أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مازن كم الماز - خيارات الشرق الأوسط الجديد















المزيد.....

خيارات الشرق الأوسط الجديد


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 1660 - 2006 / 9 / 1 - 10:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


شاءت الظروف أن ألتقي ببعض الفيليبينيين من مينداناو, القسم الجنوبي المسلم من الفيليبين..كان بعضهم من المسلمين و بعضهم الآخر من المسيحيين..ذكرتني الأحاديث التي سمعتها منهم بحالة الوضع في الشرق الأوسط و في العالم..بين خطاب استيطاني تبشيري و خطاب مقاوم تقليدي..قال لي صديقي المسيحي أن إدعاء المسلمين أن أرض مينداناو لهم إدعاء سخيف..فعندما جاء الأسبان بالمسيحيين إلى المنطقة وجدوا أناسا كسالى يهملون أرضهم فلا يزرعونها و يتركونها نهبا للنباتات الطفيلية.
وجدوا الكثير من الأرض البور فقاموا باستثمارها و زراعتها و أصبحوا بذلك أحق بها منهم..أولئك الكسالى الذين تركوا الأرض و أهملوها و يطالبون الآن بها ليعيدوها سيرتها الأولى..المسلمون يملؤهم الإحساس بالغبن بالظلم و بالغضب..يريدون استعادة أرضهم و إخراج المستوطنين الذين جاؤوا مع الغزاة..الخطاب الاستيطاني التبشيري بدأ مع الاستعمار الأوروبي الأبيض و بلغ تجسيده المتكامل مع إدعاء الأمريكي الأبيض مشروعية تهجير و قتل الهنود الحمر و بالتالي القضاء على شعب و حضارة بأكملها مدعيا أن هذا من منطق التقدم في تطبيق أنموذجي لموضوعة البقاء للأقوى الداروينية اجتماعيا.. الأوروبي الأبيض و من بعده الأمريكي الأبيض ادعى أنه يحمل رسالة الحضارة إلى العالم..كان هذا هو المبرر الذي ادعاه الغرب الرأسمالي ليسوغ استعماره لسائر العالم "المتخلف"..بالنسبة لمنطقتنا تلعب إسرائيل دور المستوطنين المسيحيين أو البيض في جنوب أفريقيا..يعلن الغرب غضبه بكل قوة إزاء ممارسة الاستيلاء على أراضي البيض في زيمبابوي فهذا بالنسبة لخطابه التبشيري تطفيش للبيض المجتهدين و إعاقة التقدم المرتبط بالرجل الأبيض و سيادته و رسالته و بذات الغضب تواجه تصريحات نجاد الداعية لإزالة إسرائيل فالاستيطان و الاستعمار, نشر الحضارة بالقوة كما يدعي الغرب , هو طريق التقدم الوحيد للعالم الذي ما يزال متخلفا بمقاييس الغرب الرأسمالي..برر الغرب الرأسمالي كل وسيلة في سبيل تحقيق سيطرته الكونية فإلقاء القنبلة النووية على اليابان قرار مبرر وفق منطق الخطاب الاستيطاني التبشيري مثلما كانت كل ممارسات المخابرات المركزية في فترة الحرب الباردة من انقلابات دموية في كثير من دول العالم و مؤامرات و اغتيالات و شراء للضمائر و الذمم فهزيمة الغرب الرأسمالي هي هزيمة للحضارة للتقدم البشري..أما ماذا الذي ينتظرنا إذا انتصر مشروع الشرق الأوسط الأمريكي الجديد ؟ أرجو منكم العودة قليلا إلى الوراء إلى يوغسلافيا في فترة سقوط نظام الستالينية البيروقراطي في أواخر الثمانينات من القرن المنصرم..كان السقوط المدوي لنظام البيروقراطية الحاكمة قد أطلق العنان لشتى أشكال التناقضات الأثنية الدينية في المجتمع و سرعان ما اتخذت شكل الصراع المسلح شكل التصفية الأثنية و الدينية..قررت الإدارة الأمريكية في البداية إدعاء الحياد بين القاتل و الجلاد حتى أصبح نهر الدم كاف لتكريس التفرقة و الكراهية بين أثنيات المنطقة و معتنقي مختلف الأديان فيها ثم طرحت مشروعها الخاص للمنطقة الذي يقسمها بشكل "عادل" بين هذه الأثنيات و الذي يجعل الأمريكي و بشكل ثانوي الأوروبي حكما و وسيطا و حاميا للاستقرار و الأمن للجميع و ضمانة للديمقراطية أي قائما برسالته التبشيرية ضمن عملية بناء لواقع سياسي إقليمي يكرس سيطرته على المنطقة..في العراق تكرر ذات المشهد مع سقوط نظام الديكتاتورية الذي تم هنا بيد القوات الأمريكية التي أضافت حرب تحرير العراق إلى رصيدها من حروب "تحريرية"..كان النظام كحال نظام البيروقراطية الستاليني قد همش الحراك السياسي للمجتمع و ألغى الفعل المستقل للجماهير و بسط سيطرته أمنيا عليه فارضا مفهومه الدوغمائي عن القومية على أنه المسوغ الفكري لشرعية النظام كممثل عن الشعب عن الأمة و دعوات الوحدة و التحرر الوطني و القومي التي حولتها البيروقراطية إلى مبرر قهرها و قمعها للمجتمع..كانت مؤسسات النظام البيروقراطية وحدها تمارس الفعل في هذا المجتمع و عندما سقطت لم يتبق للمواطن سوى البنى التقليدية ليلتجأ إليها..تم استبدال البيروقراطية الحاكمة بالقيادات الطائفية العشائرية و بقايا البيروقراطية الحاكمة التي جرى السعي لدمجها بالمشروع الأمريكي و أصبح نظام المحاصصة الطائفي هو النموذج العراقي لشكل الديمقراطية الذي يراد تعميمه عربيا..دخل العراق في مرحلة احتقان طائفي و من ثم حرب أهلية يروح ضحيتها الناس العاديين من كل الفئات و الطوائف فيم سيطرت القيادات التقليدية و السياسية الموالية و تقاسمت خيرات البلد في فساد غير مسبوق تجري تغطيته ببنى سياسية تدعي التمثيل الشعبي فيما هي تشكل أساس المحاصصة الطائفية و المذهبية..إذا فهذا الشكل اليوغسلافي المعاد إنتاجه عراقيا و لبنانيا هو جوهر و مضمون المشروع الأمريكي لشرق جديد يتولون إدارته بسهولة عبر قيادات تقليدية أو سياسية موالية من بقايا البيروقراطية و قيادات البنى التقليدية الطائفية و المذهبية و العشائرية في ظل احتقان طائفي و مجتمعي يلعب الأمريكي دور الحكم فيه و المتحكم بأمور البلد و المنطقة كضمانة للأمن و الاستقرار..الشعب العراقي الآن في أقصى حالات تهميشه و استلابه و نهب ثرواته و إفقاره عدا عن استخدامه وقودا لحرب لا منتصر فيها..

