أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سامي الاخرس - غزة بدولتين وسلطيتين















المزيد.....

غزة بدولتين وسلطيتين


سامي الاخرس

الحوار المتمدن-العدد: 1657 - 2006 / 8 / 29 - 09:48
المحور: القضية الفلسطينية
    



يتملكك الذعر وتنتابك حالة من الأرق والقلق وأنت تراقب الحالة الفلسطينية ، وخاصة في قطاع غزة ، لما يمارس علي الأرض من قبل الكيان الصهيوني الذي يرتكب أفظع الجرائم من خلال قصف المنازل والقتل والاغتيالات ،وتدمير البني التحتية التي لازال أهل غزة نتيجتها في ظلام منذ عملية "الوهم المتبدد" ، إضافة للحصار المفروض براً وبحراً مما حولها لسجن كبير لا يقوي سكانها علي تنفس هواء الحرية والتمتع بأشعة الشمس الدافئة ، فعششت العناكب وأزكمت رائحة العفن الأنوف ... لم يشفع الألم والجرح النازف لأهل غزة حيث تعمقت محنتهم وأدميت جراحهم النازفة جوعاً وقهراً ، فساءت أحوالهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية نتيجة إفراز انتخابات المجلس التشريعي الأخيرة ، هذه الانتخابات التي أنتجت حصارا وتناحرا معاً .
فالحصار الذي فرض منذ فوز حركة حماس لا يدفع ثمنه سوي شعبنا الذي حرم من قوته وقوت أبنائه وأطفاله عقاباً له ، بل وحرم من كل مقومات ومصادر الحياة الإنسانية الكريمة بادني متطلباتها ، والذي أثمر ثمار خبيثة أحدثت تسمم في النسيج الاجتماعي الفلسطيني تنامي هذا التسمم من حالات القتل العشائرية والقبلية ،والفساد الأخلاقي ، وانتشار المخدرات ...الخ من أنواع الجريمة ، ناهيكم عن الأمراض النفسية لدي الآباء والأطفال معا ، ومع كل هذه الظروف القاسية والعصية علي التحمل تكاملت المنظومة من خلال واقع سياسي يعيشه قطاع غزة ، هذا الواقع يتجلى بمظاهر الانقسام بين الحكومة "حماس" والرئاسة " فتح" ، حيث لم تحقق الحكومة منذ تشكيلها أي منجز علي ارض الواقع سواء سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا ، أو علي سبيل مكافحة الفساد الذي يستشري يوما تلو يوم في الجسد الفلسطيني ، بل تفرغت الحكومة وبذلت جل طاقاتها في خوض غمار معركة إعلامية سياسية مع كل من يعارضها أو ينتقدها ، فالبرنامج الانتخابي الذي انتخبت لأجله حماس لم يري النور في أي جانب من جوانبه ، سوي بجانب واحد وهو مواصلة معركة إثبات القوة ومواصلة سياسة التحدي والمواجهة مع حركة فتح وقوي الأمن المحسوبة علي الرئاسة ، مثل الإنجاز المهول والرائع بتشكيل القوة التنفيذية كوحدة من جهاز الشرطة الفلسطيني الذي لا حول ولا قوة له ،وتحول لجهاز اسمي ما يفعله الدوام اليومي بمخافر الشرطة ، ومع تشكيل هذه القوة التي تنتشر في شوارع غزة ازدادت حالة الفلتان والقتل والمشاكل ، وأزداد نزف الجرح الاجتماعي نتاج لاعتناق هذه القوة عقلية المليشيا المسلحة ، حتى أضحي النظر إليها كقوة ردع سياسي وعصا يلوح بها لكل من يتفوه بكلمة ضد الحكومة ، وطبيعي يروج لتصرفاتها تحت بند حماية البلد من الفلتان ، فشتان بين الأهداف التي أعلنها وزير الداخلية لهذه القوة والتصرفات علي الأرض ، واستكمالا لحالة التمزق السياسي لجأت الحكومة الفلسطينية " حماس" لسياسة جديدة وهي تشكيل المؤسسات المدنية والنقابية وبلورة جسد سلطوي مواز للجسد الموجود ، فشكلت نقابة العمال المسلمين ، ونقابة المدرسين المسلمين ، وسارعت بنشر المتطوعين من عمال النظافة كبديل عن عمال البلديات المضربين احتجاجا علي رواتبهم التي لم تصرف منذ أكثر من سنة ،وهذا ليس الإضراب الأول بل هو استكمالا لسلسلة خطوات احتجاجية قبل حكومة حماس .
