أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - كاظم حبيب - احتلال العراق ليس نهاية التاريخ! المخاطر الراهنة على مستقبل الديمقراطية في العراق















المزيد.....

احتلال العراق ليس نهاية التاريخ! المخاطر الراهنة على مستقبل الديمقراطية في العراق


كاظم حبيب
(Kadhim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 495 - 2003 / 5 / 22 - 03:42
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 

لعب النظام الدكتاتوري المقبور خلال عقود حكمه العجاف في العراق دوراً مركزياً وحاسماً في فقدان العراق لاستقلاله وسيادته التي انتزعها الشعب عبر ثورة تموز عام 1958, بسبب سياسات النظام الداخلية والعربية والإقليمية والدولية, وبشكل خاص تفريطه الكامل بالوحدة الوطنية على الصعد السياسية والقومية والدينية والمذهبية, إضافة إلى سياساته القصيرة النظر والخاطئة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية, ولكن بشكل أخص العسكرية  التي ألحقت أفدح الأضرار بالاقتصاد والمجتمع. ويكفي أن يستعيد الإنسان ما قام به النظام من مصادرة كاملة للحريات الديمقراطية وتغييب حرية الإنسان وحقوق الإنسان السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وحقوق القوميات والأقليات القومية وما أجراه من تغيير ديموغرافي شوفيني لمناطق مختلفة من العراق, وخاصة في كردستان العراق, وكذلك حروبه ضد الشعب الكردي وعرب الوسط والجنوب وضد الأقليات القومية, إضافة إلى سياسات التنمية الانفجارية ونشر العسكرة والتسلح العدواني الشرير وسياسات الغزو والحروب ضد إيران والكويت والتفريط بموارد النفط المالية الثروة الوطنية, وما نجم عنها من حروب دموية استمرت طويلاً ومن عواقب على راهن ومستقبل العراق وعلى أجياله القادمة, حتى يعرف تماماً السبب الكامن وراء استمرار معاناة العراق الراهنة حتى بعد سقوط هذا النظام الدكتاتوري الدموي. فاستقلال وسيادة العراق لم تتعرضا إلى الخطر عبر حرب الخليج الثالثة ودخول القوات الأمريكية-البريطانية إلى العراق وفرض الاحتلال عليه بعد الإطاحة بنظام العدوان والحرب, بل كان قد فقدهما منذ أن بدأ النظام حروبه ضد شعب كردستان العراق والأهوار وضد الشعب الإيراني, ثم تفاقمت بغزوه الكويت وصدور قرارات الأمم المتحدة, بما في ذلك قرار فرض الحصار الدولي على العراق والاتفاقيات التي عقدها مع تركيا يسمح بموجبها دخول القوات التركية في عمق الأراضي العراقية لمطاردة قوات البيشمركة بدعوى مطاردة قوات حزب العمال الكردي في كردستان تركيا ... الخ. بالضبط حينذاك فقد العراق استقلاله وسيادته الوطنية ولم يعد سيد قراره, بالضبط عندما بدأ النظام بمصادرة إرادة الشعب وحرمانه من حقه في اتخاذ الموقف الذي يريده في مختلف مجالات الحياة, وعندما بدأ بفرض الإرهاب بشكل جماهيري ودائم ويومي على السكان, وعندما بدأت عمليات القتل تشمل أوساطاً واسعة من القوى السياسية العراقية ابتداءاً من القوميين والشيوعيين والديمقراطيين وبنات وأبناء الشعب الكردي والإسلاميين السياسيين واللبراليين وانتهاءأً بعدد كبير من أقطاب النظام البعثي ذاته أو من مخالفيه من يسار البعث وغيرهم.
ولهذا لا يحق بأي حال لهؤلاء الذين أرهبوا وأرعبوا وأخضعوا الشعب والوطن لسياسات البعث وصدام الدموية أن يتباكوا على الاستقلال والسيادة الوطنية وعلى حرية واستقلال القرار العراقي الذي فقده العراق منذ مجيئهم الأول إلى السلطة في شباط/فبراير من عام 1963 وتفاقم بعد مجيئهم الثاني في17 تموز/يوليو من عام 1968. فهؤلاء هم الذين تسببوا بمأساة الحرب الأخيرة أيضاً وموت عدد كبير من بنات وأبناء العراق والحالة الراهنة التي يعاني منها العراق بعد تحريره من سيطرة الدكتاتور السفاح صدام حسين والطغمة القيادية التي عملت معه وغاصت عميقاً في دم الشعب العراقي من العرب والكرد والتركمان والآشوريين والكلدان وغيرهم, والتي كانت وراء هذه المقابر الجماعية التي اكتشفت حتى الآن والتي ستكتشف لاحقاً.
