أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ثائر دوري - التفجع على خمسينيات القرن العشرين














المزيد.....

التفجع على خمسينيات القرن العشرين


ثائر دوري

الحوار المتمدن-العدد: 1661 - 2006 / 9 / 2 - 08:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يومياً تجد أمامك متحدثاً من المسنين يتفجع على الماضي القريب ، و بالتحديد على فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية ، أي خمسينيات القرن العشرين . فيقارن وضعنا اليوم مع وضعنا في ذلك الوقت . فإذا أخذت الأمور بظواهرها فإن هذا المتفجع على مرحلة الخمسينيات محق ، حيث كما يقولون كنا مستقلين . و اليوم عدنا نخضع للاستعمار العسكري المباشر ، إما بصيغة احتلال عسكري أو بتواجد قواعد عسكرية في بلداننا تجعلها محميات أو شبه محميات ، حيث يعرف مواطنو ذلك البلد أن بلدهم يدار من سفارة تلك الدولة أو من داخل حدود القاعدة العسكرية .
لكن إذا تجاوزنا سطح الأشياء ففحصنا الأشياء بفكر نقدي عنها علينا أن نسأل سؤالاً بسيطاً لكنه جد هام :
- هل حقاً كنا مستقلين في الخمسينيات و أصبحنا اليوم مستعمرين ؟
أجاب نهرو عن هذا السؤال بإحدى قمم عدم الانحياز المبكرة. فقال :
(( إن كثيرين من أصدقائنا هنا يتكلمون عن الحرية والاستقلال كثيرون خصوصاً من رفاقنا في أفريقيا... إنني عددت كلمة (الحرية والاستقلال) في كلام ممثلي الحركة الشعبية في كينيا وروديسيا فإذا هي كثيرة.. كثيرة جداً المندوب المحترم من كينيا كررها تسع عشرة مرة ومندوب روديسيا كان أكثر تواضعاً فقد كررها ست عشرة مرة فقط. ليس بين الذين سمعتهم -أمس واليوم- من لم يكررها عشر مرات على الأقل.
أريد أن أسالكم ماذا نعرف عن الحرية والاستقلال ؟ ماذا تعرفون عن الحرية والاستقلال؟
إذا تصورنا إنها إعلان المستعمر القديم بأنه سوف يسحب حامياته من أراضينا ثم يُوقع معنا قصاصة ورق ، فهذا هراء لأن ذلك سهل وهم على استعداد لان يفعلوه غداً، ولكن ماذا بعد؟ هل سألتم أنفسكم هذا السؤال؟
قلت لكم أنكم تثيرون فزعي لأنكم لا ترون ما هو أبعد من موقع أقدامكم تشغلون أنفسكم باللحظة التي مضت وليس باللحظة القادمة. تطلبون الاستقلال حسناً، وتطلبون الحرية، حسناً أيضاً، سوف يعطونكم ما تطلبون، وسوف يوقعون معكم على قصاصات ورق، لم يعد في ذلك شك لأسباب كثيرة أولها أنه لم يعد في مقدورهم أن يسيطروا عليكم بقوة السلاح ولسبب ثانٍ بعده هو أنهم لم يعودوا راغبين في السيطرة عليكم بقوة السلاح.
إن انتشار الأسلحة الصغيرة بعد الحرب الكُبرى الأخيرة جعلكم أقدر على المقاومة المسلحة واختلاف أوضاع العالم جعلهم في غني عن استعمال السلاح.إذن فإنهم سوف يتنازلون (قالها بسخرية) ويوقعون معكم قصاصات الورق حسناً، ماذا بعد ذلك؟ ))

لكن الاستقلال الحقيقي لم تحصل عليه دول العالم الثالث لأن مواردها و اقتصادها بقيت بيد المستعمر السابق ، الذي رتب الأوضاع الجديد بحيث ينسحب إلى خلف ستارة المسرح و يلعب دور الملقن للذين يمثلون أدوار رؤساء دول مستقلة ، فيملي عليهم النص كاملاً . يتابع نهرو :