هذه السياسة تتبعها الحكومة ردا علي الخطوات التي يحاول الموظفين اتخاذها احتجاجا علي عدم صرف رواتبهم والحصار المفروض ... وهنا هل ما تفعله الحكومة هو فعلا المخرج الأمثل من الأزمة ؟ وإن كانت تمتلك من المصادر ما يؤهلها لدعم هذه النقابات وهؤلاء العمال الذين تصرف لهم أجورهم يوميا ، فلماذا لا تحل المشكلة من جذورها وتصرف رواتب الموظفين ؟! وهل الأموال التي تصرف هي خاصة بحركة حماس أم إنها خاصة بالسلطة ؟!
الآلاف من التساؤلات التي تطرح نفسها أمام هذا الواقع ، ولكن من يمتلك الإجابة علي هذه التساؤلات ،هل حكومتنا الفلسطينية ،أم الرئاسة ، أم الفصائل والقوي التي تقف موقف المشاهد ، أم نحن الشعب الذي لم نعد نقوي على شيء سوي البكاء والحسرة ،والتمني ، أم قادتنا الذين يقيمون خارج الوطن في أبراجهم العاجية بضواحي بيروت وبين جداول غوطة دمشق .
تتملكنا الثقة بأن حماس كحركة مقاومة تناضل وتقاتل لأجل قضية ووطن كباقي فصائل الفعل الوطني ،لأنها جزء من هذا الجرح ، وكينونة من كينونات هذا الشعب النابضة ألماً ، ولكن هناك مصالح سياسية ذات طابع إقليمي تتلاعب بساحتنا الفلسطينية ، وتجد في الملعب الفلسطيني ضالتها لتصفية الحسابات وتحقيق مآربها الإقليمية ، من خلال الضغط علي القوي الوطنية ، وشعبنا هو من يدفع الثمن من دمائه وعذاباته وجراحاته.
إن المأزق الفلسطيني ليس عصي لهذه الدرجة ،وليس عصي على الخروج من هذا المثلث فتجربتنا الوطنية مرت بمراحل أصعب وأخطر من هذه التجربة ، ولا يمكن أن يصدق بأن الرئاسة والحكومة غير قادرتين على الخروج من هذا المأزق الذي يطحن كل ما هو فلسطيني ، ولكن المصالح الحزبية طغت وعلت عن مصالح شعب ، وعليه يتجسد المأزق الحقيقي الذي يتقنع بأقنعة وشعارات خائبة من قوي الفعل الوطني .
في أحد المقالات التي كتبها أحد الكتاب طرح فكرة سياسية كحل للمأزق الحالي وهو إجراء انتخابات رئاسية مبكرة ، وهذا الطرح اثبت عمليا أن كل تفكيرنا ينصب ببوتقة الصالح الحزبي التنظيمي ، فهل فعلا إجراء انتخابات رئاسية هو المخرج الحقيقي للمأزق ؟ فحسب معرفتي السياسية البسيطة بالأمور أن البرنامج الانتخابي للرئاسة هو ذلك البرنامج الذي تشكلت وفقه السلطة الوطنية منذ (13) عام وهو برنامج اتفاقيات أوسلو " المشئومة " هذا البرنامج التي هرولت كل قوي المعارضة وأقطابها للعمل تحت مظلته من خلال اشتراكها بالانتخابات الأخيرة ما دون حركة الجهاد الإسلامي ، التي رفضت الاغتسال بماء أوسلو النجس ، أما باقي فصائلنا فقد اغتسلت وارتوت من هذا الماء القذر ، وارتدت عباءته السوداء ، ولم تعد تتمايز ببرامجها سوي بالشعار فقط وعبقرية الصياغة ،أي عمليات التجميل كمظهر أمام جماهير شعبنا .
