أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - عبد العزيز حسين الصاوي - حزب الله : انتزاع الهزيمة من جوف النصر ؟















المزيد.....

حزب الله : انتزاع الهزيمة من جوف النصر ؟


عبد العزيز حسين الصاوي

الحوار المتمدن-العدد: 1652 - 2006 / 8 / 24 - 06:56
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


خاصة بالمقارنة لضالة الانجازات العسكرية العربية في الحروب ضد اسرائيل، تبدو انجازات حزب الله في الحرب السادسة كبيرة. المغزي الرئيسي الباقي لما حققه الحزب عسكريا هو انثلام اسطورة الجيش الذي لايقهر وعودة الروح الي الارادة العربية حول امكانية هزيمة اسرائيل. امام الحزب الان فرصة لتحقيق انتصار اخر يساوي في قيمته التاريخية اضعاف اضعاف قيمة الانتصار العسكري. اما الخيار الاخر فهو ابقاؤه معلقا في الهواء رداء تتخطفه بعض القيادات العربية لستر عيوب سياساتها القاتله راكبة موجة الحماس الجماهيري لحزب الله .
لقد دفع لبنان- الدولة ولبنان -المجتمع ثمنا باهظا لقاء الانتصار الذي حققه الحزب ممثلا في الخراب المادي الباهظ والتضحيات البشرية. هذا من طبيعة الحروب وتبقي الامم مستعدة لتحملها كثمن لرد العدوان وتحرير الارض تمهيدا للبناء المستقبلي. ولبنان واللبنانيين ليسوا استثناء في هذا المجال. هذا ماأثبته تراجع الخلافات السياسيه والانقسامات الطائفيه ابان الحرب، وفي مقدور حزب الله ان يوطد هذا التلاحم الوطني كأساس لاعادة البناء بأقوي مما كان عليه بالانتباه الي ان روح هذا التلاحم ونسغ حياته هو الحفاظ علي التجربة الديموقراطية اللبنانية بتطويرها. ان المصدر الجوهري لاخفاق كافة المحاولات العربية في الصراع مع اسرائيل وحليفها الامريكي – الغربي هو عدم ادراك هذه الحقيقه رغم ان سر قوة المجتمعات والانظمة الغربيه، وبعض العالمثالثيه، كامن فيها. واذا كانت اجواء الصراع العربي العنيف والمشروع مع الغرب الاستعماري والامبريالي حتي النصف الثاني من القرن الماضي، مقرونا ببروز المعسكر الاشتراكي، تغيم علي افق هذه الحقيقه فأن الانتصار الساحق للانظمة الديموقراطية في الحرب الباردة قد بدد اي ظلال من الشك.
هذا النوع من المجتمعات سواء كان غربيا او اسيويا( الهند وغيرها ) لاينجرف نحو الحروب، كما هو الحال مع الانظمة الدكتاتوريه، لان القرارات فيه تتخذها سلطة خاضعة للرقابه من قبل معارضة حزبية حيه ومجتمع مدني وصحافة اكثر حيويه. كما ان هذه المجتمعات عندما تدخل حربا تكسبها حتي لو خسرت ميدانيا لان الالية الديموقراطية تضمن الاستفادة من دروس الهزيمه بمختلف الوسائل واهمها محاسبة القيادات بينما العكس هو الصحيح مع القيادات غير الديموقراطيه حيث يفضي انتصارها في معركة واحده الي تكريس معصومية القياده ومعها بالضروره عدم قابلية المجتمع ونظامه السياسي للتطور متهيئا بذلك لهزيمة عسكرية ساحقه في الجولة التاليه. من اشهر النماذج التوضيحية في هذا المجال نموذج السياسي البريطاني ونستون شيرشل. فقد اقتضت موجبات العملية السياسية الديموقراطية تنازله عن السلطه بعد نهاية الحرب العالمية الثانيه التي قاد فيها البلاد الي انتصار ناجز عندما اختار الناخب البريطاني حزب العمال المعارض لمهمة اعادة البناء في اول انتخابات بعدها. بذلك احتفظت له الذاكرة الجمعية البريطانية بمقعد مميز في رواق ابطال البلاد التاريخيين ومضت بريطانيا شاقة طريقها لتبقي قوة كبري بفضل نظامها الديموقراطي حتي بعد ان اضطرت للتخلي عن مستعمراتها.