إن الإنسان السوي يدرك اليوم, إن لم يكن قد أدرك ذلك قبل اليوم, بأن النظام الاستبدادي المتخلف في العراق كان السبب الأول والأساسي في ما حل بالشعب العراقي وما نعيشه اليوم من خراب في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والصحية والتعليمة والنقل والمواصلات وفي تدهور الوضع النفسي المخرب للناس وفي الفوضى وانعدام القيم والمعايير لدى جماعات من السكان تلك التي ساهمت مع قوى الأمن الداخلي وجماعات من فدائيي صدام وأعضاء من حزب البعث الصدامي ومنظماته الشعبية في عمليات النهب والسلب وإشعال الحرائق وتدمير الوثائق ونهب المتاحف وغيرها من الأعمال التي هي بعيدة كل البعد عن خصائص وأخلاقيات وتقاليد الشعب العراقي الذي ساهم بفعالية ومنذ ألاف السنين في بناء حضارة الإنسان في العالم. 
علينا جميعاً أن ندرك بأن هذا الاحتلال ليس نهاية التاريخ في العراق, وأنه سينتهي عاجلاً أم آجلاً, لأن الشعب العراقي كله لا يرتضيه ولن يتحمله طويلاً. ولكن المنادين بشعارات الدعاية المضللة بإنهاء الاحتلال يدركون ماذا يريدون, ومنهم يأتي الخطر الكبير, رغم أنه لا يمكن وضع الجميع في سلة واحدة عندما ينادون بإنهاء الاحتلال, إذ ليس فينا من لا يطالب بذلك مع الفارق في الهدف والمضمون.
كنت أدرك تماماً بأن الحرب إن بدأت فسيكون الاحتلال عاقبتها الطبيعية, ولهذا طالبت مع الكثيرين بحل المشكلة عبر طريقين: إرغام النظام الصدامي وصدام حسين على التنازل عن السلطة وتسليم الأمور بيد الشعب وقوى المعارضة العراقية, (أو) وإيجاد طريق آخر للإطاحة بهذا النظام الدموي. ولكن لم يتحقق أي من هذين الأمرين لوجود قوى كانت لا تريد حلاً آخر غير الحرب, وقامت الحرب, وعلينا أن نتعامل اليوم مع نتائجها بواقعية ومسؤولية عالية.
أرى أن علينا أن نرفض جميعاً كل القرارات التي من شأنها تكريس الاحتلال أو عقد اتفاقيات من وراء ظهر الحركة الوطنية العراقية, سواء أكان ذلك في مجال النفط أم في غيره, وينبغي أن يتم ذلك عبر الشعب وإرادته أولاً وأخيراً.  وعلينا أن نرفض بالرغبة الأمريكية في تمديد قرار احتلال العراق الذي يفترض أن يصدر عن مجلس الأمن الدول بصورة أوتوماتيكة من خلال النص على ضرورة صدور قرار من مجلس الأمن الدولي يلغي بموجبه الاحتلال, إذ أن هذا يعني إمكانية استخدام الفيتو ضد صدور أي قرار يطالب بالانسحاب, وهو مخالف لجميع قرارات الأمم المتحدة التي تمدد وجود قواتها في البلدان المختلف, وفي حالة عدم صدور قرار يعتبر الوجود لتلك القوات غير شرعي.  
وعلينا أن ندرك أيضاً بأن العراق معرض اليوم لمخاطر داخلية وخارجية جمة إن سادت الفوضى الراهنة وعمت أرجاء العراق تفاقم النشاط الذي يستهدف حرية الإنسان وكرامته ومستقبله. وعلينا أن نكون واضحين وجريئين في تحديد مكامن الخطر دون مجاملة, بعد أن نعترف بأن القوى السياسية الديمقراطية العراقية ما تزال ضعيفة التنظيم والتأثير بفعل غيابها الطويل عن الساحة السياسية المباشرة بسبب سياسات النظام الدموية. وعندما أسجل رأيي بالمخاطر والقوى التي يمكن أن تهدد مستقبل العراق الديمقراطي لا أنسى أبداً دور هذه أو تلك الجماعات التي شاركت في النضال للخلاص من صدام حسين ونظامه, ولكنها مع الأسف الشديد تسعى إلى إقامة نظام جديد مشابه من حيث الجوهر والاتجاهات السياسية من نظام صدام حسين الدكتاتوري رغم الاختلاف بالفكر والطرح والأساليب والأدوات, ولكن كما يقول المثل: تعددت الأسباب والموت واحد! والمخاطر تبدو الآن واضحة من محاولات الهيمنة الواسعة على الشارع العراقي ومحاولة إسكات الآخرين وكأنهم أوصياء على الشعب والقرار العراقي.

أين هي مكامن الخطر ومن هي القوى التي تهدد مستقبل العراق الديمقراطي؟
 يواجه العراق في الوقت الحاضر خطرين, وهما:
الخطر الخارجي: يأتي الخطر الخارجي أولاً وقبل كل شيء  من الدولة التركية الجارة التي ما تزال لها أطماع الدولة العثمانية القديمة بسبب عدم خلاصها من عقدة ولاية الموصل ومن رغبة الهيمنة على النفط. كما أن الخطر يأتي أيضاً وبموازاة الخطر التركي من إيران التي سوف لن تكف عن التدخل في شؤون العراق الداخلية عبر أساليب وأدوات وصيغ وقوى مختلفة. ولكن هناك مخاطر أخرى تأتي من واقع السياسات التي يمكن أن تمارسها بعض الدول العربية التي لا حاجة بنا إلى الغوص بها حالياً.
الخطر الداخلي: أما على الصعيد الداخلي فالمخاطر تأتي بهذا القدر أو ذاك من الجهات التالية:
أولاً:  قوى البعث المهزومة, تلك القوى التي تعمل اليوم تحت شعار العودة لقيادة حزب البعث وصدام حسين على السلطة ثانية. هناك من اعتقد بأن مقالاتي بهذا الصدد كانت متشائمة ويمكن أن تبث الخوف في نفوس الناس. لم يكن هدفي بث الخوف بأي حال, بل كان وما يزال وسيبقى لفترة قادمة, هو التنبيه إلى المخاطر المحتملة على الوضع الجديد في العراق فنعمة التحرر من صدام حسين ونظامه لا يجوز التفريط بها في كل الأحوال وينبغي التشبث بها بكل ما نملك من قوة وإصرار على إشاعة الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية والسلم في العراق.
أُسقط النظام ولم يلق القبض عل رموزه المعروفة كلها ولا على تلك العناصر السرية التي كانت تعمل خلف الكواليس, كما لا تزال العناصر الشريرة والشرسة الكثيرة التي كانت تعمل في أجهزة الأمن المختلفة طليقة السراح تساهم في إشاعة المزيد من الفوضى والقلق في الساحة السياسية العراقية. وصدام حسين ما يزال طليق السراح ويوجه جماعته ويصدر النداءات لمقاومة المحتلين رغم وضعه الصحي والنفسي المتدهورين. ومخاطر هذه المجموعة تكمن لا في وجودها المستقل ونشاطها فحسب, بل في سعيها للتغلغل الهادئ في صفوف القوى الأخرى التي تحالفت معها قبل ذاك, أو حتى التي عارضتها وعرضتها للاضطهاد, وأعني بذلك جماعات الإسلام السياسي السنية, وخاصة الجماعات الوهابية الجديدة التي عززت مكانتها بفعل المساعدات السعودية السخية منذ فترة غير قصيرة. ويبدو أن صدام حسين يسعى إلى خلق تحالف سياسي بين قوى الإسلام السياسي السنية والشيعية تحت شعارات محددة واضحة وهادفة وتحت شعارات مضللة مثل: " ضد الاحتلال الأمريكي-البريطاني , من أجل إقامة حكومة عراقية نظيفة, ومن أجل دولة عراقية تهتدي بالشريعة الإسلامية". وبعضها يعبر عن كلمة حق يراد بها باطل. وكان صدام حسين صاحب القول القديم بأنه مستعد أن يركب أية موجة كانت, سواء يسارية أم يمينية أم دينية شريطة أن يقودها بنفسه. فالخطر يأتي أذن من هذه المجموعة لأنها قادرة على الحركة والفعل المؤثر وحاقدة على الوضع الجديد وقادرة على إلحاق الأذى وإعاقة المسيرة صوب الاستقرار وإنهاء فترة الانتقال بالسرعة الممكنة. وعلينا أن نشير هنا إلى أن هناك منافسة بين أجهزة الأمن الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية والدول العربية وغيرها في سبيل الحصول على عدد من أبرز الذين عملوا في أجهزة الأمن العراقية, وخاصة في تلك المجالات ذات الأهمية الفائقة للنشاط التجسسي في العالم العربي والمنطقة بهدف الحصول على المعلومات التي يمتلكها هؤلاء الأشخاص, تماماً كما حصل بعد سقوط الدول الاشتراكية وانهيار أجهزة الأمن وتفككها في تلك البلدان, حيث استطاعت الدول الرأسمالية المتقدمة وبعض الدكتاتوريات في البلدان النامية, ومنها العراق,  شراء عدد منهم ووضعه في خدمة أغراضه.
ثانياً: بعض قوى الإسلام السياسي الشيعية التي وقفت وناضلت حتى سقوط نظام صدام حسين من أجل إسقاطه والحلول محله. وهي لا تضم في صفوفها أجنحة معتدلة أو على يسارها فحسب, بل وقوى يمينية متطرفة وعدوانية يمكن أن تكشف عن هويتها المتطرفة في حالات معينة وبعد أن يخلو لها الجو. وهي قوى مستعدة للقيام بشتى الأعمال التي لا تختلف كثيرا عما قام به صدام حسين إزاء القوى المعارضة له من أجل الانفراد بالسلطة وفرض الرؤية التي تريدها على بقية القوى السياسية العراقية. إنها بدأت تتحدث اليوم وكأنها وكيلة الله على ارض العراق وتحاول السيطرة على الشارع العراقي وفرض شعاراتها ودغدغة المشاعر الساذجة والطيبة والتقليدية لدى السكان الشيعة, رغم أن السكان الشيعة ليسوا ميالين إلى التطرف الديني والمذهبي, كما أن الحركة الديمقراطية العراقية كانت لها مواقع مهمة في صفوفها, سواء أكان ذلك في المدينة أم في الريف. إن الإشكالية الجديدة للقوى الدينية المتطرفة التي تعمل داخل صفوف القوى المعتدلة والتي يمكن أن تهيمن وتفرض وجهتها في ما لاحظناه من نشاط غير مألوف في أربعينية الأمام الحسين, حيث كان التطبير في كربلاء والنجف محدوداً ويتم في عشرة عاشوراء وليس في الأربعينية, كما أنه لم يكن يوماً بهذه الخشونة والقسوة البالغة, فأنا ابن مدينة كربلاء وأعرف جيداً هذه التقاليد وأقدر الفارق بين ما كان يحصل وما حصل الآن, رغم إدراكي بحالة الكبت الشديدة والطويلة التي فرضت على أهالي كربلاء وأهالي بقية المدن الشيعية المقدسة.
