أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلاقات الجنسية والاسرية - عياد أبلال - المرجعيات الثقافية والاجتماعية للزواج المختلط بالوطن العربي تجربة المغربيات بالغربيين نموذجاً















المزيد.....

المرجعيات الثقافية والاجتماعية للزواج المختلط بالوطن العربي تجربة المغربيات بالغربيين نموذجاً


عياد أبلال

الحوار المتمدن-العدد: 1652 - 2006 / 8 / 24 - 07:01
المحور: العلاقات الجنسية والاسرية
    


عرفت المجتمعات البشرية برمتها, في حقبتها القبلية شكلين من الزواج: زواج داخلي, وآخر خارجي, فالزواج الداخلي ميز القبائل المغلقة التي كانت تكتفي بتبادل حصري للنساء,من شأنه أن يمنع تفتت ثروات القبلية وهجانتها عرقياً وسلالياً خاصة عندما يتعلق الأمر بقبائل غنية وذات حضوة وسلطة جيو استرتيجية, في حين بقيت قبائل أخرى منفتحة على زواج خارجي- بنفس القدر الذي تنمحه للزواج الداخلي ولو أنها كانت تعتمد هذا الشكل من الزواج كشكل من أشكال تبادل الخيرات والمنافع, ووسيلة من الوسائل المفضلة لتعزيز التحالفات والصداقات التي كانت ضرورية على المستوى العسكري, كما هو الشان أيضاً بالنسبة للشأن الاقتصادي , ومع انتقال المجتمعات البشرية من القبلية إلى الدولة, نتيجة عدد من التحولات لا يسمح المقام بعرضها هنا, بقيت الأشكال التي عرفتها المجتمعات بخصوص الزواج رهينة المبادرات الفردية والاختيارات الأسرية, خاصة في أيامنا هاته, وإذا كان من قبيل المستحيلات القبول بزواج مختلط, خارجي في المنظور القديم, لا يتماشى والمسلمات العقائدية والثقافية التي ميزت القبائل في السابق, خاصة من المنظور الديني, الشيء الذي استمر حتى بعد نشوء وتطور الدول, والدول-الأمة, وذلك من خلال تجريم هذه الزيجات,قانونياً أو عرقلتها بمساطير وأعراف كانت تعيقها إلى حد كبير, كما ساهمت الدولة –الأمة في صيغتها القديمة في التقليل من هذه الحالات من خلال الحدود الإقليمية التي كانت تمنع وتعيق كل تواصل وتثاقف بين المجتمعات, التي سوف تتراجع مع الحقبة الإستعمارية باعتبارها مرحلة تثاقف كبيرة وأساسية , مهدت لإنصهار وتواصل وحوار حضارات وديانات متباينة أشد ما يكون التباين, ولو لصالح مجتمعات على حساب أخرى, خاصة من الزاوية الدينية, التي تمثلها حالة المجتمعات الإسلامية والمجتمعات الغربية – المسيحية . فما كان سائداً في بدايات هذا الإحتكاك والتثاقف بالنسبة للمستعمرات هو احتقارها والتنقيص من شأنها, مادام المستعمر هو المتفوق حضارياً, و هو الحامل للمشروع الحضاري الذي سيخرج هذه المجتمعات من التخلف إلى التقدم, حيث كان إزدراء وتبخيص حق العنصر البشري أولى مقدمات هذا التثاقف,لذلك كانت حالات الزيجات المختلطة قليلة جداً, وتقتصر على حالات غربيين اعتنقوا الإسلام, وقدروا الخصوصية والتمايز الثقافي –الديني لهذه المجتمعات, لكن شيئاً فشيئاً بدت نظرة الغرب تتحول وتتغير في اتجاه التقدير الثقافي المبني على الإحترام وقبول الإختلاف كشرط أساسي لحوار متكافئ, لكن مع ذلك بقي المحدد الديني الفيصل والحاسم