أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - زاهد عزت حرش - ايها المجرمون.. قتلتم الإنسان والطبيعة والحضارة














المزيد.....

ايها المجرمون.. قتلتم الإنسان والطبيعة والحضارة


زاهد عزت حرش
(Zahed Ezzt Harash)


الحوار المتمدن-العدد: 1648 - 2006 / 8 / 20 - 11:06
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


في الحرب على لبنان.. قتلوا الأطفال.. قتلوا الشيوخ والنساء.. قتلوا المعوقين والطيبين والأنبياء.. وقتلوا الحضارة أيضاً.

من بعيد.. من خلف ألمحيطات, تلك التي تمر في عبابها بوارج القتل ألأمريكي المبرمج.. جاءني أيضاً صوتاً من أصواتنا الباقية روحاً وانتماءً وعطاء.. فقد أرسل لي الصديق نعيم فرحات.. ليخبرني عن إحدى جرائم الحرب العدوانية المجرمة ضد لبنان.. والتي راح ضحيتها الناس والأرض والحضارة.

لم يقتصر القتل على بني البشر.. ولا على الطبيعة والحجر.. إنما امتد ليطال أرقى الإبداعات الحضارية للإنسان.. تلك التي تحمل في عنفوانها تاريخ الحضارة الإنسانية وعطائها الروحاني.

يوسف غزاوي.. فنان تشكيلي لبناني ولد عام 1956 في إحدى ضيع الجنوب المثخن بالمقاومة والنصر.. والمثخن باعتداءات الغاشمين!! مارس منذ طفولته وعفويته الأولى الرسم والتشكيل.. فجاءت طائرات الإرهاب الإسرائيلي سنة 1977 لتقضي على إنتاجه الأول.. إبان هجماتها العدوانية على المقاومة الفلسطينية واللبنانية آنذاك. كانت هذه أول مآسيه مع الإرهاب والحرب المستمرة على لبنان.

بعدها انتقل الفنان يوسف الغزاوي إلى بيروت.. والتحق بقسم الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية.. وتخرج منها بامتياز سنة 1983, ولقاء تفوقه حصل على منحة لدراسة الفنون التشكيلية في مدينة الضوء والنور.. هناك في معهد الفنون الجميلة بباريس درس ثمانية سنوات.. وأنهى دراسته وعاد ومعه شهادة الدكتوراه النظرية والعملية في فن التزجيج والسيراميك والتعشيق.. وكافة أساليب إنشاء الأعمال الفنية (التصوير/الرسم الملون) بكافة مجالاته.. وعاد إلى بيروت ليعيش في ربوع وطنه وليستمر في عطائه الفني, فكراً وممارسة.. هذا بعد أن تعرض مرسمه إلى عملية تدمير أخرى في بيروت سنة 1983, حيث دميرته اداة الحرب الاسرائيلية في حربها الهمجية الأولى آنذاك.

ليس أعمال يوسف وإنتاجه الفني هما اللذين تعرضا لهذه الإبادة الهمجية وحسب.. بل أيضا أعمال رفيقة دربه.. زوجته الفنانة سوزان شكرون, ابنة بلدة الخيام الجنوبية.. تلك التي حفرت آيات الصمود والتحدي على جدران سجونها.. وعلى مداخل بيوتها وعلى أرصفة طرقاتها المروية بدماء أبنائها الأبطال. أيضا أعمال هذه الفنانة اللبنانية تعرضت للتدمير والإبادة الجماعية.. وذهب شقاء عمرها وعمر رفيقها الفنان د. يوسف غزاوي هباء الريح والعواصف في لعبة حرب قذرة هذه.

سقطت مئات الأعمال الفنية الرائعة.. في إحدى ليالي الأسبوع الأخير من الحرب على لبنان.. حين قام الطيران الإسرائيلي بإلقاء قنابله وصواريخه "الإنسانية" على حارة حريّك في الضاحية الجنوبية من بيروت!! دُمرت مئات الأعمال الفنية التي أنجزها الفنان يوسف والفنانة سوزان.. كان معظمها مؤلف من لوحات كبيرة أنجزت بتقنية الزيت والأكريليك والألوان المائية.. إلا انه بالإضافة لذلك.. فقد دمرت هذه المجزرة البشعة ضد الحضارة.. أعمال الفنان يوسف غزاوي تلك المنجزة بمواد وتقنيات أخرى.. منها الخزفية والخزفية المزججة والنحتية والزجاجية (الفيتراج).. والآلف الكتب الفنية التي احضرها يوسف معه من باريس.. مئات المجلدات الفنية بالانجليزية والفرنسية والعربية.. كلها ضاعت تحت ردم الأبنية التي سقطت مدرجة بأنفاس الناس الذين عاشوا فيها.. اختلط الدم بالتراب بالغبار بألوان الأعمال الفنية, بصور المجلدات, وبالصفحات المكتوبة عن تاريخ الفن الإنساني.. قتل كل شيء على يد المجرمين!!

