أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سيار الجميل - بلاد الأساطير تنحرها البشاعات !!















المزيد.....

بلاد الأساطير تنحرها البشاعات !!


سيار الجميل

الحوار المتمدن-العدد: 1652 - 2006 / 8 / 24 - 09:25
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


عندما كتبت عن سر خلود العراق والعراقيين قبل سنين كنت ادرى تماما بأن اية تحولات تاريخية في العراق لا يمكنها ان تتم بهدوء وسلام ، ولا يمكنها ان تجري بشفافية ووئام ليس بسبب تناقضات طبيعة المجتمع العراقي ، ولكن لأن القيم عندما تفتقد في مجتمع صعب كالعراق لا يمكنها ان تعود اليه بسهولة .. وان الانقلابات العسكرية والمصاعب السياسية والاختلاطات الاجتماعية والتحديات الثقافية والانغلاقات الحضارية والممارسات الدكتاتورية والحصارات الاقتصادية والحروب الدموية التي مرّت على العراقيين منذ نصف قرن تقريبا جعلتهم يختلفون تماما عما كانوا عليه .. وانهم بحاجة الى زمن ليس بالقصير حتى يستعيدوا وعيهم ويبدلوا ممارساتهم ويتخلّوا عن افكارهم ويتجرّدوا عن نزوعاتهم ويعوفوا كل ترسبات ماضيهم وبقاياه الكسيحة .. علما بأن العراق اليوم يمر بنفس المأزق الذي تمرّ به بقية مجتمعات المنطقة اذ انه يمّر بمرحلة الاسلام السياسي ولكن بطرق والوان لا يمكننا ان نجدها في غيره من المجتمعات بسبب النزوعات الطائفية والتقاليد البالية المترسخة في الضمائر العراقية اجتماعيا .. ولمّا طفت على السطح عندما ترجمت سياسيا باحزاب وقوى وتكتلات وجماعات وهيئات وبيوتات .. ، فقد خلقت تباينات مخيفة تفجرت اثرها مباشرة تصادمات دموية انتهت الى بشاعات لا يمكن تخيّلها .
ان الفوضى التي تضرب اطنابها في اصقاع مهمة جدا من العراق .. لا يمكن تفسيرها انها حالة وطنية ضد الوجود الامريكي بأي شكل من الاشكال .. بل انها حالة تمزّق اجتماعي بسبب الاجندة الدينية والطائفية التي رفعت مباشرة بعد سقوط نظام صدام حسين . ان مصطلح " التكوينات " الطائفية قد انتقلت من تنوع اجتماعي كان يعيش في الخفاء الى صراع سياسي بدأ يطفح على السطح بشراسة منقطعة النظير . حاشا لله ان نكون ضد الاسلام وقيمه وعقيدته وشريعته الغراء .. ولكن نحن ضد استخدامه اداة من قبل الملالي المعمّمين من هذا الطرف او ذاك للصراع على السلطة او لجعله اداة للتناحر الاجتماعي والانقسام السياسي.. ان تجلياته ينبغي ان تبقى متسامية عن كل اوحال هذا الواقع الذي لا تصلحه الا اساليب سياسية وفكرية مدنية كما هو عليه حال العالم اليوم في كل هذه الدنيا .
انني اعتقد اننا لم نزل نعيش اوهام الماضي واننا قد فقدنا ذاكرتنا التاريخية ايضا .. واننا قادرون على مواجهة التحديات الشرسة بالاوهام والخرافات وبضاعة الكلام والتبرك بالاضرحة والادعية واستعراض العضلات سواء في البرلمان ام في الجوامع والحسينيات .. خصوصا اذا ما تضمن هذا الخطاب السياسي الذي يعلنه هذا المسؤول ام ذاك من معمّمين ام غير معمّمين ! وخصوصا اذا ما كان بضاعة يروجّها بعض القادة الجدد من السنة والشيعة في البرلمان او على شاشات التلفزيون او في الصحف ومواقع الانترنيت .. ونقنع انفسنا بأن التحديات السياسية والحضارية التي تواجهنا سنتغلب عليها من دون أي اسلحة ومن دون أي فكر ومن دون أي تخطيط !! لم نزل نتوهم اننا سادة هذا العالم وان الدنيا قد فقدت توازنها وانها ضعيفة واننا اقوياء .. لم نزل نعيش باوهام واخيلة لا تتسق والواقع المرير الذي يثوي مجتمعنا في اردأ انواع التخلف وافكار العصور الوسطى ! ولم ندرك حتى اليوم ما الذي يمكن لنا ان نفعله في اللحظة التاريخية الحاسمة .. وان المجتمعات تنتهز الفرص الثمينة لتجديد تفكيرها واستعادة وعيها وتخصيب حياتها بكل ما هو حديث ونوعي ومتجدد دائما ..
ان الناس اما ان تنعم بغبائها او ان تشقى بوعيها .. وان التجديدات لا يحس بها الا من يكابدها .. ولا يمكننا تخّيل هؤلاء الذين اخطأ القدر وجعلهم يقودون مجتمعات ويسّيرون دولا انهم قوة جبارة خارقة في هذا الكون .. اذ يعتقدون ان السماء قد اختارتهم لهذه المناصب فيصدقون هذه الكذبة ويصبحون كالاصنام المنصوبة في معابد مظلمة يطلبون من الناس عبادتهم بالتصفيق لهم والتمسح بهم وترديد ما يثرثرون به من السياسات والشعارات وفضفاض الكلام .. ومن مخالفات القدر ان يغدو العراق بايدي احزاب دينية ـ مع كل احترامي لها ـ الا انها لا تضّم ـ يا للاسف الشديد ـ قادة اذكياء ولا اناس تعرف فن الحكم ولا ساسة تعشقها الجماهير من نوع قدير .
نعم ، ان الانحدار الحضاري والثقافي قد بدأ في حياتنا العراقية منذ زمن بعيد وقد تساوق مع الانحدار السياسي والفكري .. وبدل ان نجد تطورا وتجديدا في حياتنا منذ اكثر من اربعين سنة وجدنا نكوصا بالغ الخطورة .. وصل اليوم الى درجة تثمين الخزعبلات والتقاليد البالية وانعدمت الحريات الشخصية ، بحيث بات الانسان يخشى أي فعل يخرج من ربقة تلك التقاليد .. وتأتي الخشية من كون تسويق التهديدات كلها تنطلق باسم ( الدين ) .. ان الانحدار الاخلاقي لا يتمّثل فقط بالقتل والخطف والذبح والتعذيب .. بل انها الاساليب السياسية والاجتماعية التي مارسها تسلط الدولة سابقا وتسلط المجتمع اليوم وتسويق كل عفونته على العالم ..
متى يتخّلص العراقيون من الوهم والاساطير ؟ متى يتخلصون من تأليه الماضي الذين يقتاتون عليه صباح مساء ؟ متى يتخلصون من الاحقاد والكراهية في ما بينهم ؟ انهم لا يجتمعون على كلمة سواء ! لابد ان نعيد التفكير في مسببات هذا الواقع الذي ابتلينا به قبل ان نجلس ونندب ونبكي ونلطم على نتائجه الكارثية من دون ان نقّدم علاجات ميدانية على الارض .. لابد ان نعيد التفكير بأن العراق الجديد لا يحتمل ترسيخ الطائفية السياسية التي خلقت وبسرعة شديدة الطائفية الاجتماعية في العراق فتجّذرت الانقسامات وانتجت البشاعات في بلادنا الجميلة وعند الناس العراقيين الطيبين وغدونا فرجة للعالم ..
ان بناء العراق بعد حطامه ليس نزهة عابرة لقطاعات بناء واستثمارات وشركات ، بل هو عملية معقّدة لتغيير تفكير البشر ! فالامور لا تقاس بالامنيات والرغبات والنفاق باللعب على مسميات التجديد والتقدم ، بل تقاس بالخطط وصناعة العمليات بدقة متناهية وان تكون لنا القدرة على ان نقّدم للعالم ما ينتظره منّا ، بل وان الضرورة باتت ماسة الى كيفية ان يستمع احدنا الى الاخر من دون قتله او تكفيره ولا تهميشه ولا اقصائه .. بل وحتى الاستهزاء به ، فالعراق لا يستحق كل هذا من اهله العراقيين . فهل باستطاعتنا ان نحيا من جديد وان نقنع انفسنا بما نجمع عليه وبارادة عراقية واحدة ام لا نستطيع وليكن معلوما بأن رصيدنا في العالم اصبح صفرا على الشمال .. اسمحوا لي ان اقول بان العالم اصبح يتصورنا وحوشا ضارية وذئابا مسعورة ، بعد ان كان يعتقد اعتقادا راسخا اننا نخبة بشرية حضارية ذكية هي ما تبّقى من سلالات حضارات عريقة علمت البشرية الحياة والحضارة ..
لا يمكن ان نتخيّل ان الاخلاق العراقية قد انحدرت الى القيعان الاسنة ! ولا يمكن ان نتخّيل ان قتل العراقيين بعضهم للاخر بات على الاسم والهوية والطائفة ! ولا يمكن ان نتخّيل ان الحقد الطائفي المكبوت يصنع كل هذه البشاعات ! ولا يمكن ان نتصّور ان هذه المرحلة ستكون مرحلة انهيار بدل ان تكون مرحلة بناء ! انني اعتقد بأن الامور لا يمكن اصلاحها بالامنيات والهوسات والشعارات والثرثرة على الفضائيات ومشروعات مصالحة وحوار ولقاءات نفاق .. ما لم يتم تغيير النهج السياسي بوضعه الحالي كله وان يتخّلى من ليس له قدرة على حكم البلاد الى اناس كفوئين .. وان يبتعد كل العراقيين عن المناطحة الطائفية .. اننا بحاجة اليوم الى ثورة سياسية شاملة تعيد العملية السياسية الى وجهها المدني والحقيقي والديمقراطي من دون أي اجندة طائفية او محاصصات اجتماعية او احزاب دينية .. وثقوا ان العراق سينعم بالاستقرار والهدوء وسيتفق اهله على مبادئهم السياسية الوطنية بمعزل عن واقع الانقسامات الدينية والطائفية . فهل ستتحقق امنياتنا الوطنية ؟ انني اشك في ذلك !!




#سيار_الجميل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نهاية العراق من دون شهادة وفاة !! كتاب يطالب بشهادات ميلاد ل ...
- حرب بلا نهاية: العراق ليس يوغسلافيا جديدة !!
- رحيل جرجيس فتح الله المحامي.. مثقف موصلي وسياسي عراقي متنوع ...
- روائيون خياليون يرسمون مصير الشرق الأوسط !!
- دعوا لبنان يعيش
- لبنان: حرب نظام أم كسر عظام ؟؟
- الأقليات الدينية في العراق .. لماذا تضطهد ؟؟
- اصلاحات جذرية يحتاجها العراق !!
- صاحبة الجلالة أقوى من قبة البرلمان !!
- من تصدير ثورة إلى استيراد ديمقراطية
- العراق: لماذا تشّوهون تاريخه وجغرافيته؟
- العراق ليس خارطة بريطانية !!
- ذبول العقل العربي: شراسة اليوتوبيا وصراع الاضداد..
- الكهّان الجدد .. ورجال التابو...متى تخرجون من الشرانق المتيّ ...
- من ينقذ البصرة : فينيسيا الشرق القديم ؟؟
- هل ثمة غرفة عمليات أمنية لدى الحكومة الجديدة ؟
- هل المنطقة فوق فوهة بركان ؟ بعيدا عن الحرب العراقية الإقليمي ...
- الانغلاقات السياسية متى يتخلّص منها العرب؟
- مقاطع واضحة!!
- الرسالة وصلت


المزيد.....




- تحليل لـCNN: إيران وإسرائيل اختارتا تجنب حربا شاملة.. في الو ...
- ماذا دار في أول اتصال بين وزيري دفاع أمريكا وإسرائيل بعد الض ...
- المقاتلة الأميركية الرائدة غير فعالة في السياسة الخارجية
- هل يوجد كوكب غير مكتشف في حافة نظامنا الشمسي؟
- ماذا يعني ظهور علامات بيضاء على الأظافر؟
- 5 أطعمة غنية بالكولاجين قد تجعلك تبدو أصغر سنا!
- واشنطن تدعو إسرائيل لمنع هجمات المستوطنين بالضفة
- الولايات المتحدة توافق على سحب قواتها من النيجر
- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سيار الجميل - بلاد الأساطير تنحرها البشاعات !!