أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - كاترين ميخائيل - التاريخ يتكلم الحلقة 26 المراة الكردية تقود المسيرة الى تركيا














المزيد.....

التاريخ يتكلم الحلقة 26 المراة الكردية تقود المسيرة الى تركيا


كاترين ميخائيل

الحوار المتمدن-العدد: 1661 - 2006 / 9 / 2 - 09:39
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    




بدأنا محاولتنا الثانية للدخول, حيث نظمنا مجموعة من النساء حاملات اطفالهن طالبات الرأفة من الجندرمة الاتراك. قال احدهم بلغة كردية ركيكة: اسمح بالدخول فقط للاطفال والنساء ليرضعوا اطفالهم, وفي الليل. واشار بان اقوم انا بقيادتهن, ولكن صبر الجميع كان قد نفذ, ومن بينهم بعض النسوة اللاتي طالبن بالهجوم على الجندرمة والاستيلاء على اسلحتهم والدخول عنوة! فيما يحاول البعض الاخر تهدئة الخواطر. ووسط هذا الهيجان اقترب هدير طائرات الهليوكوبتر, ماذا سيحصل لو استخدمت نيران الدوشكا؟ سوف تحصد الارواح بالمئات, ولكن تبين انها للاستطلاع والتصوير. اثناء ذلك بادر الجميع الى تلاوة الشهادة, انها لمجزرة رهيبة ستجري خلالها انهر من الدماء لو قامت الطائرات تلك بالهجوم الفعلي. كنا في العراء هدفا سهلا في مرماها. هبطت الطائرات الى مستوى منخفض جدا يوحي ببدء عمليات الابادة مما جعلنا نتسمر في مواضعنا ننتظر حصاد الموت, وجل ما كان يقلقنا بعد ان اهملتنا الطائرات تلك انه قد يكون هناك اتفاق بين الحكومة العراقية والتركية تقوم بموجبه الاخيرة بالقبض علينا ثم تسلمنا الى السلطات العراقية, كان الموت في هذه الحالة ارحم لنا.
اخرجنا قليلا مما بحوزتنا من خبز واطعمنا الاطفال, اكثر ما يذهل المرء هو سرعة تكيف اولئك الناس مع تلك الظروف القاسية والمأساوية. بادرت العوائل, بسرعة, الى فك حمل الحيوانات, وبدأت النسوة اعداد العجين وتهيئة خبز الصاج وخلال ساعة واحدة كان كل شيء مهيأ تماما, والملفت للنظر ايضا ان النساء شاركن الرجال في اداء الصلاة بعد التيمم بالتراب وعند سؤالي اذا كان ممكنا ذلك دون اغتسال, حيث العادة عند المسلمين التوضؤ بالماء قبل الصلاة, فهمت ان (التيمم) عند السفر والحالات التي لا يتوفر فيها الماء مقبول, فيتم التوضؤ بالتراب بدلا عن الماء.
لا زال عويل الاطفال يختلط بنباح الكلاب, والضجيج يتعالى من ذلك الجمع الغفير, والكل يبتهل الى الله ان تحل ساعة الفرج للسماح لنا بدخول الارض التركية, ومع حلول الليل اشار الينا الاتراك بالدخول, فكانت فرحة عظيمة وكأن باب الجنة انفتح لنا, ليتدفق بشر (بعرض ما يقارب الكيلومتر) بالالوف المؤلفة من الكتل البشرية, واستمرت بالدخول من المساء حتى صباح اليوم التالي, ولم يسمح لنا بايقاد نار بالرغم من البرد القارص, لوجود ربايا عراقية قريبة مطلة علينا (الربية نقطة عسكرية للجيش العراقي متمركزة فوق قمة الجبل مزودة بالسلاح الثقيل), روادتنا بعض الطمأنينة فلا طائرات تلاحقنا ولا مدفعية تقصفنا, ارخينا حمولة الحيوانات واخرجنا ارغفة الخبز لنقتات بها, وافترشنا الارض بالرغم من برودة الجو, النساء يحمدن الخالق على نجاتهن من الموت ولكن الاطفال الرضع يصرخون طلبا لثدي يدر عليهم الحليب فيملأ اجوافهم الخاوية, ولكن من اين لاولئك الامهات ان يحققن لهم ذلك, فحتى لو توفر الحليب في اثدائهن فان الخوف والهلع قد افسده واحاله الى سائل مسموم.
نهضت النساء مبكرات لاعداد الخبز, كل عائلة اصطحبت معها ابريق متفحم للشاي مع بضعة اقداح ووعاء مسطح معدني (صاج) لاعداد الخبز مع قدر, وكلها قد غطتها طبقات سوداء نتيجة تعرضها للدخان. بعد اعداد الخبز والشاي كان الكل يستعد للرحيل يحمدون الله ويشكرونه على نجاتهم, وتبدأ عملية البحث عن الاطفال والتقليد المتبع حينما يضيع طفل ان تحتضنه العوائل الاخرى, اذ كان يجري توحيد العوائل, الاجداد والاحفاد والام والاب, ومن ثم العوائل ضمن العشيرة الواحدة, انها التقاليد الشرقية حيث النظام العشائري القديم. القبيلة تعيش مع بعضها, وفي الظروف الصعبة تتقوى اواصر العلاقات وتتكاتف لمواجهة الصعاب, فيخفف ذلك من وطأة المصائب التي تواجهها. وللاكراد مقولة معروفة في مثل تلك الظروف مفادها (اما ان نموت معا او نعيش معا) وتسير القافلة باكملها في مقدمتها الرجال يقتادون البغال والنساء مع الاطفال, برفقة الابقار والاغنام وكلاب الحراسة, وهكذا يتوالى الموكب, كل قبيلة تشكل مجموعة, ضمن الزحف المتحرك داخل الاراضي التركية. وبينما نحن ضمن الاراضي التركية سمعنا هدير الطائرات المقاتلة العراقية التي اوقعت الرعب والهلع في صفوف ذلك الجمع الزاحف لكننا اطمأنينا عندما علمنا بان الطيران العراقي لا يجوز له الاغارة علينا ونحن في الاراضي التركية.
كنا في الليل نواجه بردا قاسيا, ونحن لا نملك ما نرتديه غير ما نتدثر به من الملابس الصيفية وننتظر بفارغ الصبر قدوم النهار. فنواصل مسيرتنا دون توقف حتى السادسة مساء, حين نصل الى كلي فيه الاف من العوائل والاف البهائم وقد اوقدوا النيران.
كنا متعطشين للدفء والى ارتشاف الشاي قبل ان نفكر بالاستجابة لنداء امعائنا الخاوية, بدأ القوم بذبح الاغنام واشعال نيران قوية لاعداد الطعام, وهنا تتجلى بأوضح صورة مدى طيبة واصالة اولئك القرويين, ويبرز في تلك اللحظات نكران الذات الممزوج بالنخوة والشهامة ونبذ الانانية. فبدأ الناس بتوزيع الحليب الذي تدره عليهم ابقارهم واغنامهم على العوائل والاطفال الذين ليست لديهم ماشية او موارد, وساعد في تغطية تلك المتطلبات وفرة المرعى في ذلك المكان مما سهل توفير الحليب. كذلك فان البقاء المؤقت في تلك البقعة وعدم معرفة اسباب الاستقرار القريب جعل الكثيرين يذبحون ماشيتهم ويقدمونها طعاما مشتركا. وكان اسلوب تكاتف جماعي يدعو الى الفخر والاعتزاز, وفي ظروف كتلك كان لا بد لعامل البيئة ان يلعب دوره, فبدأت الامراض تتفشى بيننا, الاسهال والرشح والتهاب القصبات, فضلا عن الامراض الجلدية وشبح الموت يحوم حول الاطفال الرضع والمسنين.
الي اللقاء في الحلقة القادمة



#كاترين_ميخائيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التاريخ يتكلم الحلقة 25 الانفال في بهدينان
- التاريخ يتكلم الحلقة 24 ام سربست
- التاريخ يتكلم الحلقة 23 حلبجة الشهيدة
- التاريخ يتكلم الحلقة 22 المراة في الجيش العراقي
- التاريخ يتكلم الحلقة 21 السيدة زينب
- التاريخ يتكلم الحلقة 20 الشهيدة عبير
- التاريخ يتكلم الحلقة 19 المالكي في واشنطن
- التاريخ يتكلم الحلقة 18 ام محمد
- التاريخ يتكلم الحلقة 17 هل المراة العراقية جديرة بقيادة البل ...
- التاريخ يتكلم الحلقة 16 هيا الوطن في خطر
- التاريخ يتكلم الحلقة 15 بنت الشهيدة امال
- التاريخ يتكلم 15 الشهيدة امال
- التاريخ يتكلم الحلقة 14المراة الكويتية
- التاريخ يتكلم الحلقة 13 المؤنفلات
- التاريخ يتكلم الحلقة 12 لميعة عباس عمارة
- التاريخ يتكلم الحلقة 4 - الطبيبة
- التاريخ يتكلم الحلقة 11 الرياضة
- التاريخ يتكلم الحلقة 10 الاعلام
- التاريخ يتكلم الحلقة 9 الفن
- من الدكتورة كاترين ميخائيل الى رئيس الوزراء المالكي المرآة ا ...


المزيد.....




- مقتل امرأة وإصابة آخرين جراء قصف إسرائيلي لمنزل في رفح جنوب ...
- “لولو بتدور على جزمتها”… تردد قناة وناسة الجديد 2024 عبر ناي ...
- “القط هياكل الفار!!”… تردد قناة توم وجيري الجديد 2024 لمشاهد ...
- السعودية.. امرأة تظهر بفيديو -ذي مضامين جنسية- والأمن العام ...
- شركة “نستلة” تتعمّد تسميم أطفال الدول الفقيرة
- عداد جرائم قتل النساء والفتيات من 13 إلى 19 نيسان/ أبريل
- “مشروع نور”.. النظام الإيراني يجدد حملات القمع الذكورية
- وناسه رجعت من تاني.. تردد قناة وناسه الجديد 2024 بجودة عالية ...
- الاحتلال يعتقل النسوية والأكاديمية الفلسطينية نادرة شلهوب كي ...
- ريموند دو لاروش امرأة حطمت الحواجز في عالم الطيران


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - كاترين ميخائيل - التاريخ يتكلم الحلقة 26 المراة الكردية تقود المسيرة الى تركيا