لاشك ان التاريخ والمجتمع اللبنانيان يؤملان أن تتمكن قيادة حزب الله من اختراق كثافة الظلامات الفلسطينية وغير الفلسطينية العربية المشروعة ضد الغرب عموما، وخاصة الدعم الامريكي اللامحدود لاسرائيل، لرؤية هذه الايجابية النوعية في التجربة الغربيه وتسخيرها للمصلحة العامه. والفرصة امام قيادة الحزب لترجمة الانتصارالميداني الي انتصار ديموقراطي سهلة التنفيذ نسبيا بقدر الحاحها. فقبل بداية الحرب الاخيرة كان لبنان قد دخل تجربة مبشرة بتطوير تجربته الديموقراطيه عبر حوار وطني بين قواه السياسيه توصلت فيه الي مواقف مشتركه حول قضايا شائكه من اهمها العلاقة مع سوريا. وكان هذا الموضوع مثار خلاف عميق بين اللبنانيين بين حليف قوي لسوريا ومعارض لها بنفس القوه. واعتبر الاتفاق علي اقامة علاقات دبلوماسية مع سوريا خطوة علي طريق اقامة دولة لبنانية حديثه لاتكتمل بدون خطوة توحيد السلاح في يدها بمعالجة موضوع سلاح حزب الله. ماهي اذن الاحتمالات في هذا الصدد ؟
كيفية نشأة حزب الله في المجال السياسي اللبناني تعيد للاذهان في جانبها الاساسي التجربة السودانية حيث انبثقت حركات سياسية- عسكرية تعبيرا عن الحرمان الاستثنائي الذي عاشته منطقة او مجموعة سكانية معينه، حتي ان جذور الحزب تعود الي حركة حملت اسم " حركة المحرومين " انشأها الامام ( الغائب في ليبيا ؟ ) موسي الصدر اواخر الستينيات. وبينما تميزت تحالفات الحركات الجهوية-القبلية السودانيه بالتنوع والتبدل من مرحلة لاخري، وبالتالي بمحدودية نسبية لتأثيرها علي اختياراتها الايدولوجية والسياسيه وقابليتها للاندماج في الكيان الوطني بعد انقضاء مرحلة الصراع المسلح، اتخذ تحالف حزب الله مع ايران شكلا يقترب من الاندماج. مرد ذلك الجاذبية الهائلة للثورة الايرانية عند انفجارها عام 79 ثم طبيعة المذهب الشيعي القائمة علي وحدانية مرجعيته الدينيه لاسيما في تأويلها الخميني وفق عقيدة " ولاية الفقيه " التي ترفعه الي مرتبة السلطة الدينية والدنيوية المطلقه. المذهب الشيعي اقرب للكنيسة الكاثوليكية ببابواتها منه الي المذاهب المسيحية الاخري والي الاسلام السني. من هنا نتفهم الحقيقة المعروفه من ان الشيخ حسن نصر الله هو الممثل المعتمد رسميا في لبنان للمرجع الشيعي الايراني الاعلي حاليا علي خامنئي وانه مستعد، وفق وثائق الحزب الرسميه، لقبول تعليماته. ومما ساهم في توطيد هذه العلاقة التحالف السوري- الايراني الوثيق منذ عقود مقرونا بالتداخل السوري الكبير في الحياة السياسية اللبنانيه منذ اتفاقية الطائف عام 89 ، واستمراره بأشكال اخري حتي بعد خروجها عسكريا قبل عام ونيف.
هذا من ناحيه، ومن ناحية اخري فأن ارتباط حزب الله بالطائفة الشيعيه يتوفرعلي خاصية غير موجوده في احزاب الطوائف الاخري المسيحية والاسلامية التي يقوم عليها النظام السياسي اللبناني وهي الاهمية المركزية للمكون العسكري فيه والتي برزت بوضوح في مستوي ادائه خلال المواجهة الاخيرة مع اسرائيل. ومن البديهي ان تكوينا من هذا النوع يتم كقاعدة عامه علي حساب مقومات العقلية والسلوكيات الديموقراطية وهي الانفتاح السياسي والفكري للحركة المعينه لانه تكوين يتطلب قدرا عاليا من السريه والانضباط يصل الي درجة تجييش المجتمع بأكمله والغاء الحياة المدنية الي درجة بعيده. ان المحافظة علي التوازن بين هذين الاعتبارين المتناقضين صعبة حتي لدي الحركات السياسية الصرفه كما هو الحال مثلا في ظروف القمع الدكتاتوري بالنسبة للاحزاب السياسية السودانية في ظل انظمة نوفمبر 58 ومايو 69 ويونيو 89، فما بالك بالنسبة لحركة مقاومه مسلحه منذ نشأتها. مع ذلك فقد اثبتت قيادة حزب الله براجماتيتها ومرونتها في اكثر من موقف. ومن يراقب تصرفات امين عام حزب الله وحتي اسلوبه في الكلام يلحظ بسهوله ان مظهره الديني التقليدي يخفي وراءه ذكاء سياسيا ارضيا حادا وحسابا للتوازنات يعود بالارجح الي ان الديموقراطية اللبنانية علي علاتها الطائفيه، معززة بالانفتاح اللبناني المبكر علي العالم، رسبت تراثا يفعل فعله لدي القادة السياسيين ... تراث تواضعت الاطراف اللبنانية كافة علي انه السبيل الوحيد للحفاظ علي وجودها ووجود البلاد نفسها وذلك اثر الحرب الاهلية التي استمرت زهاء الخمسة عشر عاما وانتهت بتدخل عربي واوروبي وامريكي افضي الي توقيع اتفاقية الطائف.
