أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - يسري حسين - حكومة تعمل لصالح الشعب لا ضده















المزيد.....

حكومة تعمل لصالح الشعب لا ضده


يسري حسين

الحوار المتمدن-العدد: 1663 - 2006 / 9 / 4 - 10:20
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


عندما يتولى شخص في الدول الديمقراطية مهام حقيبة وزارية , لا يأتي إلى موقعه بالبراشوت , الذي هبط عليه فجأة وبفعل الأقدار أو الأعاصير السياسية ! . إن التقاليد التي أصبحت راسخة هي معرفة الرأي العام مسبقاً ولسنوات طويلة بفكر هذا الرجل السياسي وبرنامجه الذي إنتخبه طبقاً له .
وعلى سبيل المثال , يقف جوردن براون , وزير المالية الحالي لتولي منصب رئيس الوزراء , إذا تنحى الرئيس الحالي توني بلير عن منصبه . فبراون يأمل أن يرشحه حزبه وينتخبه لهذا الموقع .
وإذا تولى براون رئاسة الحكومة , فإن الرأي العام يعرفه من تاريخه السياسي الطويل ومن مواقفه عبر توليه منصب وزير المالية لمدة تقترب من تسع سنوات .
والوزير السياسي في بيئات ديمقراطية , لا يظهر فجأة , لأنه صديق لملكة بريطانيا مثلاً أو لأنه يجلس مع الرئيس الفرنسي جاك شيراك , يدردش معه في شئون الحياة والناس والمال . وإنما الوزراء في بلاد الديمقراطية يصعدون إلى مناصبهم بكفاح سياسي مرير في الشارع , ومن خلال خدمة الرأي العام والدفاع عن مصالحه . لذلك الوزير في الحكومة البريطانية على سبيل المثال , يجلس في الوزارة ممثلاً للدائرة الإنتخابية التي دفعته إلى مقعده داخل الحكومة . وإذا فشل الوزير في تحقيق مصالح أبناء الدائرة يستقيل فوراً . لأن العقد القائم بينه وبين أبناء دائرته الإنتخابية يقوم على تجسيد مصالحهم والدفاع عنها .
والمنافسة السياسية في بلاد الديمقراطية , تجري بين أحزاب وأفراد وتكتلات . وكل فريق له أفكاره ومعتقداته الإجتماعية والإقتصادية . فإذا إختار الرأي العام حكومة تميل إلى اليمين , فهو يدرك إنها ستتجه في هذا المسار , سواء على الجبهة الداخلية أو الخارجية .
وقد ظل البريطانيون لمدة 18 عاماً في قبضة اليمين المحافظ , وعندما تخلصوا من حكومة بهذا التوجه , صعدت أخرى تمثل الرأي البديل , أي حماية الأغلبية وتوفير الخدمات لها , والإهتمام بالمواصلات العامة والإنفاق على التعليم . والفرق بين حكومتى المحافظين والعمال , أن الأولى تعمل لصالح نمو رأس المال , بينما الأخرى تجتهد لتوسيع نطاق الخدمات وتوفير تنمية إجتماعية تفيد كل أفراد المجتمع .
ورغم أن حكومة المحافظين رأسمالية قحة , غير أنها كانت ملتزمة بمراعاة حاجات الشريحة العريضة , وحافظت على المال العام , ولم يتمكن أفراد من سرقة أموال الدولة والثراء السريع في سنوات معدودة .
إن المجتمع البريطاني لديه قواعد تحميه دائماً , وتضبط الأداء , بصرف النظر عن ميول الحكومة السياسية . وهذه الضوابط تمثل المصلحة العامة وحماية النظام ومنع الفساد والتصدي له . لكن المجتمعات التي لا تطبق الديمقراطية , ليست لديها ضوابط تحمي المال العام وثروات الأمة , مما يسمح بنهبها وسرقتها , تحت نظر القانون وأمن الدولة ! .
