقبل القريب في ايران وسورية. لا تستطيع الولايات المتحدة توليد الشرق الاوسط الجديد الا في ضمان انتصار هذا التمزيق للشعب اللبناني وتحقيق ما يسمى الفوضى البناءة او الخلاقة. ان تحقيق هدف الولايات المتحدة في جعل لبنان لبنانا اميركيا او لبنانا اسرائيليا يعتمد على نجاح هذه الفئات الاميركية في وسط الشعب اللبناني.
ان عملية التمزيق هذه كانت من اهم الاهداف الاميركية للحرب الاسرائيلية على لبنان. فقد شددت اسرائيل على تدمير البنى التحتية والطرق والجسور وتدمير البيوت على سكانها لكي تحرض جماهير الشعب اللبناني على حزب الله والمقاومة باعتبار ان حزب الله هو الذي ابتدأ هذه الحرب وهو السبب في هذا التدمير الذي يجري في لبنان وليست اسرائيل. وقد رأينا ذلك واضحا في المناشير التي وزعتها الطائرات الاسرائيليلة على لبنان في الايام الاولى من الحرب. فقد كانت هذه المناشير تحرض الشعب اللبناني صراحة بدعوته الى الابتعاد عن حزب الله السبب المباشر لهذه الحرب. ولكن الامور سارت بعكس ما ارادته الولايات المتحدة. اثبتت الحرب ان الشعب اللبناني بكل طوائفه واديانه ومذاهبه وقف الى جانب حزب الله والمقاومة رغم عظم التضحيات التي قدمها الشعب اللبناني في هذه الحرب المدمرة. خرج الشعب اللبناني من الحرب اكثر تضامنا واكثر تأييدا لحزب الله والمقاومة مما كان عليه قبل الحرب.
ولكن الولايات المتحدة لم تتخل عن هدفها الاساسي من الحرب، اي تمزيق الشعب اللبناني الذي عجزت عنه الولايات المتحدة ومرتزقتها اسرائيل، كمقدمة لتحقيق الشرق الاوسط الجديد الذي اخبرتنا رايس ان هذه الحرب تتمخض عنه. فقررت ان تعمل على ذلك في سياسة ما بعد الحرب عن طريق الامم المتحدة ومجلس الامن والشرعية الدولية وحلف الاطلسي وهذه الاسماء كلها تحولت في ايامنا الى مدلول واحد هو الولايات المتحدة التي اصبحت منظمة الامم المتحدة ومجلس الامن وحلف الاطلسي والشرعية الدولية مجرد ادوات خاضعة لادارتها.

حرب ما بعد الحرب

ان حزب الله يخوض اليوم، بعد الحرب مع اسرائيل، حربا اشد واقسى واخطر واطول من تلك الحرب. ان هذه الحرب لم تعد مقصورة على هجوم دولة واحدة هي اسرائيل باسلحة اميركية بل اصبحت حرب مجابهة مع الامم المتحدة ومجلس الامن وحلف الاطلسي تساندها قوى لبنانية داخلية ودول عربية. فمن حرب بين لبنان واسرائيل اصبحت حربا عالمية شاملة. كان حزب الله في تلك الحرب يحارب حرب مقاومة وصمود امام اعتداء دولة اسرائيل. اما في هذه الحرب الجديدة فعلى حزب الله ان يحارب العالم الامبريالي كله في داخل لبنان وان يحارب اللبنانيين ايضا. فالهدف الاول المعلن من جميع هذه القوى هو نزع سلاح حزب الله ومنع تزويده بالسلاح من قبل سورية وايران. فمن الذي سيقوم بمهمة نزع سلاح حزب الله؟
هل ستقوم قوات الامم المتحدة بهذه المهمة؟ ان قوات الامم المتحدة المؤلفة بالدرجة الرئيسية من جيوش الدول الامبريالية كفرنسا وايطاليا والمانيا وحتى بريطانيا وروسيا تحتل اليوم لبنان احتلالا استعماريا كاملا. فقد كان هدف هذه القوات المعلن في قرار مجلس الامن مساعدة الجيش اللبناني على فرض سيطرته الكاملة على لبنان. ولكن فور دخول هذه القوات تبين انها لا تقتصر في نشاطها على هذه المهمة بل مهمتها توسعت الى محاصرة الموانئ اللبنانية بعدد من اساطيل الدول الامبريالية مهمتها كما عبرت عنها مستشارة المانيا المحافظة على اسرائيل. ومهمة الحصار البحري المعلنة هي منع تجهيز حزب الله بالسلاح وهذا يعني ان هذه الاساطيل من حقها ان تفتش وتوقف كل زورق او سفينة قادمة الى لبنان او مغادرة له. وبعد الحصار البحري تبين ان من مهام هذه القوى السيطرة على مطار بيروت الدولي وهذا يعني تفتيش كل طائرة من والى لبنان. والمطلب التالي لابد ان يكون محاصرة لبنان في الحدود اللبنانية السورية بنفس حجة منع تزويد حزب الله بالاسلحة.
ولكن حزب الله ما زال قائما فهل ستقوم هذه القوات بنفسها بعد ذلك بمحاولة نزع سلاح حزب الله. ان هذه القوات لابد ان تتعظ بما قالته وزيرة الخارجية الاسرائيلية خلال الحرب بانه ليست في العالم قوة تستطيع نزع سلاح حزب الله وان تكتسب الخبرة من تجربة اسرائيل في هذه الحرب التي اثبتت ان حزب الله باسلحته الموجودة يستطيع ان يكبد هذه القوات خسائر جسيمة حتى بدون تزويده بالمزيد من الاسلحة نتيجة للحصار البري والجوي والبحري الذي فرضته هذه القوات على لبنان. لا اظن ان هذه القوات تجرأ على محاولة نزع سلاح حزب الله بالقوة. وتدل كل التصريحات ابتداء من كوفي عنان وحتى اخر ضابط من ضباط هذه القوى بان قوات اليونيفيل ليس لها حق نزع سلاح حزب الله بالقوة. وهذا ما دل عليه تغيير المادة السابعة الى المادة السادسة من ميثاق الامم المتحدة.
وحتى لو فكرت هذه القوات باستعمال القوة لنزع سلاح حزب الله فانها لن تستطيع ان تقوم بما قامت به اسرائيل من استخدام طائراتها واساطيلها البحرية لتدمير البنى التحتية للبنان كما فعلت اسرائيل وليست لها القوات البرية المماثلة لقوات اسرائيل للوقوف امام صواريخ حزب الله التي جعلت من ارض لبنان مقبرة للدبابات الاسرائيلية. لا اظن ان هذه القوى ستجرأ على مهاجمة حزب الله عسكريا. ان دور هذه القوات هو دفع الدولة اللبنانية والحكومة اللبنانية والجيش اللبناني للقيام بهذه المهمة التي فشلت اسرائيل في القيام بها. وهذا هو السبب الذي جعل القوى الامبريالية وعلى راسها الولايات المتحدة ان تعلن شعار دولة لبنانية قوية وجيش لبناني قوي بعد ان منعت طوال العقود السابقة اية محاولة لتسليح الجيش اللبناني وتقوية الدولة اللنبناية. ان حرص هذه الدول الامبريالية على تقوية الدولة اللبنانية لتحقيق هدف سيطرة الدولة وما يسمونه سيطرة الدولة وحدها على السلاح وعدم السماح لاي قوة اخرى بحيازة السلاح كما يصرح بذلك السنيورة وغيره من السياسيين اللبنانيين اضافة الى هذه القوات هو دفع هذه الدولة القوية على القيام بمهمة نزع سلاح حزب الله والمقاومة اللبنانية.
ان مهمة نزع سلاح حزب الله موكلة اذن للحكومة اللبنانية والجيش اللبناني. ولكي تقوم الحكومة اللبنانية بمثل هذه المهمة الصعبة يجب اولا ان تكون حكومة معادية لحزب الله والمقاومة ومؤمنة بضرورة نزع سلاح حزب الله ومنكرة لما حققه حزب الله من نصر على اسرائيل في دفاعه المجيد عن ارض لبنان وشعب لبنان ودولة لبنان وجيش لبنان وكرامة لبنان وحتى حكومة لبنان. وربما وجدت الولايات المتحدة في حكومة السنيورة ما يضمن لها مثل هذه الحكومة. فكل خطوات السنيورة تدل على انه خاضع وخانع لكل مطاليب الولايات المتحدة. فقد اعلن السنيورة التمسك بحكومته وعدم الاستجابة لدعوة حسن نصر الله وغيره من السياسيين اللبنانيين الى ضرورة تكوين حكومة وحدة وطنية كنتيجة حتمية لما بعد الحرب. وظهر ذلك في خضوع السنيورة لمطالب قوات اليونيفيل في الحصار البحري والحصار الجوي الذي فرضته هذه القوات على لبنان بموافقته. وظهر ذلك باجلى مظاهره في دعوة بلير الى زيارة لبنان واستقباله استقبال الابطال في بيروت رغم غضب الشعب اللبناني واحتقاره لبلير شريك بوش في العدوان على لبنان وغير لبنان. وظهر ذلك في سفر السنيورة الى الدول العربية التي ساندت اسرائيل في حربها على لبنان مباشرة او بصورة غير مباشرة. وظهر في تلكؤ حكومة السنيورة في عمليات اعادة الاعمار وتعويض المتضررين وفي اختفاء المبالغ الكبيرة التي منحت للبنان من مصادر شتى وحتى في بيع المواد الغذائية والكسائية والطبية التي تبرعت بها بعض الدول العربية في السوق السوداء والحبل على الجرار. ان كل خطوات السنيورة تدل على انه يريد ان يكون على رأس هذه الحكومة التي ستحاول القيام بمهمة نزع سلاح حزب الله والمقاومة اللبنانية.
ولكي تقوم الحكومة اللبنانية بمهمة نزع سلاح حزب الله عليها ان تعتمد على الجيش اللبناني. وهذا هو السر فيما نشاهده ونسمعه من جميع الاوساط المعادية لحزب الله في لبنان والدول الامبريالية والدول العربية من ضرورة تسليح الجيش اللبناني وحتى تبرع بوش بثلاثين مليون دولار من الاسلحة لهذا الجيش. ولكن الجيش اللبناني بجنوده وضباطه مؤلف من ابناء الشعب اللبناني. ولكي تستطيع اية حكومة ان توجه هذا الجيش ضد حزب الله وضد المقاومة اللبنانية عليها ان تخلق منه جيشا مواليا للولايات المتحدة ومؤتمرا باوامرها. وهذه مهمة صعبة قد تعجز حكومة السنيورة او اية حكومة لبنانية اخرى عن تحقيقها مهما كان ولاؤها للولايات المتحدة او لقيادة قوات اليونيفيل سواء أكانت فرنسية ام ايطالية ام المانية ام غيرها. ان مهمة قوات الامم المتحدة المعلنة هي مساعدة الجيش اللبناني. ومهمة الجيش اللبناني هي الدفاع عن لبنان. فاذا قامت قوات اليونيفيل فعلا في مساعدة الجيش اللبناني على الدفاع عن لبنان فان هذا الجيش سيرحب بهذه المساعدة. اما اذا اخذت هذه القوات توجه الجيش اللبناني الى القيام بمهمة نزع سلاح حزب الله والمقاومة فان الجيش بصورته الوطنية لن ينصاع لاوامر القوات الاممية يل يعاديها.
ولكي تستطيع اية حكومة لبنانية تحقيق نزع سلاح حزب الله والمقاومة عليها اولا ان تمزق الشعب اللبناني. عليها ان تحرض بعض الشعب على بعضه الاخر. عليها ان تخلق النزاعات الطائفية بين مختلف طوائف الشعب اللبناني. عليها ان تخلق نزاعات دينية بين المسلمين والمسيحيين. عليها ان تخلق نزاعات مذهبية بين السنة والشيعة في لبنان. هذا ما نشاهده كل يوم في العراق. ولكن هل تستطيع حكومة السنيورة او اية حكومة موالية للولايات المتحدة ان تحقق ذلك؟
ان حزب الله يخوض اليوم حربا اشد واقسى واطول من حربه ضد القوات الاسرائيلية. في الحرب ضد اسرائيل كان حزب الله يحارب عدوا محتلا ويصمد في وجهه ويكبده خسائر فادحة ويضرب اسرائيل في العمق. وقد انتصر حزب الله في هذه الحرب انتصارا استراتيجيا كما يسميه بحق حسن نصر الله. اما في الحرب الحالية فهو يواجه عدوا دخل لبنان واحتلها بصورة شرعية وفقا لقرار مجلس الامن وبموافقة الحكومة اللبنانية. وفي حالة تطور هذه الحرب الى نزاع مسلح فان في مقدور حزب الله ان يمارس نفس حرب العصابات التي مارسها في حربه ضد اسرائيل. ولكن هذه القوات تحسب الف حساب قبل المخاطرة في حرب مسلحة ضد حزب الله.
ويواجه حزب الله في هذه الحرب قوات من جنسه، قوات لبنانية سواء اكانت الحكومة اللبنانية ام الجيش اللبناني ام الشعب اللبناني اذا اقدمت على محاولة نزع سلاح حزب الله بالقوة. ان سلاح حزب الله العسكري من صواريخ ومدافع وبنادق اعد لمحاربة العدو الاسرائيلي المحتل للاراضي اللبنانية وللدفاع عن ارض لبنان وشعب لبنان. ولكن هذه الصواريخ والمدافع والبنادق لا تصلح لمحاربة اللبنانيين. ولذلك فان اسلحة حزب الله المتبقية لديه بفرض انه لا يستطيع الحصول على المزيد منها نظرا للحصار البري والبحري والجوي الذي فرضته على لبنان قوات اليونيفيل لا تصلح للقتال بينه وبين اللبنانيين لانهم من لحم حزب الله ومن دمه. وان ثقافة حزب الله ومبادئه واخلاقه تأبى ان يستخدم الصواريخ والمدافع والبنادق ضد الجيش اللبناني او ضد الحكومة اللبنانية او ضد الشعب اللبناني.
فما هو سلاح حزب الله في هذه الحرب بين اللبنانيين اذا فرضتها عليه حكومة موالية للامبريالية الاميركية المصرة على تمزيق لبنان واستعماره ونهب ثرواته وتحقيق الشرق الاوسط الجديد فيه؟ ان سلاح حزب الله في هذه الحرب هو الشعب اللبناني. وان نزع سلاح حزب الله في هذه الحرب يعني فصله عن الشعب اللبناني. فلو استطاعت اية حكومة او اي جيش فصل حزب الله عن سلاحه العظيم، الشعب اللبناني، لاصبح من اسهل الامور الاستيلاء على الاسلحة العسكرية التي يمتلكها وحتى ما اراد بوش على لسان وزيرة خارجيته رايس، ابادة جيش حزب الله وارسال من تبقى منه الى السجون. وهذا ما قالته رايس للقادة اللبنانيين عند استقبالهم اياها بالاحضان في الايام الاولى من الحرب.
هل تستطيع اية قوة ان تفصل حزب الله عن الشعب اللبناني؟ قد يستطيع اي انسان ان يجيب على هذا السؤال بالايجاب في فترة ما قبل الحرب الاسرائيلية على لبنان. ولكن انتصارات حزب الله في مقاومة العدوان والصمود تجاهه وتحقيق النصر العظيم في هذه الحرب وحد الشعب اللبناني بجميع طوائفه واديانه ومذاهبه. اننا نرى ان جميع فئات الشعب اللبناني تمجد المقاومة وتشعر بان هذه المقاومة انقذت الشعب من ذل السيطرة الاميركية الاسرائيلية التي كانت معدة له في هذه الحرب. اننا نسمع مئات الالوف من المهجرين يعودون الى بلداتهم وقراهم ويعلنون فداء ضحاياهم وبيوتهم للمقاومة. راينا ان مئات الالوف من المهجرين قد استقبلهم الشعب اللبناني بكل ترحاب ورعاية في المدارس والكنائس والبيوت اثناء الحرب حبا بالمقاومة واعترافا ببطولة رجالها وتقديرا لشهدائها. ان حزب الله من صميم الشعب اللبناني ومن خيرة ابنائه المناضلين الابطال. ان هذه الحرب جعلت من الشعب اللبناني كله مقاومة للعدو كل بطريقته وبامكاناته. ان مهمة نزع سلاح خزب الله في هذه الحرب، نزع الشعب اللبناني عن حزب الله، قد يعتبر بعد الحرب مع اسرائيل من المعجزات. فلا الجيش اللبناني مستعد لمحاربة حزب الله لخاطر المستعمرين الاميركان واعوانهم. ولا الشعب اللبناني مستعد ان يضحي بحزب الله الذي انقذه من الاستعمار والذل والهوان وصان لبنان وكرامة لبنان وشعب لبنان. فكما قالت وزيرة الخارجية الاسرائيلية لا توجد اية قوة تستطيع نزع سلاح حزب الله كذلك يمكن القول لا تستطيع اية قوة في العالم نزع سلاح حزب الله في هذه الحرب الداخلية، اي نزع الشعب اللبناني عن حزب الله.



#حسقيل_قوجمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التمييز ضد الطائفة اليهودية في العراق
- الاخ العزيز ابو نبراس العراقي
- ماذا وراء تعزيز اليونيفيل
- مبروك اولمرت – نجحت بامتياز
- من تدمير اسرائيلي الى احتلال اميركي
- هل اسرائيل تحارب الفلسطينيين وتدمر لبنان ام الولايات المتحدة ...
- التعايش السلمي بين الشعوب
- مصالحة مع صيادي الخنازير البرية
- الدعوة لحكومة علمانية خدعة كبرى للطبقة العاملة والكادحين
- قوانين المجتمع الطبيعية وكيفية نشوئها
- الفرق بين الانتقاد والكتابة عن سير الحياة
- كلمة شكر للاخ الدكتور فالح الجبار
- الحركات العمالية والاشتراكية بعد انهيار الاتحاد السوفييتي
- حميد عثمان ودوره في قيادة الحزب الشيوعي العراقي
- جواب على رسالة انتقادية
- التناقض والانسجام بين قوى الانتاج وعلاقات الانتاج
- الشعار الاستراتيجي للمرحلة ومقاومة الاحتلال
- رسالة ثانية الى الاخ احمد الناصري
- التغيرات التي طرأت على الطبقة العاملة وتأثيرها السياسي
- رسالة الى الاخ احمد الناصري


المزيد.....




- مجلس الشعب السوري يرفع الحصانة القانونية عن أحد نوابه تمهيدا ...
- تحذير عسكري إسرائيلي: إذا لم ينضم الحريديم للجيش فإن إسرائيل ...
- السفير الروسي ردا على بايدن: بوتين لم يطلق أي تصريحات مهينة ...
- بالفيديو.. صواريخ -حزب الله- اللبناني تضرب قوة عسكرية إسرائي ...
- وزير الدفاع الكندي يشكو من نفاد مخزون بلاده من الذخيرة بسبب ...
- مصر.. خطاب هام للرئيس السيسي بخصوص الفترة المقبلة يوم الثلاث ...
- -أضاف ابناً وهميا سعوديا-.. القضاء الكويتي يحكم بحبس مواطن 3 ...
- -تلغراف- تكشف وجود متطرفين يقاتلون إلى جانب قوات كييف وتفاصي ...
- إعلام سوري: سماع دوي انفجارات في سماء مدينة حلب
- البنتاغون: لم نقدم لإسرائيل جميع الأسلحة التي طلبتها


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسقيل قوجمان - أتعزيز لليونيفيل ام مسمار جحا؟