-النضال النقابي بالجماعات المحلية - الجزء 5

يسير بلهيبة

الحوار المتمدن-العدد: 1649 - 2006 / 8 / 21 - 10:52
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    

موجة جديدة من الإجهاز على المكتسبات النقابية في العالم

l- الوضع النقابي دوليا ( خطر الإجهاز على المكتسبات العمالية )
1- القارة الامريكية :

*الولايات المتحدة نمودجا: حركة مناهضة الحرب وموقع الحركة العمالية
شكل المشروع التوسعي الإمبريالي للولايات المتحدة احد التحديات الأساسية لاستفزاز قريحة النضال العمالي بعد سنين طويلة من الجمود ..انطلقت حملة مناهضة الحرب على العراق مع انهيار منظومة الشعارات التي أطرت الهجوم الشرس على الشعب العراقي وتجويع أطفاله لمدة تجاوزت العقد ، حيث استخدمت مختلف الوسائل التضليلية في توجيه الإجماع الأمريكي ، ليصطدم المواطن الأمريكي الذي صوت على بوش بمدى الخدعة التي أطرت مشروعه التدميري :( بالرغم من دعم و.م.ا الاستخباراتي إبان الانقلاب العسكري الذي حمل صدام إلى الحكم 1968-1969) تزييف وضعف في الأداء الاستخباراتي –اكدوبة أسلحة الدمار الشامل – وهم القوة الاستخباراتية من خلال أحداث 11 شتنبر الإرهابية – التضييق على الحريات العامة باسم قانون مناهضة الإرهاب .
لقد بدأ العامل الأمريكي يدرك جراء توا ثر وتعاقب الأحداث أن أسباب إنهاكه المترتبة بسبب الإجهاز عن مجموعة من المكتسبات العمالية وعلى رأسها الحماية الاجتماعية ترتبط أساسا بما ينفق من أموال طائلة في دعم الحرب على الشعوب المقهورة ،قصد تامين مصالح الشركات المتعددة الاستيطان ..وتصل حجم النفقات العسكرية إلى 2.7 تريليون من الدولارات لتطوير المركب الصناعي العسكري يوازيها نزوح واضح اتجاه القضاء نهائيا على ضريبة الشركات التي تقدر بحوالي 690 مليار دولار ، كما تستنزف المالية تكاليف غزو العراق3.90 مليار دولار (150الف جندي أمريكي ) كتكلفة شهرية ، ويكمن سر هده الإجراءات التدميرية في إحداث أزمة مالية تضطر فيها الدولة إلى نهج تكتيك مفاده ضرورة التراجع عن البرامج الاجتماعية تحت مبرر التوازنات المالية . مؤازرة بخطة تضييق على الحريات العامة ، فمن جهة حالة القمع الدموي الذي ترصد الاحتجاجات الجماهيرية المطالبة بتحسين الأوضاع العمالية ومن جهة أخرى تلك التي ترتبط بمناهضة الحرب على العراق وأفغانستان فقد ثم قمع الوقفة السلمية التي دعت إليها منظمات مناهضة للحرب ونقابة العمال البحارة ILWU في يوم 07/04/2003 ، تزامن دلك مع محطات أخرى للقمع في دولة عظمى تبشر بالديمقراطية مع التراجع الملفت للنظر عن مجموعة من الحقوق وعلى رأسها مطالب المهمشين والعمال والعاطلين ( ثم تدمير 108.000 منصب شغل في شهر ماي 2003 كما تكرر نفس الشيء في شهر نونبر 2002 حيث بلغ 600.000 تزامنت مع تقليص ملحوظ في نسبة التعويضات عن البطالة إلى 14%) هدا في الوقت الذي فقد فيه صندوق ضمان التقاعد PBGC للأموال وزنه الطبيعي ، حيث كان يتوفر على 8 مليار دولار مأطرا ما يزيد عن 44 مليون عامل منخرط أما اليوم فان عجزه قد بلغ 5.40 مليار دولار وتطمح الباطرونا إلى أن تزيد من مصاريف التغطية الصحية من 25% إلى 30% ..بما يدفع البدائل العمالية الطليعية إلى البحث عن تحالفات جديدة بعيدا عن القيادات التقليدية التي انصهرت في امتيازات الرأسمال الأمريكي