إن الصراع بين قوى الإسلام السياسي في إطار المذهب الشيعي يمكن أن يعالج لصالح عملهم المشترك ضد القوى الأخرى, ولكن صراعهم مع القوى السياسية الأخرى, وخاصة العلمانية سيتخذ أبعاداً جديدة ما لم يتم توضيح الحدود الضرورية. فالحرية والديمقراطية لا تعنيان فرض الاستبداد والرؤية الواحدة على الناس, ولا تعنيان الحكم باسم الله ونبيه. إن السير على هذا الطريق الخطر يمكن أن يقود إلى عواقب خطيرة ومدمرة, إذ سيدفع باتجاهات ثلاثة, وهي:
1. نشوء معسكر واسع نسبياً من قوى الإسلام السياسي المتعدد الاتجاهات التي تريد فرض وجهتها وهيمنتها على الساحة السياسية والسلطة فيما بعد.
2. بدء هذا المعسكر بإثارة المشكلات والفوضى بما يؤدي إلى عرقلة سير العلمية الديمقراطية ويدفع بقوى الاحتلال لتبقى فترة أطول في العراق. وعلينا أن نميز بين قوى الإسلام السياسي التي ترفض التفاهم وتريد فرض نموذج إيران في العراق, كما في طروحات بعض قادة القوى السياسية في المجلس الأعلى للثورة الإسلامية, وبين طروحات قوى إسلامية أخرى, ومنها حزب الدعوة, التي تعترف بالديمقراطية وتقر مبادئ حقوق الإنسان وتلتزم بالتعددية السياسية والتداول الديمقراطي للسلطة. وكان الضحية الأولى لهذا النهج الديمقراطي هو السيد عبد المجيد الخوئي الذي أغتيل في وضح النهار وفي مسجد الأمام علي ابن أبي طالب ومن قبل قوى تريد التحدث وحدها باسم جميع شيعة العراق. وفي هذا تجاوز ومصادرة لإرادة شيعة العراق.  
3. البدء بخلق علاقات جديدة مع قوى إرهابية متطرفة على صعيد المنطقة تؤدي على تنظيم عمليات اغتيال وتفجيرات وإثارة المزيد من المصاعب أمام القوى الوطنية العراقية, خاصة وأنها لا ترفض مثل هذه الأعمال باعتبارها جزء من "أعمال الجهاد" في سبيل إقامة الدولة الإسلامية. كما أن مخاطر هذا الاتجاه تبرز في قيام تحالف سياسي, لا لتصفية مخلفات الصراع المذهبي السني الشيعي وتراجع عن الموضوعات المثيرة للخلافات المذهبية, بل من أجل تنظيم عملية التصدي لاتجاهات إقامة المجتمع المدني الديمقراطي الحديث في جمهورية اتحادية ديمقراطية عراقية.
ثالثاً: العجز عن إيجاد لغة سياسية وقواسم مشتركة تلتقي عندها القوى السياسية العراقية التي تسعى إلى إقامة المجتمع المدني الديمقراطي الحديث وإلى فصل الدين عن الدولة وإقامة حياة برلمانية حرة وتعددية سياسية وتداول ديمقراطي للسلطة السياسية. إذ أن هذا العجز يدفع بالقوى الأخرى إلى أن تركب رأسها وتدفع بالأمور إلى نهاياته الحزينة والمأساوية.
لا شك في وجود بعض الضمانات المهمة التي تمنع تلك القوى من دفع الأمور بالوجهة الفوضوية التي يسعون إليها. ومن هنا تبرز الحاجة الماسة إلى بذل الجهود وبعيداً عن الحزبية الضيقة إلى تأمين المستلزمات لإفشال مخططات البعثيين وقوى الإسلام السياسي المتطرفة سواء أكانت شيعية أم سنية, وهابية كانت أم غير وهابية.
عاني الشعب العراقي الأمرين خلال العقود المنصرمة ولم يعد في وضع يتحمل المزيد من الآلام والعذابات والمحن, لهذا يفترض أن ندرك المعاناة الراهنة للشعب العراقي وأن نستوعب التغيرات التي طرأت على بنية وتفكير ومشكلات المجتمع الاقتصادية والاجتماعية والنفسية والعصبية والثقافية, وأن نتعامل معها بكل وعي ومسؤولية.
إن القوى الديمقراطية في المجتمع العراقي, في كردستان العراق وفي الوسط والجنوب, قادرة على المساهمة الفعالة في إنهاء سريع للاحتلال الأمريكي- البريطاني للعراق من خلال السياسات التي تتبعها والإجراءات التي تقترحها وتسعى إلى ممارستها في المرحلة الراهنة وتجنب الوقوع بالأخطاء.
إن الوعي بأهمية الحرية التي نحن فيها اليوم جدير بأن يدفعنا إلى التمسك بها بأقصى ما يمكن وأن نكرسها بالديمقراطية واحترام وممارسة حقوق الإنسان وبالتعامل الواعي مع الأحداث. هذا هو ما يفترض أن نسعى إليه ونعمل من أجله خلال الفترة الراهنة وفي المستقبل.
برلين في 21/05/2003                                                               
    
