أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - كريم عامر - إلزامية التجنيد وحرية الفرد














المزيد.....

إلزامية التجنيد وحرية الفرد


كريم عامر

الحوار المتمدن-العدد: 1652 - 2006 / 8 / 24 - 09:25
المحور: حقوق الانسان
    


هناك تساؤلات كثيرة نجد أنفسنا مجبرين على طرحها فى الوقت الحاضر على الرغم من حساسيتها وخطورتها كونها تمس بعض الأشياء التى وجدناها مفروضة علينا و غير قابلة للنقاش أو الرفض ، ولا أعنى فى هذا الإطار المسلمات العقائدية فحسب والتى تمثل أحد أهم القيود التى تحد من عملية التفكير الحر ، بقدر ما أوجه إهتمامى إلى بعض القيود الموجودة فى حياتنا العملية والتى يعتبرها البعض واجبا يجب الإمتثال له وأداءه وهو فى حقيقة الأمر ليس سوى أنموذج من العبودية المقنعة المستترة خلف ستار الوطنية وأداء الواجب وحماية الوطن ، وغيرها من الشعارات الهابطة التى لم تعد ذات جدوى فى عصرنا الحاضر الذى تزداد فيه النزعات الفردية على حساب الإنتماءات الدينية والوطنية والعرقية .
لقد أثارت صورة الشاب القبطى المجند الذى وجد مقتولا على شاطىء النيل فى أحد محافظات جنوب مصر العديد من التساؤلات لدى فيما يتعلق بالأسباب التى تجعل من الخدمة العسكرية فى مصر أمرا إلزاميا يجب على كل من بلغ سن التجنيد أن يحدد موقفه منه وأن يؤدي هذه الخدمة إذا لم تكن هناك أى من الموانع التى تعفيه من أدائها .
ففى التجنيد الإلزامى يتضح لنا أمرا هاما جدا قلما يفطن إليه الكثيرون ، وهو التمييز على أساس الجنس ، فيتم التمييز بين المواطنين بحيث لا يتم تجنيد الإناث فى الوقت الذى يضطر الشاب إلى قضاء فترة قد تصل إلى ثلاث سنوات قيد الخدمة الإلزامية التى ربما لا يقتنع بأهميتها وجدواها ولا يرغب من داخله فى أدائها ، وفى هذا خرق واضح للمادة رقم 40 من الدستور المصرى التى تنص على أن ( المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم فى ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة ) .
وبصرف النظر عن كون قصر التجنيد على الذكور تمييزا على أساس الجنس أم لا ، يجب أن نأخذ فى إعتبارنا أن المجند أمره ليس بيده ، فهو مجرد عبد خاضع للرتبة التى تفوقه ، يجب عليه أن يطيع الأوامر دون مناقشة ، كما أن حريته تكون منتقصة طوال فترة تجنيدة ، فيعاقب إن قصر فى أداء شىء مطلوب منه بعقوبات قاسية ، كما أنه يحرم من ممارسة حياته كما يريد ، فيجد نفسه مجبرا على قضاء فترات طويلة فى مكان الخدمة حتى وإن لم يكن هناك شىء فعلى يؤديه أثناء تواجده الإلزامى بهذا المكان ، فهو فى الواقع مجرد عبد لقادته الذين يجب أن يطيع أوامرهم دون مناقشة ، وينفذها على الفور حتى وإن كانت غير منطقية على الإطلاق .
وللموضوع جانب آخر يجب التطرق اليه بشدة ، وهو أنه إذا كان الإنخراط فى سلك التجنيد يعبر عن الإنتماء لهذا الوطن ، فهل هناك من أتيحت له الفرصة ليختار أو يرفض الإنتماء له من الأساس ؟؟!! ، أعتقد أن هذا الإنتماء المزعوم لا حقيقة له عند الكثيرين منا ( وأولهم أنا ) فمن الحماقة بمكان أن تفرض على إنسان هوية لم تستشره فيها قبل أن تلزمه بها ، فليس معنى أننى ولدت لأب وأم مصريين مسلمين سنيين أننى أعرف نفسى بأننى مصرى مسلم سنى ، فالإنتماءات لا تورث ( اللهم إلا فى عرف من يعدون الأبناء ملكا لآبائهم !! ) ، كما أنه يفترض أن كل إنسان يولد خال من كافة الإنتماءات الخاصة ، وهو الذى يحدد هويته فيما بعد ، فعندما يفرض التجنيد علينا بحجة الدفاع عن تراب الوطن الذى لم نخير فى الإنتماء اليه ، فأعتقد أن فى الأمر قدر لا بأس به من اللامنطقية التى قدر لنا ان نتمرغ فيها كوننا ننتمى إلى منطقة الشرق الأوسط سيئة السمعة !! .
دعنا نتسائل ، من هو هذا الشاب الأحمق الذى يرغب بشدة فى الإنخراط بسلك التجنيد كى يدافع عن تراب وطن سلبه حكامه كل حقوقه ( كإنسان ) وحرموه من أبسط مظاهر الحياة الكريمة ؟؟ ، من هو هذا الشاب المغفل الذى يعبر عن إنتمائه لوطن سلبه كافة حقوق مواطنته ؟؟ ، من هو هذا الشاب الذى يرغب فى قضاء أكثر من عام فى الخدمة العسكرية فى بلد يعامل الأجنبى عنه أفضل ألف مرة منه ؟؟ .
بل من هو هذا الشاب الذى يرغب فى أن يكون مصيره كمصير هذا الشاب القبطى الذى قتل وهو يؤدى الواجب الوطنى !!!! ، ومن هو هذا الشاب الذى يريد أن يذهب ضحية حرب لا ناقة له فيها ولا جمل يشعلها رجال السلطة ( أصحاب المصلحة الوحيدة ) الذين لا يمسهم منها أى ضرر ؟؟؟ دلونى على هذا الشاب الذى يرغب فى أن يكون واحدا من الجنود الذين تساقطوا على الحدود المصرية الإسرائيلية ( وهى ليست حادثة واحدة ) ولم يكن حظه سعيدا ليتساوى بالجندى الإسرائيلى الذى أقامت بلاده الدنيا ولم تقعدها عندما تم أسره ؟؟!! ..
إن الإنتقاص من حرية الإنسان تحت أى ذريعة كانت هو أمر مرفوض أخلاقيا وإنسانيا ، حتى وإن كانت هذه الحجة هى الدفاع عن أرض الوطن وترابه ، كما أن فكرة الحرب التى أسست بسببها الجيوش هى فكرة قميئة لا يقبلها إنسان يتمنى أن يسود السلام العالم ، وما بنى على هذه الفكرة المرفوضة بالضرورة مرفوض هو الآخر .
أعترف أن فكرة إلغاء الجيش هى فكرة طوباوية يصعب تحقيقها فى الوقت الحاضر ، ولكن إحترام حقوق الفرد هى من أهم ما يجب أن يراعى فى مؤسسات الدولة خاصة المؤسسة العسكرية ، ولذا فإن الغاء إلزامية التجنيد هو أمر مطلوب فى وقتنا الحاضر لإلغاء كافة القيود على حرية الإنسان ، أتمنى أن تتبنى المنظمات الحقوقية هذه الفكرة وتضغط على الحكومات من أجل تحقيقها ، وأن يتم العمل على تعديل المادة 58 من الدستور المصرى بحيث تزال القدسية عن الدفاع عن الوطن وأرضه وتزال صفة الإجبارية عن التجنيد ، فلا يمكننا أن نتقبل أى شىء يتعارض مع حقوقنا كبشر ويحد من حرياتنا تحت أى ذريعة كانت .
أعرف أننى أتطرق بهذا المقال إلى قضية شائكة وحساسة فى مجتمعاتنا ، ولكننى أعتقد أن هذا الوقت مناسب جدا لطرحها ، وحتى إن رأى البعض غير ذالك ، فحقوق الأفراد والمطالبة بها لا تعترف بمناسبة الوقت لمناقشتها وطرحها من عدمه .



#كريم_عامر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدور الذى يمكن أن تلعبه نشر ثقافة الحقوق المدنية فى مكافحة ...
- من يأخذ لنا بثأرك يا إيرين ؟
- هوية الفرد فى مواجهة القطعنة
- إلى إبنة الذئب .. الشهيدة الحية
- منال القبرصية تعرى مجتمع الذكور العربى
- تهديد جديد للإعلام المستقل : السلطات المصرية تمنع هالة المصر ...
- - شيفرة دافنشى - .. وسقوط الأقنعة !
- مجتمعاتنا .. وثقافة الموت
- المدونات : إعلامنا البديل
- أيها المصرى : إعرف عدوك - دعوة للمقاطعة
- إكرام الميت دفنه !
- رسالة لن تصل ... إلى عبد شاكر ...
- جامعة الإرهاب .. وتواطؤ أمنى مفضوح
- الإرهاب يحطم الأبواب
- حرية الفرد فى مناخ قمعى
- وحطمت القيود الأزهرية !
- وقائع محكمة تفتيش أزهرية
- مجلس تأديب ... أم محكمة تفتيش ؟؟!!!
- صوفيا شول : زهرة ثلجية .. فى رياض الحرية
- هل أخطأت هندٌ حقاً ؟؟ .


المزيد.....




- -الأونروا- تعلن عن استشهاد 13750 طفلا في العدوان الصهيوني عل ...
- اليابان تعلن اعتزامها استئناف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئي ...
- الأمم المتحدة: أكثر من 1.1 مليون شخص في غزة يواجهون انعدام ا ...
- -الأونروا-: الحرب الإسرائيلية على غزة تسببت بمقتل 13750 طفلا ...
- آلاف الأردنيين يتظاهرون بمحيط السفارة الإسرائيلية تنديدا بال ...
- مشاهد لإعدام الاحتلال مدنيين فلسطينيين أثناء محاولتهم العودة ...
- محكمة العدل الدولية تصدر-إجراءات إضافية- ضد إسرائيل جراء الم ...
- انتقاد أممي لتقييد إسرائيل عمل الأونروا ودول تدفع مساهماتها ...
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بإدخال المساعدات لغزة دون معوقات
- نتنياهو يتعهد بإعادة كافة الجنود الأسرى في غزة


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - كريم عامر - إلزامية التجنيد وحرية الفرد