أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - حسن الهويدي - تدمر في الذاكرة.... سجانو الرغبات 1















المزيد.....

تدمر في الذاكرة.... سجانو الرغبات 1


حسن الهويدي

الحوار المتمدن-العدد: 1653 - 2006 / 8 / 25 - 09:10
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    


تمر الأيام والليالي في سجن تدمر مثقلة بالهموم والمتاعب، ما تكاد تسترخي لحظة وتتواصل مع نفسك وتحلم بامرأة جملية عشيقة أم زوجة إلا وكان الخوف من العقوبة التي تتنظرك حاضرة وسرعان ما تتلاشى تلك الصورة الجميلة ...
والمرأة تمر علينا ليلا مع النوم الذي يفزعه الخوف تأتيك في الأحلام جميلة كحورية، تلج مضجعك دون إذن أو خوف متسللة ليلا من بين الحراس والحواجز وصرخات..قف ... والنوافذ المحصنة لكي تتربع على عرش اللذة التي هي ملاذ ك الأخير.
كانت ليلة شتاء باردة والمطر يهطل فوقي وأنا مستلق تحت الشراقة أتكور بطانيتي الوحيدة التي راجيا الدفء أو بعضه ولكن دون جدوى، جسدي الذي يفترش الأرض يرتجف. أنام تارة وأصحو أخرى إلا انه في النهاية لا بد من أن يغزو النوم جسدي المتعب ، ليل شتاء طويل تزيده صرخات الحراس المفزعة وقساوة البرد والخوف من المجهول
الحرس من أعلى سطح المهجع ، يقف على مشارف الشراقة ..قائلا دون حركة يا اخوات الشرموطة، ويصرخ قف ..قفففففف
أتجمد في المكان واحبس أنفاسي وتتسارع دقات قلبي بصوت مسموع، ويذهب الشرطي يجر وراءه سكون الليل المرعب المخيف وظلامه المجهول، لا بد أن يتسلل النوم إلى جفوني، إنها لحظات وقد سكن جفني مع النوم..
حضرتْ، فرحت كثيرا فهي المرأة التي كنت احلم بها منذ سنوات وما شعرت بدفئها ولا برائحة جسدها.
تأملتها جيدا إنها رائعة وممتعة، المكان مليء بالناس، ابحث عن زاوية استفرد بها لم أجد أصبحت بحيرة من أمري كفي تداعب أشيائها، بينما هي تمسك بيدي الأخرى تحاول أن تتسلل بي إلى خارج المهجع ،وصلنا إلى فضاء مخيف شبه مظلم، احد رجال الشرطة يقف عند الباب الرئيسي انه طويل القامة هامته تكاد أن تلامس السماء وعرَض كتفيه وضخامة جسده تسد كل المنافذ، وانحرفت بي إلى نفق طويل وسرعان ما ركضنا خوفا أن يلحقوا بنا نقع تارة وننهض أخرى وبقع الدماء الكبيرة تعيق تقدمنا وأحيانا نلتصق بها تحاول إمساكنا، لم استطع أن التفت إلى الوراء خوفا من أن يتعرفوا عليَ أو يمسكوا بي ، وصلنا إلى حائط مسدود في إحدى زواياه جثث هامدة متخشبة
أخذنا نفتش من بينها عن مكان نختبئ فيه أو ننفذ منه ،بدأت رفعها وإبعادها عن المكان ، شاهدت ثقبا صغيرا في الحائط مددت رأسي به فإذا نحن بصحراء مترامية الأطراف الشمس ساطعة والسماء صافية، أسراب من طيور الإوز تحلق من فوقنا بينما انظر من خلفي إلى المكان الذي كنت فيه ظلام وأشباح وأصوات صراخ وموتى، دبت فيّ الحياة وأخذت بيد فتاتي واتجهت مسرعا نحو الشرق بينما السراب يوحي لي أنني اقترب من بحيرة من المياه عبرتها إلى تلة عالية صعدنا إلى قمتها فمد بي البصر إلى أنوار كانت تشع من مكان بعيد، نعم تلك هي بغداد وهذه الحدود العراقية دعينا نعبرها وهنالك نشعر بالأمان اعرف أناسا كثر نلجأ إليهم وهي تهز خصرها وتلوح بيدها وترفع عن عينها خصلات من شعر رأسها، صوت أجراس ونباح كلب وثغاء أغنام. دب فيّ الخوف من جديد ويضاف إلى ذلك الخوف توجس أن يكون الراعي هو احد حراس السجن فهربنا ثانية، نتحاشى أن نمر بقرى أو أي مكان مأهول خوفا مني أن يمسك بي وأعود إلى ما كنت فيه.
