أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - محمد خضير سلطان - رواية (سبت يا ثلاثاء) لزيد الشهيد/ النموذج الاخير في البناء النصي القصصي العراقي















المزيد.....

رواية (سبت يا ثلاثاء) لزيد الشهيد/ النموذج الاخير في البناء النصي القصصي العراقي


محمد خضير سلطان

الحوار المتمدن-العدد: 1666 - 2006 / 9 / 7 - 03:13
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


في البدء لابد من الاشارة الى ان رواية القاص والروائي زيد الشهيد ( سبت يا ثلاثاء ) ، قد اسقطت العقد الايصالي المتضمن مع القارىء ، وهو العقد المفترض بين ايصال الرسا لة السردية من الباث الى المستلم في ظل تقاليد وعادات قراءة معينة ولم ينشأ هذ ا العقد لاسباب فنية وموضوعية ، سنأتي على ذكرها كما نعتقد .
وتبعا لهذا العقد لم تتدبر الرواية عنصري التشويق والنمو بالطريقة التي اعتادها القارىء العادي او كما يسمى على نحو آخر في خطاب الحكاية لجيرار جينيت ، كمية الخبر من المخبر ( السارد او الروائي ) وعمليات تنظيمهما داخل السرد اذ تتحصل الرؤية عند الناقد والقارىء بفصل الخطاب عن النص( المعيوش عن الكتابة) والنظر النقدي من كل اتجاه الى الآخر بتوازن دقيق، محسوب، وفقا للقراءة النقدية التي لاتجعل المحتوى ، يقوم بذاته على النص( شكلا ومضمونا) حسب القراءة التقليدية بل النظرة التي ترى بان النص هو جزء من عالمه الخطابي في مكان وزمن محددين، وهذا لايعني بالتاكيد ، ليس هناك مشتركات خطابية ونصية ولكن غياب التوازن المحسوب ، يجعل من النص خطابيا مباشرا في احد مظاهره ، تذوب فيه القيم الفنية للنص في تقريرية وغلبة الخطاب ( الخارج الموضوعي ) ، وهذا النموذج الفني من البناء محصور في الاستئثار السلطوي بالابداع وتغليب عنصر الايديولوجيا في النسيج النصي ومثل هذا النموذج مستبعد في قراءة هذه السطور، اما النموذج البنائي الآخر لهذه القراءة ، حين يكون الخطاب مندمجا بعمق في النص فلا يبقي له اثر في مساحة سردية ولا يمكن الاستدلال عليه بسبب من هيمنة البناء الرمزي واجتياح اللغة الشعرية للوعي والاسلوب الدائري الذي يقصي فهم الخطاب وتلمس ابعاده في الواقع ، خارج النص ويحيله الى صيرورة وهم اذا جاز التعبير ، ولعل القصة القصيرة (العراقية ) اكثر انسجاما لهذا النمط السردي من فن الرواية دون ان يكون مطلقا ، لأن فن القص القصير هو حلم موجه كما يذهب بورخس فيما تصر الرواية على انها فن اليقظة المجاور للعالم .
وفي اثر ذلك ، فان الانشائية الشعرية في القصة القصيرة الاكثر تجريدا من الرواية التي لاتفقد شعريتها احكام الصيرورة زمانا ومكانا وشخصيات .... وهذا النمط من الباء القصصي ( اختفاء الخطاب في النص ) سائد في العراق الى الحد الذي لاينكر احد بان القصة القصيرة العراقية اطول قامة من الرواية ، وتلك مفارقة لاتوجد في تاريخ السرد بالعالم ، وتعود اسبابها في بلادنا الى غياب الحرية منذ السبعينيات من القرن الماضي من جهة ، واستحالة تراجع مشاريع قصصية ، انطلقت منذ الخمسينيات ولا تستطيع كبح طاقاتها الهائلة من جهة آخرى.
ونجم عن تلك المواضعة السياسية ، خوف الكتاب من البطش القمعي وترتب عليه ، اختزال الرواية في القصة القصيرة والعكس ايضا، حيث ان روايات عديدة ، صدرت في التسعينيات لاتغدو الا ان تكون تبئيرات قصصية قصيرة ، تتخذ شكلا روائيا وتعمل على دمج الخطاب بالنص بحيث تكسب رضا الرقيب المستبد دون ان تستبعد قلقه وتشكيكه( ويدرك الوسط الادبي في التسعينيات ، كيف كانت المعارضة الادبية الحذرة واحيانا العفوية، تشكل احدى سمات الوعي السياسي وانعكاساته على تقنية البناء النصي ) ولكن هذا الشكل النصي المقبول فنيا في القصة القصيرة ، لايصمد امام صرامة البناء الروائي ودقة فصل الخطاب عن النص الا اذا نظرنا الى اسبابه ومسوغاته البوليتكي ادبية في الخوف من بطش الرقيب .
وبعد سقوط الديكتاتورية في 9-4-2003 ، وتحرر الادب القصصي والروائي من تقنية البناء التي فرضها القمع – في ضوء هذه الفرضية- لابد ان تكشف الروايات والقصص العراقية القادمة عن مستويات فنية جديدة من البناء في اجواء طبيعية من انطلاق الطاقة الكتابية في الوضع الخطابي والنصي السليم ولابد ان تقيم قطعا معرفيا مع طبيعة الباء السابق .
في هذا السياق ، لم ينشأ العقد الايصالي الافتراضي مع القارىء حتى ان القارىء الاخر العربي يرى صعوبة وعسر شديد في الفهم للنص العراقي وتقلب في لغة جهنمية، حارقة ، فذة، مقعرة وجارية مثل نهر مثقل بحجارة قاعه، واوراق الهزيمة والحصار والحروب المتتالية، حروب العراق، تطفو كورق سقط على صفحته. ( انظر مقدمة كلاديس مطر لرواية سبت ياثلاثاء).
ان النصية واختفاء الخطاب ، تشكلان احد مظاهر البناء الفني للسرد العراقي في زمن الاستبداد،وتعد تلك النصية احد انعكاسات ارهاب الدولة على عملية الابداع، وهو ليس عيبا انما فضيلة من فضائل ادامة الزخم السردي في ظروف انعدام حرية التعبير وتبئيره على الخطاب من زوايا متعددة مفتوحة ونموذج رواية ( سبت يا ثلاثاء) احد هذه التطبيقات وآخرها اذ ستشهد المرحلة القادمة ، استعادة العقد الايصالي مع القارىء العادي واحتساب دقة الخطاب من النص وما يميز رواية الشهيد ، انها كتبت قبيل سقوط الديكتاتورية ونشرت بعد انهيارها لتغلق باب الكتابة النصية في ضوء هذه الفرضية وتفتح طريقا جديدا لبنائية واقعية ، يتماسك فيها المتلقي مع الباث والرسالة في حياة كاملة وتقاس ابعادها التكاملية رهنا بالقدرة على توظيف الدلالات والخبرات سواء في الكتابة او القراءة .
في ( سبت يا ثلاثاء) ، النموذج الاخير، تتجه الطاقة الدلالية الى اقصاها في البحث عن المدلول وحينما تصل اليه بعد ازاحة اقواس عديدة من الغبار، نحسب واهمين انه المعنى ثم ما نلبث ألا ان نستبعده من جديد لنراقب التشكيل النغمي في اتجاهات منقطعة او متذبذبة وعبر انتقالات سردية وصورية ، تتخذ مسارا دائريا ،و في
داخل المسار الدائري ، ينظم التدفق الصوري واجتياح اللغة للوعي مثلما يحدد الانفلات من المحتوى والانتقال
من الكابوس الى فضاء الرؤية الكابوسية واستدراج المتحرك من الغبار والماء والجسر لدفعه باتجاه كثافة اوسع على خط افق الكتابة وليس الوقائع ، اي ان الوقائع كلها ، تتضافر للتعبير عن واقعة الكتابة والكاتب يحدد موقعه من الرواية في موقع سردي معلن ، يظهر كراو بين موقف وآخر، ويحدد مواقع الشخصيات والامكنة والاشياء والخلائق ولكنه ينتقل اخيرا بالبؤرة السردية اخيرا الى فضاء السرد والكتابة مستغرقا بمتواليات سمعية وبصرية ، تتابع هنا وتنقطع هناك بحيث تحيل المبنى الحكائي الى هشيم وتعنى فقط بغلبة المبنى القصصي ، ثمة مثال شائع، يفيد بهذا المعنى ، انك تستطيع رؤية الشخصيات مثل اشجار داخل الغابة، تقترب منها الواحدة تلو الاخرى ، ولكن حين تبتعد لاترى سوى الغابة- الرواية التي تشكل مشهدا ثانيا، مستحدثا، تغدو فيه اللغة غير متحصلة لمجموع خصائص العناصر الآخرى وتبدو الرؤية في سياقها اللغوي الشعري وكأنها هي الهدف ، ولا شك من ان هذه الهدفية مبدعة لو اتاحت قدرا من حرية التعبير لدى الكاتب وهي هدفية خلاقة في رواية ( سبت يا ثلاثاء) بشرط اطلاق السرد ووقف تنفيذ سلطة الرقيب ، حينئذ نحقق مشتركات المبنى الحكائي والقصصي، والغابة والاشجار، اللغة والسرد، الخطاب والنص، وستظهر حتما في القصة والرواية العراقيتين سواء عند الكاتب الشهيد او الآخرين.



#محمد_خضير_سلطان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حيوا المجازين ......نصيحتان للبرلمانيين قبل لقائهم بالناس
- تعريف وحوار المعضلة العراقية على طاولة مفكر عراقي
- الالف توقيع
- الاحساس بالزمن
- من يؤيد الاحتلال ؟من يقف ضد الفاشية؟
- تصل او لاتصل.....رسالة الى اربيل
- الوجه الغائب عن تحليل الديمقراطية العراقية/هدم الكهف واطلاق ...
- الديمقراطية العراقية -صورة اولية لصنع الذات وتحققها على الار ...
- تلازم صحة القرار السياسي مع الارتقاء الامني
- احزان مرحة
- العائدون من المقابرالجماعية/جمهورية فاضل الديمقراطية العادلة
- نسق الثقافة والمتغير الاجتماعي محاولة في نقد المفارقة
- النظر الى الاعلام العراقي
- برنامج تلفزيوني /ثالث النهرين / الحلقة الاولى محنة الاختيار
- هجير الذهب او الصورة الاخيرة
- الواضح الغامض في العراق
- طائف العراق كالمستحيل
- اذا كان العراق ذكرى محتلين
- هل نصفق للديمقراطية؟
- اتصالية الاعلام من حدثية الثقافة-صحيفة الصباح ودار الشؤون ال ...


المزيد.....




- الطلاب الأمريكيون.. مع فلسطين ضد إسرائيل
- لماذا اتشحت مدينة أثينا اليونانية باللون البرتقالي؟
- مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي ينتظر ال ...
- في أول ضربات من نوعها ضد القوات الروسية أوكرانيا تستخدم صوار ...
- الجامعة العربية تعقد اجتماعًا طارئًا بشأن غزة
- وفد من جامعة روسية يزور الجزائر لتعزيز التعاون بين الجامعات ...
- لحظة قنص ضابط إسرائيلي شمال غزة (فيديو)
- البيت الأبيض: نعول على أن تكفي الموارد المخصصة لمساعدة أوكرا ...
- المرصد الأورومتوسطي يطالب بتحرك دولي عاجل بعد كشفه تفاصيل -م ...
- تأكيد إدانة رئيس وزراء فرنسا الأسبق فرانسو فيون بقضية الوظائ ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - محمد خضير سلطان - رواية (سبت يا ثلاثاء) لزيد الشهيد/ النموذج الاخير في البناء النصي القصصي العراقي