الخطاب المقاوم تجسد منذ أول حالة اصطدام بالمشروع التبشيري الاستعماري بالخطاب الفكري التقليدي الذي مثل حالة الدفاع عن الذات عن الهوية الوطنية في مواجهة تقدم الاستعمار الغربي..ظهرت فيما بعد قوى اجتماعية وجدت تعبيرها السياسي و الفكري في التيارات القومية التي رفعت شعارات الاستقلال و بناء الدولة الوطنية القوية المتقدمة..تجسدت هذه القوى في أنظمة استخدمت هذا الخطاب لكي تنفصل عن المجتمع و تقمع أية معارضة باسم بناء الدولة القومية و من ثم أصبحت تتحكم بخيرات البلد و كرست سيطرتها على المجتمع عبر أجهزة الأمن و القمع..كانت هشاشة هذا الوضع و خطابه المقاوم الإنشائي هي من تسبب بالهزائم التي بدأت مع نكسة 1967 وصولا إلى سقوط بغداد..كانت قوى اجتماعية و فكرية و سياسية أخرى قد بدأت تمارس العمل المقاوم خارج هذه الأنظمة على يسارها كمنظمة التحرير أو يمينها كالجماعات الإسلامية..تنازل بعضها عن خطاب المقاومة و انضم إلى النظام العربي الرسمي..الواقع أن حالة المقاومة الفعلية تقوم بها الآن على الأرض بشكل أساسي قوى إسلامية كحزب الله أو حركتي حماس و الجهاد الإسلامي..يجب الإقرار بسمة أساسية لقوى المقاومة أو الممانعة و هي صفة العمل وفقا لرد الفعل و غياب أية مشروع شامل مستمد من قراءة الواقع و اعتبار تغييره ثوريا المهمة العاجلة..يكفي أن نتذكر كلمة المرشد العام للإخوان في مصر السيد عاكف حول قيادته 10 آلاف مقاتل لتحرير المقدسات لندرك درجة العفوية و التبسيط في منطق المقاومة السائد و غياب الرؤية الإستراتيجية أو مقاربة الواقع علميا بل و حتى غياب مشروع بديل لواقع الأنظمة و مشروع أمريكا التبشيري الاستعماري..إن غياب الوضوح هذا يعطي المبرر لوجود قوى إسلامية تدخل في إطار المشروع الاستعماري التبشيري و ممثلين آخرين له يدورون في فلك السلطة..سمة أخرى لهذا الخطاب هي إهماله أو عدائه لقضية التقدم و اعتبارها نتاجا للتأثير الغربي و تهديدا للهوية الوطنية مما يعني رفضه لأي حالة نهضوية شاملة لمجتمعاتنا ناهيك عن إدراج مهام التقدم التاريخي في إطار مشروعه الخاص..

كان مشروع اليسار قد انتهى في جزئه المؤثر إلى أنظمة البيروقراطية الستالينية التي انهارت بعدما وصلت إلى طريق مسدود و هو الآن يشكل حقا مقاومة ضارية للعولمة الرأسمالية لكن دون أن يملك بعد مشروع متكامل للتغيير الاجتماعي..و اليسار العربي هو أكثر بؤسا فهو كان ( رغم تضحيات أقسام هامة من اليساريين ) فكريا في حالة من التعثر و التبعية في قراءة الواقع العربي و صياغة البديل..

هكذا يجد المواطن العربي المستلب حاضره و مستقبله رهينة بين أن يعيش في بلد مستباح منهوب لقوى العولمة أو أنظمة القهر و القمع و الفساد و بين خطاب يمثل جمود العصور الوسطى..إن بناء مشروع نهضوي ديمقراطي تغييري و وطني بل و مقاوم مهمة القوى الحية في مجتمعاتنا ليكون بديلا للمشاريع المطروحة التي لا تعبر عن مصالح مجتمعاتنا في التقدم و التحرر



#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المثقف, السلطة و الخارج
- التغيير و الشرق الأوسط الجديد
- العلمانية من جديد
- لا لحشرنا بين حانا و مانا
- قوة المثال اللبناني


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مازن كم الماز - خيارات الشرق الأوسط الجديد