أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مهدي النجار - الاسلام المتنور وثقافة العنف















المزيد.....

الاسلام المتنور وثقافة العنف


مهدي النجار

الحوار المتمدن-العدد: 1676 - 2006 / 9 / 17 - 08:54
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إن العنف الذي ظهرت نماذجه الأكثر قسوة ودموية وتطرفا وشراسة في الجزائر ومصر وأفغانستان والشيشان وأخيرا بصورة مروعة في العراق، ينتمي بلا شك إلى مجتمعات إسلامية، وإذا زعمنا بان المتطرفين الذين يمارسون العنف ليسوا إسلاميين، أو ليسوا من أهل الإسلام فإننا نقع في أخطاء توصيفية فادحة، وبهذا التوصيف لا نفكر بتصعيد الحوار الضروري بين الإسلام المتنور وثقافة العنف ، ونرى حلقة الحوار والنقاش كأنها دائرة فقط بين ثقافة إسلامية وثقافات أخرى، بين ديانة سماوية إسلامية وديانات سماوية أخرى كالمسيحية واليهودية، وبذا يكون الحوار أحاديا وخارجيا لا يصل إلى نتائج مرموقة، في حين ينبغي للحوار أن يتخذ مساحة واسعة بين ثقافة المتنورين وثقافة المتشددين داخل الفضاء الإسلامي من جهة ، ومن جهة ثانية بين عموم الثقافة الإسلامية والثقافات الأخرى خارج الفضاء الإسلامي.
نتحدث هنا عن الحوار الداخلي الذي ينبغي أن يتصاعد ويتعمق رغم أننا لا نلمس أملا كبيرا في انه سيعطي ثمرات جيدة وسريعة، ولكن ليس من الحكمة والرشد أن يقلع الإسلام المتنور العقلاني عن إيجاد صيغ واليات جديدة تمكنه من التحاور مع عقل التشدد والعنف الذي يتصدى وبشكل عدواني لمثل هذه الحوارات ويقطع دابرها اعتمادا على "حقائق" يمتلكها هو دونها أية حقيقة هي بموضع تكفير.هذه "الحقائق" الواهنة تمثل ثقافة منغلقة ومتطرفة لا تمتاز بالشفافية والوضوح وليست لديها مقومات جدل وحوار وترفض قبول الآخر. إن عقل المتشددين إذ يتخذ من الدين وسيلة للتجميد والتحجير لا للتجديد والتغيير، فهو يعتمد قيم وأفكار وخطابات فقهية تشكل جميعا ثقافة اتخذت من القران الكريم "شماعة" تعلق بها اجتهاداتها لتبرير انتهاك "الجماعات" للقيم الإنسانية وتسويغ مذابحها وأفعالها التدميرية من خلال المفخخات والأبدان المصنوعة من القنابل، وقد أساءت بذلك إساءة بالغة للنشاط الإسلامي، فكما هو معروف فان القران الكريم حمال أوجه أو مأدبة كريمة يسميها ابن عباس "مأدبة الله"، وقد سحب هؤلاء الغلاة ما شاء لهم من نصوص هذه المأدبة ووظفوها لأغراضهم اللاعقلانية والمتطرفة بعيدا عن المعنى الحقيقي الكامن في النص من حيث أسباب نزوله أو ظروفه التاريخية، مستبعدين بإطلاق مقتضيات التغير والتبدل التي طرأت على تلك الأسباب وتلك الظروف، مستغلين ما يملكون من ممارسة وحذقة ودربة في ألاعيب الكلام والفقه من خلال خطاب تهديدي وقمعي لا يتعدى لغة التقرير القاطع الذي يحظر على الإنسان العاقل كل سؤال أو سجال ونقد برغم ما يبدو على هذا الخطاب أحيانا من مظاهر الوداعة والرحمة والهدوء في تجلياته العلنية.
إن "الجهاد" المعلن والخفي الذي راح رصاصه يحصد أرواح الأطفال والشيوخ والشباب من النساء والرجال، ويهدم المؤسسات المدنية والأسواق الشعبية ودور السكن والعبادة، ويروع الناس في حياتهم الاعتيادية...الخ، يعقده العقل المتطرف على انه بيعة في "سبيل الله"، ولكن ألا يمكن أن تكون هذه البيعة وان يكون سبيل الله طريق محبة وحوار وسلام، ويكون الجهاد جهاد حكمة وعقل وموعظة، الم يقل الرسول الكريم: "الدين النصيحة" ؟! إن تحريم القتل جاء في المبادئ الأساسية للإسلام: " من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً ". ويتعدى تحريم القتل إلى غير المسلمين كما جاء في قول النبي الكريم: "من قتل قتيلا من أهل الذمة حرم الله عليه الجنة".