تتواجد اليوم النقابات العمالية أمام مرحلة مفتوحة على بسبب نزع ثقتها بالطروحات الإمبريالية بالرغم من ضبابية المشهد الأمريكي على المستوى النقابي إلا انه يكفي أن نذكر أن القيادة الوطنية للمركزية النقابية AFL-LIO انتقدت بشدة بوش بعد ستة أسابيع من تشكيل اتحادياتUSLAW بالرغم من أنها سبق أن دعمت بوش.
2- امريكا اللاتينية :
*البرازيل نمودجا :انبعاث ا لحركة العمالية ومأزق لولا
شكل فوز لولا امتحانا عسيرا لمبادئ وصمود الحركة العمالية ضد كافة أشكال الاحتواء وضد المخططات الأمريكية الرامية إلى توقيع اتفاقيات وإنشاء منطقة للتبادل الحر ALCA ،وتقليص خسائرها التي تقدرب 18.70 مليار في كل سنة .كما شكل امتحانا لصلابة الحركة العمالية وقياداتها المناهضة لقانون التقاعد PEC.40 وهو أيضا امتحان لحلفائها التقليديين أمثال حركة الفلاحين بدون ارض MST قصد إلغاء الإجراءات المؤقت MP.2183 .
مع حكومة كاردوسو ارتفعت حصيلة الاغتيالات إلى 286 ( ما بين 1985و 2002حيث ثم اغتيال 1280) عاملا حسب إحصائيات لجنة رعاية الأرض CPT، نتيجة تشبثهم بمطلب إيقاف تحويل 64% من الميزانية العامة المخصصة لتسديد الديون وتحويلها إلى إنجاز مشاريع ذات طابع إصلاحي وعلى رأسها استكمال مشروع الإصلاح الزراعي .
أمام هدا الوضع يجد لولا الذي فاز في الانتخابات بفعل القوة الدافعة للعمال والفلاحين والمهمشين نفسه أمام تحدي الوفاء بوعوده والحفاظ على القاعدة الاجتماعية الجماهيرية التي حققها على مدي ثلاثة عقود من نضاله ..كما يجد نفسه أمام الظغط الخارجي والداخلي للأحزاب الليبرالية التي دعمته شريطة الحفاظ على مصالحها ..
أصيب العمال والفلاحين بخيبة أمل قسوى نتيجة نكران الجميل الذي نتج عن خيارات لولا الغير الشعبية وتفضيله مساندة طبقة المالكين و المليارديرات اللذين يملكون 67 مليار ريس ب INSS ( وقد سبق لإحصاء نشرته وزارة التقاعد أن أكدت هدا المعطى) . كما فضل أن يغض الطرف عن 107 مليار دولار هربت من البرازيل طيلة عشر سنوات ماضية ..وكانت لوحدها ستحل كافة المشاكل المتعلقة بالخدمات العمومية ..كما أن شريحة الموظفين الدين خرجوا للاحتجاج بعد مدة قليلة من الانتخابات الرئاسية وعلى رأسهم موظفو البلديات ، فوجئو بعزم حكومة لولا التنصل من الوعود والاتفاقيات التي وقعها مع نقابات الموظفين فيما يخص مذكرة 13 نقطة القاضية بتحسين الحقوق العمالية والاجتماعية والاتفاق 10 الذي ينص على ضمان حقوق المتقاعدين .
1-3 القارة الأوروبية :
* ألمانيا نموذجا : الاتفاقيات الجماعية المهددة بالاندثار
في سنة 1989انتفض عمال الشرق أرغمت فيه الدولة على توحيد البلاد إلا انه بالرغم من دلالة الحدث و أهمية تلك الخطوة ، لم يمنع دلك من الإبقاء على التفكك و الفوارق الاجتماعية .لتجدد اليوم الحركة النقابية الألمانية التي تتعاطى مع الحكومة والباطرونا من منظور تشاركي تكاملي .أمام مأزق الحفاظ على المكتسبات العمالية : فالفيدرالية النقابية الرئيسية IG-metal والتي يبلغ عدد منخر طيها 2.6 مليون منخرط بتأثيراتها على الحركة العمالية (DGB، اللجان العمالية SPD)تجد اليوم نفسها أمام غليان الاحتجاجات العمالية.
