أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - طلال الشريف - بين قبرين !!!














المزيد.....

بين قبرين !!!


طلال الشريف

الحوار المتمدن-العدد: 1663 - 2006 / 9 / 4 - 07:19
المحور: كتابات ساخرة
    


في زيارة عابرة، وليست، بغرض الإقامة الدائمة، وجدت نفسي فجأة في المقبرة الغربية مساء ذلك اليوم، سائراً دون هدف، ودون تحضير سابق، وما إن، أدركت مكاني وشعرت بصمت القبور، حتى مر برأسي هزيع مرعب لصوت عريض بعرض المقبرة المترامية الأطراف، لكنه كان مخنوقاً،ينادي يا دكتور، فتسمرت قدماي، واهتززن بقوة، من الخوف، وتقلصت عضلات رقبتي، كأنني أختنق، و أجهدني العرق، ورحت في غيبوبة، ولا أدري كم استمرت.
وفجأة وجدتني، أفتح عيني، فأجد نفسي، ملقاً علي جانبي، وأشعر بألم في رأسي، وفي خاصرتي، فحاولت الجلوس ممسكا بشيء صلب جاءت يدي عليه، ولم أميزه،وأسندت ظهري بصعوبة بالغة علي كتلة أحسست ببرودتها، وأحسست بأنني غير قادر علي النهوض، وتحسست جوالي، وحاولت إضاءته مرتبكاً، ولهول ما أصابني، مما رأيت، وكاد يفقدني الوعي مرة أخري، أن الشيء الصلب، الذي أمامي هو شاهد قبر، فأغمضت عينيي بسرعة من فجيعة المنظر، وأدركت أنني أستند بظهري علي قبر آخر، وأنني في هذا الظلام الدامس جالساً بين قبرين، وليتهما كانا علي الأطراف، لرأيت أي ضوء قي الشارع، أو البيوت القريبة، وأدرت ضوء الجوال فإذا بي في منتصف المقبرة.

وإذا بالصوت السابق يأتيني مرة أخري، لكنه هذه المرة أكثر قربا،ًومن شدة الإرباك، وقع الجوال من يدي وتحسست حولي فلم أجده.

وعاد الصوت من جديد، قائلاً، وبهدوء هذه المرة:
أنا أحمد، فقلت له، أهلاً وسهلاً، مين أحمد؟ فقال لا تسأل، أنت مازلت مع الأحياء في الدنيا، ونحن هنا نسألكم وعليكم الإجابة فقط. أما أنتم فلا تسألوا، فقلت له، اسأل ما تريد، فقال:
هذه قدمي المقطوعة، ماذا فعلتم بها؟ فقلت له: يمكن كانت ملتهبة من مرض السكر، وخفنا عليك من التسمم،أو أن تكون مغلقة الشرايين، ولهذا عالجناك بقصها. فقال: لا أسألك عن الطب، إن قدمي قد قطعت في الحرب، وصدري متفجر من رصاص الأعداء دفاعاً عن بلادنا وعنكم، فماذا فعلتم بعدها؟
أنا أسألك عن ثمن النضالات، ألست قيادياً، ودخلت الانتخابات ثلاث مرات من أجل أن تكملوا المسيرة؟ فقلت له: لم يعطني الفرصة، ولم أنجح في أي منها، فقال: اسألهم، وعد لنا بالإجابة، فقلت: نعم سأسألهم، لكننا نواجه عدو شرس، ويربكنا بقوته، فقال: نحن أقوي منه، لكننا أنانيون، وعصبويون، وفئويون، وحزبويون، فقلت له: صحيح، وما إن أتممت الإجابة، حتى هالني المنظر ، كم كبير من الخيالات، تنتظم في صف طويل لتوجيه الأسئلة .

