أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ناظم ختاري - محطات من أنفال به هدينان- المحطة الثالثة















المزيد.....

محطات من أنفال به هدينان- المحطة الثالثة


ناظم ختاري

الحوار المتمدن-العدد: 1657 - 2006 / 8 / 29 - 10:07
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


إذن قوام لجنة غير مكتمل من الأنصار البيشمه ركه تشكلت منذ أيام معدودات يتواجدون في مقر (بير موس) والمنطقة كلها لوحدهم يراقبون أو ينتظرون تطورات الوضع وما ستؤول إليه الأحداث وينتظرون كذلك قرارا يصدر من اللجنة القيادية لمحلية نينوى يقرر مصيرهم أما البقاء لخوض معركة غير متكافئة مع قوات النظام التي يكفي قوامها لخوض معركة مع جيوش دولة أخرى بكامل عدتها وعددها وبهذا تكون أخطأت التقدير أو الانسحاب إلى الخطوط الخلفية وعندها يتقرر مصيرهم مع مصير بقية القوات المتواجدة في (مه رانى) وهذا ما كنا ننتظره في ظل وضع معقد وصعب جدا من الناحية العسكرية والسياسية أصبح كل شئ فيه لصالح النظام . إن لم تفاجأ هم هذه القوات المتقدمة في استغلال الفرصة وتوجيه ضربة كيماوية مميتة تبيدهم عن بكرة أبيهم قبل الانسحاب أو الدخول في أية معركة .

ورغم ذلك انشغل الرفاق في حياتهم الأنصارية اليومية ولكنه بحذر شديد وأضيفت إليها مهام أخرى ، و لم تغادرهم الشجاعة والعزم فيما لو قررت اللجنة القيادية الدخول في المعركة والتصدي كما في باقي المعارك لقوات النظام رغم الإدراك التام وكما قلت من أن هذه المعركة ستكون نهاية هذه المجموعة من الأنصار فيما لو دخلتها .. فكنت تجد من ينظف بندقيته أو من يحصن موقعه للقتال أو من يقرأ لعبد الرحمن منيف روايته مدن الملح أو غيرها من الروايات والأشعار لكتاب معروفين استزاد الأنصار منهم حبا لوطنهم وشجاعة للدفاع عن قضيتهم أمثال لوركا و همنغواي وطاهر الوطار وماركيز وتشيخوف والعشرات غيرهم من عمالقة الأدب العالمي ، وانشغل بعضنا أيضا في إخفاء بعض الأشياء التي كان ينبغي إخفاءها وآخرون في البحث وتقصي الأخبار ومعرفة ما كان يدور في هذه القرى القريبة من المقر وتيقنا بشكل قطعي إنها أصبحت فارغة تماما وتوجه سكانها صوب الحدود التركية أو الإيرانية وتيقنا إننا فعلا وحدنا هنا لا نجد بشرا غيرنا إلا نادرا عندما يمر شخصا عبر هذه القرى متخلفا عن أهله وهو يسرع اللحاق بهم وآخر يبحث عن وجهة أخرى تنقذه من مصير مجهول ، وعادة ما كانوا مرتبكين مذعورين ويؤكدون أن حملة إبادة فعلية بدأت في كوردستان وينقلون لنا أخبارا غير مترابطة حول قتال دار في كذا منطقة أو المنطقة الفلانية تعرضت لضربة بالأسلحة الكيماوية وما إلى ذلك .

