أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمد عبد المجيد - انتحار المثقف المصري














المزيد.....

انتحار المثقف المصري


محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)


الحوار المتمدن-العدد: 1662 - 2006 / 9 / 3 - 09:48
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


إذا أردتَ أنْ تستولى على قيادة الجماهير، وأن تستخف بهم، وأن تُحدد مأكلهم ومشربهم ومأواهم فما عليك إلا أن تبدأ بالنخبة الواعية والصفوة التي حاولت أن تعرف أكثر مما تريد السلطة، ولجأت لعدو الاستبداد الأول .. الكِتاب.
عندما تخيف المثقفين تأتيك الدولةُ كلها جاثية على ركبتيها، وعندما يرى المثقفُ السوطَ في يد السلطة فعليه أن يختار بين الأبيض والأسود وليست هناك ألوان بين الاثنين.
والمثقف الخائفُ أكثر خطرا على الأمة من آلاف من عامة الشعب، فهو يستطيع أن يبرر لسعة السوط، وأن يشكك في رواية محمد الشرقاوي عما حدث له داخل السجن، وأن يفرمل الغضب الجماهيري، وأن يقوم بتلميع أشد القوانين تخلفا واستبدادا.وأن يحتفظ في درج مكتبه بتقارير منظمة العفو الدولية وكل منظمات حقوق الانسان ولا يكشفها أملا في ذاكرة باهتة للقراء.

والمثقف الخائف كالجاسوس النائم فهو رهن اشارة الكبار عندما يحتاجونه، وقادر على التقليب في أرشيف معلوماته بدقة متناهية.ويستطيع أن يكتب لك في أقل من ساعة مقالا عن تجديد شباب الحكم ممثلا في ابن الطاغية، بل يمكنه أن يُرَكّب أجنحة ملائكة للشياطين، وأن يضع قرونا من شواظ من نار فوق رؤوس الملائكة.

والمثقف الخائف يتميز بأنه الأقل شأنا في نظر ضباط الأمن، والعصا الاحتياطية لدى جلاوزة التعذيب، وعين السلطة على زملائه، واليد المرتعشة التي يحركها الخوف من غضب أسياد القصر ومعارفهم وأزلامهم ورجالهم.
والمثقف الخائف لا ينتفع بعلم، ولا ينفع الآخرين إلا كما ينفع القاموس في المعرفة لكنه لا يغني عن الشرح والموسوعات والتفسيرات والاجتهادات والحوارات.
والمثقف الخائف يعطي الروحَ الأرنبية للجماهير نفحةَ الرعب، ويزيدها التصاقا بالأرض، ويمنع عنها التحليق في السماء، ويمدها بأمل كاذب في تغييرات قد لا تلامس الواقع إلا بعد أجيال بائسة.

