أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - فرصة لتجديد النقاش حول قضية الجولان















المزيد.....

فرصة لتجديد النقاش حول قضية الجولان


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 1659 - 2006 / 8 / 31 - 09:56
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


لم يفوت أحد من خصوم النظام السوري ونقاده، في لبنان على وجه الخصوص، فرصة إبراز مفارقة في الخطاب والسلوك السياسي السوري بعد الحرب الأخيرة: إطراء المقاومة في لبنان وعدم الاقتداء بها في الجولان. كان لسان حالهم يقول: إذا كانت المقاومة هي السبيل إلى تحرير الأرض المحتلة فإن الجولان أولى بها. صيغت المواقف هذه في قالب مماحكات سجالية، الغرض منها التعريض بالنظام وليس الاهتمام المتجرد بالجولان، لكنها تصلح مناسبة للتفكير في قضية الجولان وإطلاق نقاش حول سبل استرجاعها.
نسوق ثلاث نقاط في هذا السبيل:
1- ليس من مصلحة سورية الدخول في حرب تقليدية مع إسرائيل، بالنظر إلى موازين القوى الراهنة المختلة جدا لمصلحة المحتلين.
2- من المرجح أن تأثير سوريا على "حزب الله" بات أضعف بعد انتهاء الحرب؛ الحزب ذاته سيكون تحت رقابة دولية ومن شركائه في الوطن اللبناني تضيق من هامش حركته.
3- نفترض أنه لا مجال لنسيان الجولان المحتل، ومن المحتمل أن يواجه النظام ضغوطا داخلية متزايدة من أجل استرجاعه.
فلندقق في هذه النقاط الثلاثة.
لماذا، بداية، لا مجال للحرب؟ خوضها سيضع قضية الاحتلال الإسرائيلي للجولان على جدول الأعمال الدولي والإقليمي. لكن بالمقابل في مواجهة بين جيوش نظامية الغلبة للأقوى سلاحا وتنظيما وموارد، أي للمحتل. وإذا بادر الطرف السوري إلى إشعال حرب من أجل الجولان، فإن احتمال أن يخسر سلطته أكبر من الفوز في الحرب، وإن لم يبادر فستبقى فرص التفاوض متدنية كما كانت طوال السنوات الستة ونصف الماضية التي تفصلنا عن آخر مفاتحة سلمية، سورية إسرائيلية أميركية. هذا مأزق حقيقي: الحرب خطرة، واللاحرب عقيمة.
في النقطة الثانية، سيكون حزب الله قد حول إنجازه القتالي إلى نصر إذا استرجعت مزارع شبعا إلى لبنان. لكن نصرا كهذا هو أيضا بداية إدماجه في النظام السياسي حزبا كغيره، لا يشارك الدولة في صلاحياتها السيادية. النصر هذا سيضغط على سوريا من جهتين: يفقدها رافعة للنفوذ الإقليمي؛ ويقدم مثالا ناجحا لاستعادة أرض محتلة لا يمكن تجاهله.
قبل ذلك، يبدو أن تأثير سوريا على حزب الله مرشح لمزيد من التراجع، بالنظر إلى أن دورها أصلا "لوجستيكي"، والرقابة المحكمة المتوقعة على توريدات السلاح له، والتي يلحظها قرار مجلس الأمن 1701، تحكم بتهميش هذا الدور، سواء حافظ حزب الله على سلاحه، أو اندرج ضمن النظام السياسي اللبناني.
هناك احتمال جولة جديدة للحرب، يلمح إليها الإسرائيليون منذ الآن. المنطقي أنهم لن يجازفوا بها إلا في إطار خطة مغطاة أميركيا ودوليا، لضمان فرص نجاح أكبر لها. إذا تجدد فشلهم، وهذا غير مستبعد، فإن الهروب إلى الأمام قد يأخذ هذه المرة شكل تفجير حرب إقليمية واسعة. من شأن احتمال كهذا أن "يخلط الأوراق" وراء أي توقع معقول. لكن من شأن اندلاع حرب ثانية أن يكثف الضغوط على النظام السوري، محليا ودوليا.
في النقطة الثالثة، يتساءل من الآن سوريون لماذا لا يمكننا محاكاة فعل حزب الله في الجولان. واليوم لا يمنع شبانا سوريين، متدينين وغير متدينين، من مقاومة إسرائيل في جبهة الجولان غير قوة سلطة الدولة في سوريا قياسا بلبنان، أي قدرتها على احتكار السيادة (وهي المحتكرة للسياسة أصلا). هل سيبقى الحكم السوري قادرا على منع مقاومة مستقلة، في ظل تعذر خوض مواجهة نظامية، بالخصوص إن تراجع تأثيره على الأوضاع اللبنانية (وهذا احتمال أقوى من نقيضه)؟
الواقع أن سوريا تفتقر اليوم إلى الشروط المادية والفكرية لوضع استراتيجية وطنية لاستعادة الجولان. بل إن الأركان السياسية والمعنوية والاقتصادية، فضلا عن العسكرية، لاستراتيجية كهذه تقتضي ما ليس أقل من إعادة نظر عميقة في هياكل النظام السياسية وصيغ تخصيص الموارد الوطنية وسلم الأولويات العام. بعبارة أخرى، لا مجال لاستعادة الجولان دون تغيير جوهري في تكوين سوريا، المادي والمعنوي والسياسي، الذي نعرفه منذ ضاعت الجولان قبل قرابة 40 عاما. جوهر التغيير هذا هو إعادة بناء التفاهم الوطني السوري على أسس جديدة، أكثر عدالة وعقلانية.
غير أنه ربما يكون ثمة مخرج يطل على "أفضل العوالم": يحرك قضية الجولان، ويحافظ على الأوضاع القائمة دون تغيير، بل يجدد شرعيتها: حرب محدودة. هذا أقرب إلى طبائع الأشياء في بلادنا وحولها وفي "الشرق الأوسط". النظام نفسه قد يجد فيه حلا. لكن المشكلة أنه لكي تكون الحرب محدودة ينبغي التفاهم عليها، فإن جرى ذلك كان من غير المحتمل أن يفضي التحريك الناجم عنها إلا إلى استعادة جزئية ومشروطة للجولان، قد لا ترقى حتى إلى ما عرض على سوريا في قمة جنيف ربيع 2000. أما إذا كانت حربا بلا تفاهم، فإنها قد تفلت من أيدي اللاعبين جميعا بنسبة قواهم، من أيدي الأضعف أكثر من غيره. وهو ما يخشاه اللاعبون الرسميون جميعا، بما في ذلك أقوياءهم. هذا لأن انفلات اللعبة قد يعني تحطم لاعبين، وتحرر جمهور مهمش باتجاهات قد تلحق الضرر بمصالح الرسميين المحليين والدوليين.
ثمة أفق مختلف عن كل ما سبق تشير إليها تصريحات وتلميحات إسرائيلية متواترة: إحياء مسار التفاوض السوري الإسرائيلي. معلوم أن وزيرة الخارجية الإسرائيلية عينت موظفا مهمته النظر في إحياء المسار السوري، ويوم الاثنين الفائت تحدث وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي عن التفاوض مع سوريا والاستعداد للانسحاب إلى الحدود الدولية مقابل سلام حقيقي، وبينهما كلام بهذا المعنى لوزير الدفاع الإسرائيلي. تكتسب هذه الإشارات معقوليتها من جنوح جهات إسرائيلية، تحت وطأة إخفاقها اللبناني، إلى اعتبار أن المشكلة الرئيسية اليوم هي جبهة لبنان وحزب الله، وأن حل النزاع مع سوريا، التي تعتبر الحلقة الأضعف، ربما يوفر أفضل الفرص لمواجهة التحدي الكبير في لبنان. أصل خط التفكير هذا معاينة القوة الفعالة لحزب الله، وفي خلفيته النظر إلى قوة الحزب وسلاحه عبر موشور النزاع الغربي الإيراني.
إذا صح هذا التقدير، فقد يدشن انقلابا كبيرا في السياسة الإسرائيلية وفي قراءة الترابطات الإقليمية. في الماضي كانت إسرائيل تعتبر حزب الله وكيلا لسوريا، الخصم الأصيل لها، وكانت سوريا هي التي تحرص على "تلازم المسارين" السوري واللبناني. اليوم، الخصم الأصيل هو إيران، وحزب الله هو الذي قد يخشى فصل المسارين، وسوريا في موقع ثانوي حسب ما يقوله معلقون غربيون وعرب كثيرون. سياسة مبنية على القراءة هذه ستبتغي فك المحور السوري الإيراني، وإعادة سوريا إلى "الصف العربي" المعادي لإيران، بثمن إعادة الجولان.
كيف سيتفاعل الطرف السوري مع هذا الانعطاف المحتمل، الذي لم يكن متوقعا؟ سنرى، إذا كتب للإشارات الإسرائيلية هذه أن تتبلور في مبادرة سياسية واضحة.



#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في نقد الخطاب الانتصاري التخويني
- حرب لبنان بين الليبراليين والقوميين الإسلاميين
- -حب الدبب- والدول المضبوعة
- أقوياء، متطرفون، وقصار النظر
- حالة حرب: محاولة لقول كلام هادئ في وقت عصيب
- سورية والأزمة اللبنانية: حصيلة عامة أولية
- انتصار الدولة والمقاومة في لبنان ممكن!
- أهل بيت الموت!
- مصلحة لبنان والعرب منع هزيمة حزب الله
- بالمقلوب: متطرفون عموميون ومعتدلون خواص!
- حرب ضد لبنان: استراتيجية ممتنعة وعدالة غائبة
- أقنعة النظام الشرق أوسطي المتعددة
- عن الأمن المطلق والمقاومة المطلقة وزيغ الحداثة
- محنة المثقفين السوريين بين أهل التخوين وأهل الاعتقال
- بين ليبراليتين في سوريا: -ليبرالية موضوعية- بلا وعي ذاتي، و- ...
- في صدد خصائص ثلاثة لليبرالية الجديدة العربية
- الليبرالية والديمقراطية والحداثة السياسية
- في أن الغرب طائفي، وأن موقع العقل الكوني شاغر
- إطلاق سراح الماضي لقطع الطريق على ثمانينات جديدة...
- احتلال الجولان وانتقاص مقومات الوطنية السورية


المزيد.....




- فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا ...
- أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
- مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
- المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
- زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه ...
- تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA ...
- مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
- الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - فرصة لتجديد النقاش حول قضية الجولان