وصلنا إلى تلة خضراء ومن أمامها سهل فسيح من الورود والأشجار التي لم أر جمالها من قبل، ليست من معالم الطبيعة التي كنت أعيش فيها، أمسكت يدها وركضت مسرعا خفت من عواء الذئاب إلى أن نزلنا في واد عميق وعبرنا نهرا كبيرا كالبحر، أمواجه مسرعة نحو الشرق نعم أنه الفرات وتلك هي( الحويجة) * التي كنت اعبر وسط النهر واجلس فيها في صغري واستلقي تحت أشجار الغرب والطرفة، ساقتنا الأمواج إلى أن وصلنا شاطئا من الطين وغاصت أقدامنا رفعت هي فستانها وكشفت عن ساقيها نظرت إليهن كالشمس، مغزولان كالدوك المحمل بالصفوف ،عبرت وأخذت ترشقهن بالماء فيزدان نصوعا .
أمسكت يدها، ناعمة الملمس ، أرسلت نظراتي إلى أعماق عينيها الساهدتين ، وجلسنا تحت ظل شجرة كبيرة تمر بقربها ساقية من المياه وعلى أطرافها نبات من العشب يتراقص مع الموج، تفزعنا الضفادع الصغيرة بين الحين والأخر، مدت ساقيها نحو ماء الساقية حيث تلامس نصف قدميها الأمواج الهادئة لترسم أجمل لوحة وهي تنشد كراعي الخراف
قوديني أيتها الصغيرة، أيتها المهذبة الشاردة، دعيني اقبل شفتيك نظرت إلي باسمة ثم أغمضت عينيها ورفعت رأسها قليلا أمسكت بعنقها وأخذت ارتشف قطرات الخمر الذي بين الشفاه. بينما جبيني يتصبب عرقا وأطرافي ترتعش وكنت أخاف أن تشرق الشمس دون أن أضاجعها قبلتها ثانية على شفتها السفلى وأحسست بمذاق أول كأس خمر اشربها على ضفاف نهر الفرات في صغري
قلت لها أين أنت مدي يدك أو احد إصبع كفك
مدي معصميك حول عنقي ولفيني كي أحس بدفئك، هل أضناك التعب
جسدي متلهف كي أفوز بهذا السحر من الجمال اقتربت من جسدها الين الطري مددت يدي فإذا بقطرات الندي تسيل على أطراف ساقيه واحتضنت كامل جسدها وأنا بين غفوة وصحوة ، أحسست من خلالها أنني اصعد إلى أعلى واحلق في السماء كطائر
صحوت من نومي فزعا على وقع الماء البارد المنصب على جسدي يسري من خلال فتحات النسيج المهترئ من البطانية التي تغطي جسدي ، التزمت مكاني دون حراك ، بل إنني اسمع صوت رئيس المهجع يطلب مني الوقوف ، وقفت باستعداد ورأسي منحن نحو الأرض، فرد الشرطي طالبا من رئيس المهجع اخذي إلى دورات المياه وهنالك طلب مني أن اخلع كل ثيابي، خلعتها وأمرني بالانبطاح أرضا ، وطلب من رئيس المهجع جلدي على ظهري بخرطوم المياه ، وقال لي صرخت أو ارتفع صوتك سأبقيك على هذا الحال حتى شروق الشمس ، بينما أنا ممدد على الأرض انتظر الضربات التي ستكون مؤلمة وموجعة ، إلا أنني كنت فرحا مسرورا مع زائرة الليل الجميل.
رئيس المهجع ...حاضر سيدي
بدك تجلدوا مئة جلدة
يالله لشوف... بأمرك سيدي
ما إن أنهى كلامه حتى سرت النار في ظهري، وتعالت صرخاتي مستنجدة معذبة وفرحة
يتبع
-------------
الحويجة : هي مفردة حوايج عبارة عن جزيرة صغيرة تقع وسط نهر الفرات
الغرب والطرفة: نوع من النبتات على شكل أشجار كثيفة تنمو وسط الحويجة