بالأمس مع أول ساعات الليل.. جمعت دموعي خلف الجفون, واتصلت هاتفياً بأرض بيروت.. إلى هناك.. حيث البكاء صمود.. والتحدي خبزاً حافي القدمين يموت عشقاً وإنتظار.. من خلال هذا الجهاز البسيط.. استطعت اختراق الحصار, وتحدثت مع الدكتور الفنان يوسف غزاوي.. جاء صوته الحزين, صوته المندهش من جراء ثلاثية القتل المستمرة لإعماله وتاريخه الفني.. فكما سلف وكتبت, جاءت جريمة إبادة أعماله الأولى سنة 1977 في ضيعة الصفير في الجنوب اللبناني الصابر.. والثانية كانت سنة 1983, غداة إنهاء دراسته في قسم الفنون الجميلة بجامعة بيروت.. أيام الاجتياح الإسرائيلي.. اما الثالثة وربما ليست الأخيرة.. هذه التي أجهزت على شقاء عمر كامل.. يعود بعضه إلى 25 سنة خلت.. أعمال مما تبقى من الجريمتين السابقتين.. والثالثة هي التي تحدثنا عنها الآن!!

كان د. يوسف غزاوي يعد لإقامة معرضاً شاملاً يحتوي على مسيرة 25 عاماً من العمل والعطاء.. وكان تاريخ اليوم 16 آب الجاري.. سيكون تاريخ إفتتاح هذا المعرض الكبير.. لكن ها هي أداة الحرب والدمار تغير رزنامة الأيام.. وتغير جدولة الحياة.. وتقضي على حلم حضاري ثقافي عمره 25 عاماً.

أيها المصلوب داخل أنقاض الركام.. أيها الفنان الذي اختلطت أعماله بتراب الطرقات وحجارة البيوت.. ذهبت لكنها لن تموت.. ما دام لبنان حياً لا يموت.. ما دمت أنت الآن هنا/هناك في بيروت.. "سقطت ذراعك فالتقطها".. وسقطت أعمالك بالقصف الهمجي.. فالتقطها وأعيد اللحمة إليها من بقائك وعطائك وصمودك الآبي.

قلبي معكم.. لن ينفعكم بشيء.. إنما هي وسيلة تواصل إنساني, أتمنى من خلالها أن يبقى الإنسان عنفواناً للتحدي والبقاء.. أن يبقى الإنسان وتبقى الحضارة رغم انف المجرمين.



#زاهد_عزت_حرش (هاشتاغ)       Zahed_Ezzt_Harash#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فشل معرض -صمت الدماء- يا بلد الهريسه
- يا شيعه.. يا شيوعية!!
- وداعاً ايها العاشق الكبير
- للمسرح ميدان
- يا دولة العدالة والعدل العظيم
- شفاعمرو الان .. الان الان!!
- في رحاب المهرجان الثالث للنحت بالخشب
- بحبوحه ع القانون
- هيك اشي ما بيصير غير عنا - 2
- وجعي .. وانا بخير!!
- هيك اشي ما بيصير غير عنا 1
- ما بين الانتحار والخياة
- حين احبك شهوة واشتياق
- يا دم الشهداء سامحني.. ها انني بلغت!!
- رسائل البحر3
- اننا مليون مستحيل
- مهرجان الفن الايمائي الدولي الاول – شفاعمرو 16-14 نيسان 2005
- خيوط شمس دافئة في ايام شتاء باردة
- كلمات مرسومه في معرض كميل ضو
- فن الزخرفة والخط العربي حضارة وهوية


المزيد.....




- لافروف يتحدث عن المقترحات الدولية حول المساعدة في التحقيق به ...
- لتجنب الخرف.. احذر 3 عوامل تؤثر على -نقطة ضعف- الدماغ
- ماذا نعرف عن المشتبه بهم في هجوم موسكو؟
- البابا فرنسيس يغسل ويقبل أقدام 12 سجينة في طقس -خميس العهد- ...
- لجنة التحقيق الروسية: تلقينا أدلة على وجود صلات بين إرهابيي ...
- لجنة التحقيق الروسية.. ثبوت التورط الأوكراني بهجوم كروكوس
- الجزائر تعين قنصلين جديدين في وجدة والدار البيضاء المغربيتين ...
- استمرار غارات الاحتلال والاشتباكات بمحيط مجمع الشفاء لليوم ا ...
- حماس تطالب بآلية تنفيذية دولية لضمان إدخال المساعدات لغزة
- لم يتمالك دموعه.. غزي مصاب يناشد لإخراج والده المحاصر قرب -ا ...


المزيد.....

- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم
- افغانستان الحقيقة و المستقبل / عبدالستار طويلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - زاهد عزت حرش - ايها المجرمون.. قتلتم الإنسان والطبيعة والحضارة