من هنا فأن المعوقات التكوينيه والتحالفاتيه لم تمنع اتخاذ حزب الله خطوات معينة علي طريق الاندماج الوطني بأتجاه تحوله الي حركة سياسيه بما يذكر سودانيا بتجربة الحركة الشعبيه والان حركة تحرير السودان، عندما تخلي عن مقاطعته للعملية السياسيه فدخل الانتخابات البرلمانيه في المرحلة الاولي ثم الوزارة ايضا في المرحلة الثانيه. ويعني هذا وجود امكانية لايجاد صيغة مقبولة لدي كافة الاطراف لازالة العقبة الكبري وهي سلاح الحزب عبر فترة زمنية تتخذ خلالها اجراءات لبناء الثقه بين الفرقاء اللبنانيين انفسهم يعتبر تحسين العلاقات مع سوريا وايران جزء لايتجزأ منها. ويتطلب هذا بطبيعة الحال مرونة وتنازلات مقابلة من الفريق الاخر وهو مايسمي لبنانيا ب" الاكثرية النيابيه " التي نشأت في خضم الصراع مع سوريا، وايران تاليا، اذ ان درجة التأثير السلبي للاطراف الخارجيه تتناسب طردا مع درجة التباعد بين الاطراف اللبنانيه.
أن المهمة المطروحة امام حزب الله لاستكمال انتصاره الميداني بأنتصار سياسي في معركة الديموقراطية التي عزت فيها الانتصارات العربية بأكثر مما عزت في معارك السلاح وبنتائج سلبية اخطر بمراحل، وثيقة الصلة ايضا بقضية الاستعانة بأطراف اجنبية لاسيما الغربيه منها. هذه قضية ساخنة سودانيا ايضا كما هي لبنانيا. فالامور لايمكن ان تتجمد عند اللحظة الراهنه ممثلة في القرار 1701 الذي ينص علي نشر قوة اممية تتولي مراقبة التنفيذ فيما يتعلق بالتزام الطرفين بوقف الاعمال العدائيه ومنع تسرب الاسلحة الي لبنان. في المرحلة الاولي قد يكفي لنجاح التنفيذ اتفاق الاطراف اللبنانيه الراهن علي بقاء حزب الله في مواقعه وعدم اظهار سلاحه ولكن علي المدي الابعد يظل الضمان النهائي هو الالتزام بأتفاقية الهدنة الموقعة بين لبنان واسرائيل وهي اتفاقية بين دولتين وبهذه الصفة ليست ملزمة لحزب الله بينما سجل الالتزام الاسرائيلي بالقرارات والاتفاقيات الدولية بائس للغايه لاسيما وان الرأي العام والمؤسسة العسكرية والسياسية الاسرائيليه تشعر بحاجة قوية لرد اعتبارها بعد الضربة التي تلقتها. ويمكن لحزب الله تفويت هذه الفرصة عليها وفي نفس الوقت حماية لبنان من التدمير للمرة السابعة في تاريخه بالتوصل الي صيغة لتوحيد السلاح في الدوله والاندماج النهائي في العملية السياسيه. فأذا جاءت هذه الخطوة الحاسمة محمولة علي موجة الاعجاب والتأييد الشعبي الكبير الذي يتمتع به الحزب الان في كافة الاوساط اللبنانية فأن مساحة موقعه في نظام ديموقراطي راسخ ستتجاوز كثيرا مساحة موقعه الراهن المحكوم بحدود الطائفه. مع العلم بأن التحالفات الخارجية لحزب ديموقراطي في تكوينه الداخلي وتصرفاته اليوميه لاتشكل قيدا علي حظوظه الانتخابيه لانها ستكون عبارة عن خيارات مفتوحة للفحص امام الجميع كما انها توفر اجواء لاقتناع وطني بندية العلاقه ومن ثم الفائدة المشتركة والمتبادلة بعكس ماتثيره علاقة التحالف لحزب مسربل بغموض اللاديموقراطيه.
حسب بعض التقييمات للسياسات المصرية بعد النصر العربي الوحيد السابق ضد اسرائيل في حرب اكتوبر 1973 انها كانت انتزاعا للهزيمة من جوف النصر .. وامام حزب الله وقيادته فرصة لاتعوض لابعاد اي احتمال من هذا النوع.



