أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - فؤاد خطيب - سرق النظام المصري الشعب المصري حقا من حقوقه : رحيل محفوظ والجنازة العسكرية















المزيد.....

سرق النظام المصري الشعب المصري حقا من حقوقه : رحيل محفوظ والجنازة العسكرية


فؤاد خطيب

الحوار المتمدن-العدد: 1667 - 2006 / 9 / 8 - 10:07
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


ثلاثة من الامور الهامة حدثت في مصر العربية، اجبرتنا على الكتابة وجمع الحروف والافكار التي تشتت وتاهت مدة من الزمن، بعد ان عجزت الكلمات عن وصف ملحمة الجنوب التاريخية التي سطرها ابناء الجنوب في ذاكرة التاريخ العالمي، بوقفتهم اشداء اقوياء في مرحلة حرجة من التطور التاريخي والسياسي للعالم العربي برمته . كل ما كتب وسيكتب لن يصف بصدق لحظات التجلي القومية والانسانية للمقاومة اللبنانية التي صفعت الامبريالية النيوكولونيالية الامريكية الغربية، واوقفتها عند حدها ولو لبرهة من الزمن بعد ان مرغت انفها بالوحل الممزوج بدم اهل الجنوب . ربما تكون ثقافة المقاومة التي سطرها المقاومون هناك على صخرة جبل عامل الصلدة، بداية لبعث عربي جدي وخلق عربي جديد يرغب بالسلام العادل سلام الشعوب بحق الشعوب من ناحية، ومن الاخرى يجيد المقاومة ويأبى الا ان يعيش كريما في بقعة الارض الدامية هذه التي اجبرت شمس الحرية العربية ان تشرق الا من هناك من خلف روابي وقرى الجنوب .
اصبح الجنوب المقاوم مكة جديدة لشرفاء العرب والبشر، يأتونها من كل صوب ليروا باعينهم المنبهرة لحظة انبعاث الكرامة العربية ولحظة اعادة خلق الجسد العربي والروح العربية التي هرمت وعجزت واوشكت على الرحيل .
الامر الاول - نقل تمثال رمسيس الثاني ذاك الفرعون العظيم من مكانه وسط القاهرة، الى مقبرة متحف بجانب الاهرام بعد ان طال به العهد في ميدانه وبعد ان رأى الكثير وعايش الكثير عقودًا من الزمن في ميدان رمسيس . يلقبه كتبة التاريخ المصري القديم بالفرعون الباني لانه بنى الكثير وحارب حروبا عدة وخاصة مع الهكسوس وانقذ بر مصر من جحافلهم البربرية التي احرقت في طريقها الاخضر واليابس وهدمت الحضارات وتركت اراضي محروقة . رمسيس الكبير الفرعوني عاد الى مكانه الطبيعي في حضن الاهرام. رمسيس العصري ما زال جالسا بصلافة رابضا على صدر الامة يعلمها دروسا في الخيانة والردة والذل والعار والجبن مستمدا بقاءه الثقيل الذي طال من حبل نجاة امريكي استعماري قذر وسافل . بقي طول حكمه خائفا مذعورا من ذراع امريكية وحشية ضربت العرب في الصميم، ومازالت تضربهم في كل مكان بثقافتهم ومكانتهم التاريخية وحضارتهم التي ساهمت في خلق الحضارة العالمية المعاصرة . فرعون العصري هذا لم يتعلم ثقافة المقاومة والكرامة والحرية بل تعلم ثقافة الخنوع والهوان، تحت الاقدام الامريكية التي تدوس اقداس العرب في كل لحظة وفي كل مكان . متى يأفل ويغور النجم المعتم لرمسيس الثالث هذا خلف تلال وكثبان رملية بعيدة لا تصلها اشعة شمس الحقيقة والخلود ولا في الخيال .
الامر الثاني - حادثة الحافلة في سيناء التي اودت بحياة سياح من اهلنا هناك وفضحت على الملأ عجز الانظمة العربية ليس فقط على الصمود والمقاومة بل عجزها كل هذه العقود الماضية من خلق حياة محترمة هناك ولم تحافظ على كرامة الانسان كانسان . طالما تغنى هؤلاء الحكام في ذاك العدم العربي الكبير بان الانسان هو اعز ما يملكون . هذه الحوادث المتكررة وتصرفات تلك الانظمة لمعالجتها اثبتث العكس تماما بان حياة الانسان العربي في نظرهم لاتساوي شيئا . الحياة والاحداث اثبثت بيقين ما بعده يقين بوجود طبقة اوليغارغية – بقايا ارستقراطية فاسدة تهتم لنفسها فقط وتركت الشعوب تبحث عن رغيف الخبز وعن اسباب الحياة الاساسية شبه المعدومة هناك . يتبادر الى الذهن تلقائيا في هذا الوقت العصيب السؤال التالي .. ماذا فعل النظام المصري المنفتح على الغرب والامريكان لشعبه بعد ردة السادات الخيانية منذ السبعينيات وحتى يومناهذا ؟؟
الجواب واضح وجارح واليم . لم يفعل ذاك النظام الا الانبطاح تحت القدم الاستعمارية الامريكية الجديدة وخانوا بهذا شعوبهم وخانوا امتهم وباعوا الكرامة العربية والثقافة العربية والمناعة العربية بثمن بخس لاوغاد العالم هنا وهناك .
الامية في مصر لا تزال على حالها ومشكلة الاسكان تتفاقم مع اشراقة كل صباح والبطالة تطال عشرات الملايين وخصوصا الشباب منهم الذين لم يجدوا فرصتهم للعمل والعيش بكرامة بعد ان تخرجوا من الجامعات ومن الكليات بعضهم هاجر والآخر ما زال ينتظر فرجا من الله ويعيش في فقر مدقع وكاسح. رأينا في هذه العجالة نستمده من مقال للصحفي اليساري المصري نشرته الصحف الوطنية هناك. ونشرته صحفنا الوطنية هنا. سافر ذاك الصحفي من القاهرة بقطار اسوان يبحث عن منجزات نظام الردة والانفتاح ومنذ عصر السادات . لم ير ذاك الصحفي ولم يجد في سفرته الا المصانع والمعامل التي بناها عبد الناصر في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي ولم ير الا سد اسوان الذي حرر بناؤه الارادة العربية لعقود من الزمن والتي اصبحت اليوم نوسطالجيا حزينة دمرتها سياسات الردة والعجز والخنوع والطغيان . اي ان النظام بعد عبد الناصر لم يبن المصانع ولا المعامل ولا المزارع ولم يحدث الجيش الذي اختاروا له سلاطين الفول والزيت كما يعرفهم الشيخ امام عيسى رحمه الله استراتيجية السلام المطلق وكأن مصر تجاور سويسرا . رغم التحديات من كل حدب وصوب حولت تلك النظم ذاك الجيش المجاهد الابي الى قوة ردع ضد قوى الشعب المصري العاملة التي رفضت ابدا الذل والهوان واختارت دائما طريق الكرامة القومية في كل العصور .
الامر الثالث - وفاة الكاتب الكبير نجيب محفوظ الذي رحل عن عالمنا المادي بعد ان ترك لنا كنزا روحيا وفكريا جميلا وواسعا ومحلقا في سماوات الثقافة العالمية واضعا مدماكا هاما واساسيا في صرح الرواية العربية التي وصلت معه الى العالمية من باب واسع وان كنا هنا نشك في الظروف التي ادت لحصول هذا الكاتب والاديب اللامع على هذه الجائزة . كلنا يعلم انها اعطيت له بعد ان انفتحت مصر على العالم الغربي الرأسمالي الامريكي وتركت بفضله العالم العربي وتخلت رسميا وعمليا بعد الصلح المنفرد في كامب ديفيد عن قضية فلسطين قضية الصراع العربي الاسرائيلي الاساسية بل قضية العالم الاولى التي تؤنب ضمير هذا العالم الهارب الاحمق والجبان . بارك محفوظ رحمه الله ردة السادات الخيانية وخليفته رمسيس الثالث وكتب عن عودة الوعي في زمن الردة لمصر بعد ان كان مفقودا في زمن عبد الناصر . تلك الجائزة " الصفراء " كما وصفها الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر لا تعطى الا في شروط تسير في درب الكولونيالية الجديدة والرفعة الانجلوساكسونية – الفرنكفونية وموافقة الصهيونية العالمية . رفضها سارتر عام 1964 بعد الاهوال والمجازر الذي خلفها الاستعمار الغربي في ارجاء العالم وخاصة في الجزائر والفيتنام في حقبة الزمن تلك .
السؤال الآخرالذي يطرح نفسه هنا ايضا .. لماذا لم تعط تلك الجائزة لكتاب عرب كبار قبل محفوظ وبعد محفوظ ؟؟
الم يستحقها ادب طه حسين مثلا في روائعه العديدة مثل كتابه الايام ؟
الم يستحقها ادب جبران خليل جبران الذي ترجم الى لغات الارض كلها وخاصة كتابيه النبي والاجنحة المتكسرة؟

الم يستحقها نزار قباني عن شعره الجميل المترجم الى لغات كثيرة عالمية ؟
الا يستحقها ادب حنا مينا في مستنقعه وفي ياطره وفي نهاية رجل شجاع؟
الا يستحقها ادب عبد الرحمن منيف عن مدن الملح ؟
هناك الكثيرالكثير من ادباء العرب الكبار الذين كتبوا ادبا جميلا كمحفوظ يستطيع ان يحلق في سماء العالمية بعد ان تتحرر الارادة العربية وتفرض نفسها على عالم اليوم .
كتب محفوظ في الخمسينيات رواية " اولاد حارتنا " التي اثارث نقاشا واسعا عربيا حتى يومنا هذا . منعت المؤسسة الغيبية الدينية الازهرية آنذاك نشرها في بر مصر بسبب تعرضها حسب اقوال علماء الفقه هناك لوحدانية الله تعالى ولانها سرحت ومرحت قريبا من سدرة المنتهى. اضطرمحفوظ في اواخر ايامه ولا شك ايام وهنه الجسدي والفكري بالموافقة على مقدمة دينية من رجل دين مهم لروايته حتى تصدر بعد 60 عاما في مصر ظانا بهذا بانه يغفر ذنوبه ويفك عقدة تكفيره قبل انتقاله من دار الباطل الى دار الحق . هذا الامر اوجد سابقة خطيرة وعقبة كأداء امام الابداع والمبدعين في مصر والوطن العربي كله .كونت تلك المقدمة المفروضة فرمانا من اللاهوتية وشرعنة لتعدٍّ خطير على حق الابداع والمبدعين في مصر خاصة وجدارا اسود امام الابداع كله في العالم العربي عامة والذي نحن بحاجة ماسة له في كل المجالات في هذا الوقت العصيب بالذات. ان قوة وحصانة الشعوب مرهونة بقوة وحصانة ابداع مبدعيها وفي عظمة المبدعين من ابنائها .
كل ما قيل لا يقلل من عظمة هذا الكاتب العظيم الذي حلق بالرواية العربية في اسمى سماوات الادب والفكر العالمي .
المضحك المبكي في رحيل هذا الكاتب العبقري هي فبركة النظام هناك جنازة عسكرية لهذا الراحل . لم نعلم ونشك في ان يكون محفوظ جنرالا عسكريا سريا في القوات المسلحة المصرية . نعم جعلوها جنازة عسكرية لذلك الكاتب المصري الكبير الذي كتب عن الشعب وللشعب طيلة حياته . كتب عن آمال واخفاقات الطبقة الوسطى التي بدأت تتكون في مصر بين الحربين العالميتين . كتب عن تلك الطبقة التي مازالت تعاني من نفس المشاكل اليوم كتلك التي عالجها محفوظ في الثلاثية. مازالت تعاني تلك الطبقة الشعبية بعد ان تاهت امانيها كلها في ايجاد حياة بسيطة وكريمة وبعد ان تكدست كل ثرواث الشعب المصري بعد ردة السادات في ايادي طبقة ارستقراطية جديدة خلقتها سياسات الانفتاح . طبقة عاقرة فكريا معولمة همها الربح حتى على حساب رغيف العيش الذي يركض خلفه الانسان المصري الفقير في اغلب حالاته . يقول المنطق في هذه الحالة بان تكون جنازة محفوظ شعبية يودع هو الشعب الذي كتب عنه ويودعه الشعب وداع عظمائه الآخرين امثال عرابي وسعد زغلول وعبد الناصر وام كلثوم وعبد الحليم وغيرهم من كبار الشعب المصرى الذين عاشوا وعملوا وابدعوا وماتوا من اجل ذاك الشعب .
سرق النظام المصري الشعب المصري حقا من حقوقه مرة اخرى بعد ان صادر منه جنازة حب ووفاء لكاتب عظيم ومحبوب . جعلها النظام جنازة عسكرية صورية لم تذرف فيها الدموع اقتصرت على القصر الجمهوري والرئيس وابنه وحاشيته وبعض المدعوين. ان دل هذا الفعل الرديء عن شيء فانه يدل قبل كل شيء عن انعزال تلك الفئة الحاكمة عن جماهير الشعب وخصوصا بعد انتصار المقاومة الاسطوري في لبنان . لو كان الرئيس شعبيا ومحبوبا وقريبا من الشعب لنزل هو وحاشيته وسار مع شعبه خلف نعش محفوظ وهو يطوف الحارات الشعبية في الجمالية وفي السكرية وفي خان الخليلي والحسين لينتهي الموكب في قلب ميدان التحرير في قلب قاهرة العروبة وقاهرة عبد الناصر .
هذا الانعزال وهذه الغربة بين تلك الانظمة وشعوبها فضحتها شمس الكرامة العربية المشرقة من هناك من الجنوب.

(شفاعمرو)



#فؤاد_خطيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دافنشي كود - الفيلم الذي هز عرش البابوية
- ألماركسية والحدث الانساني المعاصر


المزيد.....




- مصر.. الدولار يعاود الصعود أمام الجنيه وخبراء: بسبب التوترات ...
- من الخليج الى باكستان وأفغانستان.. مشاهد مروعة للدمار الذي أ ...
- هل أغلقت الجزائر -مطعم كنتاكي-؟
- دون معرفة متى وأين وكيف.. رد إسرائيلي مرتقب على الاستهداف ال ...
- إغلاق مطعم الشيف يوسف ابن الرقة بعد -فاحت ريحة البارود-
- -آلاف الأرواح فقدت في قذيفة واحدة-
- هل يمكن أن يؤدي الصراع بين إسرائيل وإيران إلى حرب عالمية ثال ...
- العام العالمي للإبل - مسيرة للجمال قرب برج إيفل تثير جدلا في ...
- واشنطن ولندن تفرضان عقوبات على إيران تطال مصنعي مسيرات
- الفصل السابع والخمسون - د?يد


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - فؤاد خطيب - سرق النظام المصري الشعب المصري حقا من حقوقه : رحيل محفوظ والجنازة العسكرية