و كانت تتخلل جميع أوقاتنا الكثير من النقاش وحول مختلف المواضيع فوجد بعض الأنصار عدم وجود أية حاجة لمثل هذا الاستعدادات وعلق أحدهم قائلا ونحن نخبئ هذه الحاجيات سنعود بعد فترة قصيرة فلماذا هذا الإخفاء المحكم لهذه الأشياء التي سنحتاجها بعد أن تتقهقر هذه القوات وتعود إلى مواقعها ثانية ؟ وآخرون تنبؤا وعبروا بوضوح عن قناعتهم بعدم وجود أية أمكانية للعودة إلى بير موس ثانية وممارسة الحرب البارتيزانية والعمل الحزبي في عمق الأراضي العراقية بما فيها بغداد التي كان يتحرك إليها رفاقنا من بير موس لإعادة بناء منظمات الحزب المدمرة أثناء الحملة التي قامت بها اجهزة القمع التابعة للنظام في سنة 1978. فتحققت نبوءة الطرف الثاني عندما قتل الفاشيست كل أنواع الحياة في ريف كوردستان مما حال دون القدرة على خوض مثل هذا الأسلوب النضالي إلا في مناطق محدودة وبصعوبة بالغة جدا ، و في نفس الوقت تحقق حلم الرفيق بالعودة إلى هذا المكان بعد أيام من مغادرته له ولكنه (حلمه) كان هذه المرة محفوفا بمخاطر جمة أقلها خطورة هو خوض معركة خاسرة ومواجهة خطر الموت ، و كانت هذه العودة في هذه المرة لأجل التسلل و اختراق مواقع العدو و تحصيناته وإيجاد منافذ للعبور إلى سوريا ، فلم يتسنى له أو لغيره من الأنصار البحث عن الأشياء التي جرى إخفاءها بل حتى المكوث في هذا المكان لأكثر من نصف ساعة من الوقت وذلك للتزود بالماء أو عدة ثمرات من الطماطم والباذنجان والشجر أو غيرها من مزرعتهم التي حرثوها بآلات يدوية بدائية وزرعوها لكي تساهم في أغناء وجباتهم الغذائية وهم يؤدون مهامهم الحزبية والعسكرية . وذلك لأن وحدات الجيش العراقي التي انتشرت بكثافة في عموم المنطقة كثيرا ما كانت تتردد إلى هذا المقر لغرض تفجير كل ما له علاقة بالبيشمه ركه. وتدمر حاجياتهم كالأرزاق و الأفرشة إضافة إلى الأسلحة و الأعتدة في حالة العثور عليها في مخابئها .

خلال هذه الأيام وفي ظل هذه الأوضاع المعقدة كان لنا رفاق آخرون يتواجدون في قرى وقصبات المنطقة كالشيخان وألقوش و(دوغات)* وبعشيقة وبحزانى وغيرها ، كان بعضهم مرتبطا بمواعيد العودة إلى المقر وكنا ننتظر عودتهم متمنين أن تكون مواعيد عودتهم متقدمة وأما الآخرون فلم تكن لديهم أية مواعيد للعودة وتوقعنا أن تدفع تطورات الأحداث بهم للمجيء والالتحاق بنا لأن بقاءهم في قرى وقصبات تخضع للمراقبة الشديدة من قبل أجهزة السلطة القمعية أمر محفوف بالمخاطر ويعرض الركائز الحزبية إلى الكشف وهذا يشكل كارثة كبيرة لأنه في مثل هذه الحالات لا تتوانى السلطة في استخدام أقسى وأبشع الوسائل ضدهم .

في صبيحة يوم الرابع والعشرين من آب أغسطس استلمنا برقية قصيرة من اللجنة المحلية تقول فيها ( تقرر انسحابكم فورا ) إذن كان هذا هو القرار الصحيح رغم تأخره بعض والشئ ولكنه أنقذنا من مصاعب و إرباكات جمة إن لم يكن سببا لخلاصنا من الموت المحقق ، وهكذا بدأنا نستعد للانسحاب رغم وجود رأي آخر هناك مفاده أن يتأجل الانسحاب إلى وقت مبكر من فجر اليوم التالي ولكن هذا الرأي لم يؤخذ به بسبب إدراك الغالبية أن الوقت أصبح متأخرا جدا وفي الوقت نفسه واجهتنا مشكلة أخرى في هذه المرة وهي موعد عودة أحد رفاقنا من ألقوش ففي حالة ترك المقر والانسحاب قبل وصوله سيصبح وضعه حرجا عندما لا يجدنا هناك . ومع هذا عملنا كل جهدنا من أجل أن نكون على أتم الاستعداد بعد الظهر من نفس اليوم لتنفيذ الانسحاب منتظرين على أمل أن يصل رفيقنا ومنشغلين ثانية بإخفاء ما لا نستطيع أخذه معنا بما فيه الأعتدة الزائدة وخصوصا كانت لدينا دابة واحدة نحمل على ظهرها كل ما نحتاجه .



وكل شئ كان يسير بسرعة فمع استعدادنا للانسحاب أكمل الرفيق أبو فلاح استعداده للذهاب إلى الده شت والبقاء هناك وجرى الاتفاق بيننا على كلمة سر في حالة الاتصال به عند الحاجة وجرى تسمية الأماكن التي ينبغي أن يتواجد فيها وكذلك الأشخاص الوسطاء بيننا . وجرى الاتفاق أيضا على ضرورة الاتصال بالرفيق أبو ليلى الذي كان يتواجد في قرية (دوغات) كان برفقته الرفيق سامي وضرورة التنسيق معا في الحالات الطارئة وجرى تكليف الرفيق حميد لمرافقة أبو فلاح وعاش حميد بعدها قصة مثيرة استمرت لعدة أيام بعدما أضطر للتوجه إلى جبل (خورزان وكرسافا)* بعد أن تركه أبو فلاح مسلما نفسه للسلطة عبر وساطات من وجهاء المنطقة مقابل الحفاظ على حياته .

