أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاروق صبري - حينما صرخ والدي-الارهابي- : أنا عراقي














المزيد.....

حينما صرخ والدي-الارهابي- : أنا عراقي


فاروق صبري

الحوار المتمدن-العدد: 1657 - 2006 / 8 / 29 - 09:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



إلى عطر النخيل البصري
إلى فؤاد سالم البهي كقصائد السيّاب
أنهض من كبوتك فلعراقنا شوق لصوتك المضاء
بالعشق والكبرياء والحلم



منِِ يحفر الماضي حتى ينثر غباره على الحاضر....
ومن يقرأه ، يٌقرّأه عبر عمامة بيضاء أو سوداء أو حمراء...
ومن يستحضره ويستحضر شخصياته وأحداثه لكي يحجب نذالته ويمجد سيف (رسالته الخالدة) الخشبي....
ومن يتغنى على أطلاله ويتلفع أسماء (ابطاله) ليسوّق حضوره الذي لا يقبل المساءلة لأنه راع للحاضر ومالك للمستقبل....
ومن ينبش في سِيّره وتوجهاته وتداخلاته ومحطاته ويقدّس ثوابته ويحجّر (أفعاله) ويؤطر وعيه بالتديّن المغمّس بالجهل واليقينيات ليعلن فناء الآن وليثبت خواء القادم .....
ومن ينشغل في استعادة حروبه وسجونه ومشانقه ومسالخه ، رآياته المدماة بأحقاد الروافض والنواصب والتعصب القومجي ، رماحه المحمّلات بالروؤس المتمردة ، كتاب الله ، بيارق خلفاء الغزوات الحنيفة وأمراء الجحيم العراقي.....
أنا الأخر ، اللحظة أزور أو يزورني الماضي ، ماض أقرب إلى القلب من نبضه ، ماضٍ بهيٍّ وقلق كفوطة أمي .. أمي التي لم تسمع أو تستمتع لموزارت أو بتهوفن ولم يكن في بيتنا الطيني جهاز راديو الذي كان يذيع الأغاني والموسيقى لذلك لم تستطع مثل أمهات العوائل الميسورة اسماعي وأنا في رحمها الموسيقى الكلاسيكية أو الحديثة لكنها أسمعتني وهي تتسوّق في سوق "قورية" وتتجول بين دكاكين "القيسرية" وتذهب إلى "عرفة" حيث بيت خالي محمد نوري، أسمعتني لغات ثلاث وأغانيها:
قلعنن ديبندا
بر داش أولايدم
كلن كيدن يولداش اولايدم
دمكري مكري جاواند ديشي
دايكت نماوه روله كان
نازت بكيشي
دللو يا ولد ي ابني
دللو
عدوك عليل وساكن الجول
وأنا أترعرع وأشبَّ بين دفء رحم مدينتي كركوك أدركت أن أمي الحنونة والحزينة كآلة الشمشال قد رفدت روحي بموسيقى أجمل وأعمق وأثمن من موسيقى بتهوفن وموزارت وباخ ، انها موسيقى الموجات الثلاث للعرب والكرد والتركمان ، موسيقى تعزف سيمفونية أنا عراقي.....
أنا عراقي .. هذه العبارة الحلوة زرعتها في أعماقي سيرة عائلتي الكردية التي كانت لغتها اليومية تركمانية بحكم تواجدها ومنذ فترات زمنية طويلة جداً في منطقة "كاور باغي" ويمكن الأشارة إلى احدى محطات تلك السيّرة ، ففي حوالي عام 1962بدأت الافرازات السلبية لأحداث 1959تظهر بين جهات تركمانية وكردية وشيوعية وكان أبرزها قتل شاب كردي طعناً بـــــــ(الدرنفيس) بالقرب من مقهى "أحمد آغا" ولأن أخي الكبير فائق كان منتمياً للمقاومة الشعبية فإن والدي توجس من ان يحصل لأبنه البكر حدث في حسبانه بحكم امتلاكه خبرة حياتية واسعة ومواقف مؤثرةٍ حدثني عن واحد منها قائلاً : نعم بصعوبة حصلت على مسدس صغير وتابعته وهو يريد الدخول إلى خيمة امرأة عراقية فقدت زوجها في الحرب في محاولة منه للاعتداء عليها ، لم أتحمل هذا الأمر فأطلقت عليه عدّة رصاصات ، وحينما سقط ذلك الضابط الانكليزي الكلب على الأرض هربت مع اختي زليخة ..
طبعا والدي لم يعتقله الجيش الانكليزي المحتل للعراق في حينه ومن المؤكد لويسمع (السيد) بلير أو (السيد) بوش هذه الحادثة سوف يضع والدي في قائمة الارهاب.... المهم في حينه قرر أهلي الانتقال إلى محلة اخرى ولكن حينما جاء والدي وهو يحمل بشرى الموافقة على امتلاك بيت من بيوت مشروع الاسكان التي قرر اعطاءها أشرف وأنبل رئيس للعراق عبدالكريم قاسم إلى العمال ، ومن شدّة فرح العائلة بالبيت الجديد وابعاد المكروه عن ابنها البكر جرت عملية الانتقال ليلاً وبسرعة وبعد مرور اسبوع واحد من تواجدنا في السكن الجديد وجدنا مع الفجر رسائل مرمية في "حوشنا" وكلها تتضمن عبارة واحدة : أيها التوران ارحلوا من هنا!!!
والدي"الارهابي" بعد تلقينا رسالة تهديد جديدة وبعد ان أنهى صلاة الفجر صعد إلى فوق سطح بيتنا وهو يوجّه صرخته صوب السماء: يا الله وين نولي ، عند التركمان نحن أكراد وشيوعيين وهنا بين الاكراد في مشروع الاسكان اعتبرونا توران ، ولك والله نحن عراقيون ، عراقيون...
واللحظة وبعد هذه السنوات المرّة ، المريرة
واللحظة ترّن في روحي صرخة والدي "الأرهابي" واسمحوا لي لنرددها معاً : أنا عراقي ، أنا عراقي ، أنا عراقي...



#فاروق_صبري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا سيّد نصرالله أحييّك بسعف النخيل ....ولكن .....؟
- سيادة الرئيس الطالباني! !!!! لاتهملوا ابن- مدينة الضوء- جليل ...
- فيما الكلبة الديمقراطية تفتك بالعراق ..... برلمانيو الحسيّني ...
- وهل ( ثقافة) الّلطم على الأطلال والقتل في الشوارع على الهوية ...
- سيادة الطالباني..كي نميّز بين عصر (تحريركم) للعراق وبين ما ق ...
- يواصل بروفات مسرحيته(أمراء الجحيم) ...الفنان فاروق صبري: حلم ...
- بعد الجريمة الوحشية في اغتيال الصحفي شمس الدين:: ..ليقدم الق ...
- ثقافة أحدهم ... وثقافة البلطجة وجهان لرصاصة تغتال الحلم العر ...
- جودي الكناني في فلمه الوثائقي-رحلة إلى الينابيع :صياغة بصرية ...
- أيها المثقفون العراقيون اقرعوا النواقيس ...قبل وقوع الفأس ال ...
- دم القصيدة على أرصفة باب المعظّم ..... هل سيقوم الشاعر
- ليلة في حضرة العراق ......شموع وقصائد وأغانٍ لوطن خالٍ من ال ...
- قصيدة-حلبجة تذهب إلى بغداد- : شيركو بيكه س يسترجع فردوسنا ال ...
- يا شيخ طنطاوي......يا شيخ الازهر : هل لك بفتوى حول مجزرة باب ...
- الأرض -بتتكلم- كردي
- !!!حين يعقلن(النقد) القصيدة
- دونية (المثقف) وقسمه العقائدي الظلامي صلاح المختار مثالاً له
- صديقي ممدوح عدوان ...وين رايح!!!؟
- مسلسل -حنين- التلفزيوني
- لقمان ديركي …إنه حقاً دركي


المزيد.....




- مسجد باريس الكبير يدعو مسلمي فرنسا لـ-إحاطة أسرة التعليم بدع ...
- جيف ياس مانح أمريكي يضع ثروته في خدمة ترامب ونتانياهو
- وثيقة لحزب الليكود حول إنجازات حماس
- رئيس الموساد: هناك فرصة لصفقة تبادل وعلينا إبداء مرونة أكبر ...
- لقطات جوية توثق ازدحام ميناء بالتيمور الأمريكي بالسفن بعد إغ ...
- فلسطينيو لبنان.. مخاوف من قصف المخيمات
- أردوغان: الضغط على إسرائيل لوقف حرب غزة
- محلات الشوكولاتة في بلجيكا تعرض تشكيلات احتفالية فاخرة لعيد ...
- زاخاروفا تسخر من تعليق كيربي المسيء بشأن الهجوم الإرهابي على ...
- عبد الملك الحوثي يحذر الولايات المتحدة وبريطانيا من التورط ف ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاروق صبري - حينما صرخ والدي-الارهابي- : أنا عراقي