أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زهير كاظم عبود - بلادنا التي لن ينكسر ظهرها















المزيد.....

بلادنا التي لن ينكسر ظهرها


زهير كاظم عبود

الحوار المتمدن-العدد: 1669 - 2006 / 9 / 10 - 10:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



الى عدي القزويني

من أقصى الأرض تأتيني هدايا الشاعر عبد الخالق كيطان ، يوصل لي مقطوعة عبقة من مقطوعات ( علي عبد الأمير عجام ) الأدبية ، وهو الذي عودنا منذ أيام ( المزبن ) في الأردن ، مروراً بأيام ( اللف العراقي ) ، إن يهدينا كلماته الممتزجة بالذكريات والموسيقى العراقية النابعة من شغاف القلب .
من أقصى الأرض اطالع ما كتبه ( علي عبد الأمير ) عن بابيت المنصور ، وأسترجاع لسنوات السبعين ، والتدحرج المريع الذي صارت اليه البلاد ، وكل الأسماء الجميلة التي وردت في مقطوعة ابا سلام ، غير أن أسماً كبيراً وبهياً نشترك سوية في محبته وتقديره ورد في مقدمة الكلمات .
وعلي عبد الأمير الذي يجسد الفرات في طيبته ورقته يكتب عن آماسي بغداد ومحنة الروح التي لم تنقطع ، يثير في ارواحنا العديد من القضايا التي ربما تأجلت الكتابة عنها ، حتى يمكن إن تستعيد البلاد صحتها وصحوتها .
والقزويني عدي الذي تحدث عنه الشاعر العراقي علي عبد الأمير ، أنموذجاً عراقياً نفتخر به ، ومثقف عراقي واع ، وصاحب ضمير ووجدان يحمل كل أرث الحضارة العراقية وقيمها ، بالأضافة الى تواضعه الجم وخلقه الرفيع الذي ساد البيت العلوي الذي قاده السيد الوالد تقي القزويني ، والذي لم تستطع المناصب والمراكز الرفيعة التي تبوأها أن تغير من سلوك وطريقة حياة أولاده ، بما فيهم كبيرهم السيد عدي .
ومن طريف المصادفة أن اتعرف على الشاعر علي عبد الأمير عن طريق السيد الجليل عدي القزويني ، والذي عرفته منذ السنة الأولى التي عدت فيها الى العراق من رحلتي في العمل الفدائي ، وعملي كاتباً في المحاكم ، حين كان القزويني محاميا مرموقاً ومعروفاً .
وكنت التقيه بين فترة وأخرى ، وكلما سنحت له الفرصة لزيارتنا ، خصوصاً وأن بيننا قاسماً روحياً مشتركاً في العلاقة مع السادة آل مكوطر .
وكنت أتلمس الذكاء والفطنة والموضوعية في القضايا التي يطرحها السيد القزويني ، بالأضافة الى متابعاته القانونية ، وما يدخره من معرفة وثقافة قانونية في كل انواع القانون .
غير أني لمست منه الحرقة الوطنية والجرأة في أطروحاته وثقته من نفسه ومن الاخرين الذين يتناقش ويتباحث معهم ، أذ كان السيد معارضاً قبل أن تولد المعارضة العراقية ، وكان رافضاً لسلطة البعث وصدام قبل أن تعلن الأحزاب والتجمعات رفضها .
وبقي الرجل ملتزماً بخطه الوطني معتزاً بأستقلاليته حيث لم يلتزم فكرياً أو سياسياً مع أية جهة كانت ، غير أنه أشتهر بعلاقاته الإنسانية الواسعة ، والتي تضم الطيف العراقي دون أستثناء .
لااعتقد إن القزويني فكر في أن يتبوء مركزاً وظيفياً قانونيا أو قضائيا ، ولو أراد لكان له ذلك ، ولكنه فضل البقاء حراً لاتقيده محددات الوظيفة ولاضوابط العمل الحكومي ، وبذلك أتاح لنفسه التحليق بأجنحة خفيفة ومريحة ، وحقاً كان مكتبه الكائن في عمارة الرواد بالمنصور من بغداد ، تجمعاً ثقافياً وسياسياً وإجتماعياً لنخبة خيرة من أبناء العراق ، كما كان المركز الذي يلتقي به كل الطيبين التي جمعتهم القواسم المشتركة في محبة العراق والحرص على مستقبلة ، ولاأدري كيف لم يفكر القزويني بتأسيس حزب أو تجمع من كل تلك النماذج العراقية الطيبة التي كان يجمعها .
وحين تردى الحال سياسياً وأقتصاديا وأجتماعياً في العراق في الزمن الصدامي البغيض ، وخصوصاً بعد قمع الأنتفاضة في العام 1991 ، قصد السيد وعائلته الأردن ليكون محطة أستقرار وأستقبال لكل تلك النماذج الطيبة من العراقيين والعرب ، وبالرغم من أنتقال القزويني الى كندا ، الا إن روحه المتعلقة بالعراق والعراقيين كانت موجودة في عمان المحطة الأولى التي يقصدها كل عراقي خارج للتو من جحيم المحنة .
وصار بيته أيضاً مركزاً يتجمع فيه نخبة من الأسماء الثقافية والسياسية ، والمضيف الذي يقصده كل من عرف السيد القزويني وعائلته .
وبالرغم من ترددي مرت عديدة على شقة السيد عدي القزويني ، فقد فاتني أو ترددت في أن استل من السيد الكبير تقي القزويني معلومات عن سعيد قزاز ، حيث كنت أعددت كتابي عنه للطبع ، وربما اجلالا وتقديراً لمكانة السيد الكبير أطال الله بعمره ، وحتى لااتعبه أو اكلفه بأسترجاع الزمن الماضي ، وهي فرصة لامني عليها حتى السيد عدي .
ومما يزيد المرء فخراً وأعتزازاً إن أتعرف على العالم الجليل والأكاديمي الدكتور وليد محمود خالص عن طريق السيد عدي ، بالأضافة الى تعرفي على الشاعر علي عبد الأمير ، والذي كان يرأس تحرير مجلة أوراق ثقافية التابعة لحركة الوفاق العراقي ، والتي ساهمنا في الكتابة فيها في العام 1999 .
وبالرغم من المواقف الجلية والواضحة للسيد عدي ، وبالرغم من حاجة العراق الى العديد من أمثاله ، ممن برهنوا عملياً كرماً ونزاهة وأصالة ، وبالرغم من كون الظروف التي يمر بها العراق أحوج ماتكون لأمثالة ، وهو الذي لايطلب المركز ولايتوسط للحصول على الوظيفة ، ولكون السيد بعيد عن التحزب ومناصرة جبهة أو حزب أو تجمع ، فقد وضع العراق في ضميره وجاهد في سبيل أن يكون العراق للجميع حراً ديمقراطياً وفيدرالياً ، مؤمناً بحقوق الإنسان ، وبالرغم من أنتقال السيد الى بلدان الخليج للعمل كمستشار ومحامي في القانون ، فأنه لم يتزاحم ولم يتناكب مع من يتزاحم من الأخوة لتبوء المراكز التي لاتتناسب مع كفاءاتهم ولامع ثقافتهم ولامع تأريخهم .
وخلال ترددي على بلدان الخليج ، توفرت لي لقاءات أخوية حميمة لم تكن بأقل من اللقاءات التي كانت في العراق أو الأردن ، مع السيد عدي ، ولم يزل كماعهدته لم يتغير في سلوكه وطبعه وأفكاره ، فهو يضع الأعتبار الأول لمستقبل ومصلحة العراق ، ولم يزل يحلم بالعراق الذي يتباهى به بين كل دول الأرض ، ولم يزل يريده دون جوع وفقراء ، ولم يزل يريده مكاناً فسيحاً للجميع .
بعد أيام قليلة من خروجي من العراق ، وجدت نشرة (( اوراق ثقافية )) على طاولة السيد عدي القزويني .
كانت صورة تتصدر غلاف نشرة بسيطة تحت عنوان (( أوراق ثقافية )) تشير الى أمراءة ملتفعة بعباءة سوداء تبرقعها كلها تتكور على نفسها وهي تضع يدها فوق رأسها في حالة يأس وحيرة ، والعنوان يشير الى ( هذه أمنا .. هذه بلادنا وقد انكسر ظهرها ) .
تأملت ملياً في العنوان وأنا اخرج لتوي من أتون سلطة الطاغية بعد ان اجتزت الحدود تاركاً كل شيء خلفي ، كنت جالساً في حضرة الصديق العزيز عدي وكانت النشرة موجودة على طاولته طلبت النشرة من مضيفي وأخذتها معي الى كهفي الجبلي في أعالي السلط حيث كنت اسكن لوحدي دون ان يكون قريبا مني بيت او بشر يهدأ روعي وغربتي ويبدد وحشتي وسكوني ، وحين صرت وحدي أعدت قراءة موضوعات النشرة التي نبتت كلمات بعض موضوعاتها في عقلي .
كان لهذه النشرة تأثير أكبر من حجمها وتاريخها الذي يشير الى كانون الثاني 1999 ولم يزل قوياً يرن في ذاكرتي مع احتفاظي بنسخة من هذه النشرة حتى اليوم .
الصورة تختصر حكاية كبيرة ، صورة الام الذي يبرقعها الالم وتحصد فجيعة مايحل بالعراق الذي تجلل بالسواد ، الأم التي تنحب لغياب أحبتها وفلذات أكبادها وفقدان الأهل وفجيعة ماحل بالوطن من خراب .
ولكن الأمل الذي يستقر في قاع ارواحنا لم يزل يتحرك فينا ، من أن العراق سيقوم ولابد ان ينهض ، وان الطحالب والشوائب لابد لها ان تركد في القاع مهما طالت المحنة ، وأن أثر السرفات سينمحي من ظهرها .
وبلادنا لن تنحني أبداً مهما طال ليل البلاد ، ولن ينكسر ظهرها أبداً .



#زهير_كاظم_عبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حتى لانذبح الكورد الفيلية مرة أخرى
- الأحكام القضائية
- زمن المقابر العربية
- الحكم بأعدام صدام شنقاً أو رمياً بالرصاص
- النار لاتطفيء النار
- تفعيل دور القضاة في محاكمة القتلة والأرهابيين
- طهارة المندائيين وخسة الملثمين
- النبش والتنقيب في التأريخ الأيزيدي القديم -
- تسليم المتهمين
- فكرة التسامح
- الخلل في النظرة الى أستقلال السلطة القضائية
- غداً يستعيد العراق وجهه المشرق
- بعد توجيه الأتهام في قضية المتهم صدام
- خطوات في المصالحة الوطنية
- كيف سقطت ( قناة العربية ) في حبائل وائل عصام ؟
- دمعة الطفلة الاردنية مرح ودموع اطفال العراق
- النبش والتنقيب في التأريخ الأيزيدي القديم - القسم السابع
- شلت اليد التي تريد السوء بالمندائي
- وبرغم كل هذا سيقوم فينا العراق
- النبش والتنقيب في التأريخ الأيزيدي القديم- القسم السادس


المزيد.....




- لم يسعفها صراخها وبكاؤها.. شاهد لحظة اختطاف رجل لفتاة من أما ...
- الملك عبدالله الثاني يمنح أمير الكويت قلادة الحسين بن علي أر ...
- مصر: خلاف تجاري يتسبب في نقص لبن الأطفال.. ومسؤولان يكشفان ل ...
- مأساة تهز إيطاليا.. رضيع عمره سنة يلقى حتفه على يد كلبين بين ...
- تعويضات بالملايين لرياضيات ضحايا اعتداء جنسي بأمريكا
- البيت الأبيض: تطورات الأوضاع الميدانية ليست لصالح أوكرانيا
- مدفيديف: مواجهة العدوان الخارجي أولوية لروسيا
- أولى من نوعها.. مدمن يشكو تاجر مخدرات أمام الشرطة الكويتية
- أوكرانيا: مساعدة واشنطن وتأهب موسكو
- مجلس الشيوخ الأمريكي يوافق على حزمة من مشاريع القوانين لتقدي ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زهير كاظم عبود - بلادنا التي لن ينكسر ظهرها