لقد تمت بمصر بلورة نظرية خاطئة عن أمن الدولة , تعني بما هو سياسي فقط , ويرتبط بمصالح الحاكم وعائلته ونفوذ دائرة المقربين . وأهمل هذا النظام أمن الدولة الإقتصادي ومصلحة الناس وعموم الشعب . فإذا كان هناك أمن الدولة لحماية السلطة ومصالحها , فأين هو نظام أمن الشعب الإقتصادي والإجتماعي الذي يحمي ثروات الوطن ومصالح جميع فئاته وأفراده ؟ ! .
إن الدول الديمقراطية أمنها يستقر في حماية إقتصادها والدفاع عن الأغلبية وليس الأقلية . ولا يعني هذا النظام الأمني معاقبة من يفكر في السياسة ويعبر بصوت مرتفع . ولا يطارد هذا النظام الصحفيين لأنهم ينتقدون ويكشفون مظاهر الخلل . الأنظمة الديمقراطية ترى في حقوق التعبير الضمان للأمن بمفهومه الواسع والحقيقي العريض . إن الصحافة البريطانية مثلاً تطارد السياسيين وتفضحهم وتسلط الأضواء على ممارسات تراها خاطئة , سواء كانت سياسية أو محاولة لإستغلال المنصب أو المال العام . والصحافة هي التي أسقطت حكومة المحافظين السابقة . وكانت وراء خروج أكثر من وزير في الحكومة الحالية . وقد طاردت الصحافة نائب رئيس الوزراء جون بريسكوت , حتى قرر ترك منزله الريفي الحكومي , بعد تخليه عن بعض المهام التي كان يشغلها في تشكيل وزاري سابق .
ولا توجد لدى صحافة حرة خطوط حمراء , فالملكة الجالسة على العرش البريطاني تواجه إنتقادات صارخة . وجميع أفراد العائلة المالكة تتعرض لنشر الأخبار عنها وتلاحقهم الصحافة الشعبية حتى في الأماكن الخاصة جداً ! . والأمير تشارلز ولي العهد , لا ينجو من نقد عنيف من الصحافة , يصل إلى حد القول بأنه لا يصلح للجلوس على العرش وإن على بريطانيا أن تتخلص من العائلة المالكة وتختار النظام الجمهوري ! .
إن مؤسسات المجتمع مثل الصحافة , هي لضمان الإستقرار ونظافة اليد ومحاربة الفساد . وعندما تغيب الصحافة عن لعب هذا الدور , ينشط اللصوص ومن يحاول إستغلال المال العام لصالحه ومن أجل عائلته على حساب مصالح الوطن وأمنه ورفاهية الشعب .
وإذا كان الوزير في البلاد الديمقراطية , ينتخبه الشعب لتنفيذ مصالحه , فإن مبدأ إختيار الوزراء في الدول المعادية للديمقراطية يعتمد على معايير أخرى . لقد فوجئ المصريون مثلا بإختيار وزير النقل الحالي محمد منصور وهو رجل أعمال يملك الملايين ويتاجر في السيارات , وليس له علاقة بتاريخ سياسي يؤهله لمنصب بهذه الحساسية في خدمة مصالح الرأي العام والإقتصاد الوطني . فلم نقرأ قبل تولي منصور هذا المنصب الوزاري إهتمامات جديدة له بشأن سياسة النقل في مصر ! . ولم نتعرف على خطة سياسية لتطوير هذا المرفق أو تحسينه . ولا نعرف ما هي العوامل التي دفعته لتولي حقيبة بهذه الأهمية ؟ في دولة تشغل السكك الحديد مكانة حيوية للغاية في تنقل الأفراد والبضائع . والمعروف أن شبكة الطرق المصرية تعاني من التخلف وغياب التخطيط والعشوائية , ويدفع ثمن ذلك المواطنون من حياتهم كل يوم .
إن الأسباب التي أدت لإختيار منصور غير واضحة . لكن الرأي العام يدرك أن صلته الحميمة بالنظام ودوائر المال في داخله , هي التي سمحت له بتولي هذا المنصب .
وكان لابد من خروج منصور بعد كارثة عبارة السلام . لكن بما إنه غير منتخب وغير مسئول أمام الشعب , فلم يهتز مقعده الوزراي على الإطلاق بل تَدَعم ! , رغم غرق أكثر من ألف مواطن مصري . وجاءت كارثة قليوب , ونادت المعارضة بإخراج الوزير . لكن بما أنها لا تملك التأثير داخل البرلمان تَمَسك النظام به وإمتدح الأداء وحافظ على بقاء الوزارة تطبيقاً لمبدأ عدم الإنصات للرأي العام لأنه غير موجود في حسابات السلطة , التي لا ترى سوى مصالحها في الحكم والثراء والتوسع في بناء القرى السياحية , بينما أغلبية الشعب تعيش محاصرة داخل العشوائيات ! .
لقد خسر المصريون على مدى أحقاب طويلة وجود مؤسسات وهياكل تدافع عن مصالحهم , في الوقت الذي نمت فيه مؤسسة الرئاسة وأصبحت قابضة ومتحكمة ولا تنصت لرأي الشعب على الإطلاق , وتجسد ذلك في الإحتفاظ بالحكومة الحالية .
إن الوزارة القائمة تعبر عن مؤسسة الحكم ومصالحها , والدليل هو إختيار وزير العدل الجديد , المنحاز لها , وعَبَر عن مدى إخلاصه وتفانيه , لخدمة أهدافها خلال الإنتخابات الأخيرة , على حساب العدل والقانون والدستور نفسه . إنه ليس مهماً التجاوزات ضد الشعب والدستور , فالمهم هو المحافظة على الولاء للسلطة , وإفعل بعد ذلك ما تشاء ! .
وهناك الأن محاولة لإسقاط الصحافة الحزبية والمستقلة , لأنها تتحدث عن هذا التضارب بين مصلحة الأمة والنظام , وتطالب بأن تكون الحكومة معبرة فعلاً عن الرأي العام وليست متورطة في نهب أمواله أو قتله في شبكة المواصلات العامة والعبارات البحرية .
إن مصر في حاجة لإسترداد حقوقها كاملة , بأن تكون الأمة فوق الحكومة , كما قال بذلك سعد زغلول مُفجر ثورة 1919 , عندما كان يحارب الإستعمار والإستغلال , وأكد شعاره العظيم بأن العدل فوق القوة .
الحاجة ماسة لإسترداد حقوق الشعب والمحافظة عليه , وأن يتولى المهام الوزارية , أفراد لهم تاريخهم في خدمة الرأي العام والناس , حتى ينتهي هذا التقليد البغيض في إختيار وزراء من الأقارب والأحباء والأصدقاء والأعضاء في نادي الأثرياء , لمحاربة الفقراء والحصول على أموالهم القليلة ثم بعد ذلك قتلهم في البحر الأحمر أو على قضبان السكك الحديد , أو داخل قطار يحترق ! .



#يسري_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طارق علي مثقف نبيل مع العدل وضد الإستبداد والإستعمار
- الرهان على المستقبل
- وداعاً حزب التطبيع مع إسرائيل


المزيد.....




- السعودية.. أحدث صور -الأمير النائم- بعد غيبوبة 20 عاما
- الإمارات.. فيديو أسلوب استماع محمد بن زايد لفتاة تونسية خلال ...
- السعودية.. فيديو لشخصين يعتديان على سائق سيارة.. والداخلية ت ...
- سليل عائلة نابليون يحذر من خطر الانزلاق إلى نزاع مع روسيا
- عملية احتيال أوروبية
- الولايات المتحدة تنفي شن ضربات على قاعدة عسكرية في العراق
- -بلومبرغ-: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائ ...
- مسؤولون أمريكيون: الولايات المتحدة وافقت على سحب قواتها من ا ...
- عدد من الضحايا بقصف على قاعدة عسكرية في العراق
- إسرائيل- إيران.. المواجهة المباشرة علقت، فهل تستعر حرب الوكا ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - يسري حسين - حكومة تعمل لصالح الشعب لا ضده