والمقرر في شرعية هاته الأخيرة, فشرط دخول الإسلام بالنسبة للأجانب من غير المسلمين, لا يمكن تفاديه أو القفز عليه, وكان الفقه الإسلامي شديد الحرص على ذلك, ولو أن الأسر كانت تنفر من هذا النوع من الزيجات, حتى بعد استقلال هذه المجتمعات, ولكي لا نذهب بعيداً , ففي المغرب و إلى حدود السبعينيات وبداية الثمانينيات كان عدد الزيجات المختلطة, لا يسمح بالدراسة والسؤال السوسيولوجيين, بمعنى آخر , فأنه فقط وانطلاقا من التسعينيات وبوثيرة متصاعدة أصبحنا نشهد مسلسلاً لزواج مختلط- خارجي, فرض نفسه على المستوى القانون الدولي, ويبرز هذا من خلال الإتفاقيات الدولية , وبالخصوص الثنائية منها, وذلك نتيجة الهجرة, وما فرضته من احتكاك وتثاقف بين المهاجرين وسكان البلد المضيف, كما نتيجة أسباب أخرى سنأتي على ذكرها, الشيء الذي جعلنا أمام ظاهرة سوسيولوجية تستحق الدراسة والتحليل, ظاهرة سوسيو ثقافية ماتزال بكراً, لم تول العناية والملاحظة الكافيتين والكفيلتين بإنتاج خطاب سوسيولوجي واضح حول الموضوع, فما هناك سوى مقالات متفرقة يغلب عليها الطابع الصحفي, والإعلامي, في الوقت الذي نشرت فيه دراسات ارتكزت بالأساس على اندماج الأسر المسلمة في بلاد المهجر , وإشكاليات الزواج المختلط, التعدد,الطلاق, وتأثير كل ذلك على الأسرة والتربية والتنشئة الاجتماعية (1), فما هي الأسباب والعوامل الثقافية والإقتصادية والاجتماعية التي مهدت وشجعت واحتضنت هذه الظاهرة السوسيوثقافية بامتياز, وجعلت نسبة كبيرة من نسائنا وشباتنا يحلمن بالزواج بأجنبي, تهيمن فيه أرويا الغربية كجغرافية ثقافية واقتصادية تشكل مصدر طلب, بالرغم من ارتفاعه المتزايد فإنه لا يلبي مستوى العرض المغربي المتنامي ؟ ماذا يشكل إذن هذا النوع من الزواج بالنسبة لهن, وبالنسبة لأسرهن المسلمة ؟ ماذا تحول حتى أصبح هذا الشكل من الزيجات يمر من مستوى الرفض والنفور إلى القبول والطلب ؟
1- الزواج والحركية الاجتماعية
1 –1- الحركية الاجتماعية الصاعدة والزواج المختلط
1-1-2- الحركية الاجتماعية والزواج بالغربيين
تعتبر الحركية الاجتماعية أداة سوسيولوجية لقياس مدى دينامية المجتمعات والأفراد, ومدى قبولهم أو رفضهم للوضع القائم, كما تعبر الحركية الاجتماعية, وخاصة الصاعدة منها عن مستوى حركية المجتمع وانتاجيته, عكس الحركية النازلة أو التي هي في مستوى الصفر, التي تترجم مستوى الخمول والجمود اللذان قد يهيمنان على الأفراد والمجتمعات, والحركية الاجتماعية اجرائياً كما تعرفها المعاجم السوسيولوجية " تكمن في مدى وسعة مرور الأفراد من فئة اجتماعية تتميز بعدد من المستويات: الدخل, الترتيب المهني, الهالة, وبمجموعة من القيم والمعايير وأنماط السلوك وأنماط الحياة المنقولة بواسطة الجمعنة إلى طبقة اجتماعية أخرى متميزة بعدد من العناصر المادية (المداخيل, السكن...) والثقافية (القيم, المعايير والتمثلات)(2) والتي تشترط الوجود الفردي, وتتم المقارنة بين الوسط المرجعي الذي ينحدر منه الفرد ويمتح منه سلوكاته وبين وسط الإنتماء أو الوصول, وهو