أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - فهمي الكتوت - نقد الفكر الرأسمالي بين نظريات القرن التاسع عشر ومستجدات العصر















المزيد.....

نقد الفكر الرأسمالي بين نظريات القرن التاسع عشر ومستجدات العصر


فهمي الكتوت

الحوار المتمدن-العدد: 1676 - 2006 / 9 / 17 - 09:01
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


(1)
شهد العالم في العقدين الأخيرين من القرن الماضي تطورات هامة على مختلف الأصعدة الدولية والإقليميـــة والعربية، وقد تميز الوضع الدولي بتفرد الولايات المتحدة الأمريكية بالهيمنة على العالم في ظل العولمة الرأســمالية وصعود الليبرالية الجديدة وسعيها المتواصل لفرض نفوذها وأيديولوجيتها على كافة أرجاء المعمورة مستخدمة ثقلها السياسي والاقتصادي وكذلك العسكري لإخضاع العالم لمصالحها ولرؤيتهـــا الفكريـــة والسياســـية، وقد اســتغلت المؤسسات الدولية من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية كأذرع لفرض سياستها بــالقوة، دون أدنى اعتبار للنتائج الكارثية التي أفرزتها هذه السياسة، وقد برزت مفاعيلها بالاثار الناجمة عن سياستها هذه في البلدان النامية، بالجوانب الاقتصادية والمالية والنقدية، بدءا من تحميل الفئات الشعبية اثار ونتائج ألازمــــات الاقتصادية، برفع الدعم عن مختلف الخدمات الأساسية من التعليم والصحة وزيادة العبء الضريبي وانتهاء بفــرض سياسة الخصخصة، وتحرير التجارة وتحرير الأسعار، وما تعنيه هذه السياسات من نتائج مؤلمة على الفئات الشعبية.
أما ما يتعلق بالرؤية النقدية للتحولات التي جرت على بنية النظام الرأسمالي، وأثار ذلــك علــى التناقضــات الداخلية في النظام الرأسمالي والتناقض بين العمل ورأس المال، لــم تشهد رؤية ماركس في هذاالمجال تطويرا ملحوظا تتناسب مع التطورات الكبيرة التي مرت بها الرأسمالية . قدم ماركس نظريته حول نقد الرأسمالية في أواسط القرن التاسع عشر في مرحلة تاريخية معينة من تطور الرأسمالية ،والاستخلاصات التي توصل اليها في تلك الحقبة التاريخية تأتي ضمن سياقها التاريخي ، ولا يجوز اسقاطها على كل زمان ومكان فالظواهر التي درسها ماركس في حياته هي في تحول مستمر ، بفضل الانجازات التي حققتها البشرية في مجال العلم والتكنولوجيا والتي كشفت عن مظاهر جديدة للنظام الرأسمالي التي تحتاج إلى دراسة معمقة لاستيعاب آثار المستجدات العلمية على النظام الرأسمالي ، وهي بمثابة انقلاب على مفاهيم الرأسمالية في مراحل تطورها الاولى رغم احتفاظها بالجوهر ، وتجلى هذا بالتكيف مع مواجهة المستجدات، وكان أبرزها مواجهة الأزمات الاقتصادية التي شهدها النظام الرأسمالي في بداية القرن العشرين خلال أعوام 1929_1933 والتي كادت تعصف بالنظام الرأسمالي في معظم الدول الصناعية ، مما حدا بالمفكرين الاقتصاديين في النظام الرأسمالي بالتدخل لإنقاذ النظام الرأسمالي من الانهيار . وقد برزت الفلســفة الاقتصادية الكنزية كبديل للفكر الكلاسيكي ومنقذ للنظام الرأسمالي ، وشكلت انقلابا جوهريا في الفكر الاقتصادي تمثل في تدخل الدولة في مختلف الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية ، متخلية عن محرمات الفكر
الرأسمالي الكلاسيكي ومن ابرز خطواتها زيادة الإنفاق الحكومي لتخفيض معدلات البطالة، وإنشاء منظومة من التشريعات والمؤسسات في مجــال التأمينات الاجتماعية والصحية للعمال، بالإضافة إلى تأميم قطاعات اقتصادية رئيسية .
أدخلت النظرية الكنزية النظام الرأسمالي في مرحلة جديدة وهامة في تاريخها، وخاصة بعد الحرب العالمية الثانية، فقد حققت إصلاحات جوهرية في النظام الرأسمالي ، دون المساس في جوهره ، وعمقت البعد الإجتماعي وخففت من الاحتقانات الطبقية ، وشكلت حالة توازن نسبي في المجتمع ، مستفيدة من سيطرة البلدان الرأسمالية على معظم بلدان آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، في نهب خيراتها والحصول على النفط والمواد الخام بأسعار زهيدة ، ومستغلة أسواق هذه البلدان لتصريف فائض إنتاجها ، ساهم ذلك في امتصاص الأزمات الاقتصادية ، ووفر ربحية عالية وامكانيات ضخمة سهلت على الاحتكارات الرأسمالية إمكانية الوصول الى صيغ واتفاقيات مع النقابات العمالية ، لزيادة أجور العمال وتحقيق خدمات صحية واجتماعية ، مما خفف من حدة الصراع الطبقي ، الذي برز بصورة جلية في بداية القرن الماضي وعلى الرغم من النجاحات التي حققتها السياسة الاقتصادية الكنزية ، فقد أفرزت نتائج غير محسوبة وكان من أهمها، زيادة عجز الموازنة، الناتجة عن تخصيص مبالغ إضافية للإنفاق الحكومي، مما ترتب على ذلك، زيادة الضرائب لتغطية النفقات وتخفيض العجز، وقد تعالت أصوات النقديين ( نيوكلاسيك) مشككة بإمكانية الاستمرار في البرنامج الاجتماعي، بسبب الثمن الباهظ لهذه السياسة. شكل الانهيار الدراماتيكي للنظام الشمولي في الاتحاد السوفيتي وأوروبا الشرقية انتصارا للاتجاه المتشدد فــي البلدان الرأسمالية، وبدأ الهجوم الكاسح على السياسة الكنزية والسياسة الاشتراكية على حد سواء، وعلى القطاع العام، وعلى كافةأشكال تدخل
الدولة في ادارة الاقتصاد وعلى المكتسبات العمالية ومختلف أشكال الدعم للخدمات.
توقع ماركس مع تطور الرأسمالية وزيادة تشديد الإستغلال بهدف تحقيق أعلى درجات الربح زيادة الإفقار، الـــــذي سيؤدي الى تحويل غالبيـة السكان الى بروليتاريا، بما في ذلك الفئات الوسطى التي سوف تنقــل الــــى البروليتاريا المعرفة، وفعلا استمرت هذه الظاهرة بالتحقق حتى منتصف القرن العشرين، فيما بعد بدأت تبرز مظاهر جديدة بفضل تقدم العلوم في مختلف مجالات الحياة، أدخلت الرأسمالية مرحلة جديدة من تطورها استندت على التقنيات الحديثة للمعلوماتية والاتصالات، حيث بدأت تتقلص الطبقة العاملة وتتسع الطبقة الوسطى في المجتمع، لقد أدت الثورة العلمية في شتى ميادين الحياة الى رفع الإنتاجية بشكل يفوق كل التصورات، والى تمركز رأس المــــال وتكــــديس الثروة واستثمارها في تطوير العلوم والتكنولوجيا، وتوسيع الخدمات في المجتمع الرأسمالي، وإنتاج ثقافة واعلام لمواكبة التطور الرأسمالي، وتمكينه من إدارة الحكم والهيمنة على العالم، لم يقف المفكرين الماركسيين المعاصرين عند هذه الظاهرة، لتحليلها وطرح استنتاجات بصددها بقيت الأحزاب الشيوعية تردد الأفكار والاستخلاصــات التي وصل اليها ماركس في القرن التاسع عشر، دون الانتباه للمتغيرات الهائلة التي يشهدها النظام الرأسمالي، ومع ذلك لا يمكن اعتبار ما وصلت إليه الرأسمالية في هذه المرحلة هو الشكل النهائي لتطورها، أو نهاية التاريخ حسب النظرية الرجعية ل " فوكوياما". لقد برزت مظاهر جديدة للرأسمالية في ظل أحادية القطبية والعولمة، تجلت بمظاهر فاشية وعدوانية شرسة ومحاولة الهيمنة الكاملة على العالم، وخاصة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة اليمين المحافظ، برزت في ابشع صورها في احتلال العراق وتدمير الدولة واشعال الحروب الاهلية وتشجيع النزعة الانفصالية لمنع الشعب العراقي من اعادة اللحمة وتحقيق الوحدة الوطنية لدولة تمتد جذور حضارتها الى اعماق التاريخ،وكذلك تشجيع المحتلين الصهاينة على ارتكاب أبشع الجرائم في فلسطين ولبنان فالحصار المفروض على الشعب الفلسطيني والقتل والتدمير اليومي الذي تشهده الاراضي الفلسطينية باللاضافة الى جدار الفصل العنصري والانتشار السرطاني للمستوطنات الاسرائيلية في الاراضي العربية المحتلة وتقطيع اوصال الضفة الغربية لشطب اي امكانية لقيام دولة فلسطينية كل ذلك يتم بتشجيع اليمين المحافظ والليبرالية الجديدة في البيت الابيض ، اما الحرب القذرة التي خاضتها اسرائيل في لبنان بهدف سحق المقاومة وتدمير لبنان ومحاولة اشعال فتنة طائفية وارغام اللبنانيين على الاستسلام وتوقيع معاهدات مذلة مع الاسرائيليين، فقد جاءت بتخطيط وتنسيق مشترك مع الادارة الامريكية ، وهي تواصل تدخلها البشع في الشؤون الداخلية للدول المستقلة ومحاولاتها المتواصلة لفرض وصايتها على العالم، وفرض الليبرالية كنمط اقتصادي وحيد، لا شك ان توازن الرعب الذي ساد في ظل الحرب الباردة كان كابحا للانفلات الامبريالي. فالغطرسة والزعرنة التي تمارسها اسرائيل وامريكا في العالم بصورة عامة وفي الوطن العربي والشرق الاوسط على وجه الخصوص لم يكن ممكنا ممارسته في ظل الحرب الباردة وتوازن الرعب في العالم ، وهذا ليس تقييما ايجابيا لتلك الحقبة بكافة جوانبها ، فقد حملت سلبيات
لاحصر لها ، الا انها وفرت مناخا عالميا ملائما لانجاز استقلال عشرات الدول في القارات الثلاث.