وضعنا خطة الانسحاب وأسرع عدد من الأنصار لإعداد وجبة غداء وكمية من الخبز تساعدنا في الطريق ، وتقرر ضمن الخطة أن ننقسم إلى مجموعتين تتحرك الأولى في تمام الساعة الثانية بعد الظهر وهي مجموعة صغيرة تتكون من 7 أو 8 أنصار كنت من بينهم وكان من مهام هذه المجموعة استطلاع الطريق والتأكد من سلامتها وكان على المجموعة الثانية و التي تتكون من مجموع الرفاق الباقيين وهم ملاك لجنة تلكيف الذين التحقوا بها قبل أن تكتمل بشكل نهائي ، أن تتحرك بعدها بعدة ساعات .

بينما كانت كل الاستعدادات تتم بشكل منتظم وصل رفيقنا القادم من ألقوش وبهذا فأن مشكلته لم تعد تواجهنا ، ودون أن يكون له موعدا وفي آخر ساعة وصل أحد رفاقنا العاملين في تنظيمات قضاء الشيخان إلى المقر منظما إلينا يحمل معه الكثير من الأنباء عن التحشدات العسكرية في الشيخان وأتروش .

- (دوغات)* قرية تابعة إداريا لناحية ألقوش - تلكيف سكانها أيزيديون ، انخرط العديد من أبناء القرية في صفوف الحزب الشيوعي منذ عقود طويلة ، والتحق العديد من أبناءها بصفوف الأنصار وقدمت العديد من الشهداء الأبطال وراحت العديد من عوائلها ضمن حملة الأنفال التي نتحدث عنها عبر هذه المحطات وسيجري الحديث عن كل ذلك بمزيد من التفاصيل . ومن الجدير بالذكر أن الغالبية العظمى من جماهير هذه القرية لازالت تلتف حول منظمة الحزب الشيوعي الكوردستاني العاملة هناك .

- (خورزان وكرسافا)* قريتان تابعتان أيضا لناحية ألقوش يفصلهما واد صغير ، في عام 1987 جرى ترحيل سكانها بشكل قسري إلى مجمعات شيخكة ونسيرية وسويت القريتان إلى جانب قرى طفطيان وكابارا وملاجه برا مع الأرض . وذلك بسبب تعاون سكان هذه القرى مع الحركة المسلحة في كوردستان من الأنصار والبيشمه ركه ومساهمتهم فيها بكل مباشر وقدمت هذه القرى بدورها العديد من الشهداء بينهم عدة عوائل ضمن حملة الأنفال كنت على معرفة مباشرة بهم مع وجود علاقات عائلية وثيقة بيننا ، وقبلها تعرضت هذه القرى في العديد من المرات إلى التدمير والغارات المتكررة لقوات النظام البائد .



#ناظم_ختاري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محطات من أنفال به هدينان - المحطة الثانية
- محطات من أنفال به هدينان
- محطات من أنفال به هدينان - ما قبل المحطات


المزيد.....




- البحرية الأمريكية تعلن قيمة تكاليف إحباط هجمات الحوثيين على ...
- الفلبين تُغلق الباب أمام المزيد من القواعد العسكرية الأمريك ...
- لأنهم لم يساعدوه كما ساعدوا إسرائيل.. زيلينسكي غاضب من حلفائ ...
- بالصور: كيف أدت الفيضانات في عُمان إلى مقتل 18 شخصا والتسبب ...
- بلينكن: التصعيد مع إيران ليس في مصلحة الولايات المتحدة أو إس ...
- استطلاع للرأي: 74% من الإسرائيليين يعارضون الهجوم على إيران ...
- -بعهد الأخ محمد بن سلمان المحترم-..الصدر يشيد بسياسات السعود ...
- هل يفجر التهديد الإسرائيلي بالرد على الهجوم الإيراني حربا شا ...
- انطلاق القمة العالمية لطاقة المستقبل
- الشرق الأوسط بعد الهجوم الإيراني: قواعد اشتباك جديدة


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ناظم ختاري - محطات من أنفال به هدينان- المحطة الثالثة