#عبد_العزيز_حسين_الصاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جزئيات مكمله لسيرة محمد ابو القاسم حاج حمد


المزيد.....




- رصدته كاميرات المراقبة.. شاهد رجلًا يحطم عدة مضخات وقود في م ...
- هل تعلم أنّ شواطئ ترينيداد تضاهي بسحرها شواطئ منطقة البحر ال ...
- سلطنة عُمان.. الإعلان عن حصيلة جديدة للوفيات جراء المنخفض ال ...
- في اتصال مع أمير قطر.. رئيس إيران: أقل إجراء ضد مصالحنا سيقا ...
- مشاهد متداولة لازدحام كبير لـ-إسرائيليين- في طابا لدخول مصر ...
- كيف تحولت الإكوادور -جزيرة السلام- من ملاذ سياحي إلى دولة في ...
- محاكمة ترامب -التاريخية-.. انتهاء اليوم الأول دون تعيين مُحل ...
- حزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني في عمان يتقبل التهاني ...
- كاتس يدعو 32 دولة إلى فرض عقوبات على برنامج إيران الصاروخي
- -بوليتيكو-: الاتحاد الأوروبي بصدد فرض عقوبات جديدة على إيران ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - عبد العزيز حسين الصاوي - حزب الله : انتزاع الهزيمة من جوف النصر ؟