وبدأ أحدهم قائلاً: أين بيتي الذي تهدم بفعل القصف؟ لماذا لم يتم بناءه من جديد؟ من المسئول؟ أبلغهم، واسألهم. وقال الثاني قول لأبو الثائرين الأمين العام يعمل نظام داخلي في حزبه ويلاش يطول في الأمانة العامة ويحتكر القرار. وثالث قال لماذا أضعتم حق ابني في التعليم، وأعطيتم المنحة، لأولادكم. وقال رابع، أولادي لا يجدون اكلأ، لأنني مناضل فقير ومش قيادي كبير، ولم أترك لهم شيئاً، وأين المسئولين من فقراء المناضلين. وقال خامس بلغ أخي بأن عمي زيف أوراق الطابو، وأخذ كل ملكي، وحرم الأيتام منه. وقالت سادسة أبي لم يرد تزويجي لكي لا يذهب إرثه من الأرض التي يملكها إلي زوجي إذا ما تزوجت. وقالت سابعة، لقد زوجني أبي برجل لا أحبه. وقال تاسع: لم أجد عناية من الأطباء حين أصبت بالمرض، فمت، أين المسئولين. وقال عاشر لم يهتم بي أولادي، وأنا شيخ كبير، وانصاعوا لزوجاتهم. وقال آخر: كنت أعمل الخير لكل الناس، والآن لا أحد يقرأ علي قبري الفاتحة. وقالت أخري: كان زوجي يضربني، ولا تستطيع القوانين إنصافي. وجاء مسئول قيادي كبير فقال: تركتكم أحسن من هيك، ايش اللي جرالكم؟ لماذا لاتتحدوا وتحموا شعبكم وتجنبوه الحرب الأهلية؟ فقلت له: لا تخف إن شعبنا واع، ولن تكون عندنا حرب أهلية، فقال: قلهم: إنني اقترح عليهم، أن يرحموا شعبنا، ويقللوا من النتريات، والبنزين، والرز، واللحم، وطخ الفشك عالفاضي والمليان، وأن يوزعوا المساعدات بالعدل، لأن المساعدات تنهب وتباع. وجاء شيخ كبير يلبس الحطة فقال: قلهم دولة العصابات ساعة، ودولة المؤسسات إلي قيام الساعة.
وحدث كل هذا، وأنا جالس بين القبرين، علني اسمع غير الشكاوي، والظلم، والتزوير.
فجاءني صوت ناعم من بعيد، فقلت: لربما يحمل لي هذا الميت شيئاً أتفاءل به، فقال: أنا من رواد وقيادات الانجئوز وبدي منك تقول لأهلي، يروحوا لعند أبو الوليد، ويأخذوا منه أتنين مليون دولار كنا سرقناهم سوا، وهو استولي عليهم، وهو اللي بعت المجموعة اللي طخوني، وخبأ الجريمة.
فأخذت نفساً عميقاً، علني أحفظ كل ما قيل لتوصيله إلي شعبنا والمسئولين، فإذا بالجوال يرن علي الساعة السادسة لأصحو إلي عملي!!!!!!!!!!!!!



#طلال_الشريف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحب الأول لا يغيب !!!
- كله يفوق !!
- التوحش !! قصة قصيرة
- أباتشي اتنين وزنانتين !!!!
- سنذهب الي بحرنا كل يوم يا جاك !!!!
- ياشيخه هقوشتيني !!!!
- رنا يا حلوة الحلوات!!!!
- إن الحرب تشتعل !!!
- لا تبك يا طيب !!
- أبد أبد !!!
- مريدون ... للنذل والحرامي والديوث !!!
- المنجليط .. والمنجلوط !!
- اخلاص حتي اللحظات الأخيرة !!
- اصابات متكررة .. بنيران صديقة !!!
- قدر !!
- من تخرج السين .. ثيين
- هل كان فوز حماس ... خير لابد منه ؟!!
- احرث وادرس كله لبطرس!!!
- نداء ... للتراث !!!
- سويلم والتمارييز


المزيد.....




- تحويل مسلسل -الحشاشين- إلى فيلم سينمائي عالمي
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...
- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - طلال الشريف - بين قبرين !!!