فإن كانت الأزمة هي بالرئاسة ولو سلمنا بذلك جدلاً ،وتم إجراء انتخابات مبكرة للرئاسة فهل هناك عاقل يفكر بأن نتائجها ستكفل الانفراج وإنهاء الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والوطنية ، حتما لا ، فمهما كانت نتائج هذه الانتخابات ومهما كانت هوية المنتصر بها ومعتقداته السياسية فإن المشكلة ستتعقد أكثر مما هي عليه الآن ، وهذا نتاج رؤية لمن يتوهم بأن الأزمة تتمثل بنجاح حركة حماس أو بالرئاسة ،فالانتخابات الفلسطينية أتت كخيار تم مباركته من إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية والدول العربية ،وهذه الظروف كانت متوقعه بل ومخططه لهذا السيناريو وللنتائج الحالية كون أن الانتخابات هي الشرك الذي بدا باغتيال القادة من أبو علي مصطفي والشيخ أحمد ياسين الرنتيسي ونهاية بأبو عمار ، شرك نصب لشعبنا فابتلع طعمه ،وحصد نتائجه .
إذن فالأزمة ليست وليدة نتائج الانتخابات بل هي وليدة أحزاب وقاده ألقوا مصالح الوطن بعيداً أمام مصالحهم ومصالح القوي ا لإقليميه ، مصالح وضعت علي سلم الأولويات تدمير مسيرة نضالية لشعب عشق الحرية ،مؤامرة بنيت قاعدتها ومحور وارتكازها لهدم كل منجزات الشهداء والجرحى والأسري وعذابات أمة خاضت غمار معارك طاحنة مع هذا العدو ، الذي فشل بنازيته من إركاع شعب أمن بحقه وعدالة قضيته ، وها هو يحاول إركاعه من خلال إشعال وتيرة الحرب الداخلية بين أبناء الشعب الواحد.
فمفاتيح الأزمة يمتلكها قادتنا إن أرادوا فعلا الوطن ، فهم يمتلكون كل مفاتيح التصدي لهذه الأزمة وحلها ، ولديهم من الحلول ما يكفل صون شرف هذا الشعب وكرامته ، شريطة أن يتخلصوا من أسرهم في شرنقة المصالح والأحقاد وتصفية الحسابات .
فشعبنا اليوم يعض بنان الندم على توجهه لصناديق الانتخابات ليس ندما أو رفضا للنتائج ، إنما لما ايقنه بأن هذه النتائج أفرزت له دولتان تخوضان حربا ضروسا يسعى كلاً منها لفرض إرادته بالقوة ، معركة وقودها شعب بأكمله يفتك به .
فلن تجدي انتخابات رئاسة مبكرة ولن تجدي انتخابات تشريعية أخري ، وإنما ما يجدي هي النوايا الصادقة ،والمصداقية مع النفس ،والبحث عن صالح الشعب ، والتخلي عن النزعات القبلية التي اقتحمت منازلنا ومزقت بنائنا الأسري ، واغتالت طهارة العبادة الروحانية بمساجدنا ، وفتكت بابتسامة الأطفال ، فتحولت قضيتنا حديثا يوميا في الأفواه عن فتح وحماس ، إختزلنا به مسيرة نضال طويلة وشاقه عمدت بدماء لا زالت تنزف وتنبت أمل بالحرية والنصر .
حلم شاذ هل علينا سلبنا إيماننا وعنفوانا ، حلم أرادوا به تشويه بطولة وأبجديات نقشت في قلوبنا ، حلم تحول لكابوس أراد أن يسلبنا شرعية منظمة التحرير التي مثلت الكيان والكينونة لهذا الشعب وحمت كيانه بحقبة تاريخية معقدة ، حلم أسقط قدسية شهدائنا وتضحيات شعبنا على مدار "40" عام من النضال ، صوروا لنا أن هذه المنجزات منحت كهبة لعملاء قادوا ثورة وقادوا مسيرة جنوا من خلالها الشهادة . وأرادوا أن نغيب عن ذاكرتنا ونطمس فصل تاريخي نضالي ، لنبدأ من 1989م نخط تاريخنا ونضالنا ونتناسى كل ما سبق .
ثورتنا عظيمة ، شريفة ، قادها أبطال لأجل فلسطين ، ضحوا لأجل شعب عظيم ولا زالوا يضحوا ، لم يتثبتوا بقلاع الحزبية .. بل تثبتوا بعنوان فلسطين ، وهوية فلسطين ، فلتذهبوا أنتم وحزبيتكم إلي الجحيم ،هذه الحزبية النتنة التي تقتل شعب وأن تتضاحكون تتسامرون طربا علي موته ، فلتذهبوا إلي الجحيم إن أردتم أن نختزل قضية شعب وأمة بفتح وحماس .
فليتمرد الجوعي وليتمرد المقهورين ، ومن أسقط ظلم السابقين قادر علي إسقاط أي ظالم أخر .. ولن تجدي وسائل القهر مع شعب يعشق الحياة ، يقاتل لمستقبل أبنائه ....