إن الإسلام المتنور العقلاني في مجتمعاتنا الإسلامية قادر على تحويل دفة الصراع لأجل البناء والنهوض الحضاري وتأسيس ثقافة متحضرة وعقلانية مبدعة من خلال اعتمادها على مرجعيتها التأسيسية "القران والسنة النبوية"، ففي القران نجد فعل عقل (بمعنى: ربط الأفكار بعضها ببعض/حاكم /فهم/البرهان العقلي) يتكرر نحو خمسين مرة، ويتكرر ثلاث عشرة مرة السؤال الاستنكاري: "أفلا تعقلون؟!". وعلى أساس هذه المرجعية نفسها يمكن للثقافة المتنورة أن تدحض مزاعم القهر والتسلط والإكراه ، وتسحب بصورة قطعية من دعاة القهر والعنف أي شرعية لأي سلطان قاهر على الناس أو أي تخويل يخولون بموجبه لأنفسهم صلاحية التكلم أو الحكم نيابة عن سبحانه وتعالى في معاقبة البشر ومحاكمتهم، اعتمادا على نصوص لا لبس فيها أو غموض:
- " فإنما عليك البلاغُ وعلينا الحسابُ" الرعد/40
- " ولو شاء ربك لآمن من في الأرض جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين" يونس/99
- "فذكر إنما أنت مذكر، لست عليهم بمسيطر" الغاشية/21، 22
- "نحن اعلم بما يقولون وما أنت عليهم بجبار فذكر بالقران من يخاف وعيد" ق/42
أن هذا الكتاب الجليل ينهي بصورة جلية وواضحة عن الروح العدائية والتسلطية وتحتل الحرية والاختيار فيه مكاناً جد كبير:
- "لكم دينكم ولي ديني" الكافر/60
-"كل نفس بما كسبت رهينة" المدثر/38
- "لا إكراه في الدين" البقرة/256
ماينفك القران يقدم نفسه للناس على انه كتاب هداية ورحمة وتبشير وتذكرة، وعلى الناس أن يختاروا تدينهم وثقافتهم عبر براهين عقلية، لا من خلال الترهيب والإبادة:
- "أن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا" الدهر/29
ولا يمكن الكشف في اللب الإسلامي عن شئ يتعارض مع الاختيارات الدينية والمذهبية أو الفكرية، بل أقرت المرجعية التأسيسية بوجود الاختلافات الثقافية بين البشر، فيما رفعت الحكم بشأنها إلى الله، القوة الخبيرة والبصيرة بالعباد، فهو الحاكم بين الناس يوم القيامة فيما كانوا به يختلفون وليس لأحد أي صلاحية أو تخويل من لدن سبحانه وتعالى في مساءلة الناس ومحاسبتهم عن هوياتهم الثقافية:
- "قل ولله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين" الإنعام/194
- "ولو شاء ربك لجعل الناس امة واحدة ولا يزالون مختلفين" هود/118
إذا كان المتطرفون في المجتمعات الإسلامية إكراهيين وجبريين، وهم كذلك، فما ذلك بموقف إسلامي عقلاني وأصيل، إنما يلجئون في ثقافتهم لمعالجة الأمور بأدوات ذهنية قديمة ليست على صلة بأدوات كوننا الراهن كما تكونت تاريخياً، وبسلوكيات بدائية متوحشة تعتمد الضغينة والحقد والبغضاء.
صحيح أن تقصي الحقائق واعتماد أرقام إحصائية دقيقة تظهر بان هذه الأنشطة الترويعية المتطرفة تزدهر في مجتمعات خاوية اقتصادياً يعيش أفرادها بمستويات معيشية متدنية وببيئات سكانية مكتظة تتفشى داخلها أميات ثقافية التباسية وميثية مفزعة، لذا يصبح الإسراع بنقل هذه المجتمعات إلى اقتصاديات منتجة وأكثر كفاءة هو العامل الحاسم في القضاء على النزعات الترويعية والسلوكيات المتطرفة، إلا أن هذا العامل ليس كافياً، بل يعوّل كثيراً على عامل التنوير الإسلامي لنشر الثقافة التسامحية والحوارية بين الناس والبحث عن الينبوع الذي يخلص هيكل الرب من الصيارفة وتجار الموت، وستقوم الثقافة التنويرية والعقلانية بدور جوهري في تحرير الإنسان من تصورات عصور الانحطاط وأفكار التوهم اللذان يشلان حركته من الاندراج في أزمنة الحداثة.



#مهدي_النجار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الذكرى السنوية السابعة لرحيل البياتي
- كيف يمكن ان نعيش سويا ومختلفين
- البياتي شاعر الحب واللِّماذات
- الحركات المطرودة من التاريخ
- اسئلة المثقف الاشكالي
- مسكويه فيلسوف الادباء
- الاكراه والاختيار في الخطاب الاسلامي
- الذكرى المئوية السادسة لرحيل العلامة ابن خلدون
- للعقل وقت وللخوف وقت
- الاسلام والفكر المعاصرحوار مع المفكر محمد أركون
- التسامح وقبول الاخر
- الاسلام والمعابر الى الديمقراطية
- الثقافة الاسلامية وتصحيح الاسئلة
- الإطار المفهومي للعلمنة
- كيف نفهم الإسلام اليوم ؟ - مقابلة مع محمد اركون
- جدلية الحداثة المادية والحداثة الثقافية


المزيد.....




- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مهدي النجار - الاسلام المتنور وثقافة العنف