الوسط الذي يندمج فيه الفرد وينخرط فيه, وتسمى كذلك بالحركية الاجتماعية البين –جيلية, والتي تعني اكتساب وضع اجتماعي أعلى من طرف الأفراد مقارنة مع أوضاع ووضعيات آبائهم . ومفهوم الحركية الاجتماعية مرتبط بديهياً بالإستعداد والرغبة القبلية للأفراد في تسلق الترتيب والسلم الاجتماعيين (3),هذا وبعد التحولات السوسيواقتصادية التي عرفها المغرب في العقود الأخيرة, وعلى الخصوص منذ النصف الثاني من الثمانينيات, أي مباشرة بعد التقويم الهيكلي, إذ سوف تعرف القدرة الشرائية تراجعاً كبيراً بسسب الأزمات الإقتصادية المتتابعة والتي عمقت من تأثيرها سنوات الجفاف,لترتفع من جديد نسب البطالة والإعالة, وضعف الأجور, كل ذلك ساهم بشكل كبير في ارتفاع نسب العنوسة, والعزوف عن الزواج, من جهة الشباب, كما أن ضعف امتصاص سوق الشغل لمعدالات البطالة التي أصبحت في ارتفاع مستمر, جعل المرأة في وضعية اجتماعية خانقة,أكثر من الرجل, الذي بالرغم من الأزمة السوسيو اقتصادية استطاع بشكل أو بأخر أن يجد منافذ ومسالك متعددة لتحقيق حركية اجتماعية صاعدة, كيفما كان الحال فهي أفضل من المرأة التي بقيت رهينة حركية اجتماعية نازلة أو في مستوى الصفر, الشيء الذي يدل على كونها بقيت تابعة لوضعية أسرتها, كما أن التحاقها بسوق الشغل يئن حقيقة تحت وطأة ميز ذكوري, كما تدل على ذلك الأرقام والإحصائيات, التي توضح بشكل كبير مزاولتها للمهن البسيطة والخدماتية, بالنسبة للمتوسط الحسابي,مقارنة مع الرجل(4), وبالتالي فإن قطاع التوظيفات لا على مستوى القطاع العام, ولا على مستوى القطاع الخاص, لم يفلح لا في امتصاص الأعداد الهائلة للنساء المؤهلات والطالبات للشغل, ولا حتى في تحقيق حركية اجتماعية بالنسبة للواتي استطعن العمل,ذلك أن أكثر من 75 في المائة عاطلات عن العمل, وإذا أضفنا أن الشباب أكثر ميلاً للموظفات في القطاع العام والمرتبات في السلاليم العليا فيما يخص الزواج, نستنتج أن الغالبية العظمى من النساء الشابات هم سجينات وضعهن الأسري, وإذا علمنا أن الأسر المحظوظة بالمغرب تستهلك 14,5 مرة أكثر ما تستهلكه الأسر المحرومة والتي تمثل 89,5 في المائة من مجموع الأسر في المغرب,(5) نستنتج أن كل منافذ ومسالك الحركية الاجتماعية قد أغلقت في وجههن, الشيء الذي يفسر إقدامهن إسوة بشقائقهم الشباب من الذكور, على مسلسل الهجرة السرية,فمنذ 1997 لم تتوان أفواج الحركات في الإلتحاق بالجيوش المهاجرة إلى أروبا بعدما اشتد عزمهن على تحقيق أحلام ضاعت بوطن لا يجيد سوى فن الخطابة والنفاق السياسيين,فقد سجلنا نسبة مشاركتهن في هذا المسلسل الإنتحاري تتجاوز 6,5 في المائة في كل رحلة من الرحلات القسرية لقوارب الموت(6), كما سجلنا إقدامهن على الزواج الأبيض بالمغاربة بنسبة كبيرة بمبلغ يتجاوز 80.000 درهم, ومن هذا المنطلق السوسيواقتصادي أصبحت الهجرة إلى شبه الجزيرة الإيبرية في المقام الأول, ثم الدول الإسكندنافية,و القارة الأمريكية,ودول البترو دولار, في المقام الأخير وبدرجة أقل بكثير من سابقاتها,المنفذ الوحيد لتحقيق حركية اجتماعية صاعدة, وما دامت هجرتهن إلى هذه الدول - بإستثناء الدول العربية البترولية – بشكل لا قانوني يعرضهن لمشاكل سوسيواقتصادية و قانونية , يصبحن نتيجتها عرضة للتيه والمساومة والعمل في ظروف مزرية , وفي الحالات العظمى للتجارة الجنسية, فإن هذه الفئة من النساء تفضل الإقتران بزوج أجنبي في إطار زواج يعتبر في العمق أبيضاً , لا تتوفر فيه الشروط الفقهية والعرفية الإسلامية للزواج,لأنه في الحقيقة المنفذ الوحيد لتحقيق حركية اجتماعية من شأنها أن تحقق لهؤلاء النساء حلمهن في الإرتقاء الاجتماعي, في هذا السياق أقتبس مقطعاً من تصريح لشابة كانت في 28 يوم أجريت معها المقابلة- كان ذلك سنة 1999- تقول فاطمة ع: " ...فما عساك تقول أمام صديقات كن معك في صف الدراسة, تعشن نفس الأحوال فإذا بهن تسلقن سلم الثروة والجاه, إما بزواجهن من أغنياء أو بعملهن في الخليج....وإما بهجرتهن إلى الخارج, فهناك من التحقن بذويهن وهناك من هاجرن من تلقاء أنفسهن, إما في القوارب أو عبر تركيا,أو بزواجهن زواجاً أبيضاً.....أو.. .., كنت حين أرى إحداهن عادت من أروبا يزداد إلحاحي علىالهجرة " (7) هذه المستجوبة بعد أن قضت سنتين في إسبانيا بدون أوراق اضظرت للزواج بإسباني حتى تسوي وضعيتها الغير القانونية . وتجدر الإشارة إلى أن الزواج بالغربيين هو المهيمن في الست سنوات الأخيرة, حسب تصريحات أحد موظفي وزارة العدل,( وحسب الترتيب نجد : أوروبا الغربية, الدول الإسكندنافية, أمريكا الشمالية, وكندا, دول الخليج العربي, التي كانت في الصدارة في الثمانينيات وبداية التسعينيات) لكن يبقى السؤال الأساسي في هذا السياق والمرتبط بالأسرة المغربية – الإسلامية, هو ما هو التحول الذي حصل حتى أصبحت الرغبة جامحة في زوج من ديانة غير اسلامية بدرجة كبيرة فيما يخص الزواج المختلط , من الوجهة الأنثربو – ثقافية ؟ خاصة وأن الأسر المغربية تعرف جيدأ أن شهادة الإسلام التي يتسلمها الأجنبي ليعقد القران وفقاً للفقه الإسلامي, هي شهادة شكلية لا تمت بصلة لرغبة وإسلام المعني بالأمر؟
1- الزواج المختلط للمغربيات بين الثقافي والسوسيو اقتصادي
2-1 – الأسرة بين التطبيع الثقافي والرفض الاجتماعي
ليس غريبا أن نعرف أن الأسر المغربية بنسبة 89,5 في المائة هي أسر محرومة وتعيش أوضاعاً كارثية , وكلما ضعف الدخل والمورد الإقتصادي كلما ضعفت الرقابة والوصاية البترياركية التي تكون أكثر انشداداً للمرجعية الدينية في بعدها الثقافي التقليدي,وإذا أضفنا هذا العامل السوسيولوجي إلى العوامل السابقة الذكر والتي تتعلق بالحركية الاجتماعية, نستنتج أن المحدد الاقتصادي هو الذي يحدد القيم والمعايير التي تطبع خطاطة التواصل الثقافية داخل هذه الأسر, ومن ثمة فهذه الأخيرة تفضل أن تتزوج بناتها من أجانب من دون الإسلام, على أن يحترفن مثلاً البغاء والتجارة الجنسية, أو في أفضل الأحوال يبقين سجينات وضع سوسيواقتصادي رهيب, كما يعلق أحد من استجوبناهم ,ممن أعرفه جيداً, له بنت تزوجت في السنة ما قبل الماضية بفرنسي:" شوف أولدي اللهم تزوج بنصراني وتمشي تعيش حياتها وتنقد خوتها وعائلتها, ولا تبقى لي هنيا مجلوقة بين الشركات ديال كونفكسيون, كيعطيوها جوج دريال, وكيحرثوا عليها بحال لحمارة, شي نهار دير لي شي مصيبة ونبقى معيار, وزايدون شحال تقدر تصبر البنت اليوم, فمصيرتها تخرج لذاك الشي.... وزيدون راه داتوا حتى سلم قدام العادل " وحين قاطعته بإستفساري التالي:" ولكن أبا محمد " راه في الأسبوع الأول من بعد ما درتوا العرس, كان داير الصليب في صدرو, وهذا كيدل على أنه مازال مسيحي," يرد با محمد : " سمع أولدي وأنت سيد العارفين: " إلا كان كيكذب على راس وعلى رب شغله هذاك, وزايدون منين دير وراقها معجباش تبقى معه, تصرحوا وتهنى منه, وذاك الساعة تزوج لبغات وعلى دينها, ورب كيغفر كل شي, وهيلخير لغادي ديروا في خوتها و واليدها راه بحال إلا حجات...."
تصريح دال ومعبر هذا الذي أتينا على ذكره, يشير إلى مسألة أساسية تلخص من جهة اختيار الأسرة القاسي ما بين امتهان المرأة للعمالة الجنسية كمهنة,أو بقائها في وضعية مزرية, وما بين الزواج المختلط, ومن جهة أخرى التعامل البركماتي مع الدين,وهو تفسير لا ينفصل عن الإسلام الشعبي كما تناولته الدراسات الأنثربولوجية والسوسيولوجية بالمغرب, كما يوضح مدى ارتباط الحركية الاجتماعية الفردية بالحركية الجماعية من خلال تأكيد هذا الأب على الدور الذي ستلعبه بنته لإنقاد الإخوة والأسرة برمتها, وهكذا يتضح أن الظروف السوسيواقتصادية والتحولات التي عرفتها الأسرة المغربية, وخاصة المحرومة منها, والتي مهدت منذ عقود , وبالخصوص بعد سنوات التقويم الهيكلي والأزمات الإقتصادية التي صاحبتها, لخروج المرأة للعمل ولتفتيت الدور البترياركالي, بسلطة الإقتصادي,الذي عمل على نحت معايير وقيم جديدة طبعت خطاطة التواصل الثقافية داخل الأسر, كما داخل المجتمع برمته, تمتح من البركماتية والمنفعة المباشرة أهم أسسها, ويتضح ذلك من خلال اشتغال المعيش اليومي على القيم والمعايير وعلى الدين والثقافة بشكل خاص, لأن الأنساق الثقافية والاجتماعية التي تعتمل داخل المجتمع لم تعد كافية ووظائفية في ضمانها للتطبيع وقبول النموذج القيمي الذي فشل في تحقيق الوضع الاجتماعي المأمول, و المفقود في نفس الوقت , ومن ثمة وإذا رجعنا إلى نظرية الأنساق مع بارسونز نكتشف أن الفهم البركماتي للدين والثقافة كما سبق وأشرنا, هو وليد فشل نسقي الثقافي والاجتماعي في تلبية حاجات ومستلزمات نسق الشخصية, لذلك وكما يؤكد على ذلك نيكولا تشيماشيف, يصبح رفض التطبيع,حاجة ملحة لتعديل وتغيير نسق الثقافة والنسق الاجتماعي, (8) وهي مسألة تترجم الإنتقال من التوازن إلى حالة اللاتوازن والصراع مع القيم القديمة والأنساق السابقة, وإذا نظرنا إلى مستوى التطبيع الذي يتضح من خلال قبول, بل وطلب الأسر المغربية,وبالخصوص النساء الشابات, لهذا النوع من الزواج, نكتشف أن المجتمع المغربي قد حسم في العديد من القضايا القيمية في العقود الأخيرة , وهو الآن في طريقه لنحث أنساق ثقافية واجتماعية جديدة, قوامها فهم وتفسير جديدين للدين والثقافة والأعراف .