    
                       



#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نشاط قوى صدام حسين ما بعد سقوط النظام في العراق والخارج - ال ...
- الحوار المفتوح والشفاف هو الطريق الأسلم لتحقيق رؤية ناضجة حو ...
- نشاط قوى صدام حسين ما بعد سقوط النظام في العراق والخارج
- متابعة لمقال رؤية أولية حوارية لوحدة اليسار الديمقراطي العرا ...
- رؤية أولية حوارية لوحدة اليسار الديمقراطي العراقي
- حملة من أجل الكشف عن مصير ضحايا الأنفال في كردستان العراق
- العولمة ومخاوف العالم العربي!
- العولمة الموضوعية تقرّب العالم، لكن سياسات العولمة الحالية ت ...


المزيد.....




- مسجد باريس الكبير يدعو مسلمي فرنسا لـ-إحاطة أسرة التعليم بدع ...
- جيف ياس مانح أمريكي يضع ثروته في خدمة ترامب ونتانياهو
- وثيقة لحزب الليكود حول إنجازات حماس
- رئيس الموساد: هناك فرصة لصفقة تبادل وعلينا إبداء مرونة أكبر ...
- لقطات جوية توثق ازدحام ميناء بالتيمور الأمريكي بالسفن بعد إغ ...
- فلسطينيو لبنان.. مخاوف من قصف المخيمات
- أردوغان: الضغط على إسرائيل لوقف حرب غزة
- محلات الشوكولاتة في بلجيكا تعرض تشكيلات احتفالية فاخرة لعيد ...
- زاخاروفا تسخر من تعليق كيربي المسيء بشأن الهجوم الإرهابي على ...
- عبد الملك الحوثي يحذر الولايات المتحدة وبريطانيا من التورط ف ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - كاظم حبيب - احتلال العراق ليس نهاية التاريخ! المخاطر الراهنة على مستقبل الديمقراطية في العراق