((سوف تتولون المسؤولية- سوف تجدون أنفسكم رؤساء لشعوبكم لديكم قصور الرئاسة ولديكم حرس وناس، ولديكم سيارات رئاسة وربما الطائرات ليس هذا هو المهم!
هل ستجدون لديكم سلطة رئاسات؟ لست متأكداً!
سوف تجدون لأنفسكم سلطة على رعاياكم ولكن لن تجدوا سلطة على غيرهم. رعاياكم سوف يطلبون منكم (جوائز) الاستقلال ومن حقهم أن يتوقعوا تحسن أحوالهم بعد الاستقلال: فهل لديكم ما تعطونه لهم؟
أشك كثيراً. لماذا؟ لأنكم جميعاً منهوبون ومواردكم نهبت فعلاً أو هي مربوطة بنُظم دولية تواصل عملية نهبها. وإذا لم تكن لديكم سلطة غير سُلطتكم على رعاياكم، وإذا كان هؤلاء سوف يطالبونكم بما سوف تكشفون أنه غير موجود، فماذا سوف تفعلون؟ تغيرون اتجاه سلاحكم من أعدائكم القدامي إلى أعداء جدد سوف ترونهم داخل بلادكم؟))
و يلخص نهرو الوضع و نتائجه . قائلاً :
«إن مستعمريكم السابقين رتبوا أنفسهم قبل أن يوافقوا على الاستقلال وأقاموا أوضاعا جديدة تستبدل أعلامهم القديمة بأعلامكم الجديدة، ولكن هل سيغير هذا من واقع الأمر شيئاً؟ سوف تجدون أنفسكم أمام مشاكل، وسوف يندفع بعضكم إلى أن يطلب من صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي قُروضاً، فهل سألتم أنفسكم من هؤلاء الذين يسيطرون على صندوق النقد الدولي وعلى البنك الدولي؟
نفس جلاديكم السابقين أخشى أن أقول لكم، أي أنكم سوف تذهبون إلى الأسياد القدامى طالبين منهم أن يساعدوكم على مسؤولية الاستقلال. وأي وضع هذا الذي يستنجد فيه الضحية بالجاني حتى يساعده على تلافي آثار جريمته. جريمة الاستعمار لن تصححها قروضه وإنما سوف تزيدها سوءاً ))
و قد حدث كل ما تنبأ به نهرو بحذافيره فعاشت الشعوب على أوهام الاستقلال ، الذي لم تملك منه سوى العلم و النشيد الوطني و شركة الطيران و فريق كرة القدم ، ردحاً من الزمان ، ثم اكتشفت أن شروط حياتها قد تدهورت دون أن تدرك أنها لم تحز استقلالها بعد لأن الغرب بقي مسيطرا على مواردها و تجارتها بل و حتى نخبها . فتخبطت شعوب العالم الثالث ردحا آخر من الزمن حتى اكتشفت هذه الحقيقة فوجهت بنادقها صوب المستعمر السابق محاولة أن تحصل استقلالها الحقيقي فكان أن رد عليها الغرب بعودته للاستعمار العسكري المباشر . و بالتالي انزاحت عن عيون الشعوب أوهام استقلال ما بعد الحرب العالمية الثانية و دخلنا بمرحلة تمتاز بالوضوح الشديد ، وضوح العدو ، و وضوح الطريق للخلاص من سيطرته . و هو وضوح يخدم الشعوب لأنه لا يدخلها في متاهات جانبية كما أنه نزع عنها أوهام الاستقلال التي غرقت بها عقوداً .
إن مرحلة الخمسينات كانت مرحلة أحلام أكثر منها حقائق ، كان هناك مشروع للتحرر لكنه انتكس سريعا بسبب ضعف أدواته و قلة الوعي بالعالم المحيط بنا مما جعل كثير من النخب تغرق بالأوهام التي شرحها نهرو بدقة . كان هناك نيات طيبة و مد جماهيري لكن كان ينقصه الكثير ذاتيا و موضوعياً.






#ثائر_دوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خمس قوى في مركب واحد
- معنى استعادة قناة المنار لنشيد -الله أكبر فوق كيد المعتدي -
- المقاومة تعيد الاعتبار للإنسان أمام الآلة
- الفرق بين الصيد في المياه العكرة و المياه الصافية
- استبداد أم احتلال ؟
- من سيحاسب من في لبنان ؟
- مع المقاومة تحت أي راية كانت
- ولادة العربي الجديد
- قنابل نووية يدوية الصنع
- الإرهابي هو كل من يعارض مصالحنا
- تلفيقات فكرية سورية
- تيمور الشرقية قصة نفطية نموذجية
- خرافة الاستعمار الجيد
- العدوان الإمبريالي على العرب بين -القوة الناعمة -و -القوة ال ...
- مصر على مفترق طرق التغيير
- التدمير المنهجي للزراعة في العالم من العراق إلى الهند
- حكاية الذئب الأمريكي الذي يجب أن يغير طبعه
- قديم بملابس جديدة . جديد بملابس قديمة
- العطب الأخلاقي للحضارة المعاصرة
- صورة بالأشعة السينية للنظام العالمي القائم


المزيد.....




- استطلاع يظهر معارضة إسرائيليين لتوجيه ضربة انتقامية ضد إيران ...
- اكتشاف سبب غير متوقع وراء رمشنا كثيرا
- -القيثاريات- ترسل وابلا من الكرات النارية إلى سمائنا مع بداي ...
- اكتشاف -مفتاح محتمل- لإيجاد حياة خارج الأرض
- هل يوجد ارتباط بين الدورة الشهرية والقمر؟
- الرئيس الأمريكي يدعو إلى دراسة زيادة الرسوم الجمركية على الص ...
- بتهمة التشهير.. السجن 6 أشهر لصحفي في تونس
- لماذا أعلنت قطر إعادة -تقييم- وساطتها بين إسرائيل وحماس؟
- ماسك: كان من السهل التنبؤ بهزيمة أوكرانيا
- وسائل إعلام: إسرائيل كانت تدرس شن هجوم واسع على إيران يوم ال ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ثائر دوري - التفجع على خمسينيات القرن العشرين