أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد الرديني - يوميات صحافي ... سائق تاكسي/ الحلقة الرابعة















المزيد.....

يوميات صحافي ... سائق تاكسي/ الحلقة الرابعة


محمد الرديني

الحوار المتمدن-العدد: 1669 - 2006 / 9 / 10 - 04:53
المحور: سيرة ذاتية
    


قانون الضرب
حيتني الام بحرارة كانها تعرفني منذ زمن - وهذه عادة نيوزيلندية اصيلة - وطلبت مني ان اساعدها في ربط حزام الامان لطفلتها التي لم تتجاوز الخامسة من عمرها.
انها صورة تتكرر كل يوم ، ولهذا فالافضل - كما اعتقد - ان اكتفي بماذا حدث مع هذه الام ، وهو حدث لااعتقد انه ينمحي من ذاكرتي ماحييت.
سمعت الام تقول لابنتها:
تضحك الام . - حين نصل الى البيت سنفكر في اعداد اكلة
- انا اعرف ماذا تحبين، وحين يحين موعد الشاي يكون برنامجك التلفزيوني المفضل قد بدأ، بعدها يمكن ان نجد ماذا عندك من واجبات مدرسية ثم نعد معا اكلتنا المفضلة
سمعت البنت ترد:
هل يمكن ان ادعو صديقتي (اولا) لنشاهد البرنامج التلفزيوني معا
اجابت الام بحرارة:
بالتأكيد ياحبيبتي وعلينا ان نستأذن امها في ذلك.
تسكت الام قليلا ثم تعاود الحديث
هل انت مرتاحة في جلستك ، لابأس سنصل بعد قليل
سمعت الام تقول بعد ذلك نفس العبارة التي يكررها النيوزيلنديون صغارا وكبارا حينما يستقلون سيارة التاكسي متوجهين الى بيوتهم:
- انه لشىء رائع ان اعود الى البيت
لاشك ان هذه الام تحب ابنتها وحرارة الحديث خير دليل على ذلك، ان هذه الام مثل غيرها من امهات هذه البلاد لاتسكت لحظة حين تكون برفقة ابنها او ابنتها، انها تتحدث عن كل شيء لاتترك شاردة ولا واردة تمر من امامهما الا وكان لها فيه رأي:
" * اترى يابني كيف ابتسم هذا الرجل لنا ، انه بالتأكيد رجل ظريف
* اترى تلك الام وهي تدفع في عربة ابنتها الصغيرة، اوه ان ضوء الشمس غطى وجه هذه الطفلة وربما سيحرق خديها، سيكون من الافضل ان تغطي الام وجه الطفلة.
ارأيت ما اجمل هذا الكلب، ولكن كلبنا اجمل منه اليس كذلك؟ *
* اوه لقد نسيت ان اشتري لك السلسلة الفضية التي وعدته بوب ( وهو اسم الكلب) بها في الاسبوع الماضي تعال معي لنختار له واحدة جميلة
تمنيت ان اسألها قبل ان تصل الى بيتها:
- بعد كل هذا الحب ، لماذا ينتظر الاب او البنت
ان يبلغ السادسة عشر حتى يهرب من البيت؟
انه من النادر ان تجد ابنا او بنتا تعيش او يعيش مع اهله بعد سن السابعة عشر والقانون هنا يبيح العمل لمن بلغ الخامسة عشر من عمره وهو في العادة - يجد في ذلك
السن العمل - الذي يناسبه كبائع اومنظف او محاسب وغيرها من الاعمال المتوفرة جدا في مراكز التسويق المنتشرة في طول البلاد وعرضها.
وهذا الشاب الذي يبدأ حياته بالاعتماد على نفسه لاينسى اكمال دراسته اذ نادرا ما نجد احدهم يفعل غير ذلك.
اعتقد اني شططت في الحديث، ليس هذه هي الفكرة التي اريد ان اوصلها بل تلك التي تتعلق بالضرب واقصد بذلك ضرب الاطفال.
لم يصادفني مشهد اب او ام ضرب ابنه او ابنته مهما كان السلوك مؤذيا واقصى مايفعله الاب او الام ان يصرخ بوجه ابنه ليشعره بانه غاضب منه.
ان الضرب في هذه البلاد جريمة يعاقب عليها القانون ويمكن ان يتعرض الاب او الام الى السجن او المراقبة من قبل الجهات المختصة او الاكتفاء بالتنبيه او الغرامة.
ومع هذا فالصحف لاتألوا جهدا في الكتابة عن هذه الظاهرة، لتصل في النهاية الى المطالبة باعادة النظر في العقوبة التي يفرضها القانون في حالة تعرض الاطفال للضرب من قبل الوالدين.
ويصرخ الصحفيون المتحمسون الى انه قد آن الاوان لتشديد العقوبة على الوالدين بعد ان زادت عدد قضايا ضرب الاطفال التي تنظرها المحاكم.
وبشكل عام فقد انحازت الصحف جميعها الى الاطفال المضروبين واطلقت عليهم الجيل المظلوم وكانت احدى المحاكم النيوزيلندية المختصة في احدى المقاطعات قد نظرت قضية الام التي ضربت طفلتها البالغة من العمر سبع سنين ، وكانت الاداة المستعملة هي القلادة الذهبية التي استقرت على جبهة الرأس
واصدرت حكما بحبس الام عشرة اشهر مع وقف التنفيذ.
وحسب القانون فان الطفل الذي يتعدى الثامنة من عمره يحق له ان يقدم شكوى الى القضاء بحق والديه في حالة تعرضه للضرب او الاهانة او حتى رؤية احد والديه يرفع اصبعه بوجهه مهددا.
لم اكن مقتنعا حتى هذه اللحظة ان هؤلاء الاطفال يحتاجون الى كل هذه الضمانات القانونية لحمايتهم ، لان هؤلاء الاطفال ببساطة قد حصلوا على قسط وافر من الرعاية والحب والتقدير والاهتمام و الديمقراطية!!
ليس عندي اكثر من الامثلة التي تبرهن على صحة ما اقول، فليس هناك اسعد من الام او الاب الذي يبدي اهتماما استثنائيا لكل مايقوله ولده مهما كان هذا القول لايستحق الاصغاء. قد يجد البعض ان هذا الامر ليس مهما بمافيه الكفاية ، ولكني اجده الاساس المهم في بناء شخصية الطفل، انه امر غاية في الروعة ان يجد الطفل شخص ما يصغي اليه ، انه بذلك يتعود على التعبير عن افكاره بسهولة، ليس هذا فقط بل انه يسعى الى البحث عن افكار اخرى جديدة يتحدث بها مادام هناك من يصغي اليه.
قرأت مرة في تقريرصادر من اليونسكو ان الطالب العربي في سنته الدراسية الاولى يملك من الثروة اللغوية اقل من مئة مفردة بينما الطالب الامريكي او البريطاني او الالماني يملك في نفس العمر اكثر من مئتي مفردة بستطيع استعمالها بسهولة ويسر، وليس من العجيب ان نرى هذا الطفل يتحدث بطلاقة في اية مقابلة تلفزيونية او اذاعية او حتى في حفل عام.
وفي هذا التقرير نجد ايضا ان هذه المفردات اللغوية تزداد اضعافا في السنوات الدراسية اللاحقة بينما مفردات طالبنا العربي لاتزيد الا قليلا كلما تقدم في التعليم .الكارثة هي اننا نعلم جميعا كم هي رائعة لغتنا العربية بمفرداتها وجناسها وطباقها وصورها المتألقة ومع هذا فانا اعترف اني لست موقنا من نجاح تجربة النيوزيلنديين في هذا المجال فالاطفال هنا يصيبهم التمرد حالما يبلغون الخامسة عشرة ، انهم
يبدأون اولا بالتدخين ...هناك مثل انجليزي يقول ان الولد يدخن في الخامسة عشرة من عمره ليثبت انه رجل وفي الاربعين يترك التدخين لنفس
السبب ثم يستعجل الزمن ليصل الى سن الثامنة عشرة حتى يستطيع ان يتناول الكحول بحكم القانون، وبعدها تبدأ المشاكل الاخرى تنهال على رأس الابوين، فابنهما او ابنتهما تغيب كثيرا عن البيت وتنظم مع اصدقائها السفرات الاسبوعية الى الغابات او الشواطىء البعيدة دون التنازل لاخذ الاذن من الابوين، هذا عدا العلاقات الجنسية غير المشروعة
( في عرفنا نحن) والتي دائما ما تتمخض عن مشاكل اجتماعية لاحصر لها
لست هنا الان بصدد تعداد مشاكل النيوزيلنديين التربوية رغم اني ظللت ست سنوات احاول الاجابة على السؤال التالي:
اذا كان هؤلاء الاطفال يتلقون مثل هذا الدعم والعناية والتعود على الاستقلال في حياتهم من قبل والديهما فلماذا اذن يسعون الى الانحراف او على الاقل البحث عن المشاكل في شبابهم، بمعنى آخر هل يعتقد هؤلاء الاباء والامهات ان جهودهم ستذهب سدى في تربية اولادهم ومع هذا فهم يصرون على الاستمرار فيها
اعترف باني عجزت عن الاجابة على هذا السؤال، ولكني اكتشفت على الاقل لماذا يمتنع معظمهم عن الزواج حالهم حال الاوربيين الاخرين



#محمد_الرديني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوميات صحافي .. سائق تاكسي / الحلقة الثالثة
- يوميات صحفي ... سائق تاكسي- الحلقة الثانية
- يوميات صحفي ... سائق تاكسي
- اتمنى ان اصير امرأة
- حتى الكلاب
- ينتحرون حتى في الجنة
- انا مهدي المنتظر وهذا صك البراءة
- هكذا تحدث عبد الباقي بن يرفوع
- هكذا تكلم عبد الباقي بن يرفوع
- ميوشة تنذر للملا مطشر
- مازالوا يضحكون حتى اعداد هذا الخبر
- ميوشة تزور قبر الملا مطشر
- ميوشة تتفلسف على النسوان
- ميوشة تعترف امام ضابط مخابرا ت غير مؤهل
- ميوشة تبيع الثلج في كراج النهضة
- ميوشة تكتشف عذاب القبر
- اين هذا (الجن) من ذاك الجنون؟
- ميوشة تعتكف عن اللطم
- ميوشة تسأل في عيد ميلادها
- بعبع المخابرات


المزيد.....




- فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص ...
- حرب غزة: أكثر من 34 ألف قتيل فلسطيني و77 ألف جريح ومسؤول في ...
- سموتريتش يرد على المقترح المصري: استسلام كامل لإسرائيل
- مُحاكمة -مليئة بالتساؤلات-، وخيارات متاحة بشأن حصانة ترامب ف ...
- والدا رهينة إسرائيلي-أمريكي يناشدان للتوصل لصفقة إطلاق سراح ...
- بكين تستدعي السفيرة الألمانية لديها بسبب اتهامات للصين بالتج ...
- صور: -غريندايزر- يلتقي بعشاقه في باريس
- خوفا من -السلوك الإدماني-.. تيك توك تعلق ميزة المكافآت في تط ...
- لبيد: إسرائيل ليس لديها ما يكفي من الجنود وعلى نتنياهو الاست ...
- اختبار صعب للإعلام.. محاكمات ستنطلق ضد إسرائيل في كل مكان با ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد الرديني - يوميات صحافي ... سائق تاكسي/ الحلقة الرابعة