28/8/2006



#سامي_الاخرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفتاة العربية في غرف المحادثة
- الامم المتحدة تهزم المقاومة في لبنان
- كثير من الجنس قليل من العمل
- هوليود ومسلسلات العنف بعراق العرب
- صامدون كغصن الزيتون
- أمة لا تتفاهم سوي بلغة المؤتمرات
- أكسروا قيودي واحملوا ىمالي
- الصحافة الفلسطينية وعصر التحديات
- فلنلقي بغزة بالبحر
- سأغادر
- ولاية غزة المتحدة وعاصمتها جحر الديك
- شاطئ غزة ... ملكية خاصة
- لماذا الآن أشعلتم فتيل الحزبية ؟
- حق بزمن اللاحق .. شعب وحكومة
- المرأة العربية رمزاً للتخلف بعصر التمدن
- حملوك فارساً ......
- تعقيب علي مقال المرتد الأفغاني .. ورد علي الحوار المسيحي بشأ ...
- الوطن العربي أغني البلاد ... أفقر العباد
- وإنها لفوضي حتى النصر ... أو القهر
- حياة المرتد الأفغاني بحياة أمة


المزيد.....




- بسبب متلازمة -نادرة-.. تبرئة رجل من تهمة -القيادة تحت تأثير ...
- تعويض لاعبات جمباز أمريكيات ضحايا اعتداء جنسي بقيمة 139 مليو ...
- 11 مرة خلال سنة واحدة.. فرنسا تعتذر عن كثرة استخدامها لـ-الف ...
- لازاريني يتوجه إلى روسيا للاجتماع مع ممثلي مجموعة -بريكس-
- -كجنون البقر-.. مخاوف من انتشار -زومبي الغزلان- إلى البشر
- هل تسبب اللقاحات أمراض المناعة الذاتية؟
- عقار رخيص وشائع الاستخدام قد يحمل سر مكافحة الشيخوخة
- أردوغان: نتنياهو هو هتلر العصر الحديث
- أنطونوف: واشنطن لم تعد تخفي هدفها الحقيقي من وراء فرض القيود ...
- عبد اللهيان: العقوبات ضدنا خطوة متسرعة


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سامي الاخرس - غزة بدولتين وسلطيتين