والمثقف الخائف يحاوره مذيعون خائفون في قناة تلفزيونية ترتعش شاشتها ويقرأ القائمون عليها الفاتحة على أرواحهم قبل الارسال خشية أن يغضب سيّدُ القصر على خطأ غير مقصود يمس من بعيد أحد صغار الكبار القريب من أحد كبار الكبار.
والمثقف المصري هزمته وسائل الإعلام، والولاية الخامسة، والتوريث المرتقَب، وتجديد قوانين الطواريء، ومنع المظاهرات، واحتقار الكلمة، واعتبار ما يتم نشره في كشف الحقائق غثاء وثرثرة لن يكترث لها سيد القصر حتى لو أغرق ممدوح إسماعيل المصريين كلهم في ( عَبّارة ) واحدة.
المثقف الخائف يقرأ، ويتابع، ويعرف أكثر من غيره، ويخدع نفسه عندما يظن أن الوقت غير مناسب لروح التمرد والشجاعة والحقيقة والوعي وفضح الزيف.
المثقف المصري أمام امتحان عسير، وهو يخفي وجهه بين يديه خشية أن يَطّلع على كارثة لن تبقي ولن تذر، فالوطن كله بما فيه الأهل والأحباب والأصدقاء والتاريخ والذاكرة والثروات والخيرات تباع في مزاد منذ ربع قرن، ويستعد ابن أكبر طغاة العصر في الامساك بحبل متين نهايته الأخرى ملفوفة حول رقابنا.
خمس ولايات أكثر سوادا وظلمة وظلاما من أحط فترات التاريخ المصري منذ بناة الأهرام، ومستبد متكبر وطاووسي ولا يسمع إلا صوت نفسه وشيطانه وأبالسته الصغار الملتفين حوله.
يُعِد على مرأى ومسمع منا جميعا ابنه لحكم البلد بعده، ولكن المثقف المصري المزيف للواقع، والمشترك في جريمة الصمت يؤكد أن جمال مبارك لن يصل إلى الحكم على الرغم من أنه يحكم مصر الآن.
هل يمكن فعلا أن يكون في الاستبداد سحر عجيب يمس الرغبة في السكون والاذلال والمهانة والضعف والتواكل، فنأتيه كلنا كأننا أغنام تطيع عصا راعيها بغريزة الخوف والالتصاق الجماعي؟
أخشى أن يعد الرئيس مبارك ضربة العمر في عمل ارهابي يخيف الناس من أي حكم قادم، ثم تعقبه حملة اعتقالات، فتأتي بعد ذلك رغبة علنية في انتخابات مبكرة وذلك بعيد تعيين جمال مبارك أمينا عاما للحزب الوطني الحاكم، ليستعد منافقو الحزب وهتيفته تحت قبة البرلمان لترشيحه ممثلا لحزب الأغلبية.
لماذا لا يشعر المثقف المصري بأهمية الأمانة الملقاة عليه، وأن مهمته الوحيدة هي انقاذ وطنه وأهله ومستقبل أولاده فكل الدلائل تشير إلى أن مجاعة وفوضى واقتتالا داخليا سيعم مصر إن أكمل الشاب مهمة ذبح الوطن التي بدأها والده الطاغية، خاصة وأن سبعمئة ألف جندي وضابط شرطة تنفق عليهم الدولة أموال الشعب قادرون على جعل مصر كلها ساحة تعذيب ومعتقلا كبيرا.
ينبغي أن تتوقف كل الاهتمامات الأخرى للمثقف المصري، ويختار ما بين التصفيق لنهب وذبح واغتيال وطن، أو انقاذه قبل أن يسبق السيف العذل.
والمثقف الخائف ينتحر مع كل كلمة يخفيها، ورأي حر يحتفظ به لنفسه، ودور ثانوي فئراني يظنه قدرَه وقضاءَه وينتظر أن تتولى العناية الالهية مهمتَه في نشر الوعي، ومطاردة الأكاذيب، وكشف أوراق التزوير في وطن يئن ويتوجع .يبقى الأمل في تلك القلة الشجاعة التي لا تزال تنزف ألماً ووجعا من أجل انقاذ وطن وتحرير أمة.


محمد عبد المجيد
رئيس تحرير طائر الشمال
أوسلو النرويج



#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)       Mohammad_Abdelmaguid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معذرة ... لكنني لا أتحدث في الدين
- بل ستسمع الموسيقى والغناء رغم أنفك
- حرمة تحريم الموسيقى والغناء
- نشرة الأخبار يقرأها عليكم حمار
- الأرض بتتكلم عبري ... دعوة عربية لحماية إسرائيل
- أيها اللبنانيون: نلطم وجوهنا دفاعا عنكم
- الرئيس السوري يصاب بالصمم .. القيادة السورية تصاب بالشلل
- تأجيل الانتفاضة المصرية ... حكاية لم تنته بعد
- لماذا يعادي المسلمون العقل ؟
- الحوار الأخير بين رئيس يحتضر و ... رئيس يرث
- أمريكا تطبع قُبلة على جبين العقيد
- الله يخرب بيتك يا ريس
- حوار بين حر سجين و ... سجين حر
- رسالة مفتوحة إلى نشطاء ( كفاية ) .. الانتفاضة أو الطوفان
- رسالة إلى محمد الشرقاوي .. أحزانك أشرف من أفراحنا !
- إبليس يتنازل للعراقيين عن المهمات القذرة
- سيدي الرئيس ... أرجو أن تبصق في وجوهنا
- أيها المصريون.. نعم أنا نذل، وسنغتصبكم فردا .. فردا
- الرئيس مبارك: نعم أنا جبان، فماذا أنتم فاعلون؟
- سيدي الرئيس ... أنت جبان


المزيد.....




- أجبرهم على النزوح.. أندونيسيا تصدر تحذيرا من حدوث تسونامي بع ...
- التغير المناخي وراء -موجة الحر الاستثنائية- التي شهدتها منطق ...
- مصر.. رجل أعمال يلقى حتفه داخل مصعد
- بوركينا فاسو تطرد ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين
- أسباب تفوّق دبابة -تي – 90 إم- الروسية على دبابتي -أبرامز- و ...
- اكتشاف -أضخم ثقب أسود نجمي- في مجرتنا
- روسيا تختبر محركا جديدا لصواريخ -Angara-A5M- الثقيلة
- طريقة بسيطة ومثبتة علميا لكشف الكذب
- توجه أوروبي لإقامة علاقات متبادلة المنفعة مع تركيا
- كولومبيا تعرب عن رغبتها في الانضمام إلى -بريكس- في أقرب وقت ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمد عبد المجيد - انتحار المثقف المصري