#حسن_الهويدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تدمر في الذاكرة ...في الطريق الى تدمر...مشاهد من التعذيب في ...
- تدمر في الذاكرة ..في الطريق الى تدمر ..مشاهد من التعذيب في س ...
- تدمر في الذاكرة ..في الطريق إلى تدمر..مشاهد من التعذيب في سج ...
- تدمر في الذاكرة.. في الطريق إلى تدمر... مشاهد من التعذيب في ...
- تدمر في الذاكرة في الطريق إلى تدمر
- تدمر في الذاكرة في الطريق إلى تدمر.. تدمر في الذاكرة في الطر ...
- الطريق الى تدمر...مشاهد من التعذيب في سجون التحقيق2:
- تدمر في الذاكرة ..الطريق إلى تدمر مشاهد من التعذيب في سجون ا ...
- الطريق الى تدمر...مشاهد من التعذيب في سجون التحقيق
- تدمر في الذاكرة12في الطريق الى تدمرشهادات عن التعذيب1
- تدمر في الذاكرة -10- (ضحايا تشابه الأسماء)
- تدمر في الذاكرة (9) محاكم استثنائية
- الإعلام السوري طنة ورنة ومدارات:
- في مؤتمره القادم هل يعتذر حزب البعث للشعب السوري
- تدمر في الذاكرة8 ليلةمن2000يوم وليلة
- تدمرفي الذاكرة(6): شبح عون المخيف 1989
- تدمر في الذاكرة(5) طبابة متميزة
- تدمر في الذاكرة(4) طبابة متميزة
- تدمر في الذاكرة (4): الثمن الباهظ
- تدمر في الذاكرة3...حمامات الدم الساخن


المزيد.....




- منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية تؤكد مسئولية المجتمع ال ...
- ارتفاع حصيلة عدد المعتقلين الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ ...
- العفو الدولية: المقابر الجماعية بغزة تستدعي ضمان الحفاظ على ...
- إسرائيل تشن حربا على وكالة الأونروا
- العفو الدولية: الكشف عن مقابر جماعية في غزة يؤكد الحاجة لمحق ...
- -سين وجيم الجنسانية-.. كتاب يثير ضجة في تونس بسبب أسئلة عن ا ...
- المقررة الأممية لحقوق الإنسان تدعو إلى فرض عقوبات على إسرائي ...
- العفو الدولية: استمرار العنصرية الممنهجة والتمييز الديني بفر ...
- عائلات الأسرى المحتجزين لدى حماس تحتشد أمام مقر القيادة العس ...
- استئجار طائرات وتدريب مرافقين.. بريطانيا تستعد لطرد المهاجري ...


المزيد.....

- في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية * / رشيد غويلب
- الحياة الثقافية في السجن / ضرغام الدباغ
- سجين الشعبة الخامسة / محمد السعدي
- مذكراتي في السجن - ج 2 / صلاح الدين محسن
- سنابل العمر، بين القرية والمعتقل / محمد علي مقلد
- مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار / اعداد و تقديم رمسيس لبيب
- الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت ... / طاهر عبدالحكيم
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ... / كفاح طافش
- ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة / حـسـقـيل قُوجـمَـان
- نقش على جدران الزنازن / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - حسن الهويدي - تدمر في الذاكرة.... سجانو الرغبات 1