#فهمي_الكتوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشروع قانون ضريبة الدخل يعمق الفجوة بين الفئات الاجتماعية
- مشروع قانون ضريبة الدخل يعمق التشوهات الهيكلية للاقتصاد ولا ...
- الذكرى التاسعة لوفاة شيخ النقابيين والابن البار للطبقة العام ...


المزيد.....




- لم يسعفها صراخها وبكاؤها.. شاهد لحظة اختطاف رجل لفتاة من أما ...
- الملك عبدالله الثاني يمنح أمير الكويت قلادة الحسين بن علي أر ...
- مصر: خلاف تجاري يتسبب في نقص لبن الأطفال.. ومسؤولان يكشفان ل ...
- مأساة تهز إيطاليا.. رضيع عمره سنة يلقى حتفه على يد كلبين بين ...
- تعويضات بالملايين لرياضيات ضحايا اعتداء جنسي بأمريكا
- البيت الأبيض: تطورات الأوضاع الميدانية ليست لصالح أوكرانيا
- مدفيديف: مواجهة العدوان الخارجي أولوية لروسيا
- أولى من نوعها.. مدمن يشكو تاجر مخدرات أمام الشرطة الكويتية
- أوكرانيا: مساعدة واشنطن وتأهب موسكو
- مجلس الشيوخ الأمريكي يوافق على حزمة من مشاريع القوانين لتقدي ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - فهمي الكتوت - نقد الفكر الرأسمالي بين نظريات القرن التاسع عشر ومستجدات العصر