ومع فوز سرويدر وبرنامج عمله- في أفق 1010-انطلقت الاحتجاجات الأولى التي أعلن عنها من خلال تصريحات رئيس AFA (اللجان العمالية التابعة SPD)قائلا : " إن العمال الاشتراكيين الديمقراطيين يرفضون التقييدات المعلنة ضد الحماية من التسريحات و تخفيض التعويضات المخصصة للبطالة وهدا يسري أيضا على المبادرة التشريعية التي تهدف إلى فرض شروط انفتاح اتجاه الاتفاقية الجماعية و AFAتخدر الحكومة من محاولة التضحية بحقوق العمال المنتزعة عبر عشرات السنين من النضالات " كما أدان الرئيس السابق لحزب SPD اوسكار لافونتين في ذكرى تأسيسه 140 سنة مطالبا ب " العودة للأدوات التقليدية لسياسة اجتماعية ديمقراطية حديثة " كما وصفت IG- métal برنامج شرويدر كونه " أسوأ تدمير اجتماعي في تاريخ ألمانيا مند 1945".
يتلخص برنامج شرويدر في تدمير المرفقات العمومية وتقليص مناصب الشغل وهو ما يجعل نقابة dgb تصفه بكونه برنامج تفكيك اجتماعي بامتياز " المسار الذي يتبعه شرويدر لا علاقة له بسياسة اجتماعية ديمقراطية " في حين عبر 12 نائبا ومسؤولا حزبيا بالحزب الاشتراكي الديمقراطي وعضو مجلس رئاسة الحزب اوتمار شراينر ورئيس نقابة عمال البناء IG-bau عن امتغاضهم داعين إلى تصحيح مسار الحزب عبر نداء وجهوه باسم " نحن الحزب" واجهه شرويدر بعقد مؤتمر استثنائي ..في ظل هده الأوضاع المتردية خرج إبان أواخر ابريل 2003 في فاتح ماي مليون عامل تظاهر ضد البرنامج الحكومي .كما احتشد مليون عامل في التجمعات التي دعت إليها نقابة DGB كما قاطعت النقابات شرويدر تحت الضغط المباشر لقيادات IG-metal أوVER-DI التي أقنعت رئيس DGB سومير بعدم المشاركة في أي تفاوض .إلا انه سيدعو من خلال لقاءات سرية مع شرويدر إلى التهدئة ووقف الأنشطة المناهضة للبرنامج مبررا دلك ب " احراز تعديلات طفيفة " إلا أن محاولات احتواء DGBلم يمنع عمال المناجم بشرق ألمانيا من الرد بقوة من خلال الإعلان عن الإضراب العام ،حيث سيعلن دوفيل مسؤول نقابة المنجميين بالشرق(برلين – ساكس –براندبورك ) عبر ندوة صحفية عن تنظيم إضراب من اجل المساواة في الأجور وفي ساعات العمل بين الشرق والغرب ،ابتداءا من 2 يونيو 2003 . سيتلوه إضراب كبير مواز في مصانع saxe.
وفي الوقت الذي كان فيه 12 ألف عاملا بمناجم الشرق يخوضون إضرابهم ، قرر زويشل نائب رئيس نقابة IG-metal متزامنا مع تجميع 27000 توقيع توقيف الإضراب بعد حوار جمعه برئيس جمعية أرباب المناجم بدون توكيل أو قرار للهياكل التنظيمية .تلته تصريحات المستشار الألماني اندر الذي ردد " في الوقت الراهن لا يمكن لألمانيا الاستمرار اقتصاديا بدون اقتطاعات صارمة في التامين عن البطالة ، والتامين الصحي ومعاشات المتقاعدين والحماية ضد التسريحات " مما يعني تبني الإجراءات تهدف إلى مراجعة مسؤولية الدولة اتجاه التعليم العمومي والعالي والخدمات العمومية والبنية التحتية والاتفاقيات الجماعية والحق في التفاوض والاستقلالية النقابية..كما أكد دلك المعهد الاقتصادي الألماني DWIحيث يشير إلى ان 100.000منصب شغل مهددة بسبب نقص القدرة الشرائية علما أن نسبة العاطلين بلغت رقما قياسيا بألمانيا بلغت 4.7 مليون عاطل سنة 2003 .
إن المستفيد الأول من تقزيم الحقوق الاجتماعية هو جشع الرأسمال العالمي ..حيث تعمل الحكومات الناطقة باسم مصالحه وعلى رأسها لولايات المتحدة الأمريكية على الإلحاح على ضرورة " أن تكون الإصلاحات المرتقبة موضع تنفيذ "وهو ما يترجمه الاقتصادي S.roach بصفته رئيسا للبنك الاستثماريmorgan stanly في عبارته " اتخاذ المعايير المستعجلة في مواجهة سوق لا تراوح مكانها ودولة اجتماعية جد سخية ".

#يسير_بلهيبة (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات