إبراهيم اليوسف
الحوار المتمدن-العدد: 1676 - 2006 / 9 / 17 - 07:51
المحور:
القضية الكردية
لا أخفي أنّني عشت أيّاماً متواصلة من القلق العارم، قبل أن أحسم أمري وأقرّر نهائياً
المشاركة في الوفد الثقافي الذي سيلتقي نائب رئيس الجمهورية للشؤون الثقافية د.
نجاح العطار، ولعلّ أول مثبّطات حماس المشاركة لديّ في عداد الوفد، كان ينبعث من داخلي،
حيث أنّني أنفر- كما أسلفت- من أيّ تواصل مع أيّ مسؤول في سدّة السلطة,ولو سلطة المنزل، أو الشّارع، أو الحارة ، ناهيك عما لمسته,أيضاً من بعض الذين كانوا يقولون لنا بداية:لم لسنا من
من عداد الوفد؟، وهم أول من سينقلبون,فجاءةً, بل أن تصل ردود أفعالهم إلى أن يكتب بعضهم مقالات,حول تعفّفهم المزعوم عن ا لمشاركة في الوفد,أو من يخرج من بين هؤلاء للشارع زاعما ًأنّه ضدّ مثل هذا اللقاء,وهو ما ينطبق على شخصية أكثر من حزبيّ,وأكاد أقول : مسؤول ،كان يردّد: لم تمّ تجاهل حزبنا؟(ولديّ أسماء من يعرف ، أو يعترف بكلّ ذلك، وإن كنت أترفّع-هنا- عن نشرها) ليجد هؤلاء,وسواهم في الوفد الثقافي-دريئةً- يوجّهون صوبها سهامهم الناريّة، في لعبة ثأرية-أصلاً-هي بين خصوم حزبيين, لا علاقة لكلّ مثقفي الوفد، بحروبهم المأسوف عليها، هذه.....!.
لقد قلت بصوت عال,فورتلقّي نبأ هذا اللقاء:إن د.العطّار,رغم كلّ ما يمكن أن أسجّله عليها من ملاحظات ، ظهرت في فترة عملها الطويل كوزيرة ثقافة,في ما يخصّ الموقف من الثقافة الكرديّة, وهو موقف النظام نفسه منذ 1962 وحتّى هذه اللّحظة، دون أيّ تغيير جوهريّ حقيقي في سياساته ، إلا أنها مثقفة,سورية,مستقلة,غير بعثية ،كما يشاع( مع أنها لاتخرج كما أسلفت عن إهاب النّظام نفسه بل هي الأكثر تماهيا ً معه بدليل الثقّة الكبرى بأنموذجها)ناهيك عن أنّ هذا اللّقاء,هو الأوّل من نوعه, خارج الدهاليز المعتمة، التي يولع بها بعضهم ،بل هو "نقلة نوعية" في تاريخ الموقف الرسميّ للسلطة السورية من الكرد, أجل ،لأنّه –ولأوّل مرّة-لا يتمّ التعامل مع الكرد عبر البوابة الأمنية,وهو ما سوف يغيظ سدنة هذه الجهات,ومتطوعيها,وحرّاسها,ومنتفعيها, بل و قصيري النظر, الأبرياء ، من قد ينطلي عليهم الكلام المنمّق على حدّ سواء ،بل وبعض المخلصين الغيارى ، وإن كنّا سنجد بعض هؤلاء لا يتورّع عن تسجيل مواقفه,بكلّ صرامة,ومبدأية,.بعيداً عن اهتبال الفرص,وخطف البريق,لتسجيل بطولات مارقة, مراهقة،لرفع الأرصدة الذّاتية,أو الحزبوية, ناظرين بأناة,وشهامة,وشجاعة، إلى المسألة....!
حقيقةً,ثمّة أمثلة كثيرة،للأسف, بدرت من بعض الأشخاص,لا أريد تشخيصها,وإن كانت تنطوي على النّفاق,والإزدواجية , عند هذه القلة، مكشوفة الأوراق ، وليس أدلّ على ذلك، من أن يسجّل عليّ أحدهم- وتحت عباءة الودّ الملفق- موقفاً لأنني كصحفي "....." آذاري ّ , ذي موقف مشهودله ، كيف أقبل بكذا ....وكذا...,وبفلان وبفلان ، ليتظاهر أمام سواي-أيضا-بلغته التمثيلية,المفضوحة,مبدياً سيل عواطفه الكاذبة, تجاههم ،أيضاً.....!؟..
لقد أوضحت في أكثر من حوار على- البالتالك- للمثقفين الكرد - خارج الوطن- أن أقوى مثال ساطع، كان يبدر إلى بالي,ويعيد إليّ توازني كلّما تردّدت في الموافقة على المشاركة,حديث الرئيس مسعود البارزاني لنا ،عندما كنّا في أربيل/ عاصمة كردستان العراق ،في صيف 2004,على هامش مؤتمر الحوار الكرديّ-العربيّ ، حين تم ّاختيار مجموعة من المثقفين الكردوالعرب، من قبل الأستاذ صلاح بدرالدين و اللّجنة المشرفة على المؤتمر، للقاء بالرّئيس مسعود البارزاني , وكنت من عداد هؤلاء,حين أوضح لنا,شعوره بالمرارة والأسى العميقين جدّاً,وهو يصافح صدام حسين,رغم أنه كان يدرك في قرارته، في اللّحظة نفسها,ما فعله هذا الدكتاتور الأرعن من مجازروجرائم,وحروب خاسرة,ضدّ أبناء العراق,بل أن صور خمسةالآلاف من شهداء حلبجة,وآلاف الشهداءالبارزانيين,والمائة والثلاثة والثمانين ألف مؤنفلاً , شهيداً ،كانت كلّها أمام ناظريه, تصعق وجدانه ، تهزّه من الأعماق ،في هذه اللحظة الأكثر إحراجاً,التي أقدم عليها من أجل مستقبل إنسانه الكرديّ ,ومصلحته العليا....!
طبعاً ، وإنني كشخص لم أقصّر في أداء واجبي، في الامتحان الكردي الكبير، قي 12 آذار،مسترخصاً روحي ، في سبيل أداء رسالتي ، كإعلامي ، بما يريح ضميري ، ويجعل أبنائي وأصدقائي ، ومحبيّ يشعرون بالفخار، لأنّني كنت أوّل من غطّى هذا الحدث، قبل أن يأمر د. سليم كبول بإطلاق الرّصاص، وكان منزلي " غرفة عمليات إعلامية " كما قال بعضهم ذلك، آنئذ ،ولم أهرب من أداء واجبي، و تمّ طرد واحد من أولادي من العمل في ثالث أيام الانتفاضة ،ولا يزال عاطلاًً عن العمل،ومن حقّي في وقت" السلم" – إن صحّ التعبير لأن الممارسات الشوفينية ضدّ الكرد مستمرة دونما انقطاع - أن يكون لي صوتي- كمسؤولية لا كامتياز،ثم أليس هؤلاء الذين ادّعوا- الآن- أنهم ضدّ اللقاء، كانوا أكثر الناس دعوةً لحوارات مباشرة مع السلطة،انطلاقاً من حرصهم على المصلحة القومية، بل ثمّة من نسق حتّى مع وجهاء القبائل الكردية ، من أجل حوار أقلّ مستوى....!
ولأكن صريحاً,أنني لم أكن لأتوخّى من مثل هذا اللقاء المرتقب- تحديداًَ- أكثر من الإسهام مع من معي ل-إيصال رسالة- بالمطلب الثقافيّ الكرديّ إلى أعلى سلطةً سياسيةً في سوريا,كي يعرف هؤلاء:كيف نفكّر,وجهاً لوجه,مكذّبين أيّ تصور مساو م على حقوقنا الثقافية, غير المنفصلة عن كامل حقوقنا القومية المختلفة، المائزة ، والمشروعة ،وهو ما أعلنت عنه لمن استشرتهم,عارفاً أن لاشيء سيتحقّق, ضمن النهج والسلوك الحالي للنظام،وأنّ الدّعوة إلى الحوار من قبل السلطة-وهي من وجهة نظري تكتيكية - نتيجة الضغوطات التي تمرّ,بيد أن مبدأ الحوار ضروريّ,ولعلّ أيّة مقارنة لخلاصة ما قدّمناه في الورقة الثقافية إلى-القصر الجمهوريّ- ب"الرؤية الثقافية" للأحزاب الكرديّة في الجبهة والتحالف من جهة,وحزبي يكيتي وآزادي وتيار المستقبل الكردي ،من جهة أخرى , ستؤكّد أنّ ورقتنا- رغم أننا جميعاً كنا مستقلّين عن هذه الأحزاب برمّتها - لم تكن لتقل عنها شأناً,إن لم تبزّها في بعض النقاط ...!
ولعلّ الخطأ الكبير الذي وقع فيه الوفد في-تصوّري-هو القبول بالكتمان على أمر
اللقاء,وهو ما منع كثيرين من الزّملاء من الإدلاء بأي ّتصريح,وهو ما أفسح المجال
لبعض مهرة الصيد في المياه العكرة,كي يقوّلوا الوفد ما لم يقله,أو يشكّكوا بمصداقيته, ومصادرة هويتّهم -مع أنّني لاحظت-وأقولها ضمن حدود أداء هذه المهمة-أنّ هذاالوفد,بكامله,كان أشبه بأوكسترا موسيقيّة,وقدّم ورقةً مهمةً,بروح وطنية عالية,وإحساس عال بالمسؤولية....!
*طبعاً,موقفي هذا أعلنته,على البالتالك,في لقاء خاص,بعيد اللقاء مع نائب رئيس الجمهورية د. نجاح العطار,أكّدت من خلاله أنني لا أعول على هذاللقاء,أيّ بصيص أمل، رغم التفهم الشّخصي الملموس الذي لحظناه من قبل د نجاح العطّار، وهو ما سأشير إليه في موقعه لاحقاً....!
لقدكنا اتفقنا قبل اللقاء- من جملة ما اتفقنا عليه - أن أقوم كإعلامي للوفد,بإجراء ريبورتاج عن هذا اللقاء , ونشر كافة المداخلات,ولكنّ ذلك لم يتحقّق للأسف , نزولا ًعند رأي الأكثرية في الوفد,وها قد انتظرت مرور شهرين كاملين,على اللقاء,لأنشر هذه المادة على حلقات,احتراماً لزملائي ،وإن كان أيّ من المطالب لم يتحقق.....!
#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