• باحث في علم الاجتماع
والأنثربولوجيا الثقافية / المغرب
1 - يمكن الرجوع بهذا الخصوص إلى : الأسرة المسلمة في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا (واف, أسود وبلغة, متكالف) مراجعة أبو بكر باقادر, مجلة الاجتهاد العدد 39/40
المرأة المسلمة والطلاق الإسلامي في انجلترا, للوسي كاروول, ترجمة أبو بكر باقادر,مجلة الإجتهاد العدد 39/40 , 1998
التقاليد الإسلامية للأسرة في السياق القانوني الفرنسي, لبرنارد بوتيفو, ترجمة نور محمد العامودي, نفس المجلة السابقة
كما يمكن الرجوع للدراسة الميدانية التي قام بها الدكتور عاصف وصفي, للجالية اللبنانية الإسلامية بمدينة ديربورن الأمريكية, ضمن كتابه " الأنثربولوجيا الثقافية " 1971, دار النهضة العربية –بيروت .
2- sophie arrecks . la mobilite sociale. IUFM de paris. SES. 20004. p2-3
3- dictionnaire des termes de la sociologie. Collection FLASH.MARABOUT edition 1991. p61
4 - أنظر النساء الموظفات في المغرب, دار توبقال للنشر, الطبعة الأولى 2002
5 –عائشى بلعربي, الحركة الجمعوية النسائية بالمغرب, من كتاب وعي المجتمع بذاته, عن المجتمع المدني في المغرب العربي, 1996, تحت إشراف عبد الله حمودي, ص 155
6 – أنظر عياد ابلال, الهجرة السرية, مقاربة سوسيولوجية, الطبعة الأولى 2002, ص 88 وما بعدها
7 – المرجع نفسه ص 131
8 – أنظر بهذا الخصوص, أحمد لقصير, منهجية علم الاجتماه بين الوظيفية والماركسية والبنيوية, بيروت 1985



#عياد_أبلال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- ” قدمي حالًا “.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة في الب ...
- دراسة: الوحدة قد تسبب زيادة الوزن عند النساء!
- تدريب 2 “سياسات الحماية من أجل بيئة عمل آمنة للنساء في المجت ...
- الطفلة جانيت.. اغتصاب وقتل رضيعة سودانية يهز الشارع المصري
- -اغتصاب الرجال والنساء-.. ناشطون يكشفون ما يحدث بسجون إيران ...
- ?حركة طالبان تمنع التعليم للفتيات فوق الصف السادس
- -حرب شاملة- على النساء.. ماذا يحدث في إيران؟
- الشرطة الإيرانية متورطة في تعذيب واغتصاب محتجزات/ين من الأقل ...
- “بدون تشويش أو انقطاع” تردد قنوات الاطفال الجديدة 2024 القمر ...
- ناشطة إيرانية تدعو النساء إلى استخدام -سلاح الإنستغرام-


المزيد.....

- الجندر والجنسانية - جوديث بتلر / حسين القطان
- بول ريكور: الجنس والمقدّس / فتحي المسكيني
- المسألة الجنسية بالوطن العربي: محاولة للفهم / رشيد جرموني
- الحب والزواج.. / ايما جولدمان
- جدلية الجنس - (الفصل الأوّل) / شولاميث فايرستون
- حول الاجهاض / منصور حكمت
- حول المعتقدات والسلوكيات الجنسية / صفاء طميش
- ملوك الدعارة / إدريس ولد القابلة
- الجنس الحضاري / المنصور جعفر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلاقات الجنسية والاسرية - عياد أبلال - المرجعيات الثقافية والاجتماعية للزواج المختلط بالوطن العربي تجربة